|
الفصل السادس _ الصحة النفسية والعقلية
حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 6248 - 2019 / 6 / 2 - 07:47
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
_ الاتجاه النفسي للفرد
ما هي الصحة العقلية والنفسية ، أو العكس ما هو المرض العقلي _ النفسي ؟! تعريف المرض العقلي والنفسي أسهل ، نسبيا ، من تعريق الصحة النفسية والعقلية . الأول ثابت ، مشترك ويتكرر بشكل آلي وحرفي . الثانية إبداع ودهشة ، غدا يوم آخر . الأول اتجاه المرض العقلي مع العدوانية والثأر وعبادة القوة ، يعبر عنه الموقف الفلسفي الكلاسيكي : لا جديد تحت الشمس ، أو الاجبار على التكرار والعود الأبدي وغيرها . الثانية اتجاه الابداع والحب والتسامح ، يعبر عنه الموقف الفلسفي الكلاسيكي المقابل : أثر الفراشة ، وكل لحظة يتغير العالم وغيرها . .... وكما هو معروف ، اكتفى فرويد بالمعيار الاجتماعي ، واعتبر درجة توافق الفرد ( طفل _ة أو امرأة أو رجل ) مع مجتمعه ، بالإضافة إلى القدرة على أداء الوظيفة الجنسية ، تمثل درجة الصحة النفسية أو المرض . بعده حاول أريك فروم تحديد العتبة ، بين الصحة والمرض النفسيين ، أو وضع حد موضوعي بين حالتي الصحة والمرض . وأنا أدين له بالفضل ، في كتابتي بالصحة النفسية عموما ، وفي هذا النص على وجه الخصوص . المعيار الذي حاول وضعه ، دينامي _ تطوري ويختلف بين مجتمع وآخر ، كما يختلف بين فرد وآخر . أو بعبارة ثانية ، بقي موقفه غامضا وبعيدا عن الوضوح والتحديد ، واكتفى غالبا بنقد موقف فرويد . وقد أوضحت رأيي في هذه القضية عبر نصوص سابقة منشورة أيضا ، وتتضمن الخلاف النوعي بينهما ( فرويد بتركيزه على الجانب الفيزيولوجي للفرد ، مقابل تركيز فروم على الجانب الاجتماعي ، في قضية جدلية بطبيعتها ولا تقبل الحل الأحادي ) . خلاصة موقف فروم ، عبر تصنيفه الثنائي إلى اتجاهين : حب الحياة ( اتجاه الصحة ) أو العكس حب الموت ( اتجاه المرض ) . وهو يذكر بموقف فرويد في أبحاثه وكتاباته الأخيرة ، وتصنيفه الثنائي المقابل :غريزة الموت وغريزة الحياة . .... أعتقد أنني توصلت إلى نتائج _ على درجة من الأهمية _ جديدة ومفاجئة ربما ، حول المعيار " الموحد والموضوعي " للصحة النفسية والعقلية المتكاملة ، مقابل المرض النفسي والشذوذ . وهو يستفيد من أدبيات الصحة النفسية خلال القرن العشرين ، وخصوصا التحليل النفسي باتجاهاته ومدراسه المتنوعة ، وهو باختصار " مقياس تعددي _ زمني وتطوري " . نموذجه ساعة الشطرنج ، التي أعتقد أنها تمثل المعيار الموضوعي الأحدث ، الذي سوف يتعمم كبديل للمعايير القديمة ( غير الزمنية ) خلال النصف الثاني لهذا القرن ...وهذا حلمي حاليا . يتمثل البعد الزمني ، بتصحيح الفهم السابق للزمن ، بالتزامن مع التركيز الثلاثي المتسلسل بدرجة الاهتمام 1 الغد والقادم 2 الحاضر والتفاعل المباشر 3 الأمس والخبرة والذاكرة . وهنا النقطة المركبة ، التي أحاول فهمها عبر الكتابة ، الوضع المزدوج لموقف الانسان ، العقلي ، بين جدلية الزمن والحياة المتعاكسة . كمثال على هذه القضية ( المعضلة ) اتجاه الزمن بشكل تجريبي أيضا ، موقف ستيفن هوكين في كتابه الشهير تاريخ موجز للزمن والذي يكرر فيه السؤال : لماذا نتذكر الماضي ولا نتذكر المستقبل !؟ رأي وجوابي المختصر ، سؤال ساذج وسطحي ، ببساطة لأن المستقبل لم يتحقق بعد . وتتضح الفكرة أكثر ، بعد فهم الواقع الحقيقي : أننا نعيش الزمن بترتيب ، هو على العكس من التصور القديم والذي كان يحمله ستيفن هوكينغ واينشتاين وغيرهم . نعيش الغد ( والمستقبل ) أولا كتصور واحتمال قد يتحقق ، وثانيا بعدما يصير حاضرا عبر السلوك والقرارات المختلفة ، والمرحلة الأخيرة والنهائية الأمس والماضي ، حيث الآثار الثابتة والذكريات . بينما الجانب الآخر في المعيار ، يركز على الاتجاه النفسي للفرد . أيضا يوضح المشكلة المزمنة : الحاجة إلى الحصول على جودة عليا بتكلفة دنيا ، وهو أمر صعب ويتعذر تحقيقه في المجتمع والحياة المعاصرين . اتجاه الصحة النفسية : اليوم أفضل من الأمس . والعكس اتجاه المرض : اليوم أسوأ من الأمس . ولتجاوز مسألة الصعوبة في التمييز بين كل يوم وآخر ، توجد عدد من الوسائل المساعدة _ تحديد الاتجاه النفسي والعقلي للفرد خلال وحدة زمنية طويلة نسبيا شهر أو سنة ، بدل الاتجاه اليومي ( الغامض بطبيعته ، بسبب المصادفات والمفاجئات الدائمة ) . وهذا الأمر سهل بالمقارنة ، مثلا من خلال فهم موقف الطالب _ة من الدراسة والاجتهاد . يمكن تقسيم الموقف إلى 3 مستويات متفاوتة ومحددة بوضوح : 1 _ مستوى التفوق 2_ المستوى العكسي للتفوق أو الفشل 3 _ المستوى المتوسط ، وهو الأصعب لجهة تحديده وتمييزه بدقة . الاتجاه النفسي للطالب _ة المتفوق _ة ، يتحدد بسهولة من خلال عدد من المهارات المشتركة بين طلاب المستوى الأول : 1 _ المقدرة على التضحية باليوم لأجل الغد والمستقبل 2 _ المقدرة على تحمل الضغط النفسي 3 _ الذكاء العاطفي أو المقدرة على التحفيز الذاتي 4 _ الايمان العقلاني ، ويتضمن الثقة المتبادلة بالنفس وبالقيم الإنسانية المشتركة . القيم تختلف عن الأخلاق ، حيث أن القيم تمثل أشكال وأنواع الثالث " المرفوع " ، وطريقة حل التناقض الثنائي في الجدليات العديدة ( شكل _ مضمون ، وظيفة _ هواية ، إثارة _ أمان ...وغيرها كثير ومعروف أيضا ) . والمهارة الأكثر أهمية كما أعتقد ، هي اختيار اتجاه الحياة ( نحو الغد ) بالتزامن مع اهمال اتجاه الزمن ( نحو الأمس ) . العلاقة بين الحياة والزمن جدلية عكسية ، يتعاكسان بالاتجاه في كل لحظة...يتجه الزمن إلى الأمس والماضي ، بينما تتجه الحياة بالعكس إلى الغد والمستقبل . وهذا يذكر بموقف فرويد وتمييزه بين غريزة الحياة وغريزة الموت ، وتنازعهما لحياة الفرد الإنساني من الولادة إلى الموت ، واعتقد أن الفكرة تتضح تماما بعد فهم الاتجاه الصحيح للزمن أو جدلية الحياة والزمن المتعاكسة . .... الصحة النفسية _ العقلية والسعادة وجهان لعملة واحدة . من يجادل الفكرة البديهية والبسيطة : من يعرف كيف يكون سعيدا بالفعل ، هو الشخص السعيد بالفعل ( طفل _ة أو امرأة أو رجل ) !؟ بعبارة ثانية : الصحة العقلية والنفسية المتكاملة ، تعني التقدير الذاتي المناسب والموضوعي . بعبارة ثالثة : الصحة العقلية والنفسية المتكاملة ، تعني حب النفس . هنا إحدى المغالطات الأسوأ في تاريخ الفكر المعروف كله !؟ تفسير النرجسية والأنانية بالحب الذاتي ! بينما العكس تماما _ هذا الرأي والموقف تعلمته مباشرة من أريك فروم بدون تعديل _ هو الصحيح ، النرجسية والأنانية تعنيان العجز عن الحب . والفشل في الحب الذاتي أولا . من يحب شخصا أو شيئا ، يعرفه أولا بشكل بديهي . النرجسي لا يعرف نفسه ، أيضا الأناني يجهل نفسه . ومن يحب شخصا ، يحترمه أولا بشكل بديهي . الأناني لا يحترم نفسه ، والنرجسي أكثر . أعتقد أن السبب الحقيقي ، في مغالطة الحب ، هو الخلط بين مستويات المصلحة المتعددة ؟ المصلحة المباشرة ، أو اختيار الحاضر فقط ....أغلب الناس يعتقدون أنها المصلحة . أيضا هذه الفكرة ناقشتها في نصوص عديدة ومنشورة على الحوار المتمدن ، وموقفي باختصار ، أن المصلحة الفردية تتكون من 3 مستويات واتجاهات مستقلة ومختلفة ، وهي تتناقض مع بعضها بالضرورة : 1_ المصلحة المباشرة ، وهي تتطابق مع تلبية الحاجات والرغبات ، ومحاولة اشباعها الفوري والمباشر . 2 _ المصلحة المتوسطة ، وتمثلها الخطة الخمسية في الشركات والمؤسسات الحديثة . وهي تتحدد بالمدة الزمنية بين خمس أو عشر سنوات . 3 _ المصلحة البعيدة ، وتمثلها المصلحة النهائية للفرد الإنساني ( امرأة أو رجل ) . ومثالها البرز في القرن العشرين غاندي ومانديلا . وتبقى فكرة هامة ، لتوضيح سبب المغالطة التي يصعب فهمها ؟ المصلحة المباشرة ، هي بالفعل درجة أفضل من موقف التدمير الذاتي ( والموضوعي أيضا ) ، وخطوة متقدمة في موقف الحب . ويمكن إضافة هذه النقطة كمعيار أيضا للصحة النفسية والعقلية بدلالة الحب . موقف الحب يمثل الصحة ، والعكس موقف العجز عن الحب مرض عقلي ونفسي صريح . بالمقابل وعلى النقيض من ذلك ، يمكن ادراك وتمييز درجة المرض العقلي _ النفسي لشخص ما ، بدلالة درجة الخوف والغضب والعدوانية في حياة اليومية . ..... ..... الجريمة السياسية والصحة العقلية ، للموضوع صلة بما سبق ، وبما سيأتي لا حقا ؟! يوجد خلط في الثقافة العربية ، وأعتبره خطأ صريحا ، بين المرض العقلي والنفسي . ( لا أعرف الوضع في الثقافات الأخرى ، ولا أظن المشكلة لغوية وفكرية فقط ) . يعتبر المرض النفسي حالة متوسطة بين الصحة والمرض . بينما يعتبر المرض العقلي ، حالة حدية وقصوى في المرض النفسي . أعتقد أن العكس هو الصحيح ....للبحث تكملة
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملحق الفصل الخامس _ رواية تفاعلية
-
تعديل السلوك المعرفي _ الفصل الخامس
-
الفصل الخامس _ رواية تفاعلية ...
-
الجاذبية السلبية _ تكملة الفصل الرابع
-
الفصل الرابع _ تكملة
-
الفصل الرابع _ رواية تفاعلية
-
رواية تفاعلية الفصل 3
-
العيش شيء رائع يا عزيزي
-
العيش شيء رائع يا عزيزتي _ نسخة 1
-
رواية تفاعلية _ الفصل 2
-
رواية تفاعلية ثلاثية البعد _ الفصل 1
-
الحاضر الدائم في الآن هنا ... أنت وأنا
-
موقف الحب يمثل البديل الثالث
-
البديل الثالث _ تكملة
-
البديل الثالث 2
-
البديل الثالث ...بعد الدوغما والجدل
-
شعور الحب وطبيعته ...
-
كل حل بالقوة سيء
-
رامي غدير مقابل أريك فروم
-
تسونامي مع في وعاطفي 2
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
المزيد.....
|