أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مجدي الجزولي - ما مِنِّي ما مِنُّو: عُزّال شماليين وجنوبيين















المزيد.....

ما مِنِّي ما مِنُّو: عُزّال شماليين وجنوبيين


مجدي الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 1541 - 2006 / 5 / 5 - 11:53
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


يجب على شريكي الحكم في حكومة "الوحدة الوطنية" وحكومة جنوب السودان بنص إتفاقية السلام السعي الجاد لجعل الوحدة بين شقي القطر "جاذبة"، وذلك خلال الفترة الانتقالية، وأمدها ست سنوات، المفضية إلى الاستفتاء الشعبي حول تقرير مصير الجنوب انفصالاً أو وحدة. إقرار حق تقرير المصير كان التعهد المفتاح الذي به انطلقت المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان إلى نهاياتها وحتى أدركها شيطان التنفيذ، حيث تم إثباته في بروتوكول مشاكوس الموقع في 20 يوليو 2002. بالطبع لا مجال على الإطلاق للتشكيك في حق السودانيين الجنوبيين تقرير مصيرهم، إذ أن هذا المطلب هو نتاج كفاح طويل خاضوه في سبيل تحرير أنفسهم، وليس لغيرهم أن يعين أهداف نضالاتهم ويختط دروبها. لكن القضية أن الوحدة بهذا المعنى قد التبس مغزاها فهي إما جاذبة أو منفرة بعد اختبار ستة أعوام، وكذلك الانفصال. عليه ليس من الواضح إذا كان السودان الموحد أو جنوب السودان المستقل هدفاً استراتيجياً لأي من الطرفين يستحق السعي إليه على أسس موضوعية إلا ما كان سجالاً بحسب توازن القوى، ما يجعل السياسة الخاصة بهذا الشأن مجاراة للوقائع وليس بذلاً من أجل صنعها وتغييرها أي سياسة "انتهازية".

بخصوص حزب الإسلاميين المؤتمر الوطني فالأكيد أن أهله لا يرون في وحدة ديموقراطية عادلة مبتغى يستحق العناء، زد على ذلك أن بينهم من يروج دون كلل لانفصال الجنوب عبر منابر حزبية مباشرة أو ذات ارتباط بالحزب الحاكم. يقوم تصور الإسلاميين لسودان موحد على مفهوم منكفئ على ذاته وقسري لما يعتبرونه إرثاً عربياً إسلامياً، فهو يضيق حتى عن أهله الأغلبية من السودانيين المسلمين والناطقين بالعربية كلغة أم. شاهد ذلك الواضح أن الإسلاميين لم يجدوا غير الانقلاب على السلطة الديموقراطية سبيلاً لتحقيق مآربهم "الحضارية" إذا جاز التعبير، وحتى هذه فارقت بوضوح طرائق السودانيين المسلمين السلمية والمعتبرة والفعالة في الدعوة لدينهم بلين القول وحسنه، وبتطويع المبادئ الدينية لتتكامل والتقاليد والعقائد الأصلية لمواطنيهم من غير المسلمين، إذ كان سبيل تقاة الجبهة لنشر الدين إما الترهيب بآلة الحرب وبأسها لقسر المواطنين على الإسلام والعربية، أو الترغيب في ذلك عبر إفساد الضمائر بالسلطة والجاه. وفي الحالتين لم يتجاوز مسلمو الجنوب مقام مواطني الدرجة الثانية كونهم "مؤتلفة قلوبهم" حتى وإن صح دينهم الجديد، ولوضاعة جنس ولون ودمغ رق في عرف المستعربة الإسلاميين.

في هذا المراد حث الإسلاميون في نفوس مواطنيهم شركاء الإسلام والاستعراب نوازع استعلاء كاذب، وعنف صارخ، وقسوة عمياء، هي من موروث كل المجتمعات البشرية بلا استثناء حيث لا يخلو ضمير إنسان من بؤرة مظلمة لكراهية الآخر المختلف في العرق أو الدين تعكس في الحقيقة خوفاً مضمراً ونزعة بقاء جوهرية وإرادة قوة أولية. أدلة ذلك قائمة في كل التاريخ البشري وقد جاءت قمتها التكنولوجية في حصاد الفاشية الألمانية لأرواح اليهود والغجر خلال أعوام الرايخ الثالث بدقة بيروقراطية وتقنية لا مثيل لها، وقمتها الدموية العارية في محاولة الهوتو تصفية جنس توتسي في رواندا بالهراوات والفؤوس والسكاكين منتصف التسعينات من القرن الماضي. لا يخفى على كل دارس صبور أن بواعث كراهية/رهاب الآخر التاريخية الملموسة ليست بالدرجة الأولى لخاصة بيولوجية أو ثقافية في هذا الآخر إنما في صراع المجموعات البشرية ضد بعضها البعض أو في داخل كل منها على الموارد والثروات والنفوذ، لكن لا يقر سارق بأية حال أنه سارق وكفى فهذه جريمة لا يمكن تبريرها تحت أي غلاف ثقافي أو وفقاً لأية شريعة. يكمن المخرج المواتي لتمرير إرادة القوة هذه في فرض تراتب تعسفي لتعدد البشرية يستقي من اختلاف خلق الناس وأديانهم وثقافاتهم وحضاراتهم هذه أعلى وغيرها أدني، وما ذلك إلا لتيسير الجرائم على مرتكبيها بحيث تجد دوافع الهيمنة والاستغلال والنهب حجة مضافة تعفي العقل الجمعي والضمير الفردي من مواجهة حقيقة ذاته. حتى في حرب ذات طابع عادل – إذا جاز وصف حرب بالعدالة - كحرب الحلفاء ضد دول المحور (العالمية الثانية) كان لهذا الاعتبار حضور ونفاذ، فقد جعل المسؤولون الأميريكيون في دعايتهم الحربية من الجنس الياباني (الأصفر) مثالاً للوضاعة والتفاهة لتشجيع الجنود على مجافاة كل رحمة في قتالهم لليابانيين المحاربين منهم والمدنيين. منتهى ذلك المشهدي كان قذف مدينتي هيروشيما وناجازاكي بالقنابل النووية، رغم أن الحقائق الموضوعية تقول بهزيمة الجيش الياباني في كل الجبهات. الدافع الأساس لم يكن ضرورة عسكرية لازمة ولم يكن كراهية عرقية خالصة إنما وجد الحكام الأميريكيون أن الفرصة مواتية لإبراز حد التفوق العسكري للدولة الأميركية، وإرهاب كافة الشعوب بما في ذلك الأوروبية بهذا السلاح الفتاك، وبصورة مباشرة ضمان ألا تجرؤ اليابان بعدها ولو في الخيال على شق درب مستقل في التنمية والتطور، وتحجيم نجاح التحديث الياباني الفريد في المجال الاقتصادي دون تداعيات سياسية إقليمية أو دولية، وذلك في ارتباط حيوي مع السوق الأميركي وحوجاته. لا مجال هنا لتفصيل فقه الاستعمار المتسلسل منذ مولد "الغرب" عام 1492 أي عند اكتشاف أميركا وتدشين جغرافية وديموغرافية جديدة عبر وسيلتين أساسيتين: الاستيلاء على الأرض والموارد وقتل السكان المحليين أو طردهم، حيث أفرغ التمدد الأوروبي قارتي أميركا الشمالية والجنوبية من السكان تقريباً، ثم أستراليا، وكاد أن يجعل من إفريقيا قارة بلا أهل إما قتلاً أو استعباداً. المهمة الاستعمارية على حالها منذ ذلك العهد تتبدل صورها وأدواتها وفقاً لحساب التكاليف، وتستبطن على الدوام شعوراً "أسطورياً" بالتفوق العنصري. سوى أن المشروع الاستعماري أشد نجاعة من كل قصص العنصرية الأخري لأنه لا يرضى بمجرد الاضطهاد والقهر بل يبشر ضحاياه "المتوحشين" بإدماجهم في تاريخ "الحضارة" الحقة إذا أحسنوا له الاستسلام واعترفوا بدونيتهم الأبدية، وبأنهم قد تحرروا في الواقع عندما جاد عليهم الغرب بالاستعمار وأفاض عليهم من خيراته، ولأنه نجح في تكريس نظام اقتصادي كوني ذي قدرات تقنية هائلة يقسر على الاندماج في فلكه.

بالعودة إلى سيرة الإسلاميين السودانيين في التعاطي مع المسألة الجنوبية يبدو أنهم وجدوا في العقيدة الدينية غطاءاً لتمرير إرادة هيمنة واستغلال طبعت علاقة الشمال بالجنوب منذ عهود انقضت، ولقد أفلحوا لحد كبير في شرعنة هذه الإرادة بإسم الواجب الديني ثم تكريس تصور اقصائي لعلاقة شقي القطر. في ذلك استنجد الإسلاميون بالدين علة لإلغاء ثقافات الجنوب وحياة أهله بالحديد والنار، ثم ما لبثت التصورات الدينية للتفوق "الشمالي" أن أصبحت منفذاً سهلاً لتجييش أدنى ما في النفس الإنسانية من دوافع عنصرية فرغم كل شئ لا يبيح الإسلام ظاهر الأمر قمع وقتال الآخر حال قبل الإسلام ديناً. كان لا بد إذن أن يستلهم الإسلاميون دون مواراة التاريخ الحي لعبء "أولاد البلد" في مواجهة كل من هم خارج دائرة الحظوة هذه. خسران هذا المسعى لا يخفى على أحد حيث انتهت الدولة السودانية على يد الإسلاميين إلى خيمة قبلية نافية بذلك التاريخ المكافئ لصراع الوحدة والإدماج الوطني والذي تقف شواهده علامات بارزة في تراث التحرير السوداني. التاريخ طبعاً عرضة للتفسير والإخراج الحاضر على الدوام فهو لا يتقوم بنفسه في هيئة حقائق موضوعية لا تقبل الجدال، بل يتمثل في أذهان المعاصرين ويتشكل بذلك وفقاً لنظرتهم وبالتالي خضوعاً لإرادتهم في الحذف والاختيار والتأويل. اختيار الإسلاميين كان تمجيد تفوق مزعوم للعناصر السودانية المسلمة والمستعربة ذات التقاليد الثقافية المتشابهة حيث أفردوا لها في تأويلهم للتاريخ السوداني الدور الريادي في بناء الدولة، وجعلوها ذات سبق أبدي في المدنية والحضارة، وأسندوا لها على شعوب البلاد وقومياتها قوامة وولاية. هذا ودون تردد محض افتراء، فالعناصر خالصة الأسلمة والاستعراب هي أولاً أقلية حسابية بالمقارنة مع سواها، ثانياً ليس من دولة سودانية في التاريخ اللاحق لدخول العرب السودان قامت على نقاء المستعربين. بل يمكن الزعم أن الصعود السياسي والاقتصادي للجلابة، وهم "برجوازية" المستعربين وطبقتهم القائدة، لم يتحقق تدشينه إلا بالتحالف مع إمبريالية محمد علي باشا ضد مراكز القوى الأخرى في البلاد بما في ذلك سلاطين سنار ودارفور. هذا الحلف هو الذي جعل من الرق السوداني تجارة عابرة للحدود ونشاطاً يتجاوز حدود علاقات الصراع والاقتصاد المحلية في تلك المرحلة، ومن ثم حفر في الذاكرة الجمعية للمكونات السودانية فصلاً قاسياً وهداماً من تاريخ حياتها المشتركة لا تزال الأكاديميا السودانية بما في ذلك الجنوبية عاطلة عن إحسان دراسته وتقصي حقائقه وكيفياته وتداعياته وظلاله، وإخراجه من دوائر الصمت المخجل إلى محجة النقد والدرس والاعتبار. من قبيل البداهة أن مستعربة السودان هم في مقدمة ضحايا تزوير الإسلاميين وشططهم إذ يصبحون هدفاً لرماح الأطراف الأخرى وسهامها المعنوية والمادية بجريرة جنوها وبدونها، لا يشفع لهم تقدم أو تحرير سيان مواقفهم المعلنة والعملية. كما يتأكد تأويل عنصري صرف لتواريخ الصراعات السودانية يستقي من كل حدث وواقعة دليلاً آخر على "ذنب" الاستعراب والإسلام من جهة، وانحطاط وجحود غير المستعربين من جهة أخرى. المحصلة أن تتحنط الهويات المتناقضة والمتشابكة بل تتخثر في حال كسادها فكل طرف مختصر محاصر في لونه ودينه وعرقه المبجل لا يتجاوزه، مسجون في تاريخ لا جماع له سوى تناسل مؤامرات الآخرين الأبدي والرغبة الذاتية في انتصار وسيلته الإقصاء. كبيرة الفواحش أن تدجين الإسلاميين زاحم تدريجاً منطلقات تقدمية للوعي الجماهيري في الجنوب والشمال قام عليها نساء ورجال أفذاذ لا يفرق بينهم العرق أو الدين يطلبون طريقاً نحو المستقبل بدلاً عن التكالب الدموي على حصاد ماض مر. على أساس من السلم والديموقراطية اختطت "طليعة" سودانية – تستحق عن جدارة هذا الوصف – تضم أحفاد الزبير باشا وأحفاد جنوده الأرقاء دروباً للتحرير من أسر الماضي وانغلاق الهويات، وتآزرت لا تتهرب من التاريخ ولكن تنظر إليه نظرة موضوعية ناقدة وفي غير مرارة تستمد منه الدروس وتستقي منه العبر، بل نشأت بينها منظمات حديثة متقدمة مثل الحزب الشيوعي السوداني (بألفاظ الشهيد عبد الخالق محجوب) وذلك بهدف صناعة تاريخ جديد يقوم أولاً على الاعتراف والاحترام المتبادل. زاحمت مزاعم الإسلاميين هذه المنطلقات تستبدلها بلجاج لا يفيد سوى مزيد من العنصرية إذ لا ينقطع عن حلقات فاسدة من الإقصاء ورد الفعل عليه.

بفضل تدجين الإسلاميين أصبح فض حجب الهويات مهمة عسيرة خاصة والعقيدة القتالية للجيش السوداني قد فارقت على يدهم أساسها المستقل نسبياً وتحولت تعكس تصورات أهل السلطة الدينية والعرقية للحرب الأهلية في الجنوب وغيره. الجهاد الذي بإسمه شنت السلطة حملاتها المتتاليه ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان كرس استحالة الالتقاء الشمالي الجنوبي على قاعدة الوطن، فالوطن أصبح شرخاً بين دار حرب ودار سلم يسقط في جبه الجميع. رغم أن مشروع الحركة الشعبية المعلن ما يزال وحدة السودان "الجديد" إلا أنها تعجز عن بث وعي جماهيري جنوبي وشمالي بهذا الخيار، فوعود الانفصال هي التي تحفظ للحركة السند وتلزم الجماهير السودانية الجنوبية الصبر. بإزاء هذا الوضع لم تجد الحركة إلا صفة "جاذبة" لتسجل بها التزامها بصناعة مستقبل السودان كله كفاعل أصيل فيه لا يطلب منحة بل يأخذ حقاً. تراجع الحركة عن هذا المستقبل يبدو للناظر مراوغة سياسية قد تحفظ لها دعم الانفصاليين الجنوبيين إلى حين تحقيق الانفصال، لكنها تحرمها النمو إلى حجم حركة جماهيرية سودانية تشمل أطراف البلاد كلها بحسب مثال مشروعها السياسي. ولعل هذا التردد هو ما يمنع الحركة عن الفاعلية في الحكم وهي اليوم تنفرد بالجنوب وتشارك كطرف ثان في حكومة "الوحدة الوطنية". في هذا الخصوص اكتفت الحركة بتأكيد التزاماتها لكافة السودانيين لفظياً لكنها تنسحب من المسرح طالما لا تتأثر قاعدتها الجنوبية بجور ذات الحكومة التي تشترك فيها ما ينسف عملياً كل ما تعلن عن مساواة المواطنين وحقوقهم المدنية، وما سطره الدستور الانتقالي في وثيقة الحقوق وفي غيرها من بنوده. بعد توقيع إتفاق السلام وقبل تولي الحركة مقاليد السلطة في المركز شريكة للمؤتمر الوطني شهدت بورتسودان قتلاً بالجملة لا نعرف حتى إذا كان من تحقيق فعلي يجري بشأنه، وقد كان الأمل أن تقود الحركة من موقعها في السلطة وبموجب مسؤوليات وزرائها كشف مستور هذه الأحداث وتطلب بإسم الدولة العدالة فيها. إذا كان للحركة في هذه "عذر" فأي عذر لها اليوم بعد أكثر من عام في السلطة ودوننا قتل المواطنين في أمري بسلاح الدولة. كانت الحركة جد مثابرة سريعة إلى المواجهة عندما ظنت نقصاً في نصيبها من عائدات البترول، لكنها تكتفي اليوم بالشجب والإدانة كأي جماعة طلابية لا حول لها ولا قوة وذلك بإزاء أرواح مواطنين هي عنهم مسؤولة وعليهم حاكمة. الأشد بؤساً أن البوليس قد حرك إجراءات جنائية تحت المادة (51) من القانون الجنائي لسنة 1991 وهي "إثارة الحرب ضد الدولة" في مواجهة الجرحى والقتلى، مع العلم أن عقوبة هذه المادة تتراوح ما بين الإعدام والسجن لمدة عشرة أعوام ومصادرة ممتلكات المتهمين (الأيام، 27 أبريل 06). إذا جاز قبول ألا سلطان للحركة على البوليس وإدارة السد وسلطات الولاية الشمالية، أليس لها سهم في الوزارات المعنية وفي رئاسة الجمهورية التي تتبع لها إدارة السد على الأقل لتتدخل بفعل حسن رشيد في تشكيل لجنة تحقيق مستقلة ومحايدة بدلاً عن اللجنة التي تشكلت بعضوية مدير إدارة السدود وممثلين للأجهزة التنفيذية خصوم وقضاة في آن واحد. إن تنامي الإحباط العام من أداء الحركة في الحكومة المركزية يرفد مباشرة في مسعى الإسلاميين تعميق الشقة بين الشمال والجنوب على مستوى وعي الجماهير، وإجهاض مصداقية الحركة الشعبية كحزب سياسي لكافة السودانيين. بدون مواراة يدفع زهد الحركة في إثبات جدارة للحكم في المركز إلى تصديق الحدس السالب أن البند غير المكتوب في سلام الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني هو أن تنفرد الأولى بالجنوب وينفرد الثاني بالشمال، كل يغض النظر عن سوءة الآخر وكل يد تغسل الأخرى، أما السودان "الجديد" فذات السودان القديم لكن بعضوية الحركة الشعبية.

خلاصة القول أن مسألة الوحدة أو الانفصال لا يجوز أن تنتهي إلى شعار دعائي سهل، فتحقيق أياً من الخيارين ليس قصداً مكتفياً بذاته بل عملية مشروطة بحقائق موضوعية على الأرض، والهدف ليس رفع علم واحد أو علمين إنما إنجاز موجبات الحياة الكريمة والحرة لأهل السودان في قطر واحد أو قطرين. أما حفز الضغائن وتجييش الناس خلف مجردات خالية من المحتوى غير ما كان مزيداً من التكبيل في الماضي وقهراً للمستقبل فبوار خائر وكأس سم ذاق منه السودانيون حد الرواء. رغم تشاؤم الفكر الغالب عندنا أمل أن يخرج السودانيون من هذه "الكفوة" كما خرجوا من غيرها يهزمون بوحدتهم ووطنيتهم وتقدميتهم وديموقراطيتهم ظلام تعسف الهويات وعجز العنصرية، وهم على ذلك قادرون لا محالة.



#مجدي_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنميس عيون كديس
- البجا: السالمة تمرق من النار
- كلنا في الهم بجا
- السودان الجديد: لأهله نصيب الطير
- السودان الجديد: الإنسان من أجل الدكان
- أميركا اللاتينية: اليسار هَبْ نَسِيما - الأخيرة
- أميركا اللاتينية: اليسار هَبْ نَسِيما 2
- أميركا اللاتينية: اليسار هَبْ نَسِيما
- السياسة الدولية في دارفور: كش ملك
- خصخصة المثقفين: أقول الحق واتعشّى في بيتنا
- عن ثقافة الرأسمالية
- الكونغو الديمقراطية: متحزم وعريان
- غربة الحق: المانفستو الشيوعي في طبعة جديدة
- النيباد: سنار من عماها يبيعو ليها ماها
- بعد الاستعمار قبل التحرير: في الذكرى الخمسين لاستقلال السودا ...
- ثورات بوليفيا
- عن نضال المزارعين
- ملاحظات ما قبل المؤتمر: حول مصائر اليسار الجذري - الأخيرة
- ملاحظات ما قبل المؤتمر: حول مصائر اليسار الجذري - الأخيرة
- ملاحظات ما قبل المؤتمر: حول مصائر اليسار الجذري 4


المزيد.....




- الأكثر ازدحاما..ماذا يعرقل حركة الطيران خلال عطلة عيد الشكر ...
- لن تصدق ما حدث للسائق.. شاهد شجرة عملاقة تسقط على سيارة وتسح ...
- مسؤول إسرائيلي يكشف عن آخر تطورات محادثات وقف إطلاق النار مع ...
- -حامل- منذ 15 شهراً، ما هي تفاصيل عمليات احتيال -معجزة- للحم ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية مسؤولين في -حماس- شاركا في هجوم ...
- هل سمحت مصر لشركة مراهنات كبرى بالعمل في البلاد؟
- فيضانات تضرب جزيرة سومطرة الإندونيسية ورجال الإنقاذ ينتشلون ...
- ليتوانيا تبحث في فرضية -العمل الإرهابي- بعد تحطم طائرة الشحن ...
- محللة استخبارات عسكرية أمريكية: نحن على سلم التصعيد نحو حرب ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مجدي الجزولي - ما مِنِّي ما مِنُّو: عُزّال شماليين وجنوبيين