أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلعت حرب - -كفرناحوم- هل سارت نادين لبكي على خطى المسيح في -مدينة الجحيم-..؟؟















المزيد.....


-كفرناحوم- هل سارت نادين لبكي على خطى المسيح في -مدينة الجحيم-..؟؟


طلعت حرب

الحوار المتمدن-العدد: 6247 - 2019 / 6 / 1 - 14:36
المحور: الادب والفن
    


طلعت حرب/ المسرح الوطني اللبناني

فاز فيلم "كفرناحوم" للمخرجة اللبنانية نادين لبكي بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان "كان" للعام 2018، كما ترشح لجائزة الأوسكار عن أفضل فيلم أجنبي هذا العام، وهو من سيناريو جهاد حجيلي وميشيل كسرواني ونادين لبكي بالتعاون مع جورج خباز، ومن انتاج خالد مزنر.
لماذا "كفرناحوم"؟ لأنها ببساطة "مدينة الجحيم" كما أطلقت عليها المخرجة نادين لبكي في إحدى مقابلاتها الصحفية؛ المدينة المليئة بالمشاكل الاجتماعية والفقر والبؤس والفوضى من جهة، ولأنها المدينة التي دخلها المسيح ليلقي فيها خطبته ويعلم الناس تعاليم الخير والتسامح من جهة ثانية. فقد ورد في إنجيل "مرقس" (إصحاح 1: 21-22) أنه " ثُمَّ دَخَلُوا كَفْرَنَاحُومَ، وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ الْمَجْمَعَ فِي السَّبْتِ وَصَارَ يُعَلِّمُ. فَبُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ."
في هاتين النقطتين ـ كموضوع وكمنهج ـ تشكّل وخرج فيلم "كفرناحوم" للوجود، بل ولعبا دوراً كبيراً في التأثير على العمل الإخراجي للفيلم من الناحية الفنية سواء من خلال تعدد المواضيع التي ناقشها الفيلم وتطور سياق الأحداث فيه، أو من خلال اختيار الشخصيات، وكذلك في توظيف كادر الصورة وزوايا الكاميرا وحركتها والموسيقى التصويرية .
من حيث الموضوع، المشاهد التعريفية في بداية الفيلم التي اختارتها المخرجة نادين لبكي؛ مشهد الطفل "زين" في المحكمة الذي يريد أن يرفع دعوى قضائية على والديه بحجة أنهم أنجبوه، وهي الجملة الأقوى تأثيراً في الفيلم؛ ومشهد العاملات في المنازل غير الشرعيات، تكون المخرجة قد حددت خطا الفيلم في الطفولة كخط أول، والخادمات في المنازل كخط ثاني، على أن يلتقيان في نقطة معينة لتكتمل تفاصيل القضايا التي تريد أن تعالجها في الفيلم.
لكن تظهر التفاصيل أكثر من الناحية الإخراجية في بداية الفيلم من خلال اللقطة الواسعة من الأعلى، حيث نستطيع أن نرى مكان الفقراء من فوق بمنازل من القصدير، وإطارات السيارات، والحارات الضيقة، والضوضاء، والزبالة، والغبار، وأطفال يركضون لتعطينا إحساس بكم القضايا التي سوف تعالجها والتي تتكون منها هذه المدينة المليئة بالبؤس والفساد.
أما من ناحية المنهج، فقد استخدمت المخرجة نادين لبكي أسلوب الواقعية الإيطالية الجديدة في العمل الإخراجي، لذا نرى الفيلم أقرب إلى الوثائقي من الدرامي. إذ كانت طبيعة اللقطات في شوارع المدينة وأحيائها واقعية، تواكب حركة الممثل أثناء تحركه في الشارع وتصورهم الكاميرا من زوايا جانبية تارة، وتلاحقهم من الخلف تارة أخرى، وكأنها تجسد تفاصيل تحركاتهم في هذا المجتمع وردة فعلهم.
فكان هذا النهج تارة ناجحاً وزاد من قيمة الفيلم الفنية، وتارة انعكس سلباً على تنوع الأساليب والأدوات الإخراجية التي قد تجعله أقوى، لكن في النهاية هو نهج وأسلوب أرادت من خلاله أن تبرز رؤيتها الشخصية لواقع تعتقد ـ حسب رأيها ـ أن هذا هو الحل الأنسب له. وهو ما قصدنا به من الناحية الثانية كمنهج تعليمي من خلال مميزات العمل الواقعي الإخراجي.
فقد أرادت المخرجة أن تسير على خطى "المسيح" من ناحية تقديم الحلول للواقع البائس، حيث اعتمدت على اللقطات القريبة جداً على وجوه الممثلين خاصة " زين، يوناس وراحيل" للتأثير على المشاهد في لحظات البؤس التي يعيشها هؤلاء. من خلال ذلك، تريد أن تجبرنا على رؤية هذا الأمر عن قرب لدرجة أنه أحياناً يمكنك أن تشعر بالاختناق من مشاهدة هذا الألم والظلم في وجوه هؤلاء الأطفال، خاصة أنه وفي أحياناً كثيرة نجد لقطة قريبة للطفلين "زين ويوناس" وذلك من أجل إعطاء طابع تأثيري مزدوج أكبر؛ إذ أن عرض طفلين في كادر واحد وليس طفل واحد، يجعل قدرهما مشترك، ويعطي إحساساً مزدوجاً وبتأثير أكبر على المشاهد، بحيث أن الطفل هو تجسيد للبراءة الرقيقة التي يجب أن تحظى بالاهتمام والرعاية لحمايتها وضمان مستقبلها في هذه الحياة الصعبة.
أضف إلى ذلك، أن المنهج التعليمي من ناحية زوايا الكاميرا كان واضحاً من اللقطات الجانبية للممثلين حيث يريدون التعبير عن أرائهم تجاه قضاياهم في جمل حوارية، وهو ما نراه جلياً في اللقطة الجانبية لـ "زين" داخل المحكمة حين أراد رفع القضية على والديه بسبب الإنجاب، وكذلك في لقطة المواجهة بين زين وأمه في السجن، وهي كلها دلالة على رأي المخرجة الشخصي والتوجيهي في الفيلم أكثر من رأي الممثل ذات نفسه الذي يجعل من زاوية الكاميرا الأمامية مواجهاً للمشاهد ومعبراً عن رأيه الشخصي في قضيته، على خلاف الزاوية الجانبية للكاميرا، والتي هي تعبير عن رأي المخرج في العمل الدرامي.
فبالإضافة إلى هذا التعليم المباشر الذي قصدته المخرجة نادين لبكي من خلال الحوار المباشر، نجده أيضاً من خلال رمزية الصورة. ففي عدة مشاهد تتهم الأم مباشرة على سبب ضياع الأطفال في المجتمع. فقد رأينا رمزية الأم في استخدام لقطة النهد في أكثر من مرة؛ فتارة نراها حين خرج زين من بيته يبحث عن أمل آخر خارج هذا المنزل ويتجه إلى مدينة الألعاب، يقف عند تمثال أحد الألعاب ليقترب منها ويفتح قميصها ليكشف عن نهديها ويتأمل بهما، في إشارة إلى بحث زين عن حنان الأم المفقود سواء في تلك اللحظة أو سابقاً، كما أنه إشارة لوم لأمه على كل ما يقع له من ضياع. نفس المعنى نراه ثانية حين بدأت راحيل بعصر نهدها في السجن لإخراج الحليب منه، في إشارة إلى فقدان ابنها البعيد الذي كان يبكي في لقطة بعدها، وفي إشارة ثالثة حين افتقد يوناس أمه وكان في حضن زين وضع يده في صدر زين وكأنه يبحث عن نهد أمه وحنانها.
ولأن الفيلم كان يتبع أسلوب التوثيق في زاوية الكاميرا أو حركتها أو حتى ارتجاجها، جعل بعض المشاهد أقل قوة من الناحية الفنية على مستوى الإخراج، خاصة زوايا الكاميرا وحركتها داخل الكادر. ففي مشهد اجتماع العائلة لتقرير مصير سحر عن الزواج كانت الكاميرا تنتقل بزاوية أفقية تتوسط الكادر للعائلة الجالسة على طاولة العشاء التي تتوسطها الشمعة ذات الضوء الخافت، وكانت الكاميرا تتحرك أفقياً بينهم مما جعلهم جميعاً على نفس المستوى في الكادر، بالرغم من بروز موقف الأب الضعيف الذي لا يوجد بيده حل، وأن الأم التي تحاول أن تجد الحل، فكان اللبس في أهمية الشخص داخل الكادر ما بين اليسار واليمين وكذلك ما بين زواية الكاميرا العليا أو المنخفضة لتعطي أهمية الأشخاص في الكادر.
كذلك الأمر في مشهد آخر بين راحيل والرجل الذي يساومها فالبرغم من ضعف موقف راحيل في هذا الكادر إلا أن زاوية الكاميرا كانت متجهة من تحت إلى أعلى، وعلى العكس كانت زاوية الكاميرا متجهة من أعلى إلى أسفل بالنسبة للرجل صاحب السلطة.
في مقابل ذلك، نجحت المخرجة نادين لبكي في اختيار دلالات الكادر سواء لبعث الرسائل الصورية دون الحوارية منها، أو لتميهد لواقع جديد. فبعد خروج "راحيل" الأخير من منزلها الصغير لأخر مرة وتودع زين وابنها يوناس كونها خارجة للعمل في كل مرة، لكن زاوية كاميرا لتصوير "زين" وابنها "يوناس" اختارت أن تخبرنا بأنه الوداع الأخير، حين جاءت زاوية الكاميرا لتصوير الطفلين من خلف ستارة المدخل التي برزت وكأنها قضبان حديدية لتخبرنا بأن المرحلة القادمة هي السجن، القبض على راحيل، والسجن للأطفال؛ إنه سجن الحياة.
فمن الرسائل الصورية أيضاً ينطلق من بداية مشهد خروج الطفلين "زين ويوناس" إلى رحلة في مدينة الجحيم المليء بالأشرار، حيث اختارت أن يجر زين الطفل يوناس "بوعاء حديدي" كبير مربوط حوله أواني حديدة كثيرة، كانت تطلق ضجيجاً وسط المارة؛ ضجيجاً طاحناً لا بد للجميع أن يراه، لكن برغم ذلك الطفلان لم نجد من كان يهتم لأمرهم أو ينقذهم من المارة. كما أنها في أحد اللقطات لا تستثني الأديان الذي لعب دوراً ـ حسب وجهة نظرها ـ من تكريس هذه المشاكل الاجتماعية. فبعد عدة لقطات متتالية إلى الأسباب التي جعلت من زواج سحر "القاصر" واقعاً لا مفر منه، لتختم تلك اللقطات بكادر جمعت فيه الأديان، إذ ظهر صورة الصليب البعيد على يمين الشاشة وصورة المأذنة للجامع على يسار الشاشة، وكأنها تبرز تعزيز الأديان لهذه الظاهرة، إضافة إلى ظهور رمزية الصليب في إحدى هذه اللقطات تلك اللقطات السابقة والذي يهمين على الشارع.
من ناحية الأماكن التصويرية، فعلى الرغم من إعلان المخرجة نادين لبكي في بداية الفيلم أن هذا المكان مجهول، وأرادت أن تجعل من فيلمها قضية عالمية لا ترتبط بمكان محدد أو أنظمة سياسية وقانونية بعينها، إلا أنه وفي عدة لقطات كان واضحاً أسماء أو دلالات هذه الأماكن. ففي إحدى المشاهد تظهر يافطة مدخل السوق الشعبي الذي يتوجه إليه الطفل "زين" مكتوب عليها "السوق الشعبي الكبير يرحب بكم" على أطرافها العلم اللبناني، وكذلك في صندوق الأمانات في السجن بعد مشهد القبض على الطفل زين تظهر أسماء بعض جنسيات الدول العربية مثل "سوداني، سوري، مصري"، إضافة إلى لقطات أخرى لا يسعنا الإشارة إليها كلها هنا.
كما استخدمت رمزية الأماكن في درج السلم للتعبير عنه كونه المكان الذي ينزل الإنسان إلى قاع المجتمع خاصة في استخدام المشاكل سواء عند زواج "سحر" القاصر، أو هروب زين، أو حمله السكين للقتل.
أما الموسيقى التصويرية، فقد اختارات تلك الموسيقى الحزينة خاصة موسيقى الكمان، وقد كانت موفقة في اختيارها في نهاية عدة مشاهدة مأساوية مرافقة لطنين، بحيث كانت تعبيراً عن ذلك الطنين الذي يصيب رؤوسنا من حدة المشاكل وكثرتها التي نعيشها في لحظة من لحظات الحياة البائسة.
أثر الأسلوب الواقعي المفرط في التصوير والمنهج التعليمي على الناحية الدرامية في خط تطور الشخصيات الرئيسية في الفيلم. فقد بحثت المخرجة على شخصية أردات من خلالها أن تجسد رؤيتها وعملت على تطوريها من الناحية التقنية وتقديم المشاهد التصويرية، وهي نقطة قوة المخرجة في حقيقة الأمر في إيجاد الشخصية المناسبة وتطويرها قبل بدء عملية التصوير، لكن أضعف تطور الشخصية في الفيلم. لذا لم نجد خط درامي لهذا الشخصية من خلال الأحداث التي عاشتتها والتي تؤثر على تطور شخصيتها أو أسلوب تعاملها مع الأحداث، فبدا الأمر وكأنك أوجدت شخصية بقالب معين لتأدية دورها في الفيلم بقالب جاهز لردة فعل الأحداث.
لذلك نجد أن نهاية الفيلم أتت وكأنها وصفة أو توصية ختامية للمشاكل عبر لسان الطفل "زين" والذي يعبر عن رؤية المخرجة الشخصية لهذه القضايا الشائكة، وهي ما جعل الفيلم مغلقاً عند نقطة معينة دون جعل نهايته مفتوحة للمشاهد أو لأصحاب الشأن الذي يمكن أن يتفشوا عن حلول لهذا الواقع المرير.



#طلعت_حرب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عَضاريط
- حرب تلدُ اخرى


المزيد.....




- -معاريف-: الاستخبارات الإسرائيلية بدأت دورات لتعليم اللهجة و ...
- لغز الفرعون: هل رمسيس الثاني هو فرعون موسى الذي تحدث عنه الك ...
- موسيقى من قعر بحر الإسكندرية
- نجوم عالميون يدعمون لبنان برسائل مصورة في افتتاح سينما -مترو ...
- -معاريف-: الاستخبارات الإسرائيلية بدأت دورات لتعليم اللهجة و ...
- وفاة الفنان الاردني هشام يانس
- رئيس نادى الأدب بقصرثقافة كفرالزيات(الشاعروالكاتب محمد امين ...
- رحيل الفنان المغربي محمد الخلفي عن 87 عاما بعد صراع مع المرض ...
- -العائلة- في سربرنيتسا.. وثيقة حنين لأطلال مدينة يتلاشى سكان ...
- فيلم عن فساد نتنياهو وآخر عن غزة.. القائمة القصيرة لجوائز ال ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلعت حرب - -كفرناحوم- هل سارت نادين لبكي على خطى المسيح في -مدينة الجحيم-..؟؟