أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي الحسيني - كمال سبتي ، فجعتنا برحيلك















المزيد.....

كمال سبتي ، فجعتنا برحيلك


هادي الحسيني
(Hadi - Alhussaini)


الحوار المتمدن-العدد: 1541 - 2006 / 5 / 5 - 11:47
المحور: الادب والفن
    


تعبت من الظلام،فتضحك الأشجارُ من ضوء القمر،لكأنما تلك الأريكةُ مثل تابوت تفتح نصفه،لكأنما كان القمرْيلقي علته الأخيرة..كمال سبتي..النص الأول مالقمر،لكأنما تلك الأريكةُ مثل تابوت تفتح نصفه،لك
كلما احاول الكتابة لرثاء صديقي الشاعر المبدع كمال سبتي والذي فجعنا برحيله المفاجيء بطريقة مازلت حتى هذه اللحظة مذهولا ومنكسراً ، حزيناً ، قلقاً ، تعساً ، ندماً ، مثقلاً بالاحزان ، ولا اعرف ماذا سيسبب حزني ، اجدني لا اقوى على الكتابة ولا الرثاء ..
لم يمر صدى الحزن عليً من قبل بهذا الثقل الذي جعل من جسدي طريح الفراش ، اهرب وبسرعة من نفسي حتى لا ارى صوره ومراثي الاصدقاء والتي لم اقنع نفسي بتصديقها حتى هذه اللحظة ، وان كنت قد قرأت خبرا بوصول جثمانه الى مدينته الناصرية وتم تشيعه فيها ليوارى الثرى في مقبرة النجف الكبرى التي تنتظرنا جميعا الواحد تلو الاخر ، فيما اذا عطفت علينا حكومة المنطقة الخضراء وتكفلت بنقل جثاميننا ، كما فعلت مع فناننا زياد حيدر وشاعرنا كمال سبتي ، في هولندا ، خاصة وان اسعار براميل النفط اصبحت جنونية والعراق يُسرق منه يومياً الملايين من البراميل ويقولون بان نقل جثمان شاعر كبير بحجم كمال سبتي يعد مكرمة ، يبدو اننا لم نغادر زمن المكارم التي عودنا عليها النظام السابق منذ اكثر من ثلاثة عقود ..

الراحل كمال سبتي شاعر الحداثة الذي حفر اسمه بالحجر في غابة الشعر العراقي والعربي في زمن يصعب على شاعر البروز فيه ، امام الكم الهائل من الشعراء والادباء ولانه كان شاعرا حقيقياً ومن الطراز الاول استطاع ان يؤسس لانعطافة جديدة في الشعر العراقي الشعرالمعروف بانعطافاته وتجاربه الجديدة على طول الخارطة الشعرية العربية لقد اسس كمال لقصيدة حديثة ذات تقنيات فنية متفوقة بشكل كبير على قصائد الحداثة التي يكتبها الشعراء العرب ، الذين يجولون ويصولون يوميا في المهرجانات والمنتديات ويسافرون كثيراً بقصائد كانوا قد كتبوها منذ سنوات ، ويقرأوها على اسماع الاميين من اصحاب المهرجانات اصحاب الهم السياسي ، ليقبضوا الدولارات هنا وهناك ، والمضحك بامر المهرجانات دائماً ، هو ان نفس الوجوه تتردد على كل المهرجانات وكأن الشعر العربي الذي يسيطر عليه فنياً وتقنياً شعراء العراق لم نجد اسماً عراقياً فيه الا ما ندر وان وجد فهو محض تكرار ولا جديد فيه ، لكن كمال سبتي وبعض اصدقاءه من المقتدرين والمتمكنين شعرياً لا يدعون الى المهرجانات ذلك ان العديد من العرب يخشون كل شاعر عراقي بحجم كمال سبتي ،وكم كان الشاعر الراحل كمال سبتي يسخر من كل المهرجانات التي تقام كونه كان يركز على مشروعه الشعري من اي شيء اخر ، لقد كانت همومه الحقيقية هي الشعر وكيف يخرج بلآلئه من البحر ليقدمها في قصيدته الصافية من اي شائبة ومن اي تلكؤ في اللغة .

ولا يمكن باي حال من الاحوال ان نمر على انجازه الشعري الكبير مرور الكرام ولا على انسانيته العالية وعواطفه المفعمة بالحب والود والحزن والالم والغربة والوحشة والوطن والزعل والعتب واللوم والخسارة والفقر والضيم والهروب والترحال واللوعة والفراق والحنين واشياء اخرى ، ظل طوال حياته يحملها في حله وترحاله ..

فمنذ مجموعته الشعرية الاولى ( وردة البحر ) التي صدرت في بغداد عام 1980 استطاع الراحل المبدع كمال سبتي ان يؤسس لمدرسة جديدة في الشعر وان يجد لاسمه مكاناً مميزاً في خارطة الشعر التي ظلت ومازالت عصية على الطارئين والمجربين في الشعر ، وقد تتلمذ كمال سبتي منذ نشأته الاولى على شعر بدر شاكر السياب وكان يعتبر السياب شاعره الاول الى جانب العديد من الشعراء الكبار ، وتعّرف بشكل كبير على شعراء الجاهلية وصدر الاسلام والامويين والعباسيين ، كما وانه درس في معهد الفنون الجميلة السينما والمسرح حتى ابعد عنها بسبب شاعريته العالية التي كان يميل اليها اكثر من اي شيء اخر ، وتأثر شاعرنا الراحل منذ شبابه بترودسكي واصبح واحدا من المنظرين لطروحاته من وجهة نظر الشاعر الذي درس الفلسفة ايضاً في مدريد وتعرف بشكل كبير على الشعراء الناطقين باللغة الاسبانية وظل يكتب بعض المقالات وتنظيرات في الشعر بتلك اللغة الامر الذي لمع اسمه في جنوب امريكا وفي اسبانيا وترجمت مجموعته ( اخر المدن المقدسة ) الى اللغة الاسبانية ، وكتب عنها العديد من الدراسات والمقالات ، وهي قصيدة طويلة جداً اذهلت في بنائها الشعري الحديث كثيرا من النقاد والدارسين للشعر ومازالت ..

ولعل موت كمال سبتي الغير متوقع للوسط الثقافي العراقي بهذه الطريقة المؤلمة المفجعة لنا جميعا ، في عزلته التي اتخذها لنفسه وهو في المنفى لكي يتفرغ لمشروعه الشعري وتنظيراته في الشعر والحداثة والتي اوجزها لنا من خلال كتبه التي انجزها في السنوات القريبة قبيل ان يرحل ، قسما منها تم طبعه في ايامه الاخيرة والقسم الاخر مازال قيد الطبع ، وكان كتابه ( بريد عاجل للموتى ) قد تمت طباعته في الاسبوعين الاخيرين قبل الرحيل ، ويا لك ايها البريد العاجل لم تمهل مؤلفك ان يحتفي بك ككتاب قبل ان يرحل مع هذا البريد ..

سيجد النقاد والدارسون لشعر كمال سبتي افاقاً كثيرة ومتنوعة داخل قصيدته التي هي عبارة عن شهاب لامعة في محراب القصيدة العربية الحديثة ، ولا ابالغ ان قلت ان موت كمال سبتي المأساوي بهذه الطريقة والكم والجودة العالية التي تركها لنا في مجموعاته السبعة التي اصدرها خلال خمسة وعشرين عاما ابتدءاً من وردة البحر عام 1980 مرورا بحكيم بلا مدن واخر المدن المقدسة وصولا الى مجموعته الاخيرة ( صبراً قالت الطبائع الاربع ) والتي صدرت عن دار الجمل في المانيا عام 2006 . اضافة للعديد من الكتب والدراسات في الشعر والنثر والفلسفة ، لا ابالغ ان قلت ان كمال سبتي خسارة كبيرة منيه بها الشعر العراقي هي ذاتها الخسارة التي كانت برحيل بدر شاكر السياب مبكرا ، ..

كمال سبتي يقول : في مجموعته الاخيرة ( صبرا قالت الطبائع الاربع ) التي صدرت ولم يمهله الوقت للاحتفاء بها ..
جلس الجميع على الاريكة متعبين
الليلُ والاشجارُ والجندي والقمر الحزين،
يقول أولهم تعبت من الظلام ،
فتضحك الاشجار من ضوء القمر ،
لكأنما تلك الاريكة مثل تابوت تفتح نصفه،
لكأنما كان القمر يلقي على الجندي نظرته الاخيرة
وكأنما الجندي جندي يموت على الاريكة
مثل تمثال تكسر نصفه
وكأنما الاشجار تخفي مأتما ..
شهد الجميع:الليلُ والاشجار والجندي والقمر الحزين عزاء جلسته الاخيرة ..

واخيرا يصل جثمان كمال سبتي شاعر الحداثة الى مدينته الناصرية من منفاه الهولندي ليوارى الثرى في مدينة النجف الاشرف ، لم تكن تلك الجنازة لكمال سبتي وحده انما كان فيها الى جانبه حشدا من الشعراء الحقيقيين الذين يعرفون معنى رحيل شاعر بحجم كمال سبتي ، فقد كان ينام معه في نفس التابوت : اسامة العقيلي ونصيف الناصري ومحمد النصار وعبد الكريم كاظم وحميد قاسم ووسام هاشم وزاهر الجيزاني وحسن النواب وسلام كاظم وصلاح حسن وستار موزان وعبد الاله الصائغ وحسب الشيخ جعفر وخزعل الماجدي وشاكر لعيبي وخالد المعالي ونجم عذوف وكاتب هذه السطور ، والعديد من شعراء العراق الذين عانوا المنفى لسنوات طويلة ..

وداعاً اخي وصديقي كمال سبتي ايها الشاعر الكبير الذي عانى الكثير الكثير ، يرحمك الله ويدخلك الى فسيح جناته ، ولا تكترث لبعض الصحف والمجلات والمنابر والمهرجانات التي لم ترثيك برحيلك ، فيكفيك رثاء ( حركة شعراء العالم ) في التشيلي ، والعشرات من شعراء العراق الذين يعرفون معنى الشاعر والشعر ..

وداعا لكنك باقي معنا ، شعرك هو زادنا وضحكتك الجميلة مازالت امام اعيننا لم تفارقنا ابدا ..

لك المجد والخلود يا كمال



#هادي_الحسيني (هاشتاغ)       Hadi_-_Alhussaini#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصفحات / 5
- في يوم الشعر العالمي ،الشعر يقلق مضاجع الطغاة
- عواءات العراق
- تجاوز الموت / قراءة في مجموعة حياة ثالثة للشاعر محمد النصار
- تريث يا صائغ القباب الذهبية
- في ذكرى السياب
- الدهشة
- سعدي يوسف الشاعر الذي ابحر بالغربة دهرا
- من المسؤول يا وطني
- - الحياة في الحامية الرومانية - الفصل الثاني
- الحياة في الحامية الرومانية - الفصل الاول - الجزء الثاني
- - الحياة في الحامية الرومانية - الفصل الاول
- طقوس
- شبح الموت
- عام 2003 الافراح والاحزان العراقية
- الفجر الاحمر
- سركون بولص
- الحوار المتمدن موقع متميز عن المواقع الاخرى
- مقصلة الحروب
- سعدي يوسف الشاعر الذي ابحر في الغربة دهرا


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي الحسيني - كمال سبتي ، فجعتنا برحيلك