أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان سبخاوي - قصة قصيرة: أزرار مفتوحة















المزيد.....

قصة قصيرة: أزرار مفتوحة


إيمان سبخاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6246 - 2019 / 5 / 31 - 00:43
المحور: الادب والفن
    


أزرار مفتوحـة
حاولت مرار ابتلاع قصّتها و معها لتر بنزين و عود ثقاب، يعصب عليّ رسمها تتألم.. تصرخ و تتقيأ. مذ عانقتني و سقطت في فراغ ثديها الأيمن بعدما دفعها ابنها نحوي بقوة متشبثا بعباءتها خوفا من قطتنا و قلبي مفتوح على الهبوب، يمرّ منه حزن "بحرية" كنسمة باردة، أنا التي كنت أسدّ منافذي بإحكام. عيني الأكثر اتساعا و فمي المفتوح على سؤال هل تألمت؟ ــــ لا. كم تبدو لا المفتوحة كمقص، مجحفة على الوجع الذي عانته لحظتها من اصطدامي بسرها، مفتوحة جدا كفم سمكة و أصغر من أن تبتلع اللحظة... لا، إجابة أقصر من أن تواري سوأة المرض الذي مضغ بنهم، ثديها الأيمن و ضفيرتها الشقراء و أحال الأنوثة التي كانت تثير الغرائز إلى ذئب يفترس عواء السرير... كان بأقدامه الكثيرة القذرة معي في الغرفة، مستلقيا على سرير مقابل، يتثاءب.. يتمطى.. يتقلّب.. يغار من الأطفال و أثداء النساء و شعورهن، يحب الأطراف الأكثر براءة... يغار من أصابع زوجي التي تتحوّل إلى مشط. استكثر على مشطي لفافة شعر، أفسد السفقة التي أبرمتها مع البومة: لفافة كل يوم لاستكمال بناء العش، لقاء درس في التحليق عاليا كلما حلت العتمة و اشتد الوجع.. البومة تنعق بعدما أخذت الظفـيرة كلها، دفعة واحدة.. التصوير الاشعاعي يظهره بحجم حبة بندق في قلب العاطفة... الطبيبة النفسية تقول أنها مجرد كتلة ليفية... أرد: بل كتلة ليفية مجرّدة من الأثداء كي ترضع صغارها الذين يكبرون كل يوم.. و ينتشرون في جسدي.. و لا رحم لها تخرج منه عصافير ملونة تحتمي بشجرة النبق، لا وطن لها لتفهم معنى أن تغتصب أعشاشهم. من صيدلية مجاورة تفوح رائحة الموت التي تعاقر الحنوط.. مركز الماموغراف عند مدخل القرية... المستشفى في طريق الجحيم. المقص ذاته بفم مفتوح يقضم آخر حبة كرز، كنت أقارع المرآة إلاهة الجمال و الصبر يحترق كعود بخور ليفوح السؤال.. هل رموا بثديي للكلاب؟
أو دفنوه في تراب غير ترابنا، غريبا كنتوء زائد عن حاجة العالم، يعطف على شجرة الصنوبر التي أكلتها دودة الصندل.. حمالة صدري كرقعة عين القرصان في قصة علاء الدين و المصباح السحري، تسقط من يدي كلما تعريت مشفقة علي من شماتة المرآة، لا يمكنني أن أقترب أكثر، أن أسمح لها بتشييع جنازتي أنا و الرجل الذي أحب و سريرنا و حبة الكرز التي لم تعد تدرّ عطفا و حليبا إذا تغيّر مجرى الحب. خطوة أخرى إلى الأمام.. يمر شريط العمر بطول المسافة للمرآة، يمتدّ من أخمص القدمين إلى آخر زغبة ناجية من جرعة الكيماوي.. كنت دائما أقول إذا لم يقتلني هذا اللعين سأموت بالذكريات.
سلّطت علي الذاكرة سوط كلماته يوم كنا خطيبين و هو يلفّ أكمام القميص و يحدث صديقه "الهاشمي" تحت شجرة التوت في شارعنا و أنا أسترق النظر و السمع خلف النافذة: " تمرّدت روحي يالهاشمي منذ رأيت حلمتيها النافرتين كحبتي كرز من تحت ثوبها المخملي" ما أوقح المرآة عندما سألتها من أجمل الجميلات، تردّ و أكاد أصدقها أنت. لولا الكذبة التي فاضت كنوبة ألم... لا مرآة في العالم تحسن عزاء أنثى أجهضت ثديها للتو.. لم أعد أملك غير ثدي أيسر يتدلى وحيدا كي يربت على القلب، يستدير مذعورا بالغياب نحو حفرة واسعة، تركها شقيقه ثقبا أسودا في سماء هذا الجسد.. تركنا لوحدنا نرتعد بردا و خوفا. محوت الرسالة التي كتبتها على بطني و السهم الذي أشرت به إلى أعلى: هنا كانت ترقد آخر حمامة على الأرض، كانت ستقنع الأعشاش أن تترك لي خصلة شعر واحدة على رأس كان يوما ما شجرة. في هذه الهوة كنت سأبني حياة... الآن فوضى كبيرة من اللاشيء في كل مرة أحتدم فيها مع الموت... أقسى الذكريات آخر لفافة شعر بين أسنان مشط لم يعد صالحا للإستعمال، على طاولة زينة لامرأة. عندما وجدتها تحاول كتم النزيف بحمالة مفعمة بالقطن، أصابها مس من حزن، تختلج.. ترتجف دمعتها فيختلج قلبي و ترتجف المرآة، كسرتها و معها السرطان الذي لا يخطيء الطريق... تحولت عيني طفلها إلى حبوب منومة، هي سعيدة الآن أكثر من أي وقت مضى و تحلّق عاليا مستعينة بقمصان بيضاء بأزرار مفتوحة... طفلها الذي خرج من المدرسة، أعادها من التحليق، مستلقيا في حجرها يمصّ ابهامه مختبئا في ثوبها كمن يرضع في السر، مكتفيا.. مستقرا.. ينعم بالهدوء و السلام...
يكمل... تتمتم: آه يا طفلي يا يتيم الصدر. بصوت عال تقول: بالصحة و العافية.



#إيمان_سبخاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة
- قصص قصيرة جدا


المزيد.....




- طارق فهمي: كلمة نتنياهو أمام الأمم المتحدة مليئة بالروايات ا ...
- وفاة الممثلة البريطانية الشهيرة ماغي سميث
- تعزيز المهارات الفكرية والإبداعية .. تردد قناة CN العربية 20 ...
- بسبب ريال مدريد.. أتلتيكو يحرم مطربة مكسيكية من الغناء في ال ...
- إصابة نجمة شهيرة بجلطة دماغية خلال حفل مباشر لها (فيديو)
- فيلم -لا تتحدث بِشر- الوصفة السحرية لإعادة إنتاج فيلم ناجح
- قناة RT Arabic تُنهي تصوير الحلقات القصيرة ضمن برنامج -لماذا ...
- مسلسل حب بلا حدود 35 مترجمة الموسم الثاني قصة عشق 
- نضال القاسم: الأيام سجال بين الأنواع الأدبية والشعر الأردني ...
- الإمارات تستحوذ على 30% من إيرادات السينما بالشرق الأوسط


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان سبخاوي - قصة قصيرة: أزرار مفتوحة