|
عفرين بين السذاجة والخيانة (2)
كريم هرميسي
الحوار المتمدن-العدد: 6244 - 2019 / 5 / 29 - 08:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الحلقة الماضية (توطئة) عرفت السذاجة لغة. وفي هذه الحلقة سأتطرق إلى السذاجة كصفة بشرية، يتصف بها الفرد، ويعد من جرائها إنسانا ساذجا. السذاجة: هي إعادة المرء الشيء بنفس الخطوات مرات ومرات ظانا أنه سيحصل في كل مرة على نتائج مغايرة عما التي سبقتها. للسذاجة أسباب خلقية؛ كالوراثة وعدم نمو بعض مراكز الدماغ الخاصة نموا كاملا، وعدم التركيز والحذر؛ وأيضا عدم المقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة... كما هناك أسباب تربوية كالدلال الزائد بالطفل، وكذلك الوسط والمحيط الجاهل، وأيضا المجتمع غير الناضج والمغلق... بعض الصفات البارزة في الساذج: الثقة بالناس دون تحسب. تصديق الناس عن قناعة. الجهر بما في نفسه، وإن كان سرا من أسراره أو لغيره مودوعا لديه أو علم به. الجهل بما يجري حوله من الأمور التي تنفعه أو تضره. التبعية للغير فكراً وعملا. إطاعة الآخرين قلبا وقالبا، الانقياد وراء الآخرين. تنفيذ أوامر الغير وإن كانت محرجة أو متعبة له. عدم المقدرة على رفض ما يطلب منه مهما كانت مكلفة عليه. الوقوع في الأخطاء وتكرارها ظانا أن الحاصل كان بسبب عدم الاتقان... صعوبة إدراك الصواب من الخطأ. صعوبة التفريق بين الرئيسي والثانوي. تساوي جميع الأمور لديه من دون التميّز بينهم. التسامح والعفو في غير محلهما ومن دون أي دافع وجيه. التأثير بأفكار وآراء الآخرين دون تمعن أو تمحيص. انعدام الجرأة لديه. الصراحة الزائدة قبول انتقادات الغير وإن كانت خاطئة. عليّ أن أذكر الفرق بين طيبة القلب والسذاجة؛ حتى لا يظن القارئ الكريم قد يكون الكثير مما أوردته هنا سببها طيبة القلب. طيبة القلب: تأتي من حسن الأخلاق والكرم، ودراية التعامل مع الناس، وأيضا محبة العفو والتسامح ضمن الحدود من غير تجاوز. السذاجة: تأتي من طيبة القلب أحيانا؛ ولكن في غير محلها، وأحيانا أخرى بسبب جهل الساذج وعدم حسن التصرف. بناء على ما ورد أعلاه سأبحث عنه في واقعنا الكردي مضافا إليه بعض خصائص مركب النقص. قد يأخذ مركب النقص معي حيزا كبيرا؛ وذلك لما سيؤول إليه سياق الحلقات في مضمار السذاجة والخيانة. سأباشر بالصفات الواردة آنفا واحدة تلو الأخرى إلى أن انتهي منها؛ لأنتقل بعدها إلى الخيانة بنفس النمط؛ وذلك بما يتطابق ومجالنا التحرري، بقيادة حراكنا الثقافي والسياسي على حد سواء. الثقة بالآخرين أولا الثقة: الثقة هي تأكد المرء من صلاحية أو إحكام أمر ما مرتبط به أو بشخص أو بشيء آخر. أما لدى الأشخاص فهي عبارة عن نوع من تيقن ولاء هؤلاء الأشخاص حيال أشخاص آخرين أو حيال قضايا بعينها. بمطابقتها على حالتنا الكردية نجد أن الثقة بالغير على درجة عالية، من إمعان أو تمحيص في الجهة المقابلة. لقد اعتمدت الثورة الكردية بعد بيان الحادي عشر من آذار الثقة بالشاه، فكانت النتيجة انهيار الثورة، وفي الاستفتاء الذي جرى في الإقليم تم فقدان كركوك وتوابعها... وفي عفرين أدت الثقة إلى دمارها بشريا وبيئيا... من أين تأتي هذه الثقة؟ المطلوب منا البحث في دخيلتنا عن هذه الثقة التي لم تجلب لنا سوى الكوارث واحدة تلوى الأخرى. أول ما يتبادر إلى أذهاننا في الحديث عن هذه الثقة هو التخلف. لا شكل أن التخلف له دوره الفعال في توجيه بوصلتنا؛ ولكن ليس عاما، فالشريحة المثقفة والسياسية لا تقبلان أن تكونا متخلفتين، وهما من يقودان المجتمع ثقافيا وسياسيا. وهذا عين المصيبة. والثاني هو الجرأة، وهي أيضا لها مكانتها المؤثرة فينا، فالنظام الشمولي الذي زرع فينا الخوف، حتى قبل الولادة. والثالث السذاجة التي نحن بصددها. فالتخلف واقع لا يمكننا إنكاره، رغم مزاعم المثقفين والسياسيين. عندما أقرّ بالتخلف على نفسي أعلم أن ثلة من المثقفين يقرّون مثلي بتخلفنا. في هذه الحالة على من تقع مسؤولية دفع الجماهير إلى الإيمان بهذا النقص إلى الحدود المطلوبة؛ لكي تتسنى لعملية التحرر أن تفلت من هذا القيد المقيت، وتنتقل منه إلى غيره. والملاحظ في وضعنا الكردي أن المثقف والسياسي على حداء سواء يعزوان أسباب إخفاقاتنا إلى عوامل ظاهرية دون أن النبش فيما وراء الظاهر. هذا بحد ذاته يزيد من تعمية الأبصار والإيمان الساذج، ومن ثم تراكم الخيبة في لا وعينا بعد الإخفاقات ناجما عنها فقدان الثقة بالنفس. يتبع
#كريم_هرميسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عفرين بين السذاجة والخيانة
المزيد.....
-
فرمت سيارته.. الداخلية القطرية تتحرك ضد -مُفحط-
-
المفوضية الأوروبية تعلن تحويل دفعة بقيمة 4.1 مليار يورو لنظا
...
-
خنازير معدلة وراثيا..خطوة جديدة في زراعة الأعضاء
-
موسيالا -يُحبط- جماهير بايرن ميونيخ!
-
نتنياهو يؤكد بقاء إسرائيل في جبل الشيخ بسوريا
-
فون دير لاين: الاتحاد الأوروبي يعد الحزمة الـ16 من العقوبات
...
-
الدفاع الروسية: أوكرانيا فقدت 210 جنود في محور كورسك خلال يو
...
-
رئيس حكومة الإئتلاف السورية: ما قامت به -هيئة تحرير الشام- م
...
-
سوريا: المبعوث الأممي يدعو من دمشق إلى انتخابات -حرة ونزيهة-
...
-
الجيش الإسرائيلي يعترف بتسلل مستوطنين إلى لبنان
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|