أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناديه كاظم شبيل - الغفران















المزيد.....

الغفران


ناديه كاظم شبيل

الحوار المتمدن-العدد: 1540 - 2006 / 5 / 4 - 10:27
المحور: الادب والفن
    


في ليالي الصيف الجميله ،كان يحلو له ان يجلس في شرفة قصره المطلة على الحديقة الغنّاء العابقة باريج الزهور ، حيث نسمات الهواء العليلة تدغدغ عواطفه،فيتناول عوده ويبدأ بالعزف ساعات طوال دون ملل او كلل،كان يحتضن الة العود ويحنو عليها كما تحنو الام الرؤوم على صغيرها،،وكان صوته الدافئ الحزين يرافق العزف فتتمايل الازهار وترقص الطيور لتلك الالحان الشجيه.كانت اغانيه شكوى واحزان يبثها للطبيعة الساحرة التي تحيط به ،وكان هدوء المكان من كل صوت الا صوت الطيور فكأنها تكمل معه لحنه الخالد الجميل .كان الليل والسكون يضفي على المكان رومانسية اسرة تجعل روحه تسبح في الفضاء الى عالم اخر لا يمت الى الواقع بصله.كان هذا هو دأبه عندما يغرقه الحنين والحزن ،فيأتي الى بستانه البعيد عن ضجيج العاصمة بغداد، ويختلى في شرفة قصره كراهب يتعبد في خلوة تامهم محاطا بهالة من الشوق والخشوع والدموع .لم يكن يشعر في حقيقة الامر بانه قد خلق كباقي البشر،كان يشعر في اغلب الاحيان بانه قد خلق من الدموع والحب والحزن،فلم يكن يغني بلسانه بل بقلبه،ولم يكن يعزف بيده بل بروحه.
اما هي فكانت تجلس راكعة في خشوع كأنها عابدة غارقة في صلاة الليل، كانت تسترخي في ركوعها حتى يخيل للناظر اليها انها تمارس اليوغا،ووجهها مصوب نحو القمر فتناجيه من اعماق روحها بهذه الكلمات وكأنها في حلم ساحر:ايها القمرالبهي ،يا من تشرق على الكون العظيم فتملأه نورا وبهاء انر لي وجهي بنورك الفضي كي يلتفت اليّ حبيبي،انا سوداء كالليل الحالك الذي يحيط بك ،فهل سياتي يوم ويشعر بي حبيبي..كيف سيراني حبيبي ايها الليل وانا حالكة السواد مثلك، ليته يكون قمري وحدي فأجلس العمر كله راكعة في محراب حبه،فتطرب روحي بشدو الحانه وينتعش فؤادي بسحر عطره ، سمعت ياليل بأنه من سلالة الملوك اما انا ياليل فمن سلالة العبيد،فلا اصلح الا ان اكون عبدته لا حبيبته وانا قد ارتضيت بهذا بل وحسدت نفسي عليه.
لست انسى ذلك اليوم الذي اصبحت فيه اسيرة لهواه، كنت في العاشرة من عمري حين اقبل يقود سيارته متمهلا باتجاه الطريق الفرعي الذي يؤدي الى بستانه وكنت انا ابنة الفلاح ممسكة بيد اخي الصغير الذي ما ان رأى السيارة الفارهة تمر من امامنا حتى اسرع خلفها وتعلق بها من الخلف كما يفعل اطفال قريتنا حينما يشاهدون سيارة مارة من امامهم. كان اخي يرتدي سروالا قصيرا فأخذت ركبتاه بالاحتكاك بالارض بشده مما سبب تسلخها ،فأخذت اضرب بكلتا يدي على السيارة بشده فتوقف وعندما شاهد الدماء تسيل من ركبتي شقيقي تألم جدا وأصعدنا الى سيارته ثم ادخلنا الى قصره وأخذ ينظف جراح اخي ،ثم اهدانا الكثير من الحلوى والنقود ،ومسح على راسينا ثم قبل كل واحد منا على خده ، كانت تلك هي القبلة الاولى في حياتي ، فلا اذكر ابدا ان احدا قبلني قبلها اوبعدها ، حتى والدتي لا اتذكر منها الا البصاق على وجهي التعيس وكانها تنتقم من سوادها الذي تراه مرتسماعلى بشرتي.كاد يغمى علي وانا اشم رائحته الزكيه،وكدت اهوى في احضانه لولا انني تماسكت اخيرا.نادرا ما كانت تصحبه زوجته الى قصره هذا ،كنت اظنها امه في بادئ الامر ،كانت بدينة تميل الى القصر ،صوتها اجش ،اماالشعر الذي يغطي الوجه والجسم والصلع الذي غزا راسها، كل ذلك يدل على ان هرمون الذكورة عندها يغلب على هرمون الانوثه،ولكنها كانت غنية جدا.
لقد كان من المفترض بان تكون من نصيب ابن خالها ،ولكن في ليلة زفافها اصر والده الذي هو عمها ان يتقدم ابنه وينهي العريس عن الزواج بها ليتزوجها هو ،ولكن الابن رفض ذلك ولكنه ذعن اخيرا تحت تهديد واصرار الاب ،ورزق منها بولد واحد فقط،كان الولد جميلا جدا اشبه ما يكون بوالده ،وكان ابوه يحبه جدا ،ويسهر على رعايته وراحته ويصرف عليه من وقته الكثير. اصبح سيدي يداعب خدي كلما راني بعد تلك الحادثة التي لا تنسى.فكنت الثم يده من اعماق روحي،واختارني ان اشرف على رعايته عندما يزور البستان،وهذا ما اثلج صدري،وكنت البي كل طلباته قبل ان يتفوه بها،وفي احدى الليالي وبينما كان غارقا في شدوه الجميل خيل الي باني قد غفوت ،ثم تحولت الى حمامة جميلة بيضاء وأخذت انقر شفتيه بمنقاري مرات عديدة وكانت عيناي مغمضتان ونشوة تذهلني عن الكون كله فشعرت بعطره الاسر يتغلغل في انفي،واحسست بشفتيه تطبقان على شفتي ،ذبت في ذلك الحلم الجميل وتمنيت ان اموت كي لا اصحو منه وشعرت بيده الحنونة تمسح على شعري المجعد الخشن ببطئ شديد،احسست بان كياني كله قد اختفى وبأنني اصبحت كريشة بيضاء،فتحت عيني لاراه يحتضنني حقيقة لا وهما ولا خيالا.لذنا بصمت ابلغ من اي كلام وتزوجني في اليوم التالي .نعم تزوجني انا خادمته الزنجية وتحدى بحبه الجميع.
احسست بأن الكون كله قد تهاوى في احضاني،كنت اريد ان احمل حبيبي على ذراعي كأنه طفلي الحبيب ،احتضنته في قلبي وسقيته من رحمة روحي وحملته برموشي وقلت له شبيك لبيك.
في ليل معتم حزين وقبل ولادتي بأيام قلائل وبينما كنت اتمشى بجانبه في البستان قتل حبيبي بسبب طلقة طائشة، سرت الشائعات بانني كنت المقصودة منها ولكنه القى بجسده علي كي يحميني وابنه من كيد الكائدين.
اصبح ليلي طويلا وولدت طفلنا الذي كان شبيها بي اسودا كعود الابنوس ولكنه ابن الحبيب الغائب وسافديه بروحي ودمي ،وفي فترة النفاس وبينما كنت احتضنه بشدة وشفتاي تلثمان عنقه احسست بيد لئيمة تتسلل على رقبته وتضغط عليها بشده،صرخت ولكن صرختي ضاعت الى الابد لانني اصبحت خرساء .لقد انقطع الحبل الاخير الذي يربطني باغلى النلس.
اخذت اناجي الله ليلا ونهارا واعاتبه لانه خلقني زنجيه ذليله مسحوقه.لقد كان القاتل هو ابن زوجي ولذا لم ابلغ عنه الشرطه ولم افش سره لأحد،اكراما لخاطر العزيز الغالي الذي افتداني بعمره.
تزوج الابن ورزق بولدين كانا حديث المعارف لجمالهما ،وكانا قرة عين للاب والام،ولكن لم تمض الا اياما قلائل من عمرهما حتى حدث حريق كبير في بيتهم اثر تماس كهربلئي ،توفي احد الطفلين في الحال بينما استطاعت الام انتشال الاخرباعجوبة.
اما الاب فقد انهار امامي باكيا معترفا بذنبه طالبا مني الغفران وهو يقسم بأنه قتل ولدي لا طمعا بحصته من الميراث ولكن كي لا يحمل عاره لكونه اسود.كان حزننا مشتركا واكبر من اي حقد او شماته ،كل ما فعلته هو انني احتضنته بكل ما املك من قوة واطلقت صرخة مدوية ودموعنا تعانق بعضها بعضا .



#ناديه_كاظم_شبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على مهلك ياوطن على جيبي انا جيبي ترى واللهي فضي
- عواشه
- هو وحده من يعرف مكنون جمالي
- الحلقه الاخيره من مذكرات جنين عراقي عاش في فترة احتلال الطاغ ...
- الحلقه الرابعه والعشرون من مذكرات جنين عراقي تكون في فترة اح ...
- الحلقه الثالثه والعشرون من مذكرات طفل عراقي تكون في فترة احت ...
- الحلقه الثانيه والعشرون من مذكرات جنين عراقي تكون في فترة اح ...
- الحلقه الحاديه والعشرون من مذكرات جنين تكون في فترة احتلال ا ...
- الحلقه العشرون من مذكرات جنين تكون في فترة احتلال الطاغيه لل ...
- الحلقه التاسعة عشر من مذكرات جنين عراقي تكون في فترة احتلال ...
- الحلقه الثامنة عشر من مذكرات جنين عراقي تكون في فترة احتلال ...
- الحلقه السابعه عشر من مذكرات جنين عراقي تكون في فترة احتلال ...
- الحلقه السادسة عشر من مذكرات جنين عراقي تكون في فترة احتلال ...
- الحلقه الخامسةعشر من مذكرات جنين عراقي تكون في فترةاحتلال ال ...
- الحلقه الثالثة عشر من مذكرات جنين عراقي في فترة احتلال الطاغ ...
- الحلقه الثالثه عشر من مذكرات جنين عراقي تكون في فترة احتلال ...
- الحلقه الثانيه عشر من مذكرات حنين عراقي تكون وقت احتلال الطا ...
- الحلقه الحاديه عشره من مذكرات جنين عراقي تكون في فترة احتلال ...
- الحلقه العاشره من مذكرات جنين عراقي تكون في فترة احتلال الطا ...
- الحلقه التاسعه من مذكرات جنين تكون في فترة احتلال الطاغيه لل ...


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناديه كاظم شبيل - الغفران