أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - الفكر العقلاني عند العرب: ابن رشد أنموذجاً














المزيد.....

الفكر العقلاني عند العرب: ابن رشد أنموذجاً


سميح مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 6239 - 2019 / 5 / 24 - 18:44
المحور: الادب والفن
    


حسب تعريف لسان العرب المحيط لابن منظور،يستخدم مصطلحاً للتيارات الفكرية التي ترتكز على العقل والمنطق كمصدر للمعرفة، وقد ظهر هذا الخطاب العقلاني عند العرب مبكراً، واتسم بالجرأة والنضج، واتسع تأثيره في الحياة العربية الفكرية والفلسفية.
وأكبر دليل على ذلك، وجود منتوج فكري عقلاني في ثنايا الثقافة العربية، ظهر مبكراً قبل الفكر التنويري الحر الإنجليزي والألماني والفرنسي بعشرات القرون،خاصة في عصر المأمون الحقبة التي بلغت بها الخلافة العباسية أوجها، وأصبح الفكر المعتزلي العقلاني هو المذهب الرسمي للدولة.
ويمثل هذا المنتوج مجموعة من المفكرين الكبارممن كانوا يبحثون بعقولهم عن الحقيقة بأسلوب واقعي،أخص بالذكر منهم،أبو العلاء المعري،والجاحظ ، وابن رشد، والزمخشري وابن المقفع، واخوان الصفا ورسائلهم، وأتباع المعتزلة الذين ساهموا في وضع طروحات فكرية متطورة؛ بالاعتماد على المنطق اليوناني لشرح القضايا العقدية الغيبية؛وتقوم طروحاتها أيضاً على إعطاء أهمية كبرى لحرية الإنسان ؛ والنظر إليه باعتباره غاية الوجود.
وللأسف الشديد واجه أصحاب هذا الفكر ردود فعل صاخبة، تعرضوا للتنكيل تارة ، وللتعذيب تارة أخرى، ولاتهامات الكفر والمروق والزندقة في كثير من الحالات، ومنهم من قتل حرقاً ومُثل بجسده كما حصل مع ابن المقفع الذي أعطى الثقافة العربية عدة كتب أدبية خالدة.
وابن رشد فيلسوف تنويري منهم، أعطى للعقل أولوية كبرى،انتقد فكر الغزالي وفكر مذهب الأشاعرة الجبري اللاعقلاني الذي ينفي مكانة العقل ويلغي دور وفعل الإنسان وحريته في رسم مسار حياته.
وعبر ابن رشد من خلال نقده لهذا المذهب عن إيمانه بالعقل بلا حدود، ودعا للإنفتاح على كل مجالات المعرفة العالمية،وللأسف الشديد لم يعترف أبناء جلدته بأرائه التنويرية،واتهموه بالكفر والمروق وحرقوا كتبه،وتلقفتها الثقافة الأوروبية الناهضة، واهتمت بها واعترفت بصاحبها؛ وجعلته في مصاف مشاهير المفكرين في العالم أجمع؛ وقامت بربط فكره بمشاكل أوروبا الإجتماعية والفكرية،وبهذا ساهم فكره بإيجاد الحلول لها و تبديد ظلمات القرون الوسطى، المثقلة بمظاهر الجهل والخرافات التي كانت تسيطر على الدول الأوروبية،وقد دُرست كتبه في جامعة باريس وجامعات العصور الوسطى،وظل فكر مدرسته "المدرسة الرشدية" الفكر المهيمن في أوروبا حتى القرن السادس عشر الميلادي، وهي فترة امتدت طيلة أربعة قرون، كان فيها ابن رشد الفيلسوف الأهم دون منازع.
ومن مظاهر تقديره في الزمن الراهن اعتزاز إسبانيا به، وقدعبرت عن ذلك مدينته مدينة قرطبة على أرض الواقع بإقامة نصب تذكاري كبيرله لتخليد ذكراه، وذلك في شارع يشق طريقه بجانب سورقرطبة التاريخي، على مقربة من المسجد الكبير؛كما كرمته إسبانيا بتدريس فكره في مناهج تعليمها المقررة للمرحلة الثانوية، وإقامة مؤتمرات وندوات علمية للتعريف بفكره ورؤاه التنويرية الثاقبة.
ومن مظاهر تقديره إجماع عدد كبير من مشاهير المفكرين، بانه يعود له الفضل في كل ما حققته البشرية في الزمن الراهن، من إنجازات في مجال ثقافة التعدد والإختلاف؛لأنه انحاز مبكراً في فكره إلى التعدد والإختلاف؛ ودافع عن حق الإختلاف الذي يجعل من التأويل صلةً جامعةً بين البرهان والشريعة،كما يعود له الفضل أيضاً فيما حققته البشرية من إنجازات في مجال المساواة ما بين البشر؛ وفي مجال حقوق الإنسان؛ خاصة حق المعرفة والتعلم واكتساب اليقين.
لقد تقدمت أوروبا لأنها أمنت بأفكار ابن رشد العقلانية،وتأخرنا نحن العرب لأننا حرقنا كتبه، وأمنا بأفكار مجموعة من أصحاب الأفكار الرجعية الظلامية،التي لا علاقة لها بالتقدم والتنوير والمنتوج الفكري الأنساني المعاصر.
ولهذا نواجه في واقعنا الراهن قضايا التطرف والإرهاب الفكري، وهيمنة الغيبيات واتجاهات كثيرة غير عقلية، تجعلنا أسرى حصون الماضي القديمة، غير قادرين على دخول أبواب الزمن الحديث، ومجاراة متطلبات الحياة المعاصرة.
إن الحل يكمن في مراجعة المسلمات والمطلقات‘ في إطار عملية نقد عقلانية للموروث التراثي السلفي، و عملية ربط بين فكر ابن رشد وبين مشاكلنا الإجتماعية والفكرية كما فعلت أوروبا قبل عشرات القرون، علينا أن نحدد بموضوعية مجالات الإستفادة من فكره في أيامنا الراهنة، ويقيني أن فكره العقلاني النقدي فيه الكثير من الحلول لواقعنا المأزوم،المليء بصخب الفكر اللاعقلاني ونتائجه الكارثية المدمرة في كل دولنا العربية.
المطلوب هو اتباع منظومة ابن رشد الفكرية العقلانية المستنيرة، التي دعا فيها إلى تأويل النص عن طريق العقل،وسجل بهذا موقفاً متميزاً؛ مفاده أنه لا تعارض بين الدين والفلسفة، وإذا كان من تعارض ظاهري يمكن حله بالتأويل.



#سميح_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة الغفران لأبي العلاء المعري بعيون اسبانية
- فلسطينية تمتلك ثلاثة متاحف خاصة في قرطبة
- أيام في كوبا
- مرحلة التقاعد بداية حياة جديدة
- خوسيه ميغيل بويرتا وعلم الجمال عند العرب
- رواية العشق المر
- المناضل نجاتي صدقي بعيون إسبانية
- محمود صبح قنطرة وصل بين الإسبان والعر ب
- الصعود إلى أعلى
- ترجمة وديع البستاني لرباعيات الخيام
- أمين معلوف يتأفف من كلمة الجذور
- إميل البستاني عاشق حيفا
- كتاب نحن من صنعنا تشافيز- تاريخٌ شعبيٌ للثورة الفنزويلية
- وداعاً للتشيخوفي عدي مدانات
- حيفا الكلمة التي صارت مدينة
- مي صيقلي : مؤرخة من حيفا
- لابد من تطوان وإن طال السفر
- أيام في المغرب
- أيامٌ في الناصرة
- رواية - دنيا - للروائي عودة بشارات


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - الفكر العقلاني عند العرب: ابن رشد أنموذجاً