|
الإسلاميين وصفوف العساكر
سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي
الحوار المتمدن-العدد: 6239 - 2019 / 5 / 24 - 01:44
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
أغرق شيوخ الإسلاميين المتطرفين أخر ما تبقى من سفنهم "الخردة - المثقوبة" وهم يرفعون شعارات الخواء السياسي والفكري خلف صفوف العساكر الذين غطوا البلاد برائحة البارود، هذه الشعارات لا تتفق مع منطق السياسة وواقعية الأفكار الجديدة ومتطلبات التغيير والتحرر والتطور السياسي والإقتصادي الذي نرنوا الوصول إليه رغم صراعات العسكر ومطامع الإسلاميين الذين فقدوا ثقة الشعب في الدولة السودانية، صراحة أعلن المتأسلمين انهم ضد الديمقراطية والمدنية وحكم القانون، معتبرين الديمقراطية والحكم المدني كفرا حسب ما تعلموه في كتبهم المملوئة بفقه التطرف ودعاوي الإرهاب، وعلقوا ذلك العداء علي لافتة إيدلوجية رفعت أمام القنوات الفضائية لتبرير الإنكفاء السياسي والفكري والتحجج بانها ضد العلمانية والشيوعية، وهم بذلك يخلطون الأفكار بنوع من الغباء ويعتقدون انهم سيدقون "مسمار" علي جدار الثورة التحررية القائمة في البلاد، ولكنه جدار ثوري تحرري سميك ومتين بناه الشعب بصموده وأحسن البناء ولن تخدشه شعارات العداء لحكم المدنية والسلام والديمقراطية في دولة المواطنة التي يحلم السودانيين بها.
الإسلاميين المتطرفين أثبتوا لكل العالم إنكفائية منهجهم الإقصائي القائم علي أساس التطرف ومعاداة الديمقراطة والمدنية وبعدهم الكلي عن مطالب الشعب وخوضهم معارك خارج إطار المنطق بل هي معارك ضد ثورة الشعب السوداني، والعالم يتابع الثورة لحظة بلحظة من داخل ساحة الإعتصام السوداني، وثوار السودان هزموا الثورة المضادة بثباتهم وفنونهم الجميلة التي رسمت السودان الجديد الديمقراطي المدني الموحد، هذه الدولة رغم انها وليدة وفي طور التشكل الأولي إلا اننا نشعر بوجودها الفعلي في ساحات الإعتصامات سواء في القيادة العامة بالخرطوم او علي مستوى الولايات السودانية المختلفة، فالسودانيين يرسمون وطنهم الجديد بوعي تجاوز حدود العقليات القديمة التي تنطلق من منصات إيدلوجيات الإقصاء والتطرف الديني والإثني وغيرها من مسببات الإنقسام والتشظي وسط المجتمع، وقد طوع السودانيين كافة ألوانهم السياسية وتنوعهم الإجتماعي وتباين أفكارهم وغير ذلك كله طوع ثورتهم المجيدة، ونلاحظ بوضوح مساعي ومحاولات بقايا النظام السابق لإحداث شق في المجتمع السوداني الذي فارق عهد التقسيم والتفرقة بثورة الحرية والتغيير التي ترفع شعار "حرية سلام وعدالة مدنية قرار الشعب" وقدم شعب السودان ترجمة واقعية لشعاره الثوري داخل ساحات إعتصاماته، وهنا في ساحات الثورة نبذت كل شعارات وممارسات العهد الظلامي الذي طوته الإنتصارات الجماهيرية في المدن والقرى مع تماسك القوى الوطنية المتحالفة تحت لواء تجمع المهنيين السودانيين وإعلان الحرية والتغيير، اما معارك الإسلاميين ستكون محاولة فاشلة لمن يحاربون الريح إذا إستمر سعيهم لإفشال الثورة بشعاراتهم الحالية التي لن تحقق لهم أي مكسب، ويجب علي العقلاء من الإسلاميين إستبدال منهج الإقصاء والتطرف باجراء مراجعات عميقة تمكنهم من العودة للساحة السياسية من جديد بحيث لا يتضرر الوطن منهم ولا يتضرروا من تشوهاتهم أكثر مما هو الحال الآن، ولكن في كل الأحوال سقط المشروع الإسلاموي القديم ولا سبيل لإنقاذه البتة، والواقع يحتم التغيير في كافة مناحي الحياة وفي كل المجالات.
العسكر، نعلم أن السودان اليوم ليس كما كان بالأمس، فهناك عدد من الجيوش في السودان الحالي، بعضها تشكل كنتاج طبيعي لحالة الإقصاء والتهميش الذي مارسه نظام الإنقاذيين علي مدار ثلاثين عام خلت من عمر الوطن، وبعضها جيوش شكلها النظام السابق ومكنها بالدعم اللوجستي لمجابهة جيوش التحرير في الهامش السوداني وتمكين سلطان الإستبداد وخلخلة الأنظمة في دول الجوار، كل هذه الجيوش موجودة فعليا علي الأرض، ولكل جيش حساباته، وهذا الوضع خطر علي مستقبل الدولة السودانية، لذلك يجب العمل علي تحقيق السلام الشامل ووضع خطط جديدة لترتيبات أمنية تضمن إستمرار السلام في السودان، فبدون الوصول إلي خارطة جديدة للسلام قد يتحول المشهد السوداني إلي ما لا يحمد، والسلام قضية شائكة وهي عمود التحول الديمقراطي والوصول لدولة المواطنة والحرية والعدالة والتمدن، ففي قمة السلطة تربع جيشان هما القوات المسلحة وقوات الدعم السريع المكونة للمجلس العسكري الإنتقالي، والمنوط بهذا المجلس العسكري نقل السلطة للمدنيين والإشتراك في عملية ترتيب جيش وطني مهني واحد يتولى مهام الدفاع عن السودان، لكن الملاحظ أن المجلس العسكري لم يتخذ قرارات جادة في هذا الإتجاه، وذلك ما أخر عملية نقل السلطة حتى وصل الأمر لإنسداد بعض نوافذ المفاوضات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، وربما نشاهد تغيرات جديدة متوقعة داخل المجلس العسكري، لكن في كل الأحوال لن يقبل الشعب السوداني بالرجوع إلي المربع الإنقاذي وحالة (ثورة - إنقلاب) تلك التجارب تجاوزها العالم أجمع ويجب عدم السماح بتكرارها مرة آخرى في السودان، وبيانات الإتحاد الافريقي ودول الترويكا وغيرها من المنصات الإقليمية والدولية تذهب جميعها في إتجاه دعم تسليم السلطة للمدنيين والإسراع في عملية تحقيق السلام والتحول الديمقراطي، وهذا هو الإتجاه الصحيح الذي يحقق للسودانيين أهداف ثورتهم، وهو الذي يمهد الطريق لتحرير المؤسسات الوطنية وهيكلة المؤسسة العسكرية وبناء دولة مواطنة وديمقراطية ذات سيادة، وبناء علاقات دولية جديد قائمة علي الإحترام المتبادل وتحقق مصالح الشعوب.
سعد محمد عبدالله 23 مايو - 2019م
#سعد_محمد_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطر تسيس الدين
-
سدود الثورة المضادة لن تمنع نهر الحرية والتغيير من التدفق عل
...
-
لماذا الهجوم علي الحركة الشعبية
-
دلالات العودة التاريخية للحركة الشعبية ومآلات الوضع السياسي
...
-
ماذا بعد رحلة العودة إلي السودان
-
مايو علامة الثورة وميلاد الحركة الشعبية لتحرير السودان
-
بيان الحركة الشعبية - ولاية سنار
-
تعليق بشأن قرارات القيادة التنفيذية للحركة الشعبية لتحرير ال
...
-
الديمقراطية الجديدة ونجاح الثورة السودانية
-
رسالة إلي شباب مايرنو والسلطان علي محمد طاهر
-
بيان - شباب الحركة الشعبية بمايرنو
-
مشهد من السودان الجديد
-
الديمقراطية في قواميس الأنظمة الدكتاتورية والإنتهازية وخيار
...
-
ذكرى أبريل بين ميلادي وحلم الوطن
-
أوقفوا العنف ضد الفولان ولندعم معا حملات السلام في بلاد مالي
-
رسالة إلي السيد/ فضل السيد شعيب رئيس حزب الحقيقة الفيدرالي
-
السودان: بيان الحركة الشعبية بولاية سنار
-
ملخص مبسط لبيان قوى نداء السودان
-
قصيدة - وردة الأحرار
-
قصيدة - جيل الشباب
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|