(نص مفتوح)
آهٍ .. يا طفولة
أيَّتها المكتنـزة بالسنابل
بخصوبةِ الليالي
أيَّتها المتفتِّحة في أزقّة ديريك العتيقة
المبرعمة بين أكوامِ الطين
طفولةٌ شقيّة
مطرَّزة بالختمية والنعناع
مقمَّطة بأكوام الحنطة
طفولة جامحة نحو البراري
آهٍ يا براري الروح
يا مهجة انتعاش الذاكرة
أعوامٌ موحشة
موغلة في هضاب المللِ
يتدفَّقُ من جنباتها زمهرير العزلة
زمهريرٌ مرتَّق بكآبات
قرون من الزمان
مَنْ يستطِعْ أن يزيحَ غشاوة الأيام
المرصَّعة بكلّ أنواع المرارات؟!
مَنْ يستطِعْ أن يخفِّفَ شطحات الأحزان
المتراكمة فوق منعطفات الحلم؟!
ثمَّةَ برعم يتنامى
في قعرِ الذاكرة
تتراءى أزقَّتي أمامي
رغم ضجيج الليل
رغم ضجيج المسافات
تذرف شجرة التوت دمعة الفراق
دمعة الطفولة فوق تلك التلال
فوق الذاكرة البعيدة
آهاتٌ تشطحُ
صوبَ براري الروح
أشجارُ الكرمةِ احترقَتْ
من وقائعِ الإنشطار
من وقائعِ البكاء
عندَ بوَّاباتِ المدائنِ
آهٍ .. يا مدائن
وألف آهٍ
أيَّتها المسافات المطويّة
بيت تلال الذاكرة!
ضجرٌ ينمو
في قبّةِ الروح
موسيقا صاخبة تودِّع
عاماً من الأحزانِ
عاماً مرصَّعاً بالتلظِّي
يتطاير الفرح من حولي
كريشٍ ملوَّن
كعناقِ المحبِّين
... وأنا تائهٌ
بينَ أعاصيرِ هذا الزمان
تائهٌ بينَ الشوشراتِ المنبثقةِ
من أفواهِ الضجر!
معادلاتٌ تشرخُ
وجنةَ الصباح
معادلاتٌ مخرومة
مقلوبة رأساً على عقب
مفهرسة بكلّ أنواعِ البكاء
غريبٌ أنتَ أيُّها الشاعر
أيُّها المرميّ
فوقَ قارعةِ الأحزان!
...... .... ...... ...... يُتبَع
لا يجوز ترجمة هذا النصّ إلى لغاتٍ أخرى إلا باتفاق خطّي مع الكاتب.
ستوكهولم: ليلة رأس السنة 2002
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]