أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - بشير الوندي - مباحث في الاستخبارات (164) التجنيد الاختباري















المزيد.....


مباحث في الاستخبارات (164) التجنيد الاختباري


بشير الوندي

الحوار المتمدن-العدد: 6233 - 2019 / 5 / 18 - 21:34
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


مدخل
---------------
التجنيد الاختباري هو تجنيد وهمي تستخدمه الاجهزة الاستخبارية لأغراض متعددة لأسباب وقائية , وتختلف اغراض التجنيد الاختباري بحسب نوع النظام السياسي الذي يتبعه الجهاز الاستخباري كما تختلف المبررات تبعاً لذلك .
التجنيد الاختباري هو على غرار فكرة قيام الاجهزة الاستخبارية الدولية المحترفة بالتعاقد مع مجموعة من الهكرز لاختراق او السعى لاختراق منظوماتها الاتصالاتية والمعلوماتية من خلال التكنلوجيا لكشف مواطن الخلل , فبدلاً من أن تخترق اجهزة مكافحة التجسس تنظيماً ما , فإنها تصنع تنظيماً مزيفاً من اجل كشف نوايا من سينتسبون اليه .
----------------------
تجنيد للمكافحة
----------------------
يعتبر منظّروا الاستخبارات ان من الضروري اخضاع عناصرهم وعناصر الاجهزة الحساسة في الدولة الى مختلف انواع الاختبارات من اجل ضمان تحصينهم ومن اجل توخي الحذر من الضعاف منهم .
كما يستخدم التجنيد الاختباري كتعزيز لمكافحة التجسس لدى عناصر اجهزة الأمن العسكري في الجيش والشرطة واجهزة الأمن لمعرفة النقاط الرخوة وايجاد حالة من المناعة والتأثير النفسي ضمن القوات المسلحة .
كما يعتبر التجنيد الاختباري بمثابة بالون اختبار تطلقه الاجهزة المختصة من اجل انعاش عناصر الاجهزة الاستخبارية والامنية وكذلك في الصراع مابين الاجهزة الاستخبارية المحترفة لقياس ردود افعالها .
ويعتبر التجنيد الاختباري احد تلك الاختبارات القاسية التي تجرى بمنتهى السرية حيث يتطلب الامر تحضيرات دقيقة من اجل جعل الاختبار يبدو حقيقياً في مغرياته سواء كانت مغريات مالية او مغريات فكرية , وبالتالي يعتبر التجنيد الاختباري اسلوب وقائي من اجل مكافحة التجسس .
ويتم في التجنيد الاختباري اصطناع تنظيم سري معادي للبلاد وطبع منشورات للتنظيم السري واوكار سرية له والتغاضي المحكم عن نشاطه بشكل لايثير ريبة احد , ويتم اختيار الاساس الفكري للتنظيم الوهمي وفق الحاجة , فقد يكون التنظيم قومياً او دينياً او يسارياً .
ثم تبدأ الخطوات الحاسمة في استقطاب العناصر او العينة التي يراد معرفة ولاءها والتي تجد الاستخبارات انها من الضروري التأكد من صلاحيتها , وكذا كشف العناصر التي ستبتلع الطعم وتدخل في مستنقع الجاسوسية الممهد بدقة كبيرة , او العناصر التي سترفض الانخراط في التنظيم الوهمي ولكنها تصمت ولاتبلغ السلطات المعنية , وفرز هؤلاء عن اولئك الذين يرفضون ويبلغون سلطاتهم , وهذا هو اساس التجنيد الاختباري .
-------------------------------------
التجنيد الاختباري والسلطة
-------------------------------------
لاشك من ان نوع النظام السياسي هو الذي يحدد عمل الاجهزة الاستخبارية , فالأنظمة التداولية المستقرة تتيح للأجهزة الاستخبارية ان تضع نصب أعينها ان تطبق علم الاستخبارات بمايخدم مصالح البلاد والمواطنين دون الالتفات الى المصالح الحزبية الضيقة للحاكم او الحزب الحاكم او مراكز القوى .
اما النظام السياسي المرتبط بسلطة الحاكم وحزب السلطة والانظمة الدكتاتورية التي لاتلقي بالاً الا لمصالحها , فان الجهاز الاستخباري يقلب في تطبيقاته كافة مناحي علم الاستخبارات بشكل يجعل تلك الاجهزة ادوات قمعية تطيح بكل من يتفوه ضد النظام او من ينادي بالحرية .
ولاشك ان النموذج الثاني القمعي سينتج معاداة قطاعات واسعة من الشعب وسيحفز المواطنين على تجنب السلطة والانخراط في الحركات والاحزاب والمنظمات التي تعادي تلك السلطة وتسعى لإسقاطها بمختلف الوسائل .
ان عزلة السلطة الغاشمة عن شعبها والحذر الشعبي من ان يقع في ايدي جلاوزتها , يجعلان تلك السلطة مشوشة وترى كل من ليس معها فهو ضدها , مما يستدعي الاستنفار التام والمستمر في مراقبة وقمع المعارضين والبحث عنهم , وكذلك في عمل المستحيل من اجل ارضاء الحاكم حتى لو كان بالكذب عليه , وحتى لو شمل هذا المستحيل الانتهاك والتعذيب والقتل بلا رحمة لكل من يعارض .
ومن هنا , فإن الاجهزة الاستخبارية القمعية تستغل طريقة التجنيد الاختباري الخادع من اجل اماطة اللثام عن كل من تسوغ له نفسه المعارضة وايقاعه في المصيدة التي نصبتها بشكل احزاب وتنظيمات وحركات سرية معارضة وهمية تجذب التواقين للحرية والخلاص كمثل الفراشات التي تجذبها النار .
وحالما ينتشر التنظيم وتكثر كوادره , تأتي الخطوات الوحشية المدمرة والتي تضرب فيها الاجهزة الاستخبارية ثلاثة عصافير بحجر واحد , فهي تقوم باعتقال الجميع واجبارهم تحت التعذيب بالادلاء بإعترافات عن مؤامرات مزعومة ومن ثم يجري اعدامهم بمحاكمات او بدونها , وفي ذات الوقت تظهر امام السلطة الحاكمة بأنها تنجز مهماتها بكل همة في السهر على أمن السلطة , وكذلك فإنها توصل رسالة للمواطنين الذين لايعرفون بلعبة التنظيمات المزيفة مفادها اننا لكم بالمرصاد وان اي انتماء لتنظيم معارض سيتم كشفه وسيعاقب صاحبه بالموت .
ولعل القاريء يدرك ان استخدام التجنيد الاختباري من قبل السلطات القمعية لاينشغل بمكافحة الجاسوسية كما هو مخطط له في التجنيد الاختباري في الانظمة التداولية .
-----------------------
مابين التجنيدين
-----------------------
التجنيد الاختباري سلاح ذو حدين , ففي حين تستخدمه الاجهزة الاستخبارية المحترفة كجزء من مكافحة التجسس من اجل الحصانة والحماية , ومن باب الوقاية خير من العلاج , ولتحصين العاملين في الاماكن الحساسة وتأمين الاماكن ذاتها في نفس الوقت , فإنه يستخدم في الدول القمعية كأداة من اجل ايذاء المواطنين وارعابهم.
وفي الغالب تتلاعب الاجهزة الاستخبارية في الدول المستبدة بمشاعر المواطنين واحلامهم وآمالهم التواقة الى الحرية من خلال انشاء مصائد على شكل احزاب معارضة وطنية سرية , فإن الاجهزة المحترفة في الدول التداولية التي تحترم القانون تستخدم مصائد التجنيد الاختباري التي تصطاد ضغاف النفوس والسيئين من خلال انشاء تشكيلات وهمية تغري الاخرين بالتجسس وتتحسس قابلياتهم على الصمود .
كما ان اجهزة الانظمة المستبدة تتعطش من وراء التجنيد الاختباري للدماء وتعذيب وقتل من يقعون في شباك التجنيد الاختباري , بينما تسعى اجهزة الانظمة ذات سيادة القانون الى تحصين المواقع الحساسة والعاملين فيها وبالتالي تحصين البلاد من المخربين والارهابيين والجواسيس .
وتمارس اجهزة الانظمة القمعية التجنيد الاختباري من اجل رضا السلطة الحاكمة بطرق مزيفة ليرضى عنها الحاكم , بينما يعتبر التجنيد الاختباري في اجهزة الدول ذات التداول وسيادة القانون وسيلة للتحصين وليس غاية للتباهي بنشاطات مزيفة , إذ لايعني لها رضا رأس السلطة في قبالة الاحترافية اي شيء , فالاجهزة هنا ثابتة والحاكم يتغير , على عكس الانظمة المستبدة التي يعتمد فيها بقاء قادة الاجهزة الاستخبارية على تلطف وتكرم الحاكم وتملق المسؤولين .
-----------------------------------------
نظام البعث والتجنيد الاختباري
-----------------------------------------
كان نظام البعث يتفنن كثيراً بأساليب التجنيد الاختباري , فكان ينظِّم شبكة من عملاء متعاونين للإيقاع بالناس الذين يبحثون عن أي مشروع مقاوم للنظام , وبالفعل تم توريط الكثير من المواطنين المتحمسين وتم اعدامهم لاحقاً .
فكان يتم اطلاق تنظيمات ثورية مزيفة على انها تنظيمات سرية دينية او يسارية كحزب الدعوة او فيلق بدر او الحزب الشيوعي او احزاب كردية وغيرهم , ويتم كسب الكثير ممن يتوقون للتغيير لتلك التنظيمات الوهمية , والتي لاعلاقة لها بالتنظيمات الحقيقية , وثم يتم توسيع الشبكة وتجري اجتماعات منتظمة , ثم بين ليلة وضحاها يتم إعتقال عناصر التنظيم في توقيت واحد وتتم تصفيتهم فيصطدمون بأنهم كانوا مجندون بشكل اختباري للإيقاع بهم وانهم سيأخذون السر معهم الى المقابر الجماعية .
وكانت حالة الرعب التي تسود المجتمع عقب كل عملية إعتقالات لتنظيمات سرية يقوم بها النظام مدعياً كشف تنظيم سري او شبكة جاسوسية ويقدم ضحاياه بإعترافات على أساس انهم معارضون كي يحبط المواطن ويدرك ان قبضة الامن في البلاد حديدية لايمكن مقارعتها .
-------------
خلاصة
-------------
التجنيد الاختباري هو فلتر تستخدمه الاجهزة الاستخبارية الاحترافية في البلدان التداولية ذات سيادة القانون من اجل حماية البلاد والمناطق الحساسة في الدولة ومواطنيها وامن مؤسساتها , وهو لدى اجهزة استخبارات الدول القمعية كمين للمواطنين التواقين للإنعتاق من اجل القضاء عليهم وجز رقابهم , وشتان بين المنطقين , والله الموفق.



#بشير_الوندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مباحث في الاستخبارات (163) التجنيد الإيهامي ( تجنيد من خلف ا ...
- مباحث في الاستخبارات (162) التجنيد الثأري ( الانتقامي )
- مباحث في الاستخبارات (161) التجنيد القهري
- مباحث في الاستخبارات (160) التجنيد المالي
- مباحث في الاستخبارات (159) التجنيد الوظيفي
- مباحث في الاستخبارات ( 158) التجنيد العقائدي
- مباحث في الاستخبارات (157) التجنيد الاستثماري
- مباحث في الاستخبارات (156) الاستخبارات العلمية بشير الوندي
- مباحث في الاستخبارات (155) الاستخبارات كعلم متاح
- مباحث في الاستخبارات (154) الامن الخارجي وادوار الدول
- مباحث في الاستخبارات (153) الخرائط العسكرية
- مباحث في الاستخبارات (152) المطاردة
- مباحث في الاستخبارات (151) تخريب العقل الجمعي
- مباحث في الاستخبارات (150) استخبارات التنظيم
- مباحث في الاستخبارات (149) مديات النفوذ الاستخباري
- مباحث في الاستخبارات (148) التمويل الاستخباري
- مباحث في الاستخبارات (147) الاستخبارات والغزو الثقافي
- مباحث في الاستخبارات (146) الملاك الاستخباري
- مباحث في الاستخبارات (145) عوامل اختراق المجتمعات
- مباحث في الاستخبارات (144) الاستخبارات قبل الحربين العالميتي ...


المزيد.....




- المدافن الجماعية في سوريا ودور -حفار القبور-.. آخر التطورات ...
- أكبر خطر يهدد سوريا بعد سقوط نظام الأسد ووصول الفصائل للحكم. ...
- كوريا الجنوبية.. الرئيس يون يرفض حضور التحقيق في قضية -الأحك ...
- الدفاع المدني بغزة: مقتل شخص وإصابة 5 بقصف إسرائيلي على منطق ...
- فلسطينيون يقاضون بلينكن والخارجية الأمريكية لدعمهم الجيش الإ ...
- نصائح طبية لعلاج فطريات الأظافر بطرق منزلية بسيطة
- عاش قبل عصر الديناصورات.. العثور على حفرية لأقدم كائن ثديي ع ...
- كيف تميز بين الأسباب المختلفة لالتهاب الحلق؟
- آبل تطور حواسب وهواتف قابلة للطي
- العلماء الروس يطورون نظاما لمراقبة النفايات الفضائية الدقيقة ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - بشير الوندي - مباحث في الاستخبارات (164) التجنيد الاختباري