فاطمة هادي الصگبان
الحوار المتمدن-العدد: 6233 - 2019 / 5 / 18 - 18:07
المحور:
الادب والفن
القصاص
بعد ليلة خانقة تلحفت الفجر وركبت المشي السريع الى عملها ...لازال الصباح باكرا وكل الأبواب موصدة إلا باب العم محمود بستاني حدائق الجامعة ...
دعاها للإفطار معه في تعريشة الزنابق المقابلة لقسمها ...رائحة المناقيش بالزعتر تزكم الأنوف ..وضع على كتفها بطانية خفيفة محلاوية الصنع ذات نقوش مقدسية (كبرتة المحلة الكبرى) ..أخذت تثني على رقة خبز الشراك وطبق العكوب وحدثته عن التشابه بإختلاف المسمى والطبق الذي تعده أمها من أصابع الباميا الكبيرة التي تجنيها من بستان جدها..تتذكر طعمها بالدهن الحر وبنكهة بالبصل والعصفر ...
غاب لونه وجفلت يده لحظات حتى أنه اراق بعضا من قطرات الشاي ...تساءلت مالذي حل بصديقها العجوز..لكنه بادرها بالسؤال الست من العاصمة؟
أجابت : جذوري من بساتين الفرات ...
سألها : بساتين النواعير...
أجابت : بساتين الناي ..
هدأت نفسه وأخذ يحدثها عن الحرب التي هجرت قومه ففرت حداثته طالبة الأمان في بستان النواعير ..عاش شبابه يحلم بتلك الحسناء وظفائرها البنية التي تضاهي نرجسية عيونها ...يتابع ذهابها لجني الفاكهة في البستان المجاور وأحيانا يترقب جرة الماء المتدلية على جانب كتفها بغنج ...تجف شفاهه لمرآها يطلب الإرتواء ...لكن غياب صوت الكبير وشحة العطاء أبعدت عنه الواحة ... بقيت عيناه مسمرة على السراب حتى عندما طوقت القلائد جيدها والاساور تبارت في عناق معصمها ..
ساعته تقف مرتان عندما تصحبها ثلاث نساء بأعمار مختلفة في الذهاب والعودة..
في أحد الأيام عادت النسوة الثلاثة بدونها ...
قبل الظلام بقليل تحرك فضوله ليجدها مختنقة في ظفائرها ...أتهمته العشيرة بعد شهادة ضرائرها الثلاثة ...شهادة ونص مقابل وحدانية شهادته...
حكم بالسجن والترحيل
بعد سنوات سمع بحادثة سيارات مروعة بطلها الشيخ وبعض أفراد عائلته التهمتم النيران في طريق جبلي ...
#فاطمة_هادي_الصگبان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟