أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - اللون في الصورة الحسيّة في نصّ (غضب الأحمر ) للشاعرة : سهى سلوم - سوريا بقلم : كريم عبدالله .. بغداد – العراق .















المزيد.....

اللون في الصورة الحسيّة في نصّ (غضب الأحمر ) للشاعرة : سهى سلوم - سوريا بقلم : كريم عبدالله .. بغداد – العراق .


كريم عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 6233 - 2019 / 5 / 18 - 12:06
المحور: الادب والفن
    


اللون في الصورة الحسيّة
في نصّ (غضب الأحمر ) للشاعرة : سهى سلوم - سوريا
بقلم : كريم عبدالله .. بغداد – العراق .
تبقى نصوص المرأة نصوصا لا يجيدها الرجل حتى لو حاول أن يتقمص شخصية المرأة والبوح عن لسان حالها , تبقى هذه النصوص لغزاً محيّراً خصوصاً عندما تتحدّث عن ذاكرة الجسد النفسية والعاطفية لأنها تنوء بثقله وهمومه التي لا تنتهي , وكثيرا ما يبقى خطابها الشعري عبارة عن إنصات لهذا الجسد وحركاته وقلقه , ودائما ما تحاول ان تتخفّى وراء ثوراته أو تحاول الأجتهاد أن تتناسى مشاغبته وتمرّده فتغرّد باهضة الصوت والعذوبة , فلكل مفردة انعكاسات وتداعيات تصدر من أمكان بعيدة لدى الشاعرة تبوح بها أما عن قصدية او لا قصدية .
انّ نظرة سريعة الى النسيج الشعري للشاعرة هنا , سنلاحظ الأصرار على تكرار مفردة / أنا / وكذلك الألوان والفاكهة الطريّة . ان استخدام وتكرار الضمير المنفصل / أنا / لم يكن عبثيا ولم يكن هذا الضمير عبارة عن زوائد ونفايات نصيّة رهّلت النشيج الشعري عند الشاعرة , بل بالعكس استطاعت ان تشحن نسيجها الشعري بحالات شعورية عنيفة , فكانت كالقناديل التي تشعّ ومن خلالها يمكننا الولوج الى عالم الشاعرة وفكّ رموز وشفرات النصّ . لقد كان ضمير الشاعرة / أنا / هو المحور الرئيسي الذي تدور حوله ومعه جميع الأحداث , انه الصوت العالي الذي بثّ في النصّ الكثير من الدلالات والقيم الجمالية اضافة الى تحريك الايقاع الموسيقي باستمرار , عن طريقه أصبح النسيج الشعري أكثر قوة وترابطا وكأنّه سلسلة ذهبيّة بديعة الصنع .
لو حاولنا قراءة العنوان / غضب الأحمر / بتمعن لوجدناه يتكون من مفردتين / الغضب – الأحمر / , فالغضب هو عبارة عن عدم الارتياح والامتعاض / نفس – بدن / وهو موجود لدى الجميع كشعور طبيعي , وقد يكون هذا الشعور شديدا تصاحبة انفعالات نفسية وسلوكية تطول في بعض الأحيان وتهدأ في أحيان اخرى تبعا للمسبب والمثير , اذا مفردة / الغضب / هي دلالة شعورية تمتلك من الايحاء الشعوري طاقات وتعابير صورية ونفسية وجسدية , أما مفردة / الأحمر / فهي عبارة عن اشارة حسّية – بصرية – نفسية – وجمالية ايضا لما للألوان من تأثيرات ودلالات , هذه الاشكالية جعلت من العنوان مثيرا للكثير من التساؤلات عن هذا الغضب / وهذا الأحمر , فلماذا هذا الغضب والهيجان .. ؟؟!! , ومَنْ هو هذا الأحمر ..؟؟!!! . لقد كان هذا العنوان خصبا بايروسيته التي ستتضح أكثر فأكثر كلما تقدمنا في قراءة هذا النصّ .
للمرة الوحيدة نجد الذات الاخرى ظاهرة في لغة الشاعرة عندما تشير اليها من خلال مفردة / جعلتني / , وكأن هذه الذات الاخرى قد أشعلت النيران في الذات الشاعرة واختفت او حاولت الذات الشاعرة التخلّص من سلطويتها عليها , لقد هيّجت الذات الاخرى براءة الذات الشاعرة الرقيقة والمكبّلة بالخجل والطفولة , فإنبعثت شلالات الحبّ عنيفة زلزلت سكون حياتها وبثّت فيها الدفء والحيوية بعد أن كانت غافية , لقد أقلقتها كثيرا حين غيّرت من نمطية حياتها الشيء الكثير بعد ان استسلمت لقدرها فاصبحت ترى كل ما حولها ورديا حتى شامتها السوداء كاشارة ايروسية مثيرة ولدت من جديد ولكن بلون وردة جورية زاخرة بالجمال والعطر والانوثة والشبق , هذا ما نجده في هذا المقطع :
غضب الأحمر
جعلتني أرى كل ما بي
وردياً ،
حتى شامتي السوداء
على خصر الهزيمة
ولدت وردة جورية ...

ومن الان فصاعدا ستختفي الذات الاخرى / الخالقة / لتطفو وبقوة الذات الشاعرة على طول النسيج الشعري , ويبرز بشكل واضح ومتعمّد الضمير المنفصل / أنا / وكانّها استطاعت اخيرا ان تتخلّص من هذا الارتباط الذي أحدث فيها كل هذه التغييرات النفسية والجسدية , الذات الاخرى التي فعلت فعلتها واختفت من الساحة , وتبدأ هذه الذات بالعزف على اوتار الجسد المنهك للتنبيه عن حالات شعورية معينة , او هي محاولة على تأكيد ذاتيتها وتفخيمها كردّة فعل لما أصابها , وما تكرارها هنا الاّ لبيان حالة الصراع النفسي والتخفيف عن حالة التوتر المحتدم الذي تعجّ في نفسها .

أنا مخمل النبيذ
وقطيف الدراق
وساتان الكرز .
أنا كشمير التفاح
وحنين الموز
ومهير الإكيدينا .

وتحاول الذات الشاعرة ان تدعو وتؤكد انوثيتها في محاولة للخلاص من هذا التشنج النفسي والقلق المبرح , انها تحاول اثبات استقلاليتها عن الذات الاخرى بشتى الطرق , لكنها محاولات فاشلة ومفضوحة أثبتت هنا عجزها وحاجتها الى تلك الذات الاخرى لكي يتعزز حضورها , انها حالة من التودد للذات الاخرى واستدرجها .

أنا خيوط الذاكرة ،
أنا غنج الكحلي
حين يراود رمادي الأمس .
مرّة اخرى تبرز الـ / أنا / هذا الضمير المبتلى من اجل احداث حالة شعورية لدى المتلقي والتوكيد واثبات حضور الذات الشاعرة وخلق لحالات موسيقة متداخلة بسبب رومانسيتها وغنجها من اجل رصّ النشيج الشعري رصّا ينبعث منه حالات شعورية ودلالية تعضّد من تماسكه وتبعث فيه حركية مستمرة .

أنا كبرياء البنفسج
حين يكسر الحداد ،
وأنا الأصفر العفيف
حين أزواج حامض الليمون
ليطرد أرض الزرافة
من خجل البني .

تحاول الذات الشاعرة ان تستعرض جمالها وفتنتها من خلال ذكر الالوان المتعددة وكأنها قوس قزح , فكل مقطع نصّي هنا سيكون فيه لون معين , له ماله من دلالات , حاولت الذات الشاعرة من خلال هذا الالوان التلميح الى وجودها , انها حالة من التفاوض المعلن مع الذات الاخرى للوصول الى حالى الاستقرار والهدوء والعيش في نعيم وسلام والتخلّص من هذه الصراعات المحتدمة .


أنا المرقط الأفعى
لبيض النعام .
أنا خجل البرتقالي
من شفاه المشمش .
أنا غضب الأحمر
على طربوش السلطان
انّ ذكر الالوان وتكرارها / الاحمر / الاسود / الوردي / الكحلي / البنفسج / الاصفر / البني / البرتقالي / لها دلالات نفسية وصورية حسّية ملوّنة , فمنها ما يرمز الى التحذير ومنها ما يرمز الى الحبّ والهدوء والدفء وسموّ الاخلاق ومنها ما يبعث على الاطمئنان والامان ومنها ما يدل على الوضح التام او الغموض في نفس الوقت ومنها ما يدل على قوة الشخصية وتماسكها وثقتها ومنها ما يدل على رقّتها وعذوبتها ومنها ما يدل على المعنويات المرتفعة واحترام الذات والتفاؤل او الخوف والقلق ومنها ما يدل على تماسك الشخصية وحزمها . كل هذه الالوان شكّلت لنا صورا حسّية فتحت لنا آفاقا جديدة في إعادة قراءة النصّ وفتحت امامنا ابوابا للتأويل هذا من جهة , ومن جهة اخرى استطاعت الشاعرة ان تستحضر بعض الفواكه مثل / الدراق / الكرز / التفاح / الموز / الليمون / والمشمش / وتزرعها داخل نسيجها الشعري فجاءة ناضجة لذيذة جعلت من النصّ بستانا زاخرا بالحياة والأنوثة , ان تكرار كل هذه الفواكه فيها من الدلالات الايروسية ما وهب النصّ حيوية مستمرة , هذه الفواكه تشير من بعيد او قريب الى انوثة الذات الشاعرة ولطعمها اللذيذ وملمسها المثير الناعم وطراوتها وقسوتها , هذا التنوع في الفواكه انما يدل على شبقية الذات الشاعرة وما هي الا بعضا من صفاتها عكستها من خلال هذه الفواكه المتنوعة . فجسد الانثى زاخر بكنوزه الهامدة , ولكن متى ما لامستها اعواد الثقاب تدفقت بالعطايا على شكل نصوص راعشة مدهشة جاءت على شكل صور حسّية ذوقية ذات دلالات من خلالها استطعنا الولوج الى نفس وفكر الشاعرة : سهى سلوم .



#كريم_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذات وحضور الذات الأخرى في نصّ الشاعرة : رحمة عناب (( سرمدي ...
- جمالُ صوت المرأة في السرديّة التعبيريّة بقلم : كريم عبدالله ...
- الأوتوبيوغرافيا في مَزاغل قيس مجيد المولى سياحةٌ في ديوان ( ...
- جمالُ صوت المرأة في السرديّة التعبيريّة بقلم : كريم عبدالله ...
- اللغة الصوفية في السردية التعبيرية بقلم : كريم عبدالله .. بغ ...
- قراءة في همرات شوارسكوف للشاعر كريم عبد الله بقلم : جون هنري ...
- ملامح اللغة العذبة في سرديات الشاعر : نصيف علي وهيب. بقلم : ...
- الرساليّة في السرد التعبيري البوح التعبيري في قصيدة الشاعر : ...
- الانزياحُ والتّغريبُ في ديوان (سلامي لكَ مطرًا) / للشّاعرة: ...
- قراءة نقدية بقلمي رشا السيد أحمد قصيدة سردية للشاعر كريم عبد ...
- الإيحاء والتجلّي في بناء القصيدة السردية التعبيرية بقلم : كر ...
- جمالُ صوت المرأة في السرديّة التعبيريّة بقلم : كريم عبدالله ...
- التعبيرية القاموسيّة بقلم : كريم عبدالله ..بغداد 19/2/2019 . ...
- اعلان عن ( قصيدة النثر العراقية)
- إضاءة على نصّ الشاعرة : نيسان سليم رافت ... نص غير مكتمل . ب ...
- جمالُ صوت المرأة في السرديّة التعبيريّة بقلم : كريم عبدالله ...
- جمالُ صوت المرأة في السرديّة التعبيريّة بقلم : كريم عبدالله ...
- صالون أدبيات بغداد
- جمالُ صوت المرأة في السرديّة التعبيريّة بقلم : كريم عبدالله ...
- جمالُ صوت المرأة في السرديّة التعبيريّة الرسالية في السرد ال ...


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - اللون في الصورة الحسيّة في نصّ (غضب الأحمر ) للشاعرة : سهى سلوم - سوريا بقلم : كريم عبدالله .. بغداد – العراق .