أحمد موسى قريعي
مؤلف وكاتب صحفي سوداني
(Ahmed Mousa Gerae)
الحوار المتمدن-العدد: 6227 - 2019 / 5 / 12 - 16:02
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
يوميات الثورة السودانية.. الحل في البل (15)
أوقفوا التفاوض مع الإنقاذ
أحمد موسى قريعي
الوضع الطبيعي هو أن المجلس العسكري ليس جزءا من لعبة الحكم والسياسة، لكن الثورة والظروف هما من وضعاه حجر عثرة في طريق الثورة والدولة المدنية التي نُريد، كما أن المفاوضات التي قادتها قوى إعلان الحرية والتغيير معه قد أعطته "العشم" وجعلت منه صاحب حق. مع أن الحقيقة غير ذلك وهي أن العسكر انقلبوا مرتين على "رأس النظام" من أجل حفظ النظام كاملا بكل مرتكزاته ومؤسساته الإقتصادية والأمنية والعسكرية والاعلامية. وأكلنا نحن تلك "البالوظة" التي أكل منها الفريق "حميتي" حينما جعلونا نتوهم أن جيشنا الوطني قد انحاز إلينا، والحقيقة أن هذا الجيش قد تم اختطافه وخداعه مثلنا تماما من قبل قيادة الجيش التي تدين بعقيدة "الولاء والبراء" لنظام الإنقاذ.
لا أريد أن أسبق الأمور وأبدو متشائما، لكن شيئا ما في داخلي يشدني ناحية "التشاؤم" وربما اليأس، ويجعلني أقول من المستحيل أن يضحي "عسكر البشير" بالنظام بعد أن ضحوا برئيسه وحلوا مكانه حلولا كيزاينا معقدا، سيجعلنا نخسر كثيرا في مستقبلنا الآني المنظور. لذلك لا تجدي المفاوضات مع هذا المجلس نفعا وإنما تطيل من أمد الأزمة الثورية الماثلة الآن.
إن التفاوض مع النظم الدكتاتورية في الغالب لا يصل إلى نهايات آمنة ومطلوبة ومأمولة، لأن هذه النظم ليست لها أخلاق تفاوضية يمكن أن نلزمها بها، لأنها لا يوجد لديها ما تخسره.
لذلك يا سادة لا تتفاوضوا مع هذا المجلس وتعطوه الشرعية التي يبحث عنها، وتعاملوا معه كمغتصب للسلطة وسارق للثورة، وأنه عقبة من العقبات التي تحول دون انتقال السودان إلى الفترة الانتقالية الثورية، ووضع الأسس والمرتكزات التي تقوم عليها الدولة المدنية التي نبحث عنها منذ فجر الاستقلال في 56.
فهذا المجلس كما قلت سابقا "امتدادا كيزانيا" وأنه سيقف "شوكة حوت" أمام التداول السلمي المدني للسلطة، وسيكون في المستقبل القريب "دكتاتورا" جماعيا يمارس علينا الوصاية الكيزانية المقيتة ويجعلنا نتخبط ونتسول منه حتى "لقمة العيش". ناهيك عن الثورة وأهدافها، وعن الحرية والسلام والعدالة ودولة القانون والمواطنة.
لقد ارتكبنا خطئا استراتيجيا لا تغفره لنا الأجيال القادمة عندما جعلنا المجلس العسكري جزءا أصيلا من الثورة، لأننا بذلك قد وضعناه فوق رقابنا وأعطيناه عمرا جديدا يضاف إلى عمر الإنقاذ الثلاثيني، والآن علينا أن نتدارك هذا الخطأ ونعمل على تصحيحه قبل فوات الأوان. فأنا لا أتصور ومعي ملايين الثوار أن نضع "أحمد" في مكان "حاج أحمد" ونقول قد نجحت ثورتنا.
(لابد من فعل ثوري يعيد الأمور إلى وضعها الطبيعي)
[email protected]
#أحمد_موسى_قريعي (هاشتاغ)
Ahmed_Mousa_Gerae#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟