|
لنكتب عن قطاع غزة (3)
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 6226 - 2019 / 5 / 11 - 04:13
المحور:
القضية الفلسطينية
إن ما يتناهى إلى العلم عن معاناة سكان قطاع غزة يوحي بأننا حيال سيرورة غايتها النهائية التخلص من مجموعة من الناس الفلسطينيين ، هذا ما جعلنا نقارن القطاع بغيتو فرصوفيا الذي أقامه الالمان ، اثناء الحرب العالمية الثانية لكي يتخلصوا من مجموعة من الناس اليهود . و لكن لا يبدو أن المقاومين في القطاع يائسون ، و الدليل على ذلك أن جميع محاولات الإسرائيليين لنزع سلاحهم باءت حتى الآن بالفشل ، فلقد أثبتت حرب الأيام الخمسة الأخيرة أنهم ليسوا لقمة سائغة ، كما يمكننا أن نتصور ،استنادا إلى ميزان القوى بين قوات المستعمرين من جهة و بين " المعذبين " في أرض قطاع غزة من جهة ثانية ، قياسا بالمعيار المادي فقط ، أي بكمية و نوعية السلاح الذي يمتلكه الإسرائيليون . ينبني عليه أن الذين أخفقوا مرة بعد أخرى في نزع سلاح المقاومين الفلسطينيين في قطاع غزة ، سيلاقون على الأرجح صعوبات أكبر في لبنان ، و في سورية و العراق ، و في أيران على وجه الخصوص ، و العكس في اعتقادي صحيح ، أي أن من يستطيع نزع الصواريخ الإيرانية لن يعجز عن إخماد جذوة المقاومة ضد المشروع الأميركي ـ الإسرائيلي في البلدان السورية و في بلاد ما بين النهرين. ما أود قوله هنا هو أنه لا مفر من الاعتراف بأن المقاومة التي تعترض منذ سنوات 1980 ، المشروع الأميركي ـ الصهيوني في البلدان التي أشرنا إليها ، تتمثل بشبكة تمتد من قطاع غزة إلى إيران. هذا يقودنا ، بصرف النظر عن مواقفنا السياسية و ميولنا الفكرية و العقائدية ، إلى التساؤل عن طبيعة هذه المقاومة التي يحسب حسابها الأميركيون و الإسرائيليون و بعض الدول الأوروبية أيضا ، بعد سقوط النظام الرسمي العربي نهائيا ، فوصموها بالإرهاب و فرضوا على أصدقائهم و أتباعهم مقاطعتها و مضايقتها و محاربتها ، في كل مكان من هذا العالم ، ضمنا في البلدان التي غزاها المستعمرون مثل لبنان أو الواقعة تحت الاحتلال مثل فلسطين . بتعبير آخر ، إن أعداء المقاومة اللبنانية كثيرون في لبنان و أعداء المقاومة الفلسطينية كثيرون أيضا في فلسطين . أنا لا أقصد هنا طبعا ، الخصوم السياسيين ، أو المعارضين . ولكن من المعلوم في هذا الصدد أن نوعا من العلاقة العلنية أو السرية ، المباشرة و غير المباشرة تربط أعداء المقاومة في البلدان العربية ، بالولايات المتحدة الأميركية و الدول الأوروبية المجرورة بالقاطرة الأميركية ، حيث استطاعت هذه الدول الغربية أن تحرضهم أحيانا على المقاومة في بلادهم و تدفعهم إلى مشاغلتها و افتعال صدامات عنيفة معها . و لا بد في إطار هذه المقاربة من التوقف عند ميزة فارقة لدى الفريقين ، كون المقاومين وأعدائهم يعلنون تمسكهم بالدين , إذ يستوحي المقاومون تجربة الثورة الإسلامية الإيرانية حيث أن من دروسها، كما يقول الباحث و الناشط الفرنسي أوليفيي روا (En quête de L’Orient perdu )، أن على المؤمن أن ينخرط في خدمة الدولة و البلاد ، ما حدا به إلى اعتبار الجمهورية الإسلامية في أيران أكثر الدول المشرقية علمانية . و في المقابل يبرر أعداء المقاومة عداوتهم لها باسم الدين أيضا ، بمعنى آخر هم لا يقبلون أن يتصدى لمقاومة للغزاة و المستعمرين أناس اختاروا السير على نهج الثورة الإسلامية في إيران ، ففضلوا التضحية بالدولة و البلاد حفاظا على " الخلافة " . هذا يذكرنا بما ورد في كتاب صادق جلال العظم ، ذهنية التحريم ، عن الشيخ المصري متولي الشعراوي، أنه سجد لله ركعتين فور علمه بالهزيمة العربية في حزيران 1967 ، مبررا ذلك بقوله " لو كنا انتصرنا لكنا قد فُتنّا في ديننا من الشيوعية " . لا جديد في العالم العربي حيث يتحول الصراع ضد المستعمر في كثير من الأحيان إلى اقتتال بين المقاومين الوطنيين من جهة و بين المتعاونين مع المستعمر من جهة ثانية
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لنكتب عن قطاع غزة (2)
-
لنكتب عن قطاع غزة
-
الصهيونية حركة قومية إحتماعية أوروبية
المزيد.....
-
بعد إعلان حالة التأهب القصوى.. لماذا تشعر اليابان بالقلق من
...
-
-روتانا- تحذف أغنيتي شيرين الجديدتين من قناتها الجديدة على ي
...
-
منطقة حدودية روسية ثانية تعلن حالة الطوارئ مع استمرار تقدم ا
...
-
كييف تتحدث عن تقدم قواتها في كورسك وموسكو تعلن التصدي لها
-
هاري كين يكشف عن هدفه الأبرز مع بايرن ميونيخ
-
منتدى -الجيش - 2024-.. روسيا تكشف عن زورق انتحاري بحري جديد
...
-
وزير تونسي سابق: غياب اتحاد مغاربي يفتح الباب للتدخلات الأجن
...
-
أيتام غزة.. مصير مجهول بانتظار الآلاف
-
سيناتور روسي يؤكد أن بايدن اعترف بتورط واشنطن في هجوم كورسك
...
-
حصيلة جديدة لعدد المعاقين في صفوف القوات الإسرائيلية جراء حر
...
المزيد.....
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
-
الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية-
/ ماهر الشريف
-
اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا
/ طلال الربيعي
المزيد.....
|