أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عذري مازغ - -قفة- البؤس وأجمل ملكة جمال في العالم















المزيد.....

-قفة- البؤس وأجمل ملكة جمال في العالم


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 6224 - 2019 / 5 / 9 - 19:54
المحور: كتابات ساخرة
    



دولة تتصرف كرجل غني يصدق من ماله الخاص، دولة شخص ممسوح عنها كل ما يرمز إلى دولة مؤسسات، دولة تختزل كل هالتها في ميزاج شخص بعينه، شخص يأكل، يشرب، يزني، يغتني ويلبس جلبابا أبيض ليوزع الفطرات في المناسبات الدينية ليبارك له الفقراء عطاءه، جلباب أمازيغي تمسخ، تحول من رمز للبطولات والفروسة والكرامة والعزة بالنفس إلى زي كاهن يلبسه كل منافق... أصبح رمز دولة تتصرف كرجل ينتمي إلى العصور الكهنوتية.. دولة تتصرف مع الفقر كما لو انه لايعنيها بحيث تتحرك بوزاع أجر ديني متوقف على ميزاج شخص فرد متدين لا يشعر بالفعل بالجوع،لا يشعر بما يشعر به الفقراء بالفعل إلا في شهر صيام، أصبح شهر رمضان في المغرب ضرورة على شعب الفقراء ان يبتدعوا أسسا جديدة له، عليهم كلما شعروا بالجوع ان يعلنو في كل مرة صوما جديدا ليشعر بهم الأغنياء وتشعر بهم الدولة كيما تتحرك عواطفها الدينية النبيلة وتمأسس عطاياها الذليلة، على الشعب الفقير أن يعلن الصيام حين تشرف القفة على الإنتهاء لتعرف الدولة المزاجية أن الفقر حالة دائمة وان تفكر في طريقة ما لتوزيع قفة اخرى، على الفقراء أن يكثروا من أشهر رمضان، وان يراقبوا الهلال عبر مدار السنة وعليهم كل مرة أن يعلنوا صوم شهر جديد.. عليهم أن يعلنوا صوما آخر كل مرة شعروا ان الدولة لا تشعر بجوعهم، عليهم فعل ذلك لعل الدولة هذه المرة ستفكر في مأسسة القفة وتصبح شأنا حكوميا
في كل مرة يحضرني أن أصف كيف تتصرف الدول الأخرى في روي جوع فقرائها، في الدول العلمانية التي لا تدين قفتها، بل لديها قفة ممأسسة بالفعل، لكن في كل مرة ألعن في نفسي هذه المقارنات، أصبح عيبا أن تشهر في كل مرة نموذجا للمقارنة لأن القائمين على فاكهة الوقت في المغرب ليس لهم عقل مقارنة بل عقل مزاجي يتحرك بالدين.. لذلك على فقراء المغرب أن يعلنو في كل مرة رمضان جديد، على الشعب الفقير أن يزايد على الأمم الأخرى في الصوم لكي يزايد أغنياؤه في العطاء.
الوجه الآخر لفقر التدبير في "القفة"، وبالإبتعاد عن المقارنة المشؤومة كما أسلفت، هناك غياب للإبداع في سيرورة "القفة" الرمضانية، كم خبيث ان تتساءل حول "القفة" وتوقيتها، وأخبث أكثر أن تتساءل لماذا هي فقط في رمضان؟ ولماذا ذاكرة المغرب الرسمي في الفقر تتم فقط في الشهر المبارك؟ ولن نجادل طبعا أن الشهور الأخرى ليست مباركة وليست أيام الله، بل حاشا لله في الأمر : كل الأيام هي ايام الله، لكن الفقر له أيام صوم هي حين يشعر الأغنياء بعد مضي سنة أن هناك فقراء! يعني عندما يجوع الأغنياء
هل هذه قاعدة للتعريف بالفقر؟ (بالتاكيد ليست، لكن هذا مايراد من خلال سياسة "القفة")
في المغرب يشعر أغنياؤه بجوع الفقراء في رمضان فقط!!!
هنا لا نتكلم عن الدولة التي في التعريف الأكاديمي تحاول أن تكون محايدة، نحن هنا نتكلم عن مسألة مشخصنة جدا بشكل طبقي: نتكلم عن أغنياء وعن فقراء، وبشكل ما غياب الدولة كمؤسسة للعلاقة حيث يصبح الفقر مشكل خاص ويصبح الغني متضامنا بالمزاج، أي حين يشرب جعة، أو ينفح غبرة مخدريستطيع أن يتنازل عن انانيته ويصدق بدون رقيب لدرجة أن زوجته التي هي الدولة في هذه الحالة تخبره أنه بالغ في الإسراف بسبب التخدير (سكرتي بزاف أولليتي كاتصدق بزاف: سكرت كثيرا وأصبحت تصدق أكثر من اللازم، وهو يرد عليها مخمورا: عادي جدا، مرة يجب ان نكون إنسانيون وليس وحوش على طول): هذا هو شهر رمضان! هو تخذير يسرف فيه السكارى كثيرا، رمضان ليس أكثر من جرعة جعة أو حفنة كوكا يعيش فيها الغني تلقائيا ويشعر أنه ليس وحيدا وانه في حاجة إلى من يسمعه، إلى من يقبل هديته او قفته...! (السكر هو الخروج عن حالة الحزم عند الفرنسيين، ورمضان القفة هو حالة طلاق من حزم البخل البورجوازي ).

أصبحت "قفة" رمضان في المغرب تقليدا رائعا لا يقارن، إنها التعبير عن "سرط" (تجرع بالعربية الفصحى) دولة بأكملها وبأعضاء حكومتها المساكين الذين لاحولة لهم ولا قوة برغم طيبتهم الدينية وسحنتهم النفسية التي توحي بالصدقة: حكومة متسولين، الحكومة لا تملك حلا سحريا للفقراء، لكن القائم بأمر الله في الدولة يملك بركة المنح: يملك "قفة"، ثم يملك أيضا كفنا للموتى في حوادث مؤلمة، لكن الشيء المؤلم بكل جد، هو أن هذه "القفة" برغم طيبوبتها الجميلة والرائعة، لم تحظى بحسن التنظيم ، كان على الحكومة المسكينة ان تتفتح في "القفة" على الإستثمار الأجنبي أيضا، كان عليها أن تنظم لها مهرجانا وطنيا ودوليا لإدخال المواد الأجنبية "الصعبة" على مقاس "العملة الصعبة"، كان عليها أن تنظم عروضا مذهلة في التسول وتقيم مباريات في الجمال لاختيار أجمل ملكة جمال متسولة في المغرب، وربما لأننا نحن السباقون في التنظيم، ستكون ملكة جمال كل متسولات العالم، لم تفكر الحكومة "المسكينة" وهي بالفعل مسكينة لأنها لا تتقن الإبداع في أن تستثمر في "القفة" ليكون لها صدى دولي وعالمي: أن تكون "القفة" المغربية "باروك" يشفي من الفقر ويتحول الآمر بالله في المغرب إلى ولي صالح لكل زمان حين يموت، يشفي من الفقر لمجرد زيارته، بهذه الطريقة تكون حكومتنا قد خلقت حجا جديدا يأمه الفقراء والمتسولون من كل حدب للإستشفاء بإحسان "القفة".. يجب أن نكون مبدعين أكثر من الفرنسيين الساحرون باللغة، الفرنسيون الذين يختارون اسما جميلا لجبنة عادية في إفريقيا وتصبح جبنة فرنسية خالصة.
الأغنياء لا يصومون بل يتصدقون في شهر الصيام، يصومون بأداء الفطرة او "القفة"، هذه هي الحقية المطلقة بالنية ولن أدخل في جدل الإيمان الحقيقي والإيمان بالندم أو الإيمان ب"القفة" التي هي وخز ضمير الأغنياء حول محيطهم: وخز ضمير السارق لأرزاق الآخرين!
أصبحت "القفة" واجب مزاجي، سكران يحب الخير وقت سكره، يزيح "كربطته" (مسطلح إسباني يعني ربطة العنق) التي تميزه ليتساوى مع القطيع، يزيح تميزه لكي يكون أي شخص: "المال مال الدنيا" لا ينفع في الآخرة، وعليه كل ما يؤطرنا هو فكر ديني مناسباتي وليس فكر إنساني!
لن اتكلم في شهر الصيام على ان أكبر دولة مصدرة للسردين في العالم، سكانها يشترونه بنفس ثمن بيع في أوربا وعلى ان الطماطم في المغرب المصدر لها هي بنفس الثمن في المانيا المستقبل لها ...






#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من حكايا المهجر
- تساير عصية على الموت
- مشكل اللغة مرة أخرى
- حسين مروة
- حول الإسلام المثالي
- لا أومن بإله يهتم اصلا بأخطائنا
- مهدي عامل الرائع
- كلمة شكر إلى الأستاذ سعيدي المولودي
- يسار البؤس
- دائرة المشردين -مريم ملاك-
- جمال خاشقجي ومثلث بيرمودا
- الغاشيات
- اشكالية اللغة العربية هي إشكالية طبقية وليست عجز في اللغة (م ...
- اللغة المغربية وخرافة الخدش للحياء العام
- الكلب المهجور
- حول عمل التنسيقيات والمنتديات الاجتماعية
- جار القردة
- حول عسكرة الحسيمة
- ماركس في المغرب، لم يمت بعد!
- سكت دهرا فنطق كفرا


المزيد.....




- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عذري مازغ - -قفة- البؤس وأجمل ملكة جمال في العالم