أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - صيام رقم واحد














المزيد.....

صيام رقم واحد


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 6223 - 2019 / 5 / 8 - 21:10
المحور: كتابات ساخرة
    


صيام رقم واحد


يبذلُ البعضُ ، وأنا منهم ، جهوداً جبّارةً من أجل البقاء صائمين "مُحتَسِبين" ، ولو لمدّة أربعِ وعشرين ساعة ، لعلّ الله يغفرُ لهم ، بعضاً ممّا تقدّم من ذنوبهم ، مع أجزاء بسيطةٍ ممّا تاخّرَ منها ، كُلّما كانَ ذلك مُمكناً.
غير أنّ الأمرَ لا يجري دائماً بهذه السهولة.
فما أنْ تخرجَ من البيتِ للعملِ صباحاً ، و تبتعِدَ أمتار قليلة عن الباب ، حتّى ترى أحدهم وهو يفعلُ شيئاً ، أو يقولُ شيئاً ، يجعلكَ تفطِرُ على الفور ، ولم تمضِ سوى ساعاتٍ معدوداتٍ على "إمساكك" المُقدّس.
حسنٌ .. أنتَ صائمٌ بالقوّة المُسلحة ، وتحتَ ضغوطٍ شديدة تزدادُ قسوةً وصرامة مع تقدّمكَ بالعُمر .. وإذا برجلٍ سمينٍ "مربوع" ، أكبرُ منكَ سنّاً ، وأطولُ منكَ بمترٍ على الأقلّ ، يخرجُ من باب بيته بـ "الفانيلة" و"اللباس"(فقط لا غير) ، وكرشهُ الشاسع يتدلّى تحت صدره وصولاً الى ماتحتَ خصره ، ليضع كيس "الزبل" في حاوية النفايات ، وسط الشارع .
طبعاً أنتَ لن تسكتَ على "مُنكرٍ" كهذا ، فتُعلّقُ على المنظر بما تشاء من السَباب "الكرخيّ" الأصيل .. ويطيرُ صيامكَ على الفور .
أحياناً يمتدُّ قبول صيامكَ الى الظُهر .. فيأتي صائمٌ آخرُ في مكان العمل ، ويُقدّمُ لك جرداً بسيّئات العاملين معك ، منذُ هبطوا من بطون أمّهاتهم ، وإلى هذه اللحظة. وبعد صبرٍ كصبرِ أيّوب ، و"اللهم إنّي صائم" ، وغيرها من الآيات البيّنات ، تضطرُ أن تقاطعهُ بقولك : أكَلّكْ إنته ليش متنجب ، وتكرمنا بسكوتك .. فيُقاطعك قائلاً : أيّباه .. وهاي من اشوَكِتْ حضرتك صار مؤمن ؟ فتردُّ عليهِ السلامَ بأحسن منه .. ويطيرُ صيامكَ على الفور .
أحياناً يمتدُّ صيامك إلى ماقبل مدفع الإفطار بلحظات .. فأنتَ تُريدُ أن تسمع "أذان" المغرب لتفطِرَ من خلال التلفزيون .. وإذا بكُلّ قناةٍ "تؤذّنُ" لصلاة المغرب على هواها .. وهكذا تشربُ أوّل "خاشوكة" شوربة مع أوّل قناة تُصادفها على الشاشة ، لتجد في القناة التي تليها رجلاً ما يزال يقرأ القرآن ، ويبقى يقرأ لمدة ربع ساعة ، قبل أن يظهر المدفع على شاشة القناة المُباركة ، وهو يترنّحُ من هول الصدمة .. فتفطِرُ على الفور .. ويضيع عليك صيامٌ مؤبّد ، استمرّ طيلة ثلاثة وعشرين ساعة ، وخمسةٌ وخمسين دقيقة .
بعد الإفطار يذهبُ "المؤمنون" الى صلاة التراويح ، وتبقى أنت في البيت ، تُقلّبُ قنوات التلفزيون . وبينما أنت تُغافِلُ سيّدة البيت ، لترى وجهاً حسَناً ، وجسداً مُسَلْسَلاً ، في برنامجٍ "فالت" من الضوابط الشرعيّة .. وإذا بوجهٍ "موميائيّ" لسياسيةٍ "فرعونية ، يظهرُ فجأةً على امتداد الشاشة ، وهو يُرعِدُ ويُزبِد .. فيضيعُ عليكَ صيامكَ أبد الدهر .. ماتقدّمَ منهُ ، وما تأخّر .
قرّرتُ أنْ أصعدَ يوم غَدٍ الى سطح البيت ، وأدخلُ في "التانكي" ، وأصوم هناك .
هذه هي الطريقة الوحيدة للظفرِ بآخر فرصةٍ لي .. لدخول الجنّة ، وعدم الذهاب مُباشرةً الى النار .



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضانُ الذي يطرحُ الأسئلة
- كَاردينيا وطُلاّب و تَوَحُّد عائلي
- سأعود .. سأعود
- علاءُ -الدين- والمصباحُ الأمريكيِّ العظيم
- عُمّالٌ .. وعيدٌ .. و فائضُ قيمة
- عن البرّ والبحرِ والسُفُنِ العتيقةِ والسَخامِ الكثيف
- الحياةُ طويلةٌ جدّاً
- يومُ العُطلةِ صباحاً ، والتمرِ الخِسْتاويِّ العظيم
- مارسيليز فرنسي .. مارسيليز عراقي
- نملةُ الحُزنِ .. في مخزنِ العائلة
- وجوهُ النساءِ القديمات ، في الغُرَفِ الفارغة
- من الربيعِ العربيّ ، الى عبادِ الرَبِّ الصالحين
- قُلْ وداعاً أيُّها العالَم ، وأنتَظِرْ الفراغَ العظيم
- ثورة السودان الآن .. وثوراتنا السابقة
- ثقوبٌ سوداءُ .. لأمّي
- كليّات المجتمع Community Colleges ، و جامعات الشركات
- الشعبويّة ، و الشعبويّة الاقتصادية
- تلاميذي الذينَ أُريدُ أنْ أُعَلِّمَهُم الخَيال
- اطلاقُ النارِ على القِدّاح .. في نارنجةِ روحي
- منذُ الانفجارِ العظيم ، وإلى هذهِ اللحظة


المزيد.....




- ردا على صنصال وداود المتفرنسين.. روائي جزائري يهاجم -زناة ال ...
- عادات الحجيج في صعيد مصر.. أهازيج تراثية وجداريات تخلد -رحلة ...
- الحج خطوة بخطوة
- هاشم الغيلي.. منتج الأفلام اليمني يتحدث لترندينغ عن أفلامه ا ...
- وفاة الفنانة الفرنسية المخضرمة نيكول كروازي عن 88 عاما
- المخرجة السورية وعد الخطيب.. طفولة وأمومة صاغتا عدسة -من أجل ...
- رفع التمثيل الدبلوماسي بين باكستان وأفغانستان.. ماذا بعد؟
- كيف تحول التراث الشعبي المغربي إلى ركيزة ثقافية في المجتمع؟ ...
- هونغ كونغ ترحب بإقامة حفلات للموسيقيين الروس
- ما الذي يمنح السلطة شرعيتها؟ كتاب يفتح الباب لمقاربة فلسفية ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - صيام رقم واحد