|
التطورات التى طرأت على الحركة العمالية الفلسطينية
محمد يوسف دهمان
الحوار المتمدن-العدد: 1538 - 2006 / 5 / 2 - 12:04
المحور:
ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية
قبل البدء لا بد من الإشارة إلى ان هذه محاولة شخصية للكتابة عن التطورات التى حدثت خلال السنوات الأخيرة وتحديدا مع بداية هذا العقد على واقع الحركة العمالية الفلسطينية وهى لا تعكس الا رابئ الشخصي ولا تمثل راى اى جهة حزبية او نقابية وان كان البعض ممن ناقشته من المهتمين او المنخرطين فى الهم والعمل النقابي قد اتفق مع ما هو وارد خلال السنوات الخمسة الماضية برزت تحركات عمالية جديدة منها ما هو عفوي غير منظم ومنها ما تبلور كحركة عمالية احتجاجية مثل اتحاد اللجان العمالية المستقلة فى قطاع غزة ومجلس عمال الجنوب فى الخليل0 وأخرى تبلورت بأشكال تنظيمية ونقابية مثل تجمع النقابات العمالية الديمقراطية المستقلة فى الضفة الغربية0 وفى الحالتين جرى بنائها وانتخاب قياداتها العمالية وإقرار برامجها وتوجهاتها بشكل ديمقراطي ومستقل ولهذا ركزت فى تسمياتها على الطابع الديمقراطي والمستقل 0 ولنكن منصفين لم تتبلور هذه الحركات العمالية الاحتجاجية أو النقابية كتعبير عن رغبة ذاتية فى بناء أجسام عمالية جديدة لا مبرر لها ولا تعبير عن نية أو رغبة فى شق وحدة العمال وحركتهم النقابية وإنما جاءت كرد فعل طبيعي افرزه الواقع الاقتصادي والاجتماعي المأساوي الذي يعانيه العمال الفلسطينيين,إن كان بسبب فقدان اللالاف منهم لفرص العمل وتحولهم الى جيش من العاطلين عن العمل او بسبب من شروط وظروف عمل غاية فى السوء والاستغلال0من جهة ومن جهة أخرى نتاج الإهمال وعدم الاكتراث لمطالبهم من قبل ممثليهم ( اتحاد النقابات العمالية) وعدم مبادرتهم للتحرك الجاد والفاعل دفاعا لا عن حق العمال العاملين فى شروط وظروف عمل عادلة ومرضية و لا عن حق العمال المتعطلين فى الحماية من البطالة و توفير الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم0 ويمكن تلخيص هذة الظروف ب: أولا : على الصعيد الاقتصادي الاجتماعي 1- الاحتلال وممارساته الفاشية والمنافية نصاً وروحاً لقواعد القانون الدولي.. من تدمير للمنشآت والبني التحتية وتجريف ومصادرة للاراضى الزراعية..الى إغلاق وحصار اقتصادي وعسكري, وتقطيع أوصال المدن والقرى الفلسطينية بما يعنيه ذلك من عقاب جماعي وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان الفلسطيني وبشكل خاص حق حرية الأشخاص والبضائع في الحركة والتنقل. إن هذة الإجراءات الاحتلالية أدت الى انعكاسات ونتائج خطيرة على الشعب الفلسطيني عامة والعمال الفلسطينيين خاصة, ولعل من أبرز الآثار وأكثر النتائج خطورة وبشاعة على العاملين, هو فقدانهم لحقهم في العمل والرزق وبالتالي قوتهم اليومي, حيث ارتفعت معدلات البطالة بشكل مخيف وخصوصا فى أوساط العمال فى قطاع غزة (50.5%) وهذا يعني أن عدد هائل من العمال قد فقدوا فرصه عملهم و تحولوا إلى جيش العاطلين عن العمل. إن ارتفاع معدلات البطالة بهذه الصورة البشعة والتي لم يعرفها تاريخ المجتمع الفلسطيني لم تعنى فقدان العامل لحرية اختياره للعمل وبشروط عادلة ومرضية فقط بل وغدا مستعدا للقبول بأي عمل وبأي شروط مهما كانت ظالمة ومجحفة,ان كان بالنسبة للعمالة داخل الخط الأخضر حيث تنكر السلطات الإسرائيلية لحقهم في الأجر وفي الحماية من البطالة- ورغم أنها تستقطع من أجورهم نفس النسبة التي تستقطعها من أجور العمال الإسرائيليين الذين يتمتعون مقابل هذه الاستقطاعات ب ( 13 حق ) منها الحق في الحماية من البطالة, إلا أن العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل محرومين من هذا الحق, ومن اغلب الحقوق الاجتماعية الأخرى التي يتمتع بها العامل الإسرائيلي. ومن الطبيعي أن يؤدى ارتفاع معدلات البطالة وتدنى الأجور إلى ارتفاع معدلات الفقر والإملاق فقد ارتفعت من20% قبل الانتفاضة لتصل إلى 67.6% في صفوف العاملين ، وبلغت نسبة الأسر التي تعيش تحت خط الفقر 71.9% من مجموع الأسر الفلسطينية، وترتفع النسبة أكثر في قطاع غزة حيث تعيش (83% ) من الأسر في قطاع غزة تحت خط الفقر.
2 - استغلال أصحاب العمل لارتفاع معدلات البطالة والفقر وغياب الرقابة على تطبيق قانون العمل وعدم تفعيل القانون فيما يخص الحد الأدنى للأجر, دفع العمال للقبول بمبدأ خفض أجورهم لتوفير ولو جزء من الحدود الدنيا من متطلبات ومقومات الحياة الضرورية، وليس العيش الكريم، حيث ارتفعت نسبة الذين يتقاضون أجوراً دون مستوى خط الفقر إلى ( 59.4%).كما دفعهم للصمت على زيادة أصحاب العمل لمعدلات استغلال العمال إن كان فى الأجور و زيادة ساعات العمل أو فى عدم توفير شروط الصحة والسلامة المهنية والتي أفضت إلى انتشار أمراض المهنة وإصابات العمل وحتى الموت في أماكن العمل..أو في تحايلهم على حقوق العمال فى الأجازات ومكافآت نهاية الخدمة....الخ.
3 - سياسة السلطة فعدا عن أنها لم تبادر منذ قيامها لوضع سياسات اقتصادية تستهدف فك التبعية وتقليص الطابع الخدمي لصالح الطابع الانتاجى والتصنيعي, ولم تتخذ التدابير الأزمة لمقاومة ومجابهة الإجراءات الإسرائيلية وتخفيف الآثار المدمرة التي يعانيها العمال وبشكل خاص الحد من انتشار البطالة والفقر والتجهيل فى صفوف العمال.وعدا عن رفضها لإقرار الحق فى الحماية من البطالة, وعدم الرقابة على تنفيذ قانون العمل..الخ , فأنها- السلطة – تجاهلت مطالب العمال المشروعة, وان استجابت لبعضها فهي استجابات أنية مؤقتة وغير مدعمة بقانون رغم أن بعضها يكفله القانون كما هو الحال في الرسوم المدرسية حيث ينص على مجانية التعليم الاساسى. وبالمقابل استمرت وتفشت مظاهر الفساد والمحسوبية وعدم المسائلة وغياب سلطة القانون والتي أول وأكثر من يتضرر منها العمال والفقراء, والانكى من ذلك إقدامها- فى ظل هذا الفقر المدقع- على رفع أسعار المواد التموينية الأساسية بدل دعمها, وملاحقة العمال الفاقدين لاى مصدر دخل لتسديد فواتير الكهرباء والماء, وتسديد الرسوم المدرسية تحت اسم تبرعات مدرسية. إن كل ذلك (ممارسات الاحتلال بدرجة أساسية واستغلال أصحاب العمل وسياسات السلطة) عمق من الأزمة التي يعيشها العمال وبات يهدد قدرة عمالنا على الصمود أمام ضغوط الحياة اليومية المعيشية الاقتصادية والاجتماعية. سيما وانه ترك آثاره السلبية على مجمل الأوضاع الصحية و التعليمية والسكنية للأسر الفلسطينية, حيث: 1- ما يزيد عن 60 % من الأسر الفلسطينية يعاني من صعوبة الحصول على الخدمات الصحية. 2- يعاني ما يزيد عن 90% من الأطفال الفلسطينيين من تجربة ما بعد الصدمة النفسية, ويختبر حوالي 35% من الأطفال أعراضاً شديد للصدمة النفسية. 3- 35 % من الأسر الفلسطينية تواجه نقص في الحصول على الغذاء 4- حوالي 38% من الطلاب الجامعيين ليس بإمكان معيليهم دفع رسومهم التعليمية. 5- زيادة انتشار ظاهرة تسرب الأطفال من المدارس بنسب متفاوتة حسب المرحلة والجنس. 6- ما يزيد عن 68% من الأسر الفلسطينية غير قادرة على تسديد فواتير المياه والكهرباء و قد أدى ذلك إلى تراكمها كديون بفوائد على هذه الأسر.
ثانيا - على صعيد أطرهم التمثيلية جاءت هذه الإحداث فى تفاقم الأزمة التي تمر بها الأطر والنقابات العمالية ليس فقط بحكم طبيعة نشأتها- كإفراز لواقع تشرذم وضعف بنية الطبقة العاملة الفلسطينية- وظروف تطورها وعدم استقلالية وديمقراطية بنيتها وانغماسها في الهم الوطني العام على حساب الهم الاقتصادي والاجتماعي المطلبى والنقابي والذي تشكلت أصلا من أجلة, وإنما أيضا بسبب: 1 - أزمة الأطر والنقابات العمالية كانعكاس لازمة القوى السياسية التابعة لها حيث انحصار عضويتها وتراجع دورها وتأثيرها ولعل السبب الرئيسي يعود لعلاقة التبعية شبة المطلقة في علاقتها مع أحزابها وعدم وجود استقلاليه واسعة ولا أقول مطلقة لا فى اختيار قيادتها من داخلها ولا في إقرار مواقفها وسياساتها0 2 - أزمة اتحاد النقابات العمالية ليس كتحصيل حاصل لازمة النقابات العمالية المكون منها بوصفه مبنى على أساس الكوته الحزبية فقط, بل وبفعل سياسة الهيمنة والتفرد من قبل حزب السلطة على الاتحاد0 ولقد كان لذلك انعكاساته فى علاقته مع العمال وعلى دورة فى التعاطي مع قضاياهم وعلى سبيل المثال لا الحصر: • التنسيب للعمال يتم فى النقابات على أساس الانتماء والتمييز فى العضوية – عضوية نقابه معترف بها للمنتمى للحزب المعنى وعضوية مساعده وغير معترف بها فى النقابات للغير منتمين 0 • عدم المبادرة للنضال من اجل قضايا العمال ومطالبهم العادلة وحتى مهاجمة والتحريض على العمال الذين خرجوا للشوارع مطالبين بحقوقهم وتعزيز صمودهم, وبالمقابل الدفاع عن السلطة ونواقصها والتبرير بالوضع والهم السياسي العام مع أن النضال من اجل ضد الفساد فى السلطة ومن اجل حقوق العمال وتعزيز صمودهم هو الطريق الأمثل لتعزيز النضال الوطنى0 • عدم عقد المؤتمرات وتعطيل العمل بالنظام أو دستور الاتحاد وبمبادئ القيادة الجماعية • اتهامات العمال للاتحاد بالمحسوبية وعدم العدالة فى توزيع المساعدات عليهم0
كل ذلك إلى تعيق الازمه ما بين النقابات والاتحاد من جهة والعمال من جهة أخرى- خصوصا بعد كل المحاولات والحوارات التي بذلت من اجل التأثير على الاتحاد لحمل قضاياهم والنضال من اجلها- ووضع العمال أمام خيارين لا ثالث لهما إما الصمت على أوضاعهم المأساوية وبالتالي استمرار ترديها وإما التصدي لها بأنفسهم من خلال تنظيم أنفسهم لقيادة نضالاتهم تحت شعار ( ما بحك جلدك إلا ظفرك ) ودون أن يعتبروا أنفسهم بديلا للاتحاد او تشتيتا لوحدة العمال حيث اقروا بأنة ( بأنه مكتسبا عماليا على العمال الحفاظ علية والنضال من اجل تفعيلة كأداة كفاحية للعمال من خلال تعزيز الديمقراطية وصيانة الاستقلالية فى النقابات والاتحاد)0 وخلال هذه السنوات خاضوا معارك و نضالات أثمرت فى تحقيق بعض المطالب لعل من أبرزها اتفاقية العمل الجماعي التي وقعتها مثلا نقابة العاملين فى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وكذا موافقة السلطة اثر مسيرات اتحاد اللجان العمالية المستقلة على إعفاء العمال العاطلين عن العمل من رسوم التامين الصحي والمدرسي وإقرار برنامج التشغيل والرعاية الاجتماعية0هذا عدا عن نجاح تجربتهم فى بناء أجسام عمالية بشكل ديمقراطي ومستقل0
إذا كانت هذه الأسباب والعوامل هي التي أفضت إلى بروز أجسام واطر عمالية جديدة مستقلة فهل الوضع الجديد – نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية - لا يخلق مناخا لوحدتها مع اتحاد النقابات العمالية سيما وان مصلحة الطبقة العاملة تقتضى صيانة وحدتها, ولا نقول وحدة باى طريقة وباى ثمن وإنما وحدة وفق برنامج وأهداف تخدم مصالح الطبقة العاملة وقضيتها العادلة0 أم أن الوضع الجديد الذي افرزتة نتائج الانتخابات لم تغير من الواقع شيئا؟ لن تحتاج إلى ميكروسكوب ولا الى معامل تحليل لكي نرى التغيرات التي طرأت بعد الانتخابات, فالجميع يقر بان الانتخابات التشريعية الفلسطينية قد عصفت بواقع الحال الفلسطيني، وشكلت "انقلابا ديمقراطيا" في الحياة السياسية الفلسطينية, وعلية فإننا سنجافى الواقع والحقيقة إن لم نر ونقر بان هذا الانقلاب له انعكاساته ليس على بنية ومكونات الحركة السياسية الفلسطينية فحسب وإنما طال بنية ومكونات الحركة العمالية الفلسطينية وان لم تظهر نتائجها بشكل كامل بعد، لكن علينا رؤية ذلك ومن الآن. وعليه لم يعد مقبولا محاكمة الحاضر والتعاطي مع المستقبل، بذات النظرة والطريقة التي كنا نحاكم فيها ما قبل الانتخابات ونتائجها وتأثيراتها. صحيح أننا لا نعتقد بأن مجرد نجاح حركة حماس في الانتخابات ببرنامجها السياسي المقاوم والاجتماعي الاقتصادي الإصلاحي، سيفضي إلى حل مشكلات العمال وخصوصا مشكلة البطالة والفقر أو مشكلات ارتفاع حدة استغلال أصحاب العمل للعمال- مهما توفرت النوايا -، رغم إقرارنا أن الفساد والمحسوبية عامل أساسي من عوامل ارتفاع معدلات البطالة والفقر . ومحاربة هذا السبب سيخفف من معدلاتها وحتى من أثارها التدميرية على مجتمعنا واقتصادنا, بيد ان البطالة والفقر فى بلادنا لا ترتبط فقط بأسباب داخلية فقط , فنحن لسنا فى بلد مستقل وله سيادة وإنما لا زلنا سلطة وشعب محتلين والاحتلال هو القوة المتحكمة والمسيطرة على حركتنا وكل مقدرات شعبنا ولا يوجد بالأفق اى بوادر لحل سياسي يكفل حقنا فى تقرير مصيرنا وسيادتنا على أرضنا ليس بفعل رفض حماس الاعتراف بإسرائيل, وإنما بفعل موازين القوى والمعبر عنها بالموقف والسياسة الإسرائيلية والمدعومة أمريكيا ودوليا والرافضة لاى حل يكفل للشعب الفلسطيني حقوقه المعترف بها دوليا0 هذا إضافة الى الموقف الدولي الجديد والمنافى لكل الأعراف الإنسانية والمتمثل بسياسة العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني من خلال قطع لمساعدات عن الشعب الفلسطيني- بهدف تركيعة سياسيا لصالح المخطط الاسرائيلى- وهذه العقاب الجماعي سيرفع من معدلات البطالة والفقر وقد يؤدى فى حال استمراره – مع اننى لا اعتقد بأنة سيستمر _ الى أوضاع كارثية0 بكلمات لا يلوح بالأفق المنظور توفر أوضاع سياسية واقتصادية تفضي لحل مشكلات العمال وحتى لو انتهى الحصار الدولي واستطاعت الحكومة الجديدة - ببرنامجها الاصلاحى - ممارسة صلاحياتها, فستبقى الأسباب الموضوعية لازمة وتردى أوضاع العمال قائمة وموجودة وبحاجة العمال لنضال ضاري وبالتالي بحاجة لأداة كفاحية قوية موحدة وديمقراطية ومستقلة .لماذا ؟ * لان الحكومة الجديدة ليست حكومة عمالية وبرنامجها الاجتماعي والاقتصادي الاصلاحى لا يعكس برنامج وأهداف العمال الاقتصادية والاجتماعية هذا أمر طبيعي وان كان برنامجها السياسي يجد لة الدعم والتأييد * لان هذه الحكومة هي حكومة الحزب الواحد وبالتالي انتقلنا من هيمنة الحزب الواحد إلى هيمنة حزب اخر0 * لان ثمة فرق بين الشعارات الانتخابية والتطبيق وخصوصا فى الحملات الانتخابية * لان ثمة فرق وفرق شاسع بين أن تكون فى المعارضة وتطرح شعارات ومواقف وبين أن تكون فى السلطة وموقع القرار0 وحتى لو حمل برنامجها بعض أهداف العمال وحتى لو توفرت النوايا بتطبيق الشعارات فعلينا رؤية وإدراك أن الفساد ضارب جذوره وأصبح فلسفة ونمط حياة عدا ما يمتلكه رموزه من تأثير وقوة فعل لازالت تتحكم وستقاوم بشراسة كل محاولات الإصلاح ولنا في تجربة الرئيس أبو مازن مثال ( ترشح ببرنامج اصلاحى ولدية نية جدية بمحاربة الفساد)0 قد يقول لبعض طالما الأمر كذلك فما الذي تغير وهنا أقول لقد حدث تغيير وتغيير إذا ما أحسنا التعامل معه وتوحدنا من اجل تحقيقه نكون قد وفرنا للحركة العمالية أداة موحدة وقوية وبقيادة من صلبها قادرة على توحيدها فى النضال من اجل حقوقها وقضاياها ليس المطلبية الآنية فحسب ولا من اجل توفير مقومات صمودها فقط بل ومن اجل لتعزيز دورها ومكانتها فى الحياة السياسية وفى النضال الوطني من اجل الحرية والاستقلال بناء مجتمع يحترم مبادئ الديمقراطية والعدالة والمساواة0 واقصد هنا بالتغيير الذي طرأ على واقع النقابات والاتحاد هو الاستقلالية عن السلطة اى على الأسباب التي دعت لان تنشأ وتتبلور هذه الظاهرة كحركة مستقلة، وهذا التغيير لم يحدث للأسف بفعل نضال عمالنا المباشر ولا بفعل رغبة أو إرادة قيادة الاتحاد, لقد حدث موضوعيا كنتاج للانتخابات ورغم إرادة الجميع ولربما ضد رغبة البعض0 إن هذا التغيير نوعى ومن الغباء النظر لة بسطحية أو عدم دعمه وتعزيزه سيما وان : * ممثلي الحزب الحاكم الجديد بداوا يسعون للسيطرة على الاتحاد بما يعنيه ذلك من عودة الاتحاد لتبعية السلطة ومخاطر ذلك على مستقبل الحركة العمالية0 • لا زالت تأثيرات الأحزاب والقوى السياسية تفعل فعلها داخل الاتحاد وتسعى كل منها لتجييرة لأهدافها الحزبية الضيقة أو على الأقل التي لا تمثل مصالح وأهداف العمال0 طبعا لا اقصد هنا بان المطلوب هو القضاء او رفض الوجود السياسي داخل الحركة العمالية فعدا عن أنة مطلب غير واقعي فهو مطلب ضار إذا فهم منه مثلما يطالب البعض بانتفاء البعد السياسي الوطني لحركتنا العمالية , وإنما المطلوب هو الحد من التأثيرات الفئوية والصراعات الحزبية الضارة بالحركة العمالية, بمعنى رفض تجيير الحركة العمالية لأهداف حزبية لا تخدم مصالح العمال وبالعكس ينبغي العمل من اجل زيادة تأثير الحركة العمالية في برامج وسياسات هذه القوى بما يخدم مصالح وأهداف وقضايا الحركة العمالية ورويتها للمجتمع الذي تطمح في بنائة0 كما إن هذا التغيير الذي حدث على واقع الحركة النقابية العمالية ( الاستقلالية عن السطه)هو تغير نوعي وجوهري وسيترك أثاره الايجابية على كل نواقص الاتحاد ودوره لماذا: لان استقلالية الاتحاد ستعني: - عدم ركون الاتحاد على دعم السلطة له، والبحث عن الداعم الحقيقي للاتحاد، ومصدر قوته ، ومبرر وجوده، أي العودة إلي الأصل ، للعمال . - عدم خشية الاتحاد من النضال والنزول إلى الشارع بمطالب العمال وإنما العكس - تبني قضايا العمال والاستعداد الجدي للنضال من اجلها دون حرج أو تردد, - من خلال فتح باب العضوية أمام العمال وتنسيبهم للنقابات سيفتح الأفاق لتعزيز الديمقراطية وإفراز قيادات عمالية من صلب الحركة وبشكل ديمقراطي الأمر الذي سيعزز ثقة العمال باتحادهم وسيحقق الهدف الذي طالما ناضلنا من أجلة وهو بناء اتحاد عمالي قوى ديمقراطي ومستقل وثمة مؤشرات على ذلك : -عقد النقابات لمؤتمراتها بعد ما يزيد عن عشر سنوات بغض النظر عن أية ملاحظات على طريقة عقدها فان مجرد إقدام النقابات على الإعلان عن فتح باب العضوية وعقد المؤتمرات بعد إن كان ذلك من المستحيلات هو خطوة في الطريق الصحيح وعلينا إن لا نتوقع إن يتم التحول والتغيير وبشكل جذري ونوعي دفعة واحدة. - بروز قيادات عمالية جديدة كنتاج لهذه المؤتمرات وهذا يشكل دم جديد في العمل النقابي. - استجابة الاتحاد لتشكيل نقابات جديدة دون ربط عضوية هذه النقابة بالانتماء الحزبي وإنما بالمهنة. وعلى أسس ديمقراطية وهو أيضا خطوة بالاتجاه الصحيح. - إقرار الاتحاد لبرنامج نضالي عمالي يحمل هموم العمال وقضاياهم واستعداده للنضال من اجل قاضياهم وحقوقهم. إن كل ذلك يؤكد على صحة ما ذهبنا إليه دونما مغالاة حيث يتعين علينا رؤية وإدراك إن القديم في الاتحاد سيقاوم وسيحاول إفشال كل تغيير وهذا من سنن حركة التطور. إن هذا الواقع الجديد ، وما حمله من تأثيرات وتغييرات على الحركة النقابية العمالية الفلسطينية، يفتح آفاق واسعة لعملية التغيير تحت شعار ( لتعزيز وحدة واستقلالية وديمقراطية اتحاد النقابات العمالية) بما يمثله ذلك من توفير أداة كفاحية حقيقية للعمال في نضالها من اجل حقوقها، وتعزيز دورها السياسي والوطني العام وهو الهدف الأسمى الذي يطمح إليه كل مناضل عمالي حقيقي.
نقابي ومدير مركز الديمقراطية وحقوق العاملين بغزة
#محمد_يوسف_دهمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
خزريات بابل ينشدن الزنج والقرامطة
/ المنصور جعفر
-
حالية نظرية التنظيم اللينينية على ضوء التجربة التاريخية
/ إرنست ماندل
-
العمل النقابي الكفاحي والحزب الثوري
/ أندري هنري
المزيد.....
|