فاطمة هادي الصگبان
الحوار المتمدن-العدد: 6218 - 2019 / 5 / 2 - 20:33
المحور:
الادب والفن
قوقعة النورس
نورس بين الضفاف تضرب قدماه الماء مجذفا للعمق بينما يسحق منقاره الشره سميكات النهر بين نقيق الضفادع وهدل الحمام انين خافت لعلقة بين أصابعه ...
أراد ان يدفنها بمنقاره ...لكن الأنين حرك شيء فيه أعادها الى الضفة ...
رأى أحلامه تكبر في قوقعتها ...بدأ يغني لها أغنيات الصيادين في زوارقهم ..والبحارة الذين يذهبون ولايعودون ...حدثته عن حبات التراب التي يتجري في عروقها ...عن طيبة الأرض
..ذاك اللون البني كيف يستعير من الشمس بهاءها لحظة الشفق ويرسم ضحكاته على وجهها ...عن رائحة العشب التي تمنحها الحياة كلما حاول متلصص سحق روحها ...
حتى أتت حورية البحار أنبهر بأغنيات الجبال ...تاقت روحه لما خلف تلك التلال ...لأغنيات الحيتان في الجزر البعيدة فشد الرحال ...حاولت ان تثنيه...
وكان اخر اللقاء لاتذهب ريشاتك القصار لا تحتمل المحيط ...
لاتذهب ....لاتذهب
انصهر الشمع من اجنحته ...فعاد منكسرا للضفاف يبحث عن قوقعته الطيبة ..ليته استمع لها ...لقد خذله المحيط ولفظته الجبال ..سأل الأشجار والثمر ..
بقايا الحور العتيق ..اصطبغت ريشااته بأوراق الخريف ...
الا من غصن محترق دله على بيت المدخنة الكبير هناك ترقد قوقعته في قصر زجاجي ضخم تملأه الأسماك الكبيرة ...
وحيث هناك كلاب مرعبة تحرس ذاك القصر ..حاول الدخول لكن البلور مقفل...
بدأ يغني لها أغنيات النهر عندما يثور ويزبد ويعود ...لكنها راقدة هناك من كثرة البوح أسكتت الكلام .
..ردد لها أغنياته عن قسوة الحيتان في بحار الشمال الباردة..عن الحوريات الصغيرات اللاتي يتراقصن مع الدلافين ..
ظل ليال طوال يقف على نافذتها حتى حفظ البحارة اغنياته واخذوا يرددوها
كم انت بعيدة
عيناك الزجاجيتان
لا تلمسان
الضوء الذي ربط بيننا
سأذهب ، سأذهب
وكأنني قادم إليك
لن تنقطع أغنياتي
فلم يعانق روحي سواك
ماعدت اعرف
الندم أو الحزن
أنينك يدعوني للفراق
وفي الصباح ..وجد طائر ميت عند النافذة
وتحته وردة اصطبغت بالدماء
#فاطمة_هادي_الصگبان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟