|
فلسطين والبحث عن حليف
مهند عبد الحميد
الحوار المتمدن-العدد: 6216 - 2019 / 4 / 30 - 13:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كل الحلفاء الرسميين والتقليديين يظهرون عجزهم ولا مبالاتهم إزاء الاستفراد الامريكي الاسرائيلي بالشعب الفلسطيني وبقضيته العادلة . القمة العربية تمخضت عن بيان واجتماع وزراء الخارجية العرب الذي طلب منه ترجمة قرارات القمة وبخاصة تقديم شبكة أمان قدم شبكة بلا أمان وانقضى الأمر. لا يوجد تفسير للمواقف الرسمية العربية، غير التناغم مع مشروع ترامب وصفقته، بذريعة انتظار الحل الموعود، مع ان كل المقدمات والمؤشرات تعزز وجود حل مشؤوم وكارثي. الخطر لا يقتصر على "ممانعة " دعم الشعب الفلسطيني وقضيته في المرحلة الأصعب، وما يعنيه ذلك من ممارسة ضغوط ومشاركة في الحصار.، الخطر يذهب الى مستوى المساهمة في فصل قطاع غزة عن الضفة وتثبيت حكم حماس وهو جزء من حل ترامب المشؤوم. كذلك الامر فان الموقف الدولي الذي لم يوافق على مشروع ترامب وعلى تطبيقاته المسبقة، لم يمارس الضغوط عليه، ولم يضع مشاريع بديلة او لم يضع آليات جديدة لمشروع" حل الدولتين"، وقد تراجع الموقف الفرنسي الذي تميز بالمبادرة وتحريك الركود، وبهذا لم يكسر الموقف الدولي الاحتكار الامريكي للعملية السياسية في صيغتها الترمبية السافرة المتنكرة للحقوق الفلسطينية. وبقي الموقف الدولي يدور في متاهة انتظار الاعلان عن حل ترامب االمدمر للحل في شقه الفلسطيني. الانسداد الرسمي الدولي والعربي أمام حاجتنا للخلاص من الاحتلال والتحرر وتقرير المصير، يدفع للبحث عن حليف آخر. كان الرهان على التحالفات الرسمية وحدها خاطئا بحسب تجارب الشعوب. وفي تجربتنا الفلسطينية جرى الانتقال الى الاصطفافات الرسمية عربيا ودوليا بالكامل تقريبا، وتراجع او انعدم التحالف مع المعارضات ما عدا المعارضات المستأنسة من قبل الانظمة. وبمرور الزمن لم نعد نملك خيارا ثانيا وخطة ثانية ولا ثالثة. واذا كان النظام الفلسطيني مكبلا بقيود العلاقات الرسمية وغير قادر على تجاوزها، فإن حذو التنظيمات السياسية وبخاصة تنظيم فتح حذو نظامها في الذهاب الطوعي والبراغماتي الى القيود لعب دورا مكملا في استبعاد حلفاء آخرين، وفي الانعزال عن حركة الشعوب حتى وهي تنتفض وتحاول انتزاع حريتها، وتحاول تغيير المعادلات القائمة. صحيح ان انعدام الديمقراطية لدى الانظمة العربية يصعب المهمة على التنظيمات السياسية ويضعها امام خيار له اثمان إذا أرادت التغيير. فلا يوجد تغيير بدون ثمن. اي نظام ديمقراطي او نصف ديمقراطي او غير ديمقراطي لا يأخذ بمصالح شعبه بدون تدخلات وبمعزل عن ضغوط. لماذا لا تنتقد التنظيمات والاحزاب السياسات العربية التي تلحق الضرر بعملية الخلاص من الاحتلال؟ وتحديدا السياسة القطرية والسياسة المصرية الممارسة في قطاع غزة، مع العلم انه يوجد نقد من مصريين وبعض قطريين لتلك السياسات. واذا كان من المفهوم امتناع قيادة المنظمة والسلطة عن النقد فإنه من غير المفهوم امتناع حركة فتح عن النقد. واذا كان من المفهوم امتناع الاخيرة عن النقد باعتبارها حزبا حاكما، فمن غير المفهوم امتناع التنظيمات اليسارية عن النقد. الموقف لا يقتصر على الامتناع بل إن هذه القوى تتبرع بالاشادة بسياسة البلدين الممارسة في قطاع غزة. ان الامتناع عن نقد السياسة العربية المتماهية مع الموقف الامريكي يفقد فلسطين اهم عناصر بناء حليف بديل. الموقف الفلسطيني الرسمي والمعارض من الانظمة غير جاذب للمعارضات العربية وللمؤسسات التي تملك هامشا مستقلا عن الانظمة. هذا الواقع الذي تشكل مع مرور الزمن واصبح عبئا على النضال الفلسطيني وعلى اي احتجاج عربي مناهض للاستبداد والتبعية. نحن الان بحاجة الى نواة او جسر فلسطيني لعبور حلفاء جدد. مهما كانت هذه النواة ضعيفة، ستقوى مع التفاعل ومع تطوير ديناميات التحالف والنضال المشترك ضد التبعية والاستبداد والاحتلال وغطرسة القوة، تجسيدا للمصلحة المشتركة. بحاجة الى نواة فلسطينية غير رسمية، تثق بالشعوب وبقدرتها على التغيير، وتثق بأن الوضع الذي وصلنا اليه ليس قدرا لا فكاك منه. من كان يعتقد ان الشعب السوداني العظيم سينتفض ويواصل نضاله ويتمكن من عزل الطاغية البشير ويمضي في التحرر من حكم العسكر، ويرفض تدخل البترودولار والغاز دولار تحت شعار المساعدة. ومن كان يعتقد ان الشعب الجزائري سيستخلص خبرة العشرية السوداء وخبرة الانتفاضات والثورات العربية المغدورة وخبرة التدخلات المعادية لحق الشعوب في الانعتاق من براثن الاستبداد والتبعية؟ الشعبان الرائعان جددا الامل والتفاؤل بتغيير سيمتد وينتشر حيث يوجد ظلم ونهب واستبداد. لماذا لا نفتح بشكل غير رسمي مع الثورتين السودانية والجزائرية ومن قبلهما قوى التغيير الديمقراطي في تونس. على سبيل المثال لماذا لا نتضامن وندعم التغيير الديمقراطي في البلدين وتحصيل حاصل، نطالب بربط نضالهما من اجل الانتقال الى نظام ديمقراطي ودولة مدنية، بنضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال وتحديدا، رفض التطبيع واندلاق بعض الدول العربية على دولة الاحتلال والتماهي مع صفقة القرن. حرية وتقرير مصير الشعوب لا يتجزأ. وحرية الشعوب العربية والشعب الفلسطيني لا يقررها ترامب ونتنياهو ورجال الاعمال واصحاب المليارات والقوى العنصرية والشعبوية ومشاريعهم وصفقاتهم في النهب والهيمنة. كان الخبراء الاسرائيليون يخشون من الثورات العربية، اعتقادا منهم بأن هذه الثورات اذا ما حققت اهدافها ستعيد ربط القضية الفلسطينية بالتحرر من علاقات التبعية، كانوا يخشون إعادة فتح اتفاقات كامب ديفيد المصرية الاسرائيلية. تماما كما كانت الولايات المتحدة تخشى الانتقال من أنظمة مستبدة وتابعة الى انظمة ديمقراطية ومستقلة. بأن تطرح الهيمنة الامريكية على المنطقة على بساط البحث. لهذه الاسباب جرى التدخل لقطع الطريق على هذا الاحتمال. لنتذكر انتفاضة الشعب المصري ضد السفارة الاسرائيلية التي جرى تحويلها من احتجاج على الكولونيالية الاسرائيلية الى عداء لليهود كيهود من قبل الشعبويين الدينيين وغيرهم. ذلك الحدث هز العلاقات الاسرائيلية المصرية، ودفع نظام مرسي الى التأكيد على اتفاقات كامب ديفيد. لا مناص من مسعى فلسطيني يعيد ربط المصالح المشتركة، ومن الطبيعي ان تكون البداية مع قوى الثورة في البلدين الشقيقين السودان والجزائر وفي تونس، وان يعاد بناء التحالف مع قوى التغيير في كل بلد عربي غدرت فيه الثورة ام لم تغدر. لقد نجحت ال( بي دي اس) في بناء معارضة عالمية لدولة الاحتلال عنوانها المقاطعة وتحويل الاحتلال الى قضية خاسرة ، ونريد (بي دي اس) سياسية تتصدى لصفقة ترامب نتنياهو التي تستهدف اخضاع الشعب الفلسطيني. ان بقاء الوضع تحت رحمة المواقف الرسمية سيؤدي الى اختراق ما. هذا الاحتمال يستدعي البحث عن حلفاء شركاء في التحرر.
#مهند_عبد_الحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لحظة احتدام اقليمي بدون حرب
-
مديح لنساء العائلة/ قراءة سوسيولوجية للرواية
-
الثالوث غير المقدس يعيد بناء جدار الخوف
-
كانت تسمى رام الله ..صارت تسمى رام الله
-
فصل مدرسة العلوم في رام الله بتهمة شرح نظرية داروين
-
خطاب ديني : النساء فيه عدو أول
-
بين فيروز وبتهوفن
-
هل هزمت المرأة السعودية ؟
-
ضد العدوانين الداخلي والخارجي في سورية
-
عار التبرع بالدم لجيش يقتل شعبه
-
محاكمة محمد رشيد بداية مشجعة
-
مع مصر الشعب ..ضد الثنائية
-
يوم قتلت الطفولة في -الحولة-
-
من يحمي الشعب السوري ؟
-
قمة بغداد والتحدي المستحيل
-
الأدب هو الاشجع في كشف المستور وطرح الاسئلة
-
خديعة صناديق الاقتراع
-
سقط الطاغية ونظامه الجملكي وبدأت مرحلة البناء
-
الشعب يريد : محاكمة من قتل جوليانو ؟
-
الحراك الاسرائيلي .....الى اين؟
المزيد.....
-
مرتديا الكوفية الفلسطينية.. الأمير تركي الفيصل يهاجم مقترح ت
...
-
ما هي البلدان المقترحة لاستقبال سكان غزة بعد الإعلان عن خطة
...
-
نغم عيسى.. غموض حول مقتل إمرأة حامل في حمص بعد طلب فدية
-
45 ألف سنة سجن للمحتال التركي الصغير
-
اعتداء عناصر في الأمن السوري على عابر جنسياً يثير مخاوف وانت
...
-
خبراء يحذرون: تقديرات بانهيار 100 ألف مبنى في حال وقوع زلزال
...
-
في خطوة انتقامية متبادلة.. بريطانيا تعتزم طرد دبلوماسيٍ روسي
...
-
يميني وأنثوي ومزيف: الذكاء الاصطناعي يتدخل في انتخابات ألمان
...
-
القضاء الألماني يحاكم أربعة أشخاص بتهمة الانتماء إلى حركة حم
...
-
-لحد ما ترجعوا ودائع السوريين-.. وسائل إعلام لبنانية تكشف تف
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|