أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - السوسيولوجيا ليست محبوبة في المغرب (1) قراءة في حوار عالمة الاجتماع المغربية حكيمة لعلا مع جريدة ليبراسيون















المزيد.....


السوسيولوجيا ليست محبوبة في المغرب (1) قراءة في حوار عالمة الاجتماع المغربية حكيمة لعلا مع جريدة ليبراسيون


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 6213 - 2019 / 4 / 27 - 20:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في حوارها مع جريدة «ليبراسيون» المغربية الناطقة بالفرنسية بتاريخ 20 يونيو 2018، ختمت عالمة الاجتماع حكيمة لعلا *كلامها بالقول: « إن السوسيولوجيا ليست محبوبة بالمغرب»، يا ترى ما الأسباب التي دفعتها إلى الخروج بهذه الخلاصة ؟ ينبغي أن نعود إلى متن هذه الحوار الشيق لكي نستكشف ونفهم وضعية علم الاجتماع بالمغرب، وندرك أيضا لماذا هذا العلم مرفوض ومغبون ومحط كراهية منذ إغلاق معهد السوسيولوجيا عام 1970 من قبل الدوائر المخزنية التي كانت تتهم هذا المعهد في ذلك الوقت بتفريخ المناضلين اليساريين، تقول الباحثة حكيمة لعلا : « إن العلوم الإنسانية تعاني كثيرا وحديثنا سوف يقتصر على علم الاجتماع»، وتضيف : «ينبغي أن نعلم أنه عندما نتحدث عن الحضور الفاعل لعلماء الاجتماع وعن الإنتاج العلمي، يجب علينا أيضا التفكير في الميزانية المخصصة لمجالات البحث الاجتماعي (الهياكل ، المعدات اللوجستيكية ، تمويل المختبرات ، تمويل المشاريع البحثية ، تمويل التظاهرات الثقافية والمنشورات). يكفي أن نعرف أن الميزانية المخصصة للبحث في المغرب لا تتجاوز 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي، و يكفي أيضا أن نلاحظ أن إمكانيات النشر في المغرب تقل كثيراً (مجلة، مجلة إلكترونية، دور نشر ، إلخ.)»، واضح من خلال هذا القول أن العلوم الإنسانية في المغرب بوجه عام هي مجرد علوم بالاسم ليس إلا، فالحضور الفاعل لعلماء الاجتماع في مجال الإنتاج العلمي يستدعي توفير ميزانية مخصصة للبحث الاجتماعي مثل البنيات والهياكل، إلى جانب المعدات اللوجيستيكية، ولا ننسى أيضا تمويل المختبرات، وتمويل المشاريع البحثية، إضافة إلى تمويل التظاهرات الثقافية والمنشورات، كما شددت الباحثة حكيمة لعلا على أن ميزانية البحث العلمي في المغرب لا تتجاوز1 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وما يؤشر على ذلك مشكلة النشر في المغرب، إذ نجد تراجع المجلات الورقية والالكترونية ودور النشر، وألا يجب في هذه الحالة دعم الباحثين والمثقفين في ميدان النشر ؟؟Ị لقد أصابت حينما ختمت حديثها قائلة أن علم الاجتماع غير محبوب في المغرب، لأنه ببساطة يوقظ الأسئلة المقموعة والمكبوتة في مواضيع السياسة والدين والجنس والصراع الطبقي وغيرها من القضايا، بل أكثر من ذلك يخيف حراس المعبد السياسي والديني والعائلي والاقتصادي، إلا أن عالمة الاجتماع حكيمة لعلا تعتبر أن المشكل الذي يعاني منه علم الاجتماع لا يعزى إلى ما هو براني خارجي فحسب، بل إلى ما هو جواني داخلي، أي أن غياب علم الاجتماع عن الساحة العامة لا يعزى إلى الحصار المخزني فحسب، بل إلى علماء الاجتماع أنفسهم، وتقول في هذا الصدد بالحرف : « تقريبا هناك غياب لعلماء الاجتماع في الفضاء العام، تقريبا غير مرئيين، حد أنه يمكن للمرء أن يغامر بالقول أنهم لا يساهمون في بناء الفضاء العام »، يظهر من خلال هذا الكلام أن علماء الاجتماع منزوون في الأبراج العاجية ومتعالون على واقع الناس، فبدل دراسة الواقع والمساهمة في مشاكل وهموم المواطنين اليومية من خلال السجال والحوار والنقاش والتوعية والنضال، نجد أن علماء الاجتماع غير مرئيين، أي لا وجود لهم، وبالتالي لا يساهمون في بناء الفضاء العام، والأدهى من ذلك تضيف الأستاذة حكيمة لعلا: « إن العلوم الإنسانية لعبت دورا أساسيا في تحديث المجتمعات الأوروبية »، إن تواري علماء الاجتماع عن الأنظار يوازيه في المقابل غياب التحديث والعصرنة في المجتمع المغربي، إذ لا تقدم دون المشاركة الفعالة لعلم الاجتماع في تنوير الناس، أليس علم الاجتماع هو السلاح النظري والعملي للجماهير؟ في أوروبا الحديثة لعب بورديو وفوكو وسارتر ودولوز أدوارا أساسية في ثورة ماي 1968 بفرنسا من خلال الخطب وتوزيع المناشير السياسية على النساء والشباب والعمال، فأين علماء الاجتماع المغاربة في انتفاضة 20 فبراير 2011 ؟ وما موقفهم من الدستور الممنوح الذي لا يفوض السلطة إلى الشعب ولا إلى مجالسه المنتخبة وما موقفهم من أحداث الريف وجرادة وزاكورة ؟ مهلا مهلا Ị ننصت مرة أخرى إلى الأستاذة حكيمة لعلا لكي ندرك جيدا المكانة السيئة التي بات يتموقع فيها علم الاجتماع : « لا يوجد اتصال حقيقي بين جميع علماء الاجتماع في المجتمع المغربي، (عدم وجود لقاء بينهم ، وقلة العمل الجماعي، ونقص الإنتاج في فريق البحث، إلخ)»، وإذا كان لا يوجد اتصال حقيقي بين علماء الاجتماع، فكيف يمكن الاتصال بالشعب وبقضايا الناس اليومية ؟ يبدو من خلال هذا الكلام أن علماء الاجتماع في المغرب لا يلتقون ولا يشتغلون جماعيا، ولئن كان الأمر كذلك، فمن المنطقي أن يكون هناك نقص في الإنتاج، بل غيابه بشكل مطلق، ولا يسع عالمة الاجتماع حكيمة لعلا سوى التعبير عن حزنها وخيبتها حيال الوضع القائم، وبالضبط حيال الصور المبتذلة التي تحاول نزع الشرعنة عن دور علم الاجتماع في المجتمع المغربي، فهناك مؤشران لا غبار عليهما لثني علم الاجتماع لئلا يقوم بدوره، وهما: أولا، عدم الاهتمام بعلم الاجتماع، وثانيا، عدم الاهتمام بكل مجالات البحث بالمغرب.
ولئن أردت أن أدلي بموقفي حيال هذه المسائل التي طرحتها الأستاذة حكيمة لعلا، فلا أنفي مدى كراهية الدوائر الرسمية لعلم الاجتماع، فلا يتم الاستعانة بعلماء الاجتماع في الكثير من القضايا مثل التعمير والإسكان والجماعات المحلية والتخطيط والدين..بل حتى المجتمع يرفض هو الآخر وجود علم الاجتماع بالمغرب، إذ الإنسان المدروس يرفض أن يكون موضوعا للدراسة، فمازال في لاشعور المغربي العقلية المخزنية والأسطورية، فيربط مباشرة بين البحث وبين الشرطي أو المقدم ، فالذي يحق له السؤال في نظره هو رجل السلطة وليس رجل العلم والعقل، ولطالما ناقشت مع الأستاذة حكيمة لعلا هذا الإشكال : كيف يمكن إنجاز بحث علمي وعقلاني في مجتمع غير عقلاني ؟ إن هابتوس المغربي مملوء بالرهاب والأسطورة والخوف، ولا يمكن أن تكون إجابته عقلانية ومنظمة، فالمغربي في الغالب يتموقع قبل ـ أرسطو من الناحية المنطقية، ومازال يؤله رجل السلطة ويخاف منه، ولذلك لن يبال برجل العلم ولن يهتم به، بل سيحتقره حتما، ونحن نرى القمع المسلط على رجال التعليم في جميع المدن المغربية، ناهيك عن تبخيس قيمتهم من خلال الأجهزة الايديولوجية، فكيف سينظر المغربي العادي إلى البحث العلمي مادامت الدوائر الرسمية ترفض هذا البحث وتكرس قيمة وحضور الشرطي والمخزني والمقدم ؟ يجب التفكير في هذا السؤال جيدا، فأثناء دراستنا منذ ثلاث سنوات للفضاء العام بمدينة المحمدية (الحدائق نموذجا) وجدنا صعوبة مع الناس العاديين أكثر ما وجدناها مع الدوائر الرسمية، وكيف تشرح لإنسان عادي أن ما تقوم به هو بحث سوسيولوجي، لأن السوسيولوجيا غير مدرجة في المقررات الدراسية وغير مدرجة في مجال الإعلام، المسجد... ولا يعرفها أصلا وغير موجودة في هابتوس المغربي. وقد عبرت حكيمة لعلا عن ذلك بشكل واقعي وصريح حينما أكدت على أن ميزانية البحث العلمي لا تتعدى 1 في المئة، فلا تحفيز ولا دعم ولا بنيات ولا هياكل، والأخطر من ذلك أن السوسيولوجيين رضوا بالوضع وتواروا عن الأنظار، ولذلك نخلص إلى أن مشكلة علم الاجتماع هي مشكلة بنيوية، ومن المنطقي أن ينزاح جانبا ذلك السوسيولوجي الذي يحرج ويشاغب السلطة مثل بول باسكون وفاطمة المرنيسي وعبد الكبير الخطيبي ... ومن ثمة علينا جميعا التفكير في ميلاد السوسيولوجي الذي يطرح الأسئلة الحارقة ويساهم في تمدين وتحديث المجتمع المغربي ماديا وفكريا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عالمة الاجتماع تدرس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية ـ المغرب



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناجاة لفراشة تأبى الطيران
- إدغار موران والقضية الفلسطينية: التزام أبدي
- خمس ملاحظات لفهم الهدر الإنساني
- اليسار الأعمى
- القهر والثورة: أية علاقة ؟ (5) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتم ...
- رسائل ساحلية : أورانوس / غايا : الأفق ينفتح
- القهر والثورة: أية علاقة ؟ (4) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتم ...
- القهر والثورة: أية علاقة ؟ (3) قراءة في كتاب التخلف الاجتماع ...
- القهر والثورة: أية علاقة ؟ (2) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتم ...
- القهر والثورة: أية علاقة ؟ (1) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتم ...
- وضعية الأقليات الدينية وغير الدينية بالعالمين المغاربي والعر ...
- ليس كل تجاور تجاورا
- نقطة في مسار أو حينما تلتقي الموت والحياة !!
- ما وراء البحر كسؤال وجودي وحضاري
- الرحيل
- حكاية مهاجر سابق: الفقر والخوف والمال وضبابية المصير ! (2 )
- حكاية مهاجر سابق: الفقر والخوف والمال وضبابية المصير ! (1 )
- حكاية فلاح متقاعد: من الكمنجة إلى الجماعة، فإلى الوحدة والعز ...
- بوعلي ياسين : نحو علمنة الدولة بالعالم العربي ، قراءة في كتا ...
- لا إنسانية كاملة دون تحرير الجنس والدين وتفعيل الصراع الطبقي ...


المزيد.....




- مشهد ناري مضاء بالمشاعل على مد النظر.. شاهد كيف يحيي المئات ...
- من الجو.. نقطة اصطدام طائرة الركاب الأمريكية والمروحية العسك ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تسلّم الرهينة الإسرائيلية في قطاع غزة ...
- ضغوط وحرب نفسية وسياسية.. ما المراحل المقبلة من تنفيذ اتفاق ...
- سقوط قتلى إثر تحطم طائرة على متنها 64 شخصا بعد اصطدامها بمرو ...
- تواصل عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة دعوة حكوم ...
- تحطم طائرة ركاب تقل 64 شخصًا بعد اصطدامها بمروحية عسكرية في ...
- مبعوث ترامب يوجه رسالة لمصر والأردن
- أنباء عن وجود بطلي العالم الروسيين شيشكوفا وناوموف على متن ط ...
- شبكة عصبية صينية أخرى ستضرب إمبراطورية ترامب للذكاء الاصطناع ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - السوسيولوجيا ليست محبوبة في المغرب (1) قراءة في حوار عالمة الاجتماع المغربية حكيمة لعلا مع جريدة ليبراسيون