أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار نورعلي - ديوان (على أثير الجليد)















المزيد.....



ديوان (على أثير الجليد)


عبد الستار نورعلي
شاعر وكاتب وناقد ومترجم

(Abdulsattar Noorali)


الحوار المتمدن-العدد: 6208 - 2019 / 4 / 22 - 22:44
المحور: الادب والفن
    


هذه نسخة من ديواني (على أثير الجليد) المطبوع في السويد، أنشره هنا كي يتسنى للقراء والباحثين المهتمين الإطلاع عليها لصعوبة الحصول على نسخة ،ولأني لا أملك منها غير نسخة مصورة بصفحاته.



على أثير الجليد

شعر


عبد الستار نورعلي


السويد



الطبعة الأولى 2000


حقوق الطبع محفوظة للمؤلف


Genom is etern
Dikter
Abdulsattr Noorali


طبعت بمساعدة
مركز أنشطة الكومبيوتر في أسكلستونا / السويد
Datortek/Aktivitetscenter
Vasbergsgatan 5
633 43 Eskilstuna
SWEDEN




استهلال

حين تضيق السبل ، يشعّ من الداخل ضياء يطفو لينير...
حلم أنْ الحروف سبيل النهار. الحروف التي عبرت مضائق المعاناة،
واجتازت صخور الألم المدببة الملساء، تدمى أقدامها، تنزلق،
ثم تنتصب، لتنطلق همسةً، صرخةً، من أعماق سيزيف، لا أنْ تنام
في الظلِّ ملقاةً، يسامرها الغبار.
ترى كيف يمكن لها أنْ تعانق عيون الآخرين؟
وتضيق السبل، فتنشعّ فكرة.
مركز أنشطة الكومبيوتر، الذي يعمل فيه. يجلس أمام كومبيوتر،
يتعامل مع برنامج عربي. وهناك ماكنة استنساخ، ووسائل أخرى مساعدة! فلماذا لا !؟
يتوجه الى غرفة مدير المركز السويدي، ويسأله: هل من الممكن أن يساعده في طبع مجموعته الشعرية الأولى،
وهي ليست قصائده الأولى. ويهشُّ المدير للفكرة: لماذا لا تحاول بنفسك. اكتبْها، ونظّمْها، ثم نساعدك في طباعتها
بالتعاون مع مطبعة خارجية، تقوم بلصق الصفحات. ابدأْ!
فبدأ الكتابة وتنظيم الصفحات بنفسه، لترى هذه المجموعة النور.....

شكراً جزيلاً لمدير المركز (كلاس غونر بيدبو) على حماسه و مساعدته، وتهيأته الظروف لينبق هذا المطبوع.



الإهداء

إلى عالمي الصغير
وطني والحضن الأثير
الى شعبي الأعزّ
جوان
نور
علي
والى الحضن الأكبر
أمهم ذات القلب الكبير




معزوفات
غير موسيقية للفرح


* عزف على الناي

دقَّ طفلٌ مشـرقيٌ بابَ الفرحْ
لم يجبه أحدْ،

تزَّاحمُ الخيولْ
تنتظرُ السـباق نحو ساحةِ الفرحْ
فانطلقتْ صفارةُ الانذارْ
قد كُسرتْ سـارية الفرحْ،

فمالتِ الزهرةْ فوق راحةِ العشبِ
تشـربُ من برودةِ الندى
تدفّقَ النورُ رقيقاً موقظاً حرارةَ العشبِ
فاسـتيقظ الفرحْ
لكنّهُ سرعانَ ماغابَ
ودارتْ دورةُ الظلامْ
فذابَ في شعابها الفرحْ


* عزف على البيانو

أرادَ طفلٌ بوسنيٌّ أزرقُ العينينْ
أن يلمسَ الفرحْ
فأغلِقتْ في وجههِ الأبوابْ،
وليت ماكانَ على ما كانْ!

تداعتِ الزهرةُ من فرط الأسى والليلْ
تبحثُ عن ثقبٍ على الأنوارْ
ودونَ جدوى ضجَّتِ الأشجارْ
فالليلُ كانَ الليلْ،


* عزف منفرد

يا أيها القلبُ الذي مانامْ
من كثرةِ الترحالِ....
والتجوالِ...
والتهجيرْ!
ما تبتغي
منْ بعدِ هذا البردِ والهجيرْ ؟


* نفخ في البوق

الويلُ والثبورْ
لباحثٍ عنْ مهرجانِ النورْ
والفرح المطلِ من حدائقِ البلورْ
في العالم الجديدْ !!


* تقاسيم على العود

يضطجعُ الفرحْ
على فراشٍ مارجٍ من نورْ،
ونبضة ُ البلورْ
تبرقُ في أروقةِ الجفونْ
فتحلم العيونْ،

* عزف على الربابة
اسـتيقظَ الحادي
يعدو على رجليه
يصرخُ خلفَ الربع والركبانْ
وصوته يتيهُ بين الرملِ
والكثبانْ …

* عزف على الكمان
قد قيلَ إنه الفرحْ
ينامُ في ضمائرِ الأكوانِ
يستيقظ ُ
يغفو
ثمّ ... يستيقظ ُ …


النافذة

خلف النافذة المغلقة ...الليلُ
يوغلُ في الظلمةِ في الصمتِ
قطراتُ المطر السابح في الحزنِ تدقُّ زجاج النافذة
وصباحُ تغني، تهتزُّ:
ـ ياحبيب القلب حبيتك.
والوردُ، وستائرُ لونُ الليلِ
تخطرُ في السهرِ
في الضجرِ
المطرُ الهامسُ يبكي ...
يزحفُ...
والقلبُ غريقٌ في الرهبةِ
في الوحشةِ
في الأنسِ القادمِ
عبرَ رنين الصوت الحالم
ـ ألو بيروت!
ألو بغداد!
ألو... ألو...!
يا كلَّ الوطن النائم في الروح،
لوعٌ... شوقٌ... لهبٌ...
شجنٌ... يقفزُ... يقتربُ
من بين خزائن جرحٍ نارٌ تلتهبُ
تقترحث أنْ نتقاسمَ ريحَ الحبِّ
نطارحُ نبضَ الوطنِ العشقَ
الشوقَ،
النجمُ يشقُّ رياحَ البعدِ
ويغفو أوتاراً، في القلبِ يلحنُ
يعزفُ...
ويغني
أسقطُ في لجِّ الموجِ شهيداً
وعلى شعرة حبي سأقاسمُ قطراتِ المطر الحزنَ
الرغبةَ في شقِّ جبالِ البُعدِ سهولاً
طرقاً
نحو لقاءِ الهجرِ
بحنين الهجرِ
1993


أغنيات تُبثُّ على اثير الجليد

* المغني

صعد المغني مسرحَ الكلامِ ،
غنّى...
ثمَّ غنّى
طربَ الناسُ ،
انتشوا ،
فبكى...
وتوارت كلماتُه ...

* الرقص

يرقص كلَّ ليلةٍ ويوم
في مهرجانات الجراحْ
الراقصُ العاري عن الصباحْ
وخلفه جوقتُهُ الحبلى بآلاف السطورْ
وخفةِ الخصورْ
في مسرحٍ يزخرُ بالطبّال والمدّاحْ
وضحكةِ السفّاحْ

* فتى الفتيان

تناقل الرواةُ في مرابعِ الكلام:
فتىً من الفتيانْ
في يدهِ المصباحْ
ينفث منْ ضيائهِ الأحلامْ
بلمسةٍ رقيقة كرقة النسيم في الصباحْ
شبيك... لبيك..
إذا بالكوخ قصرٌ من قصور القمرِ المسحورْ
والذهب المصفوف والبلورْ،
ستائرُ الحريرْ
ترفلُ بالوشيّ المُحلّى بخيوطِ النورْ
والطيبِ في الزهورْ،
هذا الفتى
قد نسيَ الجمهورْ!

* الغريب

وكلُّ شيءٍ يُشعل الضجرْ
نحملُ فوق القلبِ والرقابْ
حقائبَ السفرْ
فكلَّ يومٍ نختفي عن أرضْ
ونلتقي بأرضْ
ترفضنا الخطوط بين الطولِ...
بين العرضْ
وكلُّ لونٍ جامدٌ بلا صدى
ويملأ المدى
دخان...
دخان....
في العيون ...

* الليل

يلتفُّ هذا الليلُ بالصمتِ...
وبالسكونِ...
والغريبُ جالسٌ في شرفةٍ مطلةٍ على مصابيحَ
تبثُّ لونَ الحزنْ
ينفثُ كلَّ نبضةٍ دخانَهُ
سيجارةً ترقص في الكؤوسْ
وتفرغُ الكؤوسْ ...

* المجهول

في شارعٍ يحفلُ بالأشجار والضياءْ
تمشي...
ويمشي خلفك الخوفُ من القادمِ والمجهولْ
وينظر الناس اليك
إنّك المجهولْ!
فكيف تستقبلُ في عيونهمْ تحفُّزَ الخيولْ!؟

* القفز

قفزتَ بين الأرض والأرضِ...
والأرضِ..
وسُحْتَ
فتخطيتَ المكانْ
قلْ لي متى تشعرُ بالأرضِ
وبالأمانْ؟!

* الناس

الناسُ في الناسِ
وفوق الناسِ
تحت الناسِ
كلٌّ يرتدي عمامةً
يحملُ فوقَ سيفهِ كتابهُ
بشارةَ النبوه!

* هولاكو

هذا الزمانُ تعطُّشُ الخيول للغزو
وللسيوفِ
والفخرِ
وأبياتِ المديحْ
في حمرةِ الراياتْ،
وألفُ هولاكو يقومْ
من قبرهِ ،
ويملأ المدى
غبارُهُ ...

* الأمان

لا شيءَ يستاهلُ أنْ تحملَهُ إلا الأمانْ
فكلُّ ما مرّ على الانسانْ
في كلِّ عصرٍ وأوانْ
البحثُ عن مكانْ
ينعم فيهِ بثياب الحبِّ والأمانْ
لكنّما في كلِّ ترحال وفي كلِّ زمانٍ ومكانْ
تنتظرُ الوحوشُ والعقبانْ

* السواد

في سالفِ الأيامِ والعصورِ غنّى الشعراءْ
مليحةً سمراءْ،
بشعرِها الفاحمِ والعينينِ واللُمى
لو كانَ يدري الناسُ أنَّ السمرةَ، السواد
جريمةٌ
لماتَ كلُّ الشعراءْ

* البرد

الثلجُ يهبط فوق سورِ الليلِ
والشجرُ المسجّى غصنُها في الصمتِ
والشوق الحزينْ
تسبحُ في الشمس غداً؟
أم بعد غدْ؟
برودةٌ تسري على القيثارِ دونَ حدّ ...

* المنع

زحفتْ جحافلُ توق آلاف الضحايا
صوب أمطار المسرةِ والسلامْ
وعدالةٍ منعٍ من الممنوع في مدنٍ تمرّغ لونُها
وتآكلتْ في حضنها دُرَرُ الكلامْ ....

* الدفء

جلس الحالمُ يروي:
مدني دفءٌ
وشمسٌ ،
لهفةٌ ،
أرضٌ ،
حكايا

1993


الأحجار

يحمل فوق الكاهل حجراً
يتسلق جبل الآلامْ
يصعدُ...
يهبطُ...
في دائرةٍ، والأفقُ ظلامْ،
عمارٌ يحبسُ صرختهُ
سيزيفُ دؤوبٌ، مصروعٌ كالدولابْ
* * * *
الملكُ القابعُ في الظلِّ يراقبُ
يحسبُ نبضاتِ القلبِ
شعاعَ العينِ
زوايا الأحلامْ
والمُخبرُ يلقي التقرير
يروي لائحةَ التسفيرْ
* * * *
الحجرُ الأسودُ قبّلهُ...؟
لا يُعرَفُ عددُ الأفواهْ
الأشباهْ
* * * *
وسُميّةُ
فوق الصدرِ الضامرِ حجرٌ
ما أثقلُهُ!
ما أوهنَهُ!
تصغي...
ـ مَنْ كانَ بلا إثمٍ
فليرمِ الأحجارْ!
* * * *
تسمعُ صوتاً يتجلّى
مِنْ خلفِ مزاميرِ الخلدِ
ـ ها نحن نجاهدُ
نحتملُ
رجماً
حِملاً
نألفُ وقعَ الأحجارْ.
1994

قال الحكيم بيدبا


لا يرتقي السُلمَ منْ لا ينحني
ويمسحُ الجِزَمْ
لا يرتقي السُلمَ غيرُ منْ
يكفرُ بالأممْ،
ويرتدي عباءةَ الشيوخ والملوكِ
والأقزام، والحَشَمْ

وكلُ منْ زلتْ به قدمْ
عاقٌ و ذميٌّ
ومشهودٌ له بالإثم والنِقَمْ

ـ رِمَمْ...
رِمَمْ...
فكلُ منْ دارَ على افلاكِهم
رِمَمْ...

ذقْتُ المراراتِ جميعاً
لم أذقْ
أمرَّ منْ
لقمةِ سلطانٍ مزيجٍ بألاعيبِ الحِكَمْ
تنبع من أفواههِ
كأنها العلقمُ ممزوجاً بدَمْ

صنمْ...
صنمْ..
منْ فوق عرشٍ زائلٍ
صَـنَمْ

إني حملتُ الصخرَ
والفولاذَ
والقِمَمْ
والحرفَ
والأنوارَ
والكلِمْ
فلم أجدْ أثقلَ منْ
كلام دجالٍ حَكَمْ

الطيباتُ ذقـتُها، فلم أذقْ
أطيبَ منْ قلبِ رضيعٍ
يرتوي من ثدي أمٍ
عانقتْ في حلمها مسلةَ الأممْ


1995


الويـل

الويلُ إنْ كان الذي تقولُهُ
ليس كما يريدُهُ الأخوانْ،
الويلُ إنْ أفلتَ مِنْ عِقالِهِ الثعبانْ!
لا تنتوي
فإنّما الأعمالُ بالنياتْ
وأنتَ تنوي الشرَّ بالسلطانْ
وركبِهِ الزاحفِ نحو النورِ
والسرورِ
والأمانْ،
فالويلُ لكْ...!
1995

الرحيـل


تمضي السنونْ
تتساقط الأوراقُ واحدةً ...
فواحدةً ...
وتغفو في محاجرها العيونْ .

تمضي السنونْ
تتجردُ الأشجارُ... تعرى...
والجليدُ هو الفصولْ .
تحكي الفصول ْ
قصصاً عن الراياتِ لوَّتها الرياحُ
وأرَّختها بين غاباتِ الرحيلْ .
أواهِ من هذا الرحيل الصعبِ..!
يازمن البديل الصعبِ،
خيلٌ هوت بين المدائنِ
البدائل
تنزوي في الركن ،
تحلم بالسباق!
تمضي الفصول
تتناثرُ الحباتُ من عمري
كما تتناثر الأوراقُ بين الريح في صمت الخريف
وتذوب فوق مدارج الأسفلت والطرقات
مثل الذكريات
تعدو السنون
والأرجل الظمأى تشقُّ الأرض من فوق الرصيف ....
إلى رصيف
والمحطاتُ الصغيرةُ والكبيرةُ تألفُ الخطوات
تحتضن اللغات
تصغي إلى الشاكي
إلى الباكي
إلى من يرتدي حُلل الخيال
وهجُ الظلال
مرسومة فوق الطريق
إلى .......؟
"يا فشلة الملهوف ويدور هله بمحطات"
صرنا محطاتٍ
حقائبَ
تسميات في جوازات مزورة
خلعنا كلَّ رسمٍ غير اسمك يا..
من أين جئتَ ؟
من العراق .
وأين شبتَ ؟
في العراق .
وأي ثوب ترتدي ؟
نخل العراق ...

1995.12.7

السندباد

تحملُ الزادَ وتنأى عن سواقيكَ....
فترحلْ،
ترسمُ الشوقَ على الريحِ...
على الماءِ...
على النخلِ...
على الضلعِ... وتشهقْ
وتدوسُ الروحَ، تلتفُّ على الأرضِ حنايا تتدفّقْ،
سندبادٌ أنتَ؟
لا... فالسندبادْ
حلمهُ طيفُ المعادْ،
زادُهُ الإبحارُ والبحثُ
كنوزٌ ، ومرايا
وسجايا،
يحملُ الزادَ إلى ساقيةٍ،
زاويةٍ في أرضهِ
ينعمُ بالدفءِ... ويحلمْ،
رحلةٌ منْ بعدِ رحلهْ،
سندبادٌ أنتَ؟!
هذي رحلةٌ ليستْ على خارطةِ الحُلْمِ
على ما كانَ ينوي السندبادْ،
سندبادٌ أنتَ منْ أشتاتِ أرضٍ نازلوا كلَّ البلادْ،
عاشروا نبضَ العبادْ،
قاوموا
واستسلموا
فاستُبيحوا
دونَ أنْ يرمشَ جفنٌ للعبادْ.
تحملُ الزادَ...
وتلقي نظرةً خلفَ الحدودْ
شهرزادْ،
هل تُرى تروين يوماً من حكايا سندباد العصرِ
ألفاً بعدَ ألفِ؟
شهريارٌ ذبّحَ النسوانَ إلاكِ، لتروي،
شهريارُ الآنَ سيفٌ جائعٌ فوق رقابِ الخَلقِ
منْ غيرِ حسابْ،
ذبّحَ النسوانَ
والغلمانَ
والنخلَ
وماءَ اللهِ
كلَّ الطيّباتْ
* * * *
تحملُ الزادَ،
ومازادُكَ إلا القلبُ
والتوقُ إلى زاويةٍ ترفلُ بالشمسِ
وأسرارِ الحياةْ

آذار 1996


السهر

الليلُ ظلالٌ بيضاءْ
الثلجُ رفيقٌ أدمنُهُ، والشجرُ العالي الأغصانْ،
وضياءُ القمرِ التعبانْ،
أنظرُ مِنْ شُبّاكي، علّهُ يأتي،
لا يأتي،
أوقدْتُ الشمعةَ... صلّيْتُ
ورميتُ الوجدَ على الظلِّ... تقصّيتُ:
يسهرُ في الليلِ النجمانْ
النجمُ الثاقبُ في برجهْ
والنجمُ الولهانُ سراباً
أو يحلمُ بالماءِ
بالأرضِ
بالنبضِ
بالشجرِ المليانْ،
يأرقُ في الليلَ الخَلقانْ:
خلقٌ يسهرُ جرّاها، يختصمُ،
خلقٌ يغفو ملءَ العينِ
عنْ شاردها
عنْ واردها،
وأنا أسهرُ بين الثلجِ
وشُباكي...
15- 4 – 1996

الإقرار

أنا لا أجادلُ، بل أُقرُّ
بأنّكِ، ياحلوةَ العينينِ، نبضٌ في الفؤادْ
شجرٌ يظلّلني، ويطفئ وحدتي،
ويعيدني طيراً يحلّقُ فوق دجلةَ والفراتْ،
يا حلوةَ العينينِ،
لونُ العينِ لونُ النهرِ،
والشفتانِ رمانٌ تناثرَ حبهُ
فوق العراقْ

1996

العواصف

كلُّ العواصفِ تلتقي
وتدورُ في أفلاكها لغةُ الدمارْ،
هل تستفيقُ أناملُ الساعينَ في لغةِ النهارْ؟
ماذا يخبّئُ ازدهارُ الريحِ في صمتِ المدارْ؟
يتطاولُ الاسفلتُ فوق مدارجِ المحمومِ
والموهومِ
في سِفرِ القفارْ،
يا كلَّ أشواقِ السِفارْ،
اسقطْتُ وجهي بين نجمكَ والملذاتِ الحِصارْ،
وحملتُ ضلعي رايةً
ما بين احزان المدينهْ
وسط الأعاصيرِ الحزينهْ
أرسيتُها رمحاً على جسدي الرهينهْ
وعيونيَ الثكلى بأفواهِ السَكينهْ،
تموزُ...
ياتموزُ...
اشجاري يجفُّ رحيقُها،
وثمارها
تأبى على الأيدي الأمينهْ،

1996

عصفور من الشرق

اسألُ عنك الطرقاتْ
أرصفةَ الغربةِ وصهيلَ الكلماتْ،
اسألُ عنكَ الريحَ، الطيرَ، النهرَ، الأشجارْ،
وسؤالي يتجمّدْ،
انتَ الأوحدْ
في ذاكرتي،
في ذاكرة الزمن الساقطِ في الأعقابْ،
أنتَ الأوحدْ
في القمرِ المطعون بنصلِ الأجدادْ،
الأضدادْ،
* * * *
في خاصرة الليلِ بقايا
وشظايا
تتوهّجُ في الظلمةِ
في الصمتِ
وعلى وجهِ النجمِ دموعٌ
وشموعٌ مُطفأةِ السَمْتِ
وجروحٌ من حزنٍ مُجهَدْ
* * * *
أسألُ عنكَ
يجاوبني رجعي
* * * *
عصفورٌ من شرقٍ يُبعَدْ
كم يتردّدْ
ما بين الغصنِ... وبين الغصنِ
يقاومُ أوردةَ الشجرِ
الحبلى بالناي الضجِرِ
الحالمُ يهزيز المطرِ
المهزومِ
المطرودِ
منْ ذاكرةِ الطفلِ المولودِ
في زمن التاريخِ المشدودِ
بسلالةِ مَنْ زحفوا سرّاً
قاموا جهراً
مِنْ خلفِ لغاتٍ تتزوّقْ
تروي قصصاً
عن حلمٍ موعودٍ يألقْ
عن انسانٍ شُدَّ بعمقِ في وتدٍ
يُضربُ..
يُشنقْ....
لا يُستنطقْ،
عن انسانٍ
ما عادَ يغني...
يتدفّقْ،
أرضٌ تُصلبُ بين عيون قبائلهمْ،
وشيوخُ مضاربهم تزهدْ،
وسؤالي يتحمّدْ...

24/8/1996

بلند الحيدري

شيّدَ جسراً بين وجهينِ
مشى فوقهما دون قرارْ
يحملُ في عينيهِ مشروعاً من الأنوارْ
اقام صرحاً لرسوخِ الحبِّ
في ظلمة قلبٍ هام في اسفارهِ
دون نهارْ
وانطفأ المصباحُ في مسلةِ الأنسابِ
والتاريخِ
والأسرارْ
فاستشهدَ الأغيارْ
على رنين الكأسِ
والمجونِ
والرقصِ على مناسك الديارْ

30/8/1996

الأسْر

أعتِقْ إساري
فُكَّ قيدي
ثم سلّمْ أضلعي للريحِ
ناولْني يدي
كي لا أخطَّ الوجهَ منْ دون اصبعي
للزاهياتِ
الفاتناتِ
الغافياتِ
تطلعي،
أعتِقْ إساري،
فالمرايا صورةٌ للوهمِ
أشربُها
وتشربُها معي ...

25/8/1996

اللغات

هذا الذي ما صاحبَ الكلماتِ
في شفتيهِ آلافٌ تدورْ،
ذاك الذي قد مارسَ الكلماتِ
يصعبُ أنْ يقولْ

بالحرفِ نبلغُ بعضنا،
أو ربما بالعينِ،
بالأيدي،

أبحرتُ في عينيكَ،
ألمسُ جانحيكَ،
وقد أقولُ:
إنّي أحيّكَ.
قد تردُّ عليَّ بالكلماتِ،
بالأيدي،
ويمكنُ بالعيونْ

7/1/1997



رشدي العامل

في كلِّ يومٍ هجرةٌ،
فشاعرٌ يحطُّ بينَ غابةٍ
تلتفّ بالأشباح والأضدادْ،
وشاعرٌ ينام في ارديةِ الأجدادْ،
وشاعرٌ يفغو مع الصمتِ لظىً
منتظراً أشرعةَ النداءْ،
وشاعرٌ ماتَ مع المساءْ،
في كلِّ يوم هجرةٌ...
منفىً... رؤىً..صمتاً... واختفاء،

قد كُتبَ النزالُ والنفيُّ على
الشعراءْ
الأنبياءْ
في زمنٍ يسدُّ بابَ الأتقياءْ،
الفقراءْ
ماذا يضير الأمراءْ
إنْ هُدتِ الخيلُ، فصالتْ بين أحضانِ العراءْ؟!
تترى الأحاديثُ ... وتترى...
والقوافي تختفي من بين أيدي الفقراءْ،
قد داهمتها خيلُ فرسان الصحارى الأغنياءُ،
الحلمُ يغفو
أو يموتُ ؟
تلك أحزانٌ تنادتْ في صهيل الشهداءْ
الاتقياءْ
في كلّ يوم هجرةٌ محسوبةٌ
بين ملفاتِ الشيوخ الأدعياءْ،
فكلُّ شيخ يرتدي عباءةَ الأعرابِ
والأنسابِ
والألقابِ
والكتابْ،

ديسمبر 1996


ذريني

ذريني ألمسُ الأضواءَ في عينيك، ياقمري،
ذريني بين أمواجٍ،
أسامرُ عازفاً وتري.
وأصطادُ البروقَ، تسوحُ بين الغيم والمطرِ
أغاريداً تجوبُ البحرَ والآفاقَ في سفري
وألحاني نزيلٌ في هوى الغجرِ
حقائبَ تحضنُ الأهواءَ والآمالَ في سهري
أيا جُنحاً،
عصافيري تدورُ بلا مساءٍ تنقرُ الصدفا،
تلاقي عنفوانَ الريحِ والأنواءِ والشهبِ
فتقفزُ بينَ غاباتٍ وغيمٍ جازَها المطرُ
إلى صحراءَ موحشةِ الأناشيدِ
تساقطَ في رمالِ البيدِ فرسانُ المواعيدِ
وأنغامُ التراتيلِ،
خيولٌ عافها الفرسانُ، ما لُجمتْ،
ولا شُدّتْ،
خيولٌ هدّها النصبُ،
فلا غزوٌ ولا غضبُ،
* * * *
دعيني ألمسُ الأعذاقَ في نخلي،
لعلي أحصدُ التمرا،
فأغرقُ ضفةَ الشطينِ بالأشعارِ والشهدِ
كلاماً عامراً بالحبِّ والوردِ
دعيني، فالمرايا تعكسُ الأصداءَ في وجهي
تجاعيداً طواها الدهرُ في الجلدِ
اقامَ مواسماً للهجرِ والبعدِ
دمي شريانُ أغنيةٍ..
تنزُّ... تنزُّ... في الوجدِ
دعيني
فالمسافةُ بين نجمِ الريحِ والأغصانِ في كفي
ترامتْ مشهداً في الموجِ والأسوارِ والجرحِ

5/12/1996

شهادة

شاهدٌ..
اسرجُ خيلاً نحو آبار المرايا
شاهدٌ..
أنظرُ وجهاً فوق وجهٍ في الزوايا
إنّني أشهدُ....
قد أبصرتُ في الناس نزيفاً
يرحلون...
عبر آلاف المرايا
يعكسون
إنّني أشهدُ...
قد أبصرتُ قوماً يهزجون
يرقصون
شاهدٌ أنَّ نداءَ النهر موجٌ وارتطامْ
نشوةٌ بينةضلوع المستحيلْ
أوصدَ النجمُ شعاعهْ
وتوارى بين ألواح السحابِ المستطيلْ
أضلعٌ مشدودةٌ فوق صدور الماءِ
بين النخل في الوادي الجليلْ
وحضورٌ في مغانيهِ العليلهْ
وانكساراتٌ على البوحِ الجميلْ
شاهدٌ...
قد أُخليَ المسرحُ
والجمهورُ مصعوقٌ مع العرض القتيلْ
أُخليَ المسرحُ والأصداءُ في اللحن الأصيلْ
شاهدٌ...
كم بقيَ القومُ مع اللحن الأصيلْ

أشهدُ الآن بأنَّ العرسَ دامٍ
ودخانٌ نزلَ النهرَ... تعرّى
ليواري سوءةً في جسدِ الحبِّ، ومعشوقٍ جميلْ
ثمّ نادى النخلَ....
يا أعذاقُ، قد غابَ الهوى
سافرَ في الريحِ مع الطير الرحيلْ،
اشهدُ الآن بأنّي قد سمعْتُ
قد رأيتُ
وتصفّحتُ هدى الألواحِ والمزمارِ، لكنْ
ما سمعْتُ...
ما رأيتُ....
ما وجدْتُ
سفناً فوق عبابِ البحرِ....
ملاحاً... شراعاً... ساقيهْ
شاهدٌ....
ألقيتُ في النهر صخوري
وقرابيني، زهوري،
وحبوري،
وعصوري،
لغةً تسبحُ في العطرِ وفيضٍ منْ ضميرِ،
اشهدُ الآن يأنّي قد حصدتُ الريحَ في لوحِ الهجيرِ،
نزلَ النهرَ... تعرّى
وتوارى
باحثاً عن أوجهِ القومِ مع الصمتِ العسيرِ
عن عيون الصقر في المرآةِ
في النهرِ الغريقِ
قد حملتُ الصخرَ والفولاذَ في الوادي السحيقِ،
بين لوع الشجر الملتفِّ والأغصانِ والزهر الحريقِ،
صاعداً نحو المسلاتِ..
أراها...؟
لا أراها،
تنطقُ اليومَ..,؟
غداً..؟
راحَ صداها،
أشهدُ، الليلُ صداها،
دعْ نداها،
دعْ توابيتَ المناشيرِ،
المزاميرِ،
وأجسادَ السبايا

أشهدُ الآن بأنَّ الصاعقهْ
تعبرُ الأيامَ، تعدو في الوجوهِ المارقهْ
والعيونِ العالقهْ،
شاهدٌ...
ألقيتُ في البحر شراعي
وذراعي
ورماحي
وجراحي
ونذوري
ونشوري

21/1/1997

الحلاج مصلوباً

لوحةُ الشعر تنادي الحبَّ
منْ بين صهيل الشعراءْ
واهتزاز الأنقياءْ
هو ذا الحلاجُ مصلوباً
ويزهو
دون أنْ يعرفَ للخوفِ طريقا
أو رفيقا
لم يهادنْ في الهوى لوناً
سكوناً،
باسمك اللهمَّ يدعو الفقراءْ
لنزال الأغنياءْ
وحروبِ الأقوياءْ

10/2/1997

الوعد والعاصفة

لبستْ زهرةُ ليل العاشقِ المبهورِ
ثوبَ النورِ
شوقَ النهرِ
للنارِ، وللنخلِ، دنانِ الخمرِ،
أصداء الحروفِ الساهرهْ
وروتْ فيما فيما روتْ
أنَّ فؤادَ الهائم الولهان قد سافر في الريحِ
مع المنفى،
إلى منفى،
ولم يألفْ صداحَ السحرهْ
وعطورَ المبخرهْ

وقعتْ زهرةُ ليل العاشقِ السهرانِ
في حوض الحشودِ الطاهرهْ
والعيون الناظرهْ
تحت سيفِ الملك الضلّيلِ في وادي الخمور الزاهرهْ
غُسلتْ بُردتُهُ بالعطر والياقوتٍ
والزيتِ
فمالَ الجسدُ المحشورُ فوق المقبرهْ
في حفيفِ الشجرهْ

بين ظلِّ القبرِ والمنفى عهودٌ وطريقْ
لعنةٌ تلحق بالساري
هبوطٌ في الحريقْ
وسلالاتٌ تمرُّ
وملوكٌ مزّقوا الرقعةَ والعهدَ وإمضاءَ البريقْ
حرقةُ التبشير مازالتْ تدقُّ البابَ
ترجو النافذهْ
ترفعُ الرايةَ في وجهِ انطلاق العاصفهْ
والوعودِ النازفهْ

10/2/1997


أثر في الريح

يذوبُ في أروقةِ البحارْ
يُثقلُ عينيهَ،
يديهِ
هابطاً في المدنِ الأسوارْ
يبحثُ عنْ موانئ تزخر بالأنهارْ
فتستفيقُ لوحةُ الأسرارْ

مازلتَ ظلاً دافئاً تحيطهُ الأنوارْ
ورعشةُ الكبارْ
تمسحُ عن جبين طفلٍ غارقٍ في سفن الأحلامْ
خرافةَ الأصنامْ
سلالةً نامتْ على خرطةِ الكلامْ

يذوبُ في نعومةِ الأظفارْ
تقطفُ زهراً ناضجاً
موشحاً برحلةِ الرمادْ
وخنجر الحصادْ

مازلتَ تقفو أثراً في الريحْ
فهل تنامُ ، تستريحْ
تشجو مع الطير الجريحْ
بلا جناحٍ تسرجُ الفضاءَ
والمدى الفسيحْ؟

يلبسُ شمساً دون أنْ يتابعَ المدارْ
ينتظرُ الثمارْ
تولدُ منْ أرحامِ هذي الأنهر القصارْ
وخشيةِ الأشجارْ

مازلتَ وجهاً فوق نجمٍ غابَ في
مواسم الذبولْ
وحرمةِ الأصولْ
ما بين صوتِ الرفض والقبولْ
وآيةِ الحلولْ

ويمتطي صهوةَ غيمٍ تمطرُ البخورْ
يقدّمُ النذورْ
للصالحين في زقاق الزمن المحظورْ
ينادمون اللوحَ والمنشورْ

مازلتَ تهوى قصصاً عن طرقٍ قفارْ
تسألُ عن شمسٍ وعن أقمارْ
وصبيةٍ صغارْ
يلاعبون الشوقَ والأزهارْ
يقتسمون الخبزَ والأحجارْ
ولعبةَ النهارْ

يرتقبُ النهارْ
ومهرجانَ النارْ
في المدنِ المُفعَمةِ الحصارْ

1/3/1997

ألوان الطيف الشمسي

1
يرقصُ في خاصرةِ الأحزانْ
يحتالُ أنْ يجمّلَ الليالي
يطاردَ الأيامْ
ينزعَ في الظلِّ عن الألوانِ ألوانها
يرسمُ أنماطَها
ويكتسي الرمادْ
يصغي إلى إغنية الكسادْ
تمرُّ عبرَ حاصبٍ تمشي على البلادْ
يرأفُ أنْ يعانقَ البلادْ
والأخوةِ الأندادْ

2
ما قامَ في الأفْقِ صهيلٌ غيرَ ما تنتظرُ القبورْ
الصمتُ...
العقبانُ...
الرمالْ
ورفقةُ النزالْ
ولهفةُ النصالْ

يُحكى صغيرٌ قاومَ الغزاةْ
باليدِ...
بالحصاةْ،
فبيعَ في مواسم الحروفْ
والأخوةِ الضيوفْ

3
يُسرجُ فصلاً من كتابِ الصحو والأغاني
يرتجلُ الشعرَ،
ولكنْ تسرعُ الثواني
فتختفي القوافي
ويشربُ المساءَ نخبَ الأسطر الخوابي

4
يصطفُ في أعمدةِ الرخامْ
ومثلما العظامْ
تنزعُ عن جلودها تقادمَ الأيامْ
يُنتزَعُ اللحامْ

5
الحُلمُ سيفٌ مصلتُ العينينْ
في النومِ
في اليقظةِ
في الشوارع المنفجّرهْ
في همساتِ القُبرهْ
في الغرفِ المستترهْ
دون يدينْ

6
أحرقْتُ أهدابي
منتظراً مرارةَ الأطيافْ
في السفن الأحلافْ
رسمتُ أشباحاً على الصفصافْ
تهزُّها الرياحْ
تنثرها بين العيون السودِ والخضرِ
وفوق النهر والأهوارْ
فاستُلَتْ الرماحْ
والنصلُ والأقداحْ
فاختفتِ الأشباحْ
وهاجر الصفصافْ

7
يمرُّ محمولاً على الأعناقْ
الشاعرُ المزروعُ في الأحداقْ
الناسكُ الزاهدُ في معابدِ الأشواقْ
ينتظرُ النخلُ صداهمْ،

يسمعُ النحيبْ
ومعولَ الغريبْ
وحافرَ الرابض خلف شارة المهابهْ
ينتظرُ السحابهْ
والأحرفَ المُجابهْ

4/3/1997


وجوه فوق الماء

كان في البحرِ رجالٌ يبحثونْ
درَّةُ الغوّاص نشوى تتأرجحْ
في انكسار الموج بين الشاطئ الغافي وبين العاصفهْ
درّةُ الغواص لا تألو تغني
ترفعُ الصوتَ، تنادي
خلفَ بحّارٍ غريقْ
غابَ في الموج، توارى،
ما تناهى بين أسماع الرجال المبحرينْ
صوتُهُ،
نجواهُ،
أصداءُ اصطفاق الماءِ بالوجه النحيلْ
ضاع في اللُجِّ،
عروسَ البحرِ، أهدابُ النخيلْ
تتلوّى فوق وجهِ الماءِ،
ياذا الصارمِ المفتولِ، ما جدوى المسرّهْ
دونَ ملاحٍ أصيلْ
عاشقِ الأصدافِ والنهر وموج النخل والبردي
وحلم المستحيلْ؟
زهرةُ النرجسِ فوق الماء تهفو للوجوه الزاحفهْ
والعيون النازفهْ،
زهرةَ النرجسِ،
أصلُ الفرعِ فرعٌ، والوجوهُ اليابسهْ
بذرةٌ تنمو مع الجذرِ،
مع الماءِ العليلْ،
رقصاتُ الريح تذرو زهرةَ الأصداءِ
تُلقيها على الموج الهديرْ

الوجوهُ اليابسهْ
تنطوي
تنثرُ في الصحراءِ أغصانَ البحار الذابلهْ،
ياعيونَ الحبِّ، زرقاءُ اليمامهْ
زاغَ منها البصرُ الحدُّ وأحلامُ الطفولهْ
نزلتْ تسألُ عن عينين
ضدينِ
وأسرارِ الرجولهْ
وقوافيها الطويلهْ

1997

أزهار الشرق

كلُّ ما في العلم الشرقيِّ أزهارٌ تذوبْ
وأعاصيرُ تؤوبْ
حلمٌ يغدو مزاميرَ حزينهْ
ترشقُ الأحرفَ أحجاراً تلوّي عنقَ الأرضِ
وأصواتَ المدينهْ
شجرُ الظلِّ يطوفْ
يزرعُ الغصنَ سميراً
وقناديلَ لأهدابِ الصبايا
في رحابِ الطرق الغائبةِ الألوان والأحداقِ
أسواراً متينهْ
همستْ في أذنِ العاشق في الليل صبيهْ
غجريهْ:
لو أردتَ المزهرَ الراوي تعالْ،
فحصانُ العربهْ
يتلوّى طرباً منْ عزف ناي العاشقِ النائمِ
في حضنِ التلالْ،
يحملُ العشاقَ، يطوي
رقصاتِ الريح في صمتِ الليالْ
لو أردتَ الشوقَ واللهفةَ والخمرَ
فهيا نترنّمْ
بالرواياتِ الطوالْ
في شفاهِ السحرهْ
تكتسي الحمرةَ منْ هدي الحداة المَهَرهْ
ذاكَ سيلُ العرباتِ القافلهْ
بين أشجار الزهورِ الذابلهْ
فتعالْ !

14/4/1997

خلف فلحي


كانَ ضئيلَ الجسم كالبرديّ في الأهوارِ
لونُ الوجهِ لونُ الماءِ
ذا عينينِ
ليلتينِ
في سـعةِ البحرِ وفي اشراقة النهارِ
مشحوناً بتوقِ النارِ،
مطعوناً بحدِّ الحبِّ،
ممنوعاً عن التحديقِ،
مغموساً بكأسِ الآخرينْ ...
وضحكة ٌ
جلجلة ٌ
منْ شـفةٍ ما عرفتْ غيرَ احترافِ الشمسِ،
نورَ الفجرِ
همسَ النخلِ،
ودورةَ النهرينِ

ـ ما قصةُ المحبوب حينَ قالَ في الحبيبْ
قصائداً عذريةً
رقيقةً
جميلةً
خالدةً،
تطاولتْ منْ حولهِ السيوفُ والرماحْ
وخيمة القبيلهْ
فاهتزَّ مصعوقاً، وهامَ في الصحارى.
ما قصة السكارى
في حانةٍ ما استقبلتْ غيرَ الذينَ أدمنوا الموائدْ
ولعبة القصائدْ
ولعنةَ الحضارهْ؟
**********
وذات يومٍ جاءَنا
أنَّ الفتى
انفجرتْ بطولِ قنبلةٌ في الحربْ

27/4/1997

ساحة النصر

نزلنا حانةً في ساحةِ النصرِ ، احتسينا خمرةً مغشوشةً منْ
كأسِ خمّارٍ تجاوزَ حائط الخمسين ،
ضحكنا منْ مسافتنا
حملنا في أيادينا
سنيناً منْ حصار الماءِ.
أوفدنا مراجلنا إلى منحوتةٍ فيما وراء الريح، في بحرٍ من الأسماءِ، والأصداءِ.
نمنا فوق أهداب الموائدِ. بائعُ اللحم المقدّدِ فوق أرصفةِ الشوارعِ. يألف السحناتِ. عاصرَ رجفةَ النبضاتِ. داوم في الوجوهِ الحمرةَ، النارَ. الدخانَ. فهل هي الأسماءُ ، الأشياءُ تدخلُ في الكياناتِ ، السجلاتِ
الموائد عامراتٍ بالملذاتِ،
العواهرِ ؟!

إنّنا فوق الموائدِ قطرةٌ، نايٌ ، على خمّارةٍ مغشوشةٍ
في كأسٍ خمّارٍ تجاوز حائطَ الخمسين.

10/5/1997


الخروج

نزعتُ عنه الثوبَ
فاستفاقَ من عادتهِ
وقامَ منْ رقدتهِ
فواصلَ الصباحْ
استنشقَ الرياحْ
منطلقاً في الشارعِ المحفوفِ بالرماحْ
بالصمتِ،
بالصداحْ،
ما بين أزهارِ الصباحْ
وجذوةِ العطور في الأقاحْ
وهمسةِ الضياءِ في المصباحْ
التقطَ المفتاحْ

تموز 1997


المدن

أحملُ فوق الكتفِ الجرارْ
أنوءُ بالماءِ وبالثمارْ
بطيبةِ الأنهارْ
تسكنُ في القلبِ زوايا
تحضنُ المدارْ
تُغرقهُ بنشوةِ الأشجارْ
يأبى النهارْ
أنْ يرتضي بدورهِ فيفتحَ الجرارْ
وقفتُ عند الدارْ
لم يفتحِ الحارسُ،
بل أغلقَ في وجهي الديارْ
وفوق كاهلي الجرارْ
مررْتُ بالحدودِ من مدينةٍ ... إلى
مدينةٍ،
قرأتُ عن أصولها
فصولها الكبارْ
صحائفاً تزخرُ بالأنوارْ
شممتُ في أريجها رائحةَ المسيحْ
وسيرةَ الرياحْ
ألفتُ في وجوهها دواخلَ البسمةِ
في شواطئ الليالي
موانئ الدخانْ
ورقدةَ الصباحْ
مررتُ بالحدودِ من مدينةٍ
إلى مدينةٍ ...

20/7/1997

القطار


يمشي القطارُ سريعةً عجلاتهُ
دقاتها تضرب في الرأسِ
وفي الأعصابْ
يمشي القطارُ
وفوق أرصفة المحطة يستحيل الناسُ
أشباحاً
تهرول صوب صافرة القطارْ
يمشي القطارْ
وسعيدُ يركض في المحطة باحثاً عن رجلهِ
عن رأسهِ
وسط الزحامْ
الكلُّ يبحث عن قوائمَ
عن أيادٍ
عن رؤوسٍ
والقطار هو القطارْ !!

1997-11-19




نزعات كثير عزة


ويمتطي الجملْ
ينزلُ عن ظهر الجملْ
يلقي يميناً... وشمالاً.... نظرةً
فلا يرى غيرَ الرمالِ
والتلالِ
والجبلْ
يأبى الجملْ
أن يسرعَ الخطى حثيثاً نحو قامةِ الجبلْ
حيث النخيلُ والمياهُ ،
خيمةٌ،
جاريةٌ،
ترفلُ بالحُللْ
دنانها ملأى شراباً من عسلْ

فينتخي الجملْ
ـ أسرعْ ! فلا إدلاجَ، لاعملْ .
لكنه قد حارَ بين الجدِ والهزلْ ؟!
ـ أيهزلُ الجملْ ؟
أم أنه العنادُن والخَبَلْ؟

وها أخيراً يسرعُ الجملْ
صوب الجبلْ
حيثُ الصخورُ والرياحُ والطَلَلْ
والشمسُ في الطَفَلْ

21/11/1997










المحتويات

استهلال 5
الإهداء 6
معزوفات غير موسيقية للفرح 7
عزف على الناي 9
عزف على البيانو 11
عزف منفرد 12
نفخ في البوق 13
تقاسيم على العود 14
عزف على الربابة 15
عزف على الكمان 16
النافذة 17
أغنيات تبث على أثر الجليد 21
المغني 23
الرقص 24
فتى الفتيان 25
الغريب 26
الليل 27
المجهول 28
القفز 29
الناس 30
هولاكو 31
الأمان 32
السواد 33
البرد 34
المنع 35
الدفء 36
الأحجار 37
قال الحكيم بيدبا 40
الويل 46
الرحيل 47
السندباد 50
السهر 54
الاقرار 56
العواصف 57
عصفور من الشرق 59
بلند الحيدري 63
الأسر 64
اللغات 65
رشدي العامل 66
ذريني 68
شهادة 71
الحلاج مصلوباً 77
الوعد والعاصفة 78
أثر في الريح 81
الوان الطيف الشمسي 86
وجوه فوق الماء 93
أزهار الشرق 96
خلف فلحي 98
ساحة النصر 100
الخروج 101
المدن 102
القطار 104
نزعات كثير عزة 105



#عبد_الستار_نورعلي (هاشتاغ)       Abdulsattar_Noorali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراخٌ في الوادي
- قال الحكيم بيدبا
- جواد ..؟!
- محمود من حلبچة
- الحقوق
- الثلج ينزل
- الفاشست مرّوا منْ هناك
- هذي حلبجةُ
- ثلاثية حميد الحريزي الروائية (محطات)
- سارق النار
- ليلة أشرق عنترة بن شداد
- الحقيقة
- هاتف هاتف
- يا........ حمد .......!
- حبٌّ Kärlek
- روحي Min själ
- حبٌّ Kärlek
- كيف لي!
- يوم الشهيد الفيلي
- نصوص قصيرة


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار نورعلي - ديوان (على أثير الجليد)