فاطمة هادي الصگبان
الحوار المتمدن-العدد: 6208 - 2019 / 4 / 22 - 22:44
المحور:
الادب والفن
إهداء له (1)
درس الشيطان
لمحت من خلال البخار المتصاعد من فنجان قهوتها مجموعة من المراهقين اولاد وبنات يتضاحكون ويتبادلون النكات والتقليد على أساتذتهم والمقالب البريئة التي قاموا بها.
استفاقت ذاكرتها من بين الصخب ، وعادت لبدايات عملها والدروس الأولى التي قامت بإعطاءها دروس لفتية مراهقين في اول عملها لمدينة نائية ومتزمتة ، وكانت من القلائل اللواتي شاء الحظ ان يعملن في مدرسة للأولاد في المدينة تلك ...
أخذت تعد أصابعها بذكر الرحمن ان يمنحها صبر القديسين والأولياء لتحتمل مقالبهم ولتسعفها سرعة البديهة لتحمل ما سوف تراه على اللوحة المسكينة .
فتارة تجد عيونا تدمع وتشكو الفراق مرسومة بإتقان على السبورة ، فتأمرهم بأن يحن احدهم ليمسح دموع صاحبهم ، ومابين ضحكاتهم الخجولة يتقدم احدهم وتعود اللوحة لطهرها ، وتارة حواجب غاضبة كأن الذي رسمها فنان وليس طالب ثانوي مبتدئ ، فطلبت منهم ان يمسحوا الغضب فما تحمله هو مجرد قلم ، وكان لها ماشاءت.
وفي الثالثة استطاعت ان تسكت براءتها عندما رأت شفاه مرسومة على اللوح المسكين تبث اللوعة وتشكو الاشتياق وتبوح بالغزل فأجابتهم أيكم معجب بتلك السبورة فلياخذها معه بعد ان ننتهي من الدرس .
وهكذا استمرت الدروس مع تلاميذها المشاغبين حتى حل موعد الدرس الأخير، فأخذت تقدم وتؤخر في مشيتها ، تتساءل مالذي يبيته الصغار العاشقين وأي ابتلاء سيصيب تلك الخشبة من أناملهم الشبقة البريئة.
ظلت تفكر والشيطان يوسوس لها بما سوف يفعلونه ،وما سوف تعجز بديهيتها عن الإتيان به ، تعوذت منه ودلفت للفصل المشاكس.
وكانت الصدمة ...
واذا بإنف كبير يحتل مساحة اللوحة ، استغربت لما هو خارج توقعات شياطينها...
سألتهم ....ماهذا ؟
أجابوا بضحك متواصل ...
انه تكملة للوجه فطيلة الموسم الدراسي رسمنا عيون وحواجب وشفاه وجبين لم يبق الا هذا ....
ضحكت لمشاغباتهم البريئة وحمدت الله على ان شياطينها لم تحضر الدرس...!!
(1)اهداء الى شيخ الأدب اللاذع إبراهيم عبد القادر المازني .
#فاطمة_هادي_الصگبان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟