الأسعد بنرحومة
الحوار المتمدن-العدد: 6208 - 2019 / 4 / 22 - 01:18
المحور:
كتابات ساخرة
بمجرّد الانتهاء من اطفاء الحريق الهائل الذي طال كتدرائية نوتردام بفرنسا حتى سارع وكالعادة حكّام العرب وأذنابهم بالتنديد والتعبير عن عمق الأسى والحزن لما أصاب هذا المعلم التاريخي الهام من دمار. وسارع الكثير من اليوم بتقديم آلاف الملايين ومئات المليارات من أجل اعادة بناء الكتدرائية المنكوبة.
اللهمّ لا شماتة ، وما طال الكتدرائية حادث فضيع من دون شكّ ، ولكن لماذا ينسى هؤلاء أنّ المسجد الأقصى تعرّض لأكثر من حريق ، بل هو يتعرض للهدم والتخريب كلّ يوم ، تخريب وحرق وهدم يحدث كلّ يوم ليس أمام أنظار هؤلاء من يتبرعون للكتدرائية الفرنسية فقط ، بل أمام مرأى ومسمع من هؤلاء الحكام الأقزام الذين استفردوا حكما بسوالفنا وأعناقنا ، وأمام الهيئات الدولية ومنظماتها وجمعيات حقوق الانسان والبهائم وحتى الديار.
أليس المسجد الأقصى معلما تاريخيا أيضا حسب مقاييسهم ، وهو معلم دينيّ حسب مقاييسنا؟ فلماذا يبكي المتباكون لأحزانهم ، ولا يبكون لأحزاننا وآلامنا...
مشهد الصغار والهوان والمذلة هذا ، يذكّرني بمشهد آخر ، كشف كم هم جبناء أقزام حكّامنا ، كم جمعوا بين الجبن والتملّق والنفاق والخيانة حتى صاروا قاموسا لكلّ هذا ، وهو ما كان منهم من المشاركة في مسيرة التنديد بالارهاب الذي طال صحيفة شارل ابدو في فرنسا، وحيث التقى في صفّ واحد الذئب القاتل والثعلب المتملّق ،لا فرق بين قاتل اسرائيلي يده مخضوبة بالدماء وحاكم عميل من حكام العرب ..
فأين هؤلاء من مجزرة نيوزلاندا التي ذبح فيها عشرات من المصلين المسلمين الأبرياء، وقطّعت فيها أطرافهم ؟
وقبلها ، أين هؤلاء المتباكون من مذابح أخرى في العراق ، وفي الصومال ، وفي محارق أفغانستان ، وفي الشيشان، وفي البوسنة ، وغيرها ، أين هؤلاء؟
المشاهد نفسها تتكرر ، مادام الضحية منهم فالجميع يبكي ، ليس مهما أن يكون بكاء الحزن أو مجرد دموع النفاق والمكر والخديعة، اما اذا كانت الضحية منا فلا بأس لأن دماءنا في فكرهم وفلسفتهم وفي حضارتهم ، هي دماء رخيصة لا تستحقّ البكاء من أجلها .
أمّا حكّامنا ، هؤلاء ، الذين يحكموننا ، ولا نعرف كيف ولا متى، فهم لا يستحقّون التعليق ، لأنّ نفاقهم ومكرهم يملأ الآفاق وتشمئزّ منه النفوس ..
لا شكّ أنّ كتدرائية نوتردام هي معلم أثريّ مهمّ ، وأنّ ما أصاب هذا المعلم التاريخي من حريق مدمّر لا يترك الا أسى وحسرة في نفوس الجميع بغض النظر عن الدين والجنس والانتماء. ولكن هنا فقط نريد التعليق على أولئك الذين يقيسون المسائل بمقياسين مختلفين ويقسمون الألم والآلام الى نوعين ، آلامنا وآلامهم ومصائبنا ومصائبهم ، لهؤلاء فقط أردت هذا التعليق
#الأسعد_بنرحومة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟