|
عَوْدَةُ عُمْرَان
نورالدين عزيزة
الحوار المتمدن-العدد: 6205 - 2019 / 4 / 19 - 02:35
المحور:
الادب والفن
عَادَنِي هَذَا اليَوْمَ بَعْدَ غِيَابٍ يَقُولُ: إِنِّي على مَوْعِدٍ مَعَهَا. إِنَّهَا تُخَبِّئُ لَنَا سِرًّا جَمِيلاً، وأُخَبِّئُ لَهَا سِرًّا. وأَعْرَضَ فِي صَمْتٍ وَمَشَى وَمَشَيْت. قَال: قُمْ وَاضْرِبْ في الأَرْضِ وَلاَ تَحْزَنْ.. كَانَ مُنْدَفِعًا وأَنَا أَتَعَثَّرُ، تَحتِي الصَّخْرُ وَفَوْقِي وَفِي فَمِي، وَكَأَنَّ لاَ حَيَاة.
1 عُمْرَانُ رَفِيقُ العُمْر أَعْرِفُهُ مُنْذُ بلَغْتُ الرُّشْد كَانَ أَوَّلَ عَهْدي بِهِ حِينَ تَلاَقَيْنَا صُدْفَة في إِحْدَى المَحَطَّاتِ الكُبْرَى مِنْ مَحَطَّاتِ البَرْد عُمْرَانُ.. سُلْطَانٌ رَافَقَنِي مُنْذُ بَلَغْتُ الرُّشْد كُنْتُ أَصْحَبُهُ في كُلِّ مَكَانٍ.. إِلَى كُلِّ مَكَان عُمْرَانُ.. وأَنَا نِصْفَان نِصْفٌ يَحْمِلُ البَذْرَةَ النَّائمهْ وَالنِّصْفُ الثَّانِي عَقِيم كُنْتُ أَصْحبُهُ فِي كُلِّ مكَانٍ إِلَى كُلِّ مَكَانْ.. ولَكِنَّهُ كانْ عَريضَ الخُطوَاتِ.. وأَنَا أَجْري يَلْتَهِمُ لَيلَ المَسَافَاتِ.. وأَنَا أَجْرِي فِي كُلِّ جِهَاتِ العَصْرِ وكُلِّ الفِرَاسَاتِ.. وأَنَا أَجْرِي أَتَنَفَّسُ بَعْضَ الحِبْرِ وأَعِيشُ عَلَى بَعْضِ الكَلِمَات
2 قَالَ: تَعَالَ مَعِي نَضْرِبْ فِي الأُفْق.. نَفْتَحْ نَافِذَةً لِلحِقْدِ وَنَافِذَةً للحُبّ .. وَلاَ تَحْزَنْ أَنْشِدْ فِي مَزْرَعَةِ الآذَان هَذِهِ اليَابِسَهْ قُلْتُ يَا عُمْرَان: لمْ أَعُدْ أَقْوَى عَلَى وَهْجِ الغِنَاءْ فِي زَمَانٍ كُنْتُ فِيهِ كُنْتُ إِنْسَانًا وَنِصفاَ أَعْجِنُ الأَحْزَانَ أَحْلاَمًا كَبِيرهْ فِي زَمَانٍ صِرْتُ فِيهِ نِصْفَ إِنْسَانٍ وَنِصفٌ ضَاعَ بَيْنَ الإِذَاعَاتِ وأَنْهارِ الصُّحُفْ.. قُلْتُ يَا عُمْرَان: كَانَ فِي بَعْضِ الأَزْمَانِ زَمَانٌ عَقِيم عَاشَهُ عُمْرَانُ قَمِيءَ الصَّوْتِ، خَاوِيَ الصَّمْتِ، بَلِيغَ المَوْتِ.. حَزِينْ كَانَ فِي بَعْضِ الأَزْمَانِ تَاريخٌ جَبَان.. هَجِين قَالَ: أَنْشِدْ فِي مَجْزَرَةِ الآذَان هَذِهِ البَائِسَهْ : أَنَا نُطْفَةُ نَجْمٍ لاَ يَنْتَهِي نَبْضُهُ قَمَرُ الأَعْمَاقِ أَنَا والقِيعَان أَنَا مِنْ وَطَنٍ سَاحِرْ مِنْ وَطَنٍ لَيْسَ لَهُ آخِرْ.. الحَجَرُ الصَّوَّانُ لَهُ فِيهِ أَمَلٌ بِالحَيَاةِ ولِلمَوتْ
3 عُمْرَانُ شُعَاعٌ .. صَوتْ عُصفُورٌ حِينَ يَحُطُّ يَحُطُّ عَلَى كُلِّ الأَغْصَان لَوْنٌ عُمْرَانُ مُخْتَلِفُ الأَلْوَان عُمْرَانُ بَرَاعِمُ تُولَدُ مِنْ عَدَمٍ وَرِيَاحٌ تَنْشَأُ مِنْ عَدَمٍ لَحَظَاتٌ خَرْقَاءُ / مَاءٌ / رَمَادٌ يَغْدُو شَجَراَ نَبْضٌ مُلْتَحِفٌ بَرْدَ الصَّحْرَاءْ نِصفُهُ صَمَدٌ وَالنِّصْفُ الثَّاني خَوَاءْ يَالَهُ مِنْ عَجِينَهْ! نِصْفُهُ بَلْسَمٌ وَالنِّصْفُ الآخَرُ أفْيُون لَيْلٌ ضَارِبٌ وَنُجُومٌ دَفِينَهْ دَيْجُورٌ نُورٌ غَائِبٌ حَاضِرٌ وَاقِفٌ سَائِرٌ.. بُرْكَان وَهْوَ المُسْتَنْقَعُ وَهْوَ الطُّوفَان عَدَمٌ هُوَ فِي عَدَمٍ فِي إِنْسَان يَا لَهُ مِنْ عَجِينَهْ يَستَطِيبُ الصَّمْتَ.. ولَكِنَّهُ يَرْفُضُ المَوْتَ وَالسَّكِينَهْ.
4 عَادَنِي فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ المُزْمِنَةِ، مُضْطَرِبَ العَينيْنِ، مُبَعثَرَ الكَلِمَاتِ، غَائِرَ الضَّحِكَات، يسْبِقُهُ جُنُون. أَفَقْتُ عَلَى وَقْعِ خطواتِهِ اليَائِسَةِ الوَاثِقَة. دَاسَ عَلَيَّ، وَمشَى وَمَشَيْت. كَانَ يَقُولُ: أَقْبِلِي يَا سَحَابَة، لاَ تَأْبَهِي لِهَذِهِ الأَعْجَازِ الوَاقِفة. ولَّتْ فُصُولُ السَّنَةِ. جَمِيعُ فُصُولِ السَّنَةِ وَلَّتْ. فَلْيَتَسَلَّلْ صَوتُكِ إلَى نُخَاعِ هَذِه الأَخْشَاب. لاَ بُدَّ أَنْ تُقَرِّحَ الأَرْض. لاَ بُدَّ أنْ تَفْرَح. لاَ خِيَارَ لَهَا. أنْشِدِي يَا سَحَابَة. أَمْطِري هَذِهِ القِفَار. إِنَّنِي أُخَبِّئُ فَصْلاً لَهَا آخَر. لاَ كَالفُصُول. وَتُخَبِّئُ لِي سِرًّا لاَ كَالأَسْرَار. أَمْطِرِي ولاَ دَاعي إِلَى البُكَاء.
#نورالدين_عزيزة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
افتتاح مهرجان -أوراسيا- السينمائي الدولي في كازاخستان
-
“مالهون تنقذ بالا ونهاية كونجا“.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة
...
-
دانيال كريغ يبهر الجمهور بفيلم -كوير-.. اختبار لحدود الحب وا
...
-
الأديب المغربي ياسين كني.. مغامرة الانتقال من الدراسات العلم
...
-
“عيش الاثارة والرعب في بيتك” نزل تردد قناة mbc 2 علي القمر ا
...
-
وفاة الفنان المصري خالد جمال الدين بشكل مفاجئ
-
ميليسا باريرا: عروض التمثيل توقفت 10 أشهر بعد دعمي لغزة
-
-بانيبال- الإسبانية تسلط الضوء على الأدب الفلسطيني وكوارث غز
...
-
كي لا يكون مصيرها سلة المهملات.. فنان يحوّل حبال الصيد إلى ل
...
-
هل يكتب الذكاء الاصطناعي نهاية صناعة النشر؟
المزيد.....
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
المزيد.....
|