|
فصلٌ من الكوميديا الليبية السوداء (1/3)
محمد بن زكري
الحوار المتمدن-العدد: 6205 - 2019 / 4 / 19 - 00:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اتفاق الصخيرات خط أحمر !
من الآخِر : " شئتم أم أبيتم ، لا بديل عن اتفاق الصخيرات " . تلك هي رسالة أميركا - و من ورائها الثلاثي الاستعماري بريطانيا و إيطاليا و فرنسا - إلى الشعب الليبي ؛ دعما للمجلس الرئاسي ، بما هو كيان سياسي هجين (من الإسلاميين و الليبرالوَيين) ، تمت فبركته بعناية استخباراتية فائقة ، لتمكين الكومبرادور و قوى الراسمالية الطفيلية الليبية ، المرتبطة - مصلحيّا - ارتباط تبعية مطلقة ، بمصالح الاقتصادات الراسمالية الغربية ، من إحكام قبضتهم على الاقتصاد الليبي ، عبر السيطرة على القرار السياسي في طرابلس . إن المرءَ يحتاج إلى قَدْرٍ غير قليل من (الطيبة) و الأمية السياسية ، كي يستوعب أو كي يقتنع ، أو حتى كي يتوهم ؛ أن أميركا ليست حاضرة بقوة في المشهد ، الذي قالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ، عبر حسابها على تويتر ، إنها قد رتبت لإخراجه في لقاء أبوظبي (الثاني) بين حفتر و السرّاج . فمن العسير استبعاد فرضية أن أميركا ليست هي من دعت و دفعت إلى لقاء أبو ظبي الثاني ، بين (الماريشال و الرئيس) ، و أن اللقاء قد تم بتخطيط و تحت رعاية ستيفاني وليامز (أي وكالة الاستخبارات المركزية و وزارة الخارجية الأميركية) ، و أن الغرض الرئيس هو تفعيل ما يمكن وصفه بالخطة (ب) من صفقة اتفاق الصخيرات . فمنذ أن فرضت إدارة ترمب ، تعيين السيدة ستيفاني وليامز (القائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا سابقا) ، نائبا لممثل أمين عام الأمم المتحدة في ليبيا ، للشؤون السياسية ، كانت الإدارة الأميركية - فيما يبدو - قد حسمت أمرها ، لفرض رؤيتها لحل ما يسمى بالأزمة الليبية ، بالذهاب مباشرة إلى إعادة هيكلة الدولة الليبية (سياسيا و اقتصاديا) ، وفقا لمستهدفات اتفاق الصخيرات ؛ تجاوزا لواقع فشل مخرجاته السياسية و تَعَطل تنفيذ ترتيباته الأمنية و الإدارية . و للمرة الثانية يلتقي " الشخصان " في أبوظبي (27 فبراير 2019) ، و كلاهما لا يملك أية شرعية ، تخوله اختصاص أو صلاحيات البث في شأن أزمة تنازع السلطة في ليبيا ؛ فالسيد خليفة حفتر ، هو قانونا (موظف عام / ضابط عسكري) تابع للحكومة المؤقتة غير المعترف بها دوليا ، و التابعة بدورها لبرلمان طبرق منتهي الولاية الدستورية ، و فاقد الشرعية ، و منعدم الأهلية (و أنا استعمل الكلمات بكل الدقة و المسؤولية) . أما السيد فائز السراج ، فهو أيضا (موظف عام / عضو برلمان طبرق) ، تم تنصيبه رئيسا لما يسمى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني ، بـ (وحيٍ) هبط على برناردينو ليون من الرب الأميركي ، في (صفقة) اتفاق الصخيرات . و لقد ذهب (الرئيس السراج) إلى لقاء أبوظبي الثاني ، متسلحا بدعم 50 دولة عربية و أوربية ، كان رؤساؤها قد اجتمعوا بمنتجع شرم الشيخ المصري (24 فبراير 2019) ، في أول قمة مشترَكة لقادة جامعة الدول العربية و الاتحاد الأوربي ، حيث خلُصت مخرجاتها فيما يخص ليبيا ، إلى الاستمرار في دعم تنفيذ اتفاق الصخيرات ! حتى إن لقاء أبوظبي يبدو و كأنه فخ أُستدرُج إليه (المارشال أركان حرب حفتر) ، للبصم على اتفاق الصخيرات ! أما اللقاء الأول بين حفتر و السراج (بصفتيهما) ، فقد جرى في أبوظبي ، بتاريخ 2 مايو 2017 . و كان من اللافت وقتئذ أن يصرح مستشار الحملة الانتخابية للرئيس ترمب للشؤون الخارجية – وليد فارس – بأن لقاء أبوظبي يُعتبر انجازا دبلوماسيا استراتيجيا حققته دولة الإمارات و وليّ عهد أبوظبي ، من شأنه أن يفتح الطريق أمام الولايات المتحدة و الاتحاد الأوربي و المجتمع الدولي لتقديم المزيد من الدعم لإنجاح العملية السياسية (اتفاق الصخيرات) في ليبيا ، وفقا لإفادة صحيفة إيلاف (2 مايو) . و رغم أنه لم يصدر عن اللقاء بيان مشترك ، فقد قيل حينئذ أن " الطرفين " قد اتفقا على (عدة نقاط !) من بينها إجراء انتخابات عامة في البلاد بعد 6 أشهر ، أي قبل نهاية العام 2017 ! . غير أنه قبل نهاية العام 2017 ، و بالذات قبل حلول تاريخ (17 ديسمبر 2017) ، المحدد كموعد أقصى لولاية المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني ، وفقا لاتفاق الصخيرات ؛ تم استدعاء السراج إلى البيت الأبيض في واشنطن (1 ديسمبر 2017) ، حيث نُظم له لقاء ، جمعه مع الرئيس الأميركي ترمب ، لمدة نصف ساعة ، تركز فيه التباحث - وفقا لمصادر البيت الأبيض - على الدعم الأميركي لحكومة الوفاق ، و آخر مستجدات اتفاق الصخيرات . و من اللافت - في حينه - أن الرئيس الأميركي ، ألغى مؤتمر صحفيا ، كان من المقرر (بروتوكوليا) أن يعقده بمعيّة رئيس المجلس الرئاسي الليبي ؛ فالغرض الأميركي من الزيارة ، لم يكن أكثر من تبليغ رسالة مفادها أن اتفاق الصخيرات هو الحل . أما و قد شاء (الفاعلون) الغربيون ، بمباركةٍ مما يسمى المجتمع الدولي ، أن يختزلوا أطراف أزمة الصراع ، الدائر في ليبيا - بالنيابة و بالأصالة - على السلطة و الثروة ، بين (ثوار فبراير !) ، في شخصيْ " الماريشال حفتر " و " الرئيس السراج " ؛ فإنه بين لقاءَيِّ أبوظبي ، تم الجمع بين الطرفين ، في لقاءَيْن آخَريْن ، جرى أولهما في باريس و ثانيهما في باليرمو . ففي سعي الغرب إلى نفخ الروح في مومياء اتفاق الصخيرات ، و استباقا لانتهاء العمر الافتراضي للاتفاق ، منتصفَ ديسمبر 2017 ، استطاع الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون ، أن يجمع بين (الرمزين) في قصر لاسيل سان كلو بباريس (25 يوليو 2017) ، حيث انتهيا إلى إصدار بيان مشترك ، من عشر نقاط ، تعهدا فيه (رسميا !؟) بتفعيل اتفاق الصخيرات . http://www.libya-al-mostakbal.org/88/27809/ و اثنان كسبا من لقاء باريس ، أولهما الرئيس الفرنسي النيوليبرالي إمانويل ماكرون ، الذي كانت شعبيته - القائمة إلى حد ما على صغر سنه - قد انهارت ، حيثُ أفاق ناخبوه على سياسات تقشف و إفقار و انحياز لمصالح الشرائح العليا من الطبقة الراسمالية ، و إضرار جسيم بمصالح ومكتسبات الأغلبية الشعبية ، من العمال الأجراء و الطبقة الوسطى ؛ فوجد طوق نجاةٍ ، في الجمع بين (الرمزين) ، كفرصة للظهور بمظهر قائد الدولة العظمى ، ليستكمل سلما - أصالةً عن فرنسا و نيابةً عن الغرب - ما كان الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي قد بدأه حربا سنة 2011 . و ثاني الكاسبيْن ، هو رئيس المجلس الرئاسي المنبثق عن اتفاق الصخيرات : فائز السراج ، الذي لم يكن - في الواقع - يملك شيئا من الأمر مع الميليشيات المسيطرة بقوة السلاح على العاصمة الليبية ؛ فوجد في لقاء باريس فرصة مواتية ، لإجبار حفتر ، على الاعتراف له بصفة القيادة السياسية ، المنصوص عليها في اتفاق الصخيرات . أما الماريشال (أركان حرب) خليفة حفتر ، فقد عاد من لقاء باريس بخُفيّ الحاج عقيلة صالح . و لذا فقد كان من المفهوم ، أن يُصدر المجلس الأعلى للدولة - المؤتمر الوطني العام سابقا - بيانا رسميا (27 يوليو 2017) ، أعلن فيه تأييده لمخرجات لقاء باريس ، مؤكدا على أن اتفاق الصخيرات ، هو الإطار العملي (الوحيد) لحل الأزمة الليبية . كما كان من المفهوم جدا ، أن يرحب رئيس حزب العدالة و البناء (إخوان مسلمون) بالبيان الختامي للقاء باريس ، فيصفه بالتغيير غير المسبوق في موقف أكبر معرقلي اتفاق الصخيرات ، مثمِّنا دور رئيس المجلس الرئاسي في الحفاظ على الاتفاق السياسي (الصخيرات) . أما في لقاء باليرمو بإيطاليا ، الذي تم بين (الرمزين) ، بحضور رئيس الوزراء الإيطالي و الرئيس المصري و الممثل الخاص لأمين عام الأمم المتحدة ، على هامش اجتماعات المؤتمر الدولي (12 - 13 نوفمبر 2018) ، المنعقد بدعوة من رئيس الحكومة الإيطالية ، لبحث مستقبل ليبيا (!) ؛ فإنه بالإحالة إلى توافق الطرفين في اللقاءات السابقة (و بالأخص في بيان باريس) ، على مرجعية اتفاق الصخيرات في خطوطه الرئيسة ، فلا شيء ينفي ما تناقلته وكالات الأنباء ، من أنّ الماريشال حفتر أوحى للرئيس السراج ، باستعداد الأول للقبول ببقاء الأخير على رأس السلطة التنفيذية ، إلى حين إجراء الانتخابات العامة ، ما يعني القبول - ضمنا - باتفاق الصخيرات ؛ أخذا في الحسبان ما خلص إليه مؤتمر باليرمو ، من تأكيد أنّ اتفاق الصخيرات ، هو المسار (الوحيد) للوصول إلى الحل السياسي ، مع الدعم الكامل لخطة المبعوث الأممي غسان سلامة ، بالتوجه إلى خيار ما يسمى الملتقى الوطني الليبي الجامع . و يلاحظ أن كل اللقاءات التي جمعت بين (الرمزين) ، كانت على المستوى السياسي ، خصما من رصيد حفتر ، و إضافة لرصيد السراج . و يرجع ذلك إلى عدة أسباب ، يأتي في المقدمة منها سوءُ و تهافتُ أداء برلمان طبرق ؛ بما هو معروف عن برلمان طبرق ، من المساومة على البقاء في السلطة بأيّ ثمن (*) ، ما أدى به - أصلا - إلى اتفاق الصخيرات ، لتقاسم السلطة مع المؤتمر الوطني العام ، و من ثَمّ تذبذب و تناقض مواقفه - إجرائيا ، و بخلفية تحاصصيّة - في التعاطي مع مخرجات صفقة الاتفاق السياسي ، المبرم في منتجع الصخيرات ؛ ذلك الاتفاق الميت الذي يحاول عرابوه و المستثمرون فيه ، أن يبعثوه حيا ، عَبْر إخراج و تشخيص (سيناريو) ما يسمى بالملتقى الوطني الليبي الجامع . _____ (*) في جلسة 25 يناير 2016 ، وافق برلمان طبرق على اعتماد المجلس الرئاسي . و في جلسة 7 مارس 2017 ، قرر إلغاء الاتفاق السياسي . و في جلسة 4 أبريل 2017 ، قرر العودة إلى طاولة الحوار ! .
#محمد_بن_زكري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جرة قلم !
-
المرأة و إعادة إنتاج الهيمنة الذكورية
-
كشف التزوير في ثورة التكبير
-
رسكلة أو إعادة إنتاج النظم التسلطية (ليبيا / نموذجا)
-
متوفر حسب الطلب
-
أكذوبة الجيش (الوطني) الليبي في دولة الميليشيات
-
مشكلة الإنسان المجوف فاقد الأبعاد
-
دكتاتورية سلطة الكومبرادور
-
( لا ) مرفوعةً إلى الأسّ العشريّ
-
هل هي إصلاحات اقتصادية ؟ (2/2)
-
هل هي - إصلاحات - اقتصادية ؟ (1 / 2)
-
لا .. لمشروع الدستور الجديد / 4
-
لا .. لمشروع الدستور الجديد / 3
-
لا .. لمشروع الدستور الجديد / 2
-
لا .. لمشروع الدستور الجديد / 1
-
الحيادُ في الدستور ، وهْمٌ وخديعة / الحالة الليبية نموذجا
-
الجماهير الرثة لا تصنع ثورة و لا تبني دولة
-
زوّجناكها
-
رمزية الجنس في أساطير ديانات الخصب
-
الخليفة عمر يغتال سعد بن عبادة و يتهم الجن باغتياله !
المزيد.....
-
الملكة رانيا تهنئ الأمير هاشم بعيد ميلاده العشرين
-
انتشال 30 جثة حتى الآن لضحايا كارثة مطار ريغان في واشنطن
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
-
فوائد -مكملات الحمل- في تقليل مضاعفات الولادة
-
ماذا نعرف عن وحدة الظل في كتائب القسام المسؤولة عن تأمين الر
...
-
-مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا- - جيروزاليم بوست
-
سانا: الرئيس أحمد الشرع سيلقي خطابا موجها للشعب السوري مساء
...
-
شاهد: فرحة أسرة الأسيرة أغام بيرغر بعد أن أفرجت عنها حماس
-
انهيار صخري في أعماق كاليفورنيا يكشف أسرار تكوّن القارات
-
سر -طبيب الموت- ولغز -عاصمة التوائم-!
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|