سناء الحوضي
الحوار المتمدن-العدد: 6202 - 2019 / 4 / 15 - 01:55
المحور:
كتابات ساخرة
توجد حكاية أو قصة قصيرة (من الثرات الإنجليزي ) ملخصها من ذاكرتي: القتى مسافران في طريق ما، فحاول أحدهما أو كلاهما بيع بضاعته للاخر ، فتوصلا بعد طول جدل ومساومة الى صفقة مقايضة جرتين مملوئتين بمحتوى ثمين، ربما عسلا أو سمنا ثم سار كل واحد في طريقه. وبعد ان أنهكهما المسير الطويل جلسا يتفيئان ماءا وقوتا رطبا ليكتشف كلاهما أن الجرتين مملوئتين بمحتوى مخلوط ربما رملا وحصى. أظن عنوان القصة كان المحتلان . وعقدتها لعبة خداع مزدوجة، البائع والمقتني معا - متحاذقين متذاكيين مستظهرين كل كراسات الشيخ فرويد ومستعلفين كل نباهة مولانا انشتاين وحافظين عن ظهر قلب كل قفازة العلامة الفهيم - . هذه القصة برأيي ملخص الحياة في الكثير من تجلياتها ومظاهرها وطرقها الوعرة. وكأني أسمع الحمقى والمعتوهين لسان حالهم يقول لأذكياء هذا العالم: قد يكون في جرتك عسل خالص أو سمن خالص، ومن عبث الصدفة دائما أن كل الحمقى والمعتوهين لديهم تحسس العسل أو السمن، وهو يشبه تحسس لقاح الازهار في مطلع فصل الربيع. الأزهار (كما الذكاء) لديها رائحة قوية طيبة وشكل جميل ولكنها بالنسبة للمتحسسين مادة هلع. العبرة المستخلصة: من لا يخوضون في صفقات تقايض متواصلة ومكوكية على طول مكوكية الطريق نفسها، هم من يستلطفون بعضهم بعضا. فلا ذكاء ولا قوة الا بالاستلطاف، لأن الاستلطاف أو الاستثقال سر رباني لا اشتغال عليه.
#سناء_الحوضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟