وليد فتحي
الحوار المتمدن-العدد: 6200 - 2019 / 4 / 13 - 12:47
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
(2)مشهد الجعفري والسيدة عاتكة :-
الموقع : شارع الخليفة- بجوار مشهد السيدة رقية - حي الخليفة .
تاريخ الإنشاء : 514 هـ - 519 هـ / 1120م - 1125 م .
المنشئ : الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله .
رقم التسجيل : 333 .
الوصف المعماري :
يقع هذان الضريحان الصغيران داخل أسوار مشهد السيدة رقية,ويحتوي الضريحان على قبري(يحيى بن محمد بن الإمام جعفر الصادق),والسيدة (عاتكة) عمة الرسول(ص)
وهما على درجة كبيرة من الأهمية؛لأنهما يشتملان على الخطوة الأولى من التطور من الحنية الركنية البسيطة إلى الدلاية المقرنصة بالنسبة للقباب .
والقبة في مشهد السيدة عاتكة تشتمل على تضليعات داخلية وخارجية؛حيث تشتمل على ستة عشرة ضلعًا,ويحيط بمربع قبة السيدة عاتكة من الداخل زخارف كتابية مكتوبة(بالخط الكوفي)تحتوي على آية الكرسي،وحُلّى عقد المحراب وتواشيحه بكتابات كوفية..
- المناطق(الأشكال)المحاريةبمشهدالسيدةعاتكة[514هـ-519هـ/1120م-1125م]:-
أولاً: الأشكال المحارية بخوذة القبة من الخارج والداخل لمشهد السيدة عاتكة:
تتميز قبة مشهد السيدة عاتكة بأنها مضلعة من الخارج,وهي تعد أقدم نموذج من نوعه في مصر باقية إلى الآن,باستثناء القباب الفاطمية بأسوان وهي من التأثيرات المباشرة من طريقة زخرفة خوذة القباب بشمال أفريقيا إلى المنشآت الجنائزية بمصر الفاطمية,ولاسيما القبة التي تتقدم محراب جامع القيروان بتونس؛والتي تنسب إلى(الأميرإبراهيم أحمد بن الأغلب)عام[248هـ/862م],والقبة التي تتقدم محراب جامع الزيتونة-والتي ترجع إلى عام[250هـ/864م],وتتبيّن فيها الأضلاع المخوصة التي تنبثق من خوذة القبة لتبرز العنصر المحاري الذي يميز القبة من الخارج,حيث أن زخارف الضلوع كنبتة الصبار,ففي داخل قبة مشهد (السيدة عاتكة)تتشابه العناصر الزخرفية المشعة- مع قبة مشهد الجيوشي من الداخل أيضًا,فخوذة القبة مضلعة وتفصل بين تضليعاتها المجوفة خوص بارزة تشع من قطب القبة,وتمتد حتى استدارة القبة فوق منطقة الانتقال التي تقوم بمهام وظيفية,وهي تحويل مربع الضريح (المشهد)إلى إطار دائري,والذي تنبثق أضلاعه من مركز القبة,ومن الملاحظ أن عدد الأذرع المخوصة المشعة من قطب القبة ستة عشرة ضلعًا(ذراعًا)تتجمع أطرافها العلوية عند جامة مستديرة الشكل أو دائرة مركزية مسطحة- أي تشع من مركز مسطح الذي يمثل قطب القبة,وهي فارغة بدون أي زخارف ,وتلك الأذرع(الأضلاع)طولية ومجوفة ثم تبدأ في الانكسار؛وتبدوبارزة عند إطارها التي تعلو مناطق الانتقال الأربعة,ونجد أن خوذة القبة بيضاوية الشكل بسبب هدم انتظام المربع السفلي الذي أقيمت عليه القبة,كما أن القبة تتسم بتضليعاتها المخوصة البارزة من الداخل .
ويفصل مابين تضليعاتها المجوفة خوص بارزة تشع من قطب القبة,وتمتد حتى استدارة القبة أعلى منطقة الانتقال.
ثانيًا:الأشكال المحارية بمربع قبة مشهد السيدة عاتكة من الخارج :
وتتبيّن بأضلاع قبة مشهد السيدة عاتكة الأربعة دخلة محارية(مشكاة مجوفة)من الحجر,في كل ضلع وهي عبارة عن دخلة مشعة أشبه - بتجويف المحراب الصغير- في تكوينه الفني وسماته المعمارية وليست الوظيفية,ففي باطنها حشوة صماء بارزة دون أي زخارف بداخلها,وذات قمة مدببة ,وتنبثق منها أضلاع محارية ومجوفة وعددها(عشرة)ضلعًا يفصل فيما بينها قنوات محارية غائرة؛وعددها(تسعة)أضلاع وتنتهي بأذرع منكسرة ذات نهايات من الكنن المفرغة والتي تشبه المقرنصات,فهي في النهاية تنتهي بصف واحد من الكنن(المقرنصات),بحيث أن طاقية هذه الدخلة المحارية ذات العقد المدبب,يعلوه فصوص من الكنن(الحنايا المجوفة الصغيرة)المقرنصة,ومن الملاحظ أن الضلع الأوسط من الأضلاع المحارية هو- الأكبر-من حيث الحجم والنسب القياسية؛ بالمقارنة مع باقي الأضلاع المشعة,وبالتالي فهو ينتهي بذراع(ضلع)مفرغ ومختلف قليلاً عن باقي الكنن المقرنصة,فهو ينتهي بكنّة ذات شكل معين,وفي أسفل الدخلة المحارية المجوفة تزدان بعمودين مدمجين, بحيث يقع عمود اسطواني رشيق بكل جانب .
(3)مشهد السيدة أم كلثوم :-
الموقع : شارع الإمام الليثي – منطقة جبانة الإمام الشافعي – حي مصر القديمة.
المنشئ : الخليفة الآمر بأحكام الله .
رقم التسجيل : 516
الوصف المعماري :
و يتكون المشهد الآن من زاوية في غاية البساطة,عبارة عن مساحة مستطيلة يتوسطها أربعة أعمدة ,يعلوها كمرة خشبية تحمل السقف الحديث،يتوسطها الضريح على أن أجمل ما فيها محراب جصي,وعلى جانبيه محرابان خاليان من الزخارف،ويعلو المحراب الرئيسي طاقية على شكل محاري،و بني المشهد في عهد الخليفة الفاطمي (الآمر بأحكام الله)،ولم يتبقَ منه إلا المحراب الذي يحتوي على العديد من الزخارف الإشعاعية,وملأ فراغها ( محمد وعلي ) بالخط الكوفي.
- المناطق المحارية بمشهد السيدة أم كلثوم[516هـ/1122م]:-
الأشكال المحارية بالمحراب الرئيسي للمشهد :
ويوجد بالمشهد ثلاثة محاريب متميزة,الرئيسي منه يغطيه طاقية على شكل محارة,ويعتبرالأول من نوعه في مصر,وهو محراب من الجص على أرضية من مادة الآجر,ويقع بمنتصف الجدار الجنوبي الشرقي بداخل المنشأة,وعلى جانبيه الشمالي والجنوبي؛يوجدمحرابان آخران خاليان من أي زخارف,وكما زخرف بتجويفه شريط عريض من الزخارف الهندسية البارزة على الجص؛تشكل قوامها - أربعة نجوم ذات ثمانِ رؤوس .
وبداخل كل نجمة من النجمات الأربعة يوجد اسم(علي),ويتبيّن المحراب الرئيسي؛وهو عبارة عن حنية مجوفة(نصف دائرية)وعميقة من الجص,اتساعها( 69سم) وعمقها (50سم) وارتفاعها (2.32م),والقطاع الأوسط من زخرفة حنية المحراب من الأسفل بها شريط من الزخرفة الجصية,وتتكون من أشرطة متداخلة تم تركيبها كحبيبات زخرفية,وتجري رأسيًا وأفقيًا بحيث تتقاطع مع بعضها البعض بزوايا معينة برؤية هندسية وإبداع زخرفي نادر,ومقسم إلى أربع مناطق بينها صفوف من المربعات,وتشتمل كل منطقة على شكل مثمن ناتج من زخرفة هندسية,عبارة عن مربعين متقاطعين أو تشابك من صلبان رباعية وأشكال نجمية مثمنة الهيئة,ويحتوي كل مربع على زخرفة نجمية ذات ثمانية أضلاع محشوة بدائرة تحتوي على شكل طغراء أو حروف بالخط الكوفي, وشغلت أرضيتها أشرطة محددة بهيئة رأسية,عبارة عن دوائر صغيرة,ويفصل بين المنطقة الوسطى من المحراب والطاقية زخرفة بارزة قطاعها محدب؛تأخذ شكل عظمة السمك ويتوجها حلية على شكل المثلث المقلوب وضعت في أخدود عميق ومزخرفة بحلية على شكل دالات,يفصل مابين زخرفة الحنية عن الطاقية المحارية .
أما الطاقية فهي عبارة عن ضلوع تخرج من منطقة دائرية؛تزخرفها ضلوع تخرج من منطقة في الوسط,ويبدو كما لو كانت تدورفي هيئة مروحية-ويستدق الضلع عند اتصالها بهذه المنطقة الدائرية,ويستعرض في الاتجاه الخارجي حيث ينتهي بأشكال مثلثة ودائرية بالتبادل في تصميم داخل إطار العقد,الذي يتقدم أعلى حنية المحراب والمساحات بين التفصيصات تملؤها زخارف نباتية,ويلي إطار عقد المحراب إطار آخر مفصص,ويلاحظ أن الفصوص تأخذ شكل نصف مستدير,وهذا الإطار المفصص ذات فصوص كبيرة وصغيرة؛حيث يتبادل كل فص كبير مع آخر فص صغير,بصدرها حشوة صغيرة مستديرة الشكل - فارغة دون أي زخارف – بداخلها, تتشعع منها أضلاع محارية بارزة وعددها (ثمانية ضلعًا),يفصل فيما بينها قنوات غائرة تنتهي بنهايات ذات رؤوس نصف دائرية أشبه بالعقد المدبب ؛بالتناوب مع أشكال مثلثة بحيث أن الطاقية محارية محززة ذات شكل متميز,فالحزوز التي تشع من عقدة محززة لولبيًا مستديرة بالتناوب وعلى شكل حرف(V) في مقطعها,فهذه الطاقية المحارية المميزة تعتبر الأقدم في مصر يحيط بها عقد مدبب كإطار يحتويه سلسلة من الفصوص المدببة الكبيرة,والتي تفصل بينها فصوص صغيرة جدًا,ويعد هذا التأثير تأثيرًا مغربيًا؛وتغطيها طاقية بإطار ذات العقد المدبب,وزخرفت حشواتها بزخارف نباتية محزوزة قوامها أنصاف مراوح نخيلية ووريقات وأفرع نباتية متماوجة,ومن الملفت للنظر ثراء الزخارف التي تمت بطريقة الحز أعلى إطار الطاقية المحارية بعناصر نباتية محزوزة ومفرغة أيضًا,ويحتوي المنحنى النصف الدائري بطاقية المحراب في إطاره العلوي والخارجي أخاديد ذات عقد نصف دائري,يعلوها زخارف نباتية دقيقة ومفرغة,ويعد هذا المحراب المتميز نموذج يدل على التأثيرات التي جاءت من شمال أفريقيا إلى مصر في العصر الفاطمي ,فهناك حنيتان ذات طاقية محارية الهيئة تتكون من أخاديد كلاهما مستديرة وشكل مثلثي الهيئة في مقطعهما؛ يقعان على الواجهة الجنوبية الشرقية من مئذنة قلعة بني حماد,ويقول (كريزويل) ربما تعود هذه الزخرفة المحارية بالمئذنة إلى بعد عام [398هـ/1007م ]بقليل .
(4)مشهد السيدة رقية :
الموقع : شارع الخليفة بالتقاطع مع شارع الركيبة - حي الخليفة.
تاريخ الإنشاء : 527 هـ / 1133 م .
المنشئ : السيدة علم الآمرية (زوجة الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله ).
رقم التسجيل: 273 .
الوصف المعماري :
ويتكون المشهد من سقيفة ذات ثلاثة عقود مدببة يتقدم المدخل؛الذي يتوسط محرابين ذي طاقية مضلعة,ويفضي المدخل إلى حجرة المشهد التي تعلوها القبة ،وهذا التصميم المعماري يشبه مشهد الجيوشي بالمقطم ,والذي يتكون من مساحة تؤدي إلى سقيفة ومنها إلى المشهد ,ويحتوي المشهد على ركنيات مقرنصة - مماثلة لقبتي (السيدة عاتكة والجعفري),ويتميز المشهد بالزخارف المعمارية والفنية من الجص,والتي تشبه إلى حد كبير زخارف (جامع الأقمر),وتتمثل في المحاريب ذات الطاقية المضلعة تتوسطها الجامات الدائرية(الميداليونات)المزخرفة بأسماء(محمد وعلي),وأشرطة الكتابة الكوفية المزهرة حول عنق القبة والمحاريب,وقد فقدت أروقته الخارجية ولم يتبقَ سوى رواق خارجي واحد؛واجهته مكونة من ثلاثة عقود محمولة على أعمدة مزدوجة،وهذا المشهد قد بني من الآجر فيما عدا الأعمدة والمحراب الرئيسي فهما من الحجارة،كما استخدم الجص في تكسية الجدران.
- المناطق المحارية في مشهد السيدة رقية[527هـ / 1133م]:-
أولاً: الأشكال المحارية بالمحرابين الجانبيين للمحراب الرئيسي بالمشهد:
وفي داخل مشهد السيدة رقية يوجد خمسة محاريب,ثلاثة تتصدر جدار القبلة أهمها وأكبرها المحراب الأوسط وهو الرئيسي,ويتكون كل من المحرابين الجانبيين تجويف على شكل(محارة شمسية),واثنان يكتنفان سقيفة المشهد من الخارج.
وقد تميزت هذه المحاريب الخمسة بطاقاتها المحارية(المشعة),والتي تنتهي في إطار عقد المحراب بأشكال المقرنصات,فقداستخدم الفنان الزخارف المشعة لتزيين طاقية المحراب الرئيسي للمشهد,ويتشابه المحرابان الجانبيان بجدار القبلة مع بعض التفاصيل الفنية والزخرفية مع المحراب الرئيسي وإن كانا أقل حجمًا منه؛ففي كلاً من المحرابين الجانبيين للمحراب الرئيسي في الجهة الجنوبية الشرقية؛فإنهما متشابهان تمامًا,فقد اتخذ العنصر المحاري شكلاً مميزًا عن أشكال المحارات من حيث شكل أشعة الشمس في هيئتها,ففي باطن المحراب توجد جامة مستديرة ذات دائرتان متوازيتان متحدتا المركز,ففي الدائرة الداخلية زخرفت بخطوط هندسية ونباتية قوامها - حلقات دائرية وخطوط مائلة ومتشابكة ووريقات وأفرع نباتية متماوجة وأشكال التضليعات النجمية,وتفصيلاتها الزخرفية(كندة وتروس ولوزة) .
وتتجمع كل هذه التفاصيل الزخرفية الهندسية والنباتية لتكون أطراف ذات رؤوس مفصصة تحتويها إطار الدائرة الداخلية,في حين أن الدائرة الخارجية فهي قوامها عبارة عن زخارف نباتية مجدولة بارزة ومفرغة,وتنبثق من هاتين الدائرتين متحدتي المركز ضلوع مشعة بارزة ,وعددها (اثنتا عشرة) ضلعًا,ويفصل فيما بينها قنوات غائرة وعددها (ثلاثة عشرة) ذراعًا,وتنتهي هذه الأذرع برؤوس ذات قمم مدببة أو صفين من المقرنصات, ففي الصف الأول من المقرنصات بقمة ذات العقد المدبب,وفي الصف الثاني من المقرنصات ينتهي بقمة ذات العقد المدبب المستقيم؛وقد انطلقت هذه الضلوع البارزة وقنواتها الغائرة من باطن حنية المحراب- أي من مرحلة الأسلوب( الغائر)والمجوف إلى مرحلة الانتقال بالأسلوب البارز في تراكيب الصف الثاني من المقرنصات,وتزدان طاقية كلاً من المحرابين الجانبيين للمحراب الرئيسي بالعقد المدبب,يحتوي بداخله على زخارف هندسية ونباتية متداخلة قوامها وريقات وأفرع نباتية متشابكة وخطوط متقاطعة,ويزدان بطاقية المحراب كوشتي العقد عبارة عن صرة فارغة من أي زخارف,تقع على جانبي الطاقية المحارية للمحراب,على أرضية من الزخارف النباتية البارزة قوامها- مراوح نخيلية وأنصافها وفروع نباتية ووريقات بارزة ومتشابكة ومتقاطعة,ويعلوهاإزارمن الكتابات الكوفية,وزخرفتها قوامها- آية قرآنية(بالخط الكوفي المزهر)على أرضية من الزخارف النباتية المفرغة والبارزة ممتدة أفقيًا.
ثانيًا:المناطق المحارية للمحراب الرئيسي بمشهد السيدة رقية:
يتبيّن المحراب الرئيسي للمشهد حيث هو من أكبر المحاريب الخمسة في المشهد,فإن اتساع صدره(ثلاثة أمتار)وارتفاعه(خمسة أمتار ونصف),وعمق الحنية(متر واحد),وهو عبارة عن دخلة مجوفة مكسية بزخارف جصية رائعة ذات تشكيل زخرفي جميل,ويعتبر هذا المحراب أكبر القطع الفنية الجصية الزخرفية في مصرالإسلامية,حيث اتساع(عرضها)واجهة المحراب الرئيسي .تحديدًا(2.95م)وارتفاعهاتحديدًا(5.53م),وحنيةعرضها(1.20م)وعمقها(1.15م),ويغطيها طاقية عبارة عن نصف قبة على هيئة محارة شمسية,بمنتصفها جامة بيضاوية الشكل بداخلها زخرفة من الكتابات الكوفية- قوامها تتضمن لفظ الجلالة(الله),ويحيط بها كلمة(محمد)مكررة سبع مرات,بالإضافة إلى زخارف هندسية ونباتية قوامها - خطوط [متشابكة ومتماوجة ومتقاطعة - وأفرع نباتية مجدولة - ووريقات وأنصاف مراوح نخيلية ],بحيث تنبثق من هذه الجامة البيضاوية من داخل حنية المحراب الرئيسي أضلاع بارزة محارية,وعدد أضلاعه (ثمانية عشرة)ضلعًا مشعًا؛وفيما بينها قنوات غائرة وعددها(تسعة)أذرع مشعة,بحيث يتقابل كل ضلعين بشكل متتابع من الأضلاع(الثمانية عشرة),وتنتهي برؤوس ذات العقد المدبب,ومن الملفت للنظر أن التفاصيل الفنية بداخل حنية المحراب الرئيسي مميزة من حيث أشكال الضلوع المشعة البارزة وقنواتها الغائرة؛فإنه يشبه كثيرًا- محارة البحر,فهي عبارة عن زخرفة من ثلاث حطات من المقرنصات تتدرج في الاتساع من الداخل إلى الخارج,وهي تمثل نهاية الإشعاعات بالطاقية,ومن الجدير بالذكر أن المشهد يتقدمه من الجهة الشمالية الغربية رواق مستطيل يطل على الخارج ببائكة من ثلاثة عقود مدببة وتنتهي بخط مستقيم,ويوجد بصدر هذا الرواق على جانبي المدخل محرابان ينتهي كل منهما على حنية نصف دائرية,وزخرفت طاقيتها بزخارف مشعة يحيط بها إطار من الزخارف الكتابية والهندسية,ويقول(د.عبد الناصر ياسين)أنه عثر في تجويف المحراب الرئيسي على آثار كسوة رخامية,ويرى (كريزويل)أنه من الأضمن نسبتها إلى حقب متأخرة. لأنه ليس هناك محراب استخدمت فيه هذه الظاهرة قبل محراب ضريح الصالح نجم الدين أيوب[647هـ - 648هـ],وإن استخدام الرخام في المحاريب وُجِدَ مبكرًا في سوريا كما هو الحال في محراب مدرسة بحلب ترجع إلى سنة[580هـ] .
غير أن(أ.حسن عبد الوهاب)لم يستبعد أن تنسب الكسوة الرخامية في محراب مشهد السيدة رقية إلى العصر الفاطمي,وأشار إلى ما ذكر"المقريزي"بأن الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله جدّد في سنة[532هـ]قبة السيدة نفيسة,وأمربعمل الرخام الذي في المحراب مما يعني أن ظاهرة كسوة المحاريب بالرخام كانت معروفة في العصر الفاطمي,وعليه فلو صح نسبه الكسوة الرخامية في مشهد السيدة رقية إلى العصر الفاطمي,فستكون أقدم كسوة رخامية في المحاريب على الإطلاق في مصر,وعلى أية حال فلو صحّت نسبة الكسوة الرخامية في محراب مشهد السيدة رقية إلى العصر الفاطمي,فليس من المستبعد أن تكون متأثرة في ذلك بمحاريب شمال أفريقيا إذ استخدمت تلك الكسوات الرخامية في محراب جامع القيروان[221هـ],ومحراب جامع الزيتونة [250هـ],غير أنه ينبغي ملاحظة أن استخدام الرخام في كسوة المحاريب كانت معروفة من قبل في الموصل بالعراق قبل ظهورها في محاريب المغرب .
وهناك ثمة اعتقاد بأن هذه الظاهرة وفدت من العراق إلى تونس منذ بداية القرن الثاني الهجري عن طريق الوالي الأموي عبد الله بن الحبحاب ثم انتشر استعمالها هناك على يد الأغالبة . .
ثالثًا: المناطق المحارية لخوذة القبة من الخارج والداخل للمشهد:
لهذا المشهد قبة مضلعة من الخارج؛وهي تعد استمرارًا لأشكال القباب الفاطمية المضلعة المتأثرة بمثيلاتها في غرب العالم الإسلامي,ورقبة هذه القبة مثمنة الشكل فتح بها ستة عشرة نافذة بواقع في كل ضلع من أضلاعها نافذتان,ويحيط بكل منهما طاقية قالبية الشكل,ويعلوها مباشرة الضلوع المفصصة للقبة من الخارج تشبه(نبتة الصبار),وتأخذ شكلاً محاريًا وعددها(أربعة وعشرون)ضلعًا تتوجها هلال,وكسيت القبة من الخارج بالبلاط والآجر والخشب وكلها مواد بناء جلبت من البيئة المحلية,وتتبين المناطق المحارية في القبة من الداخل بالمنشأه في الضلوع البارزة على هيئة أذرع مشعة؛والتي تنبثق من جامة مستديرة الشكل- تتمركز بقطب القبة من الداخل,فالقبة من الداخل ذات شكل مضلع أيضًا يفصل بين تضليعاتها المجوفة خوص بارزة,وتشع من قطب القبة,وعدد الضلوع البارزة والتي تشع من مركزية القبة من الداخل(أربعة وعشرون)ضلعًا,وتمتد حتى استدارة القبة أعلى منطقة الانتقال .
#وليد_فتحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟