وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 6199 - 2019 / 4 / 12 - 16:11
المحور:
الادب والفن
وديع العبيدي
مقامات تونس /1
(عبور المتوسط..)
(1)
مؤامرة مرّة هذه الأرض..
وهذي السماء الخفيضة..
بحرٌ من الرمل..
ما من طريق..
ولا دالة لطريق..
وحدها الريح.. لا
حتى الريح مراوغة..
تلامس سطح المياه..
وتترك قيعانه راكدة..
(2)
ليس مثل الرياح..
ليس مثل البحار..
ليس مثل الصحارى..
مؤامرة.. هواجسنا..
لا ترى منفذا..
في ثرى.. أو سماء..
والمدى أبيض..
أبيض كالطحين..
الخمر.. أو رغوة البحر..
إذ يحتنق/ يحتضر.. تحاصره
حيرة.. صبية.. من يتاماه..
وربة قيل...........
(3)
للبحر امرأة..
قصة عشق..
يراودها أو تراوده..
ولكنها كذبة....
كذبة كالرمال..
يتاماه كثرٌ..
وما من نساء..
(4)
وما من غريب..
يدقّ على بابة مطفأة ..
حدقتاها "طبكَة" للسفائن..
مراكب تحفل بالامنيات.. وبالغانيات..
منزّلة من سماء غريبة..
"طبكَة" لا تغادر ضفتها..
أينما اتجهت..
يجمع البحر ساقيه عنها..
وتبقى المواعيد معلّقة..
أو مؤجّلة..
وتبقى العرائس في ثياب الحداد..
ففي كلّ يوم لها مأتم..
وفي كلّ يوم تباح البلاد..
(5)
مؤامرة..
هذه البهجة المستباحة..
مثل القضيّة..
أقصد الصمت!..
أعشق الصمت.. أعني..
أعشق الموت..
هذا السكون الذي لا يشيء..
(6)
وجه النهار تلوّثه المركبات..
تضيق به الهمهمات..
ليس من أسئلة..
ضحكاتٌ مزوّرةٌ.. مضيّعةٌ..
بلا أفئدة..
ولا....
(7)
ساحل البحر، قيل للـــــ...
(انتظار)..
وها هم يتاماه..
منتظِرون.. ومنتَظَرون!..
يمدّون أعينهم في الفراغ..
ولا يبصرون.
يمدّون للغيب أذرعهم..
ولا يجدون.
طارت الطيرُ يا سيّدي..
والبحار.. أغلقت كل زاوية..
والمدى أبيض.. ودخان..
دونما زاوية..
والبلادُ البلادُ..
هذه المشتهاة..
سورة القانطة.
(8)
البلادُ البلادُ البلادُ..
حاصرتها المكائن..
بلدوزرات.. مسلّحة..
أغلقت كلّ زاوية..
تفتح الباب نحو السماء..
فهل تمسكين القمر..
إذا عاد من غيّه..
وتمطّى على مسمع أو بصيرة..
وأرخى قوائمه أو تثاءب..
أو: قام يبحث عن علكة أو "قميئة"..
(9)
مدّي يديك..
فأنّ السماءَ مؤامرةٌ.. حلوةٌ
والصحارى سراب..
ليس في الآنية..
غير ورد ذوى..
ليس للوردِ أيّما رائحة..
ليس للرائحة..
صلة بالمكان..
والمكان بلا رؤية..
مؤامرةٌ.. كالقضيّة.
16 - 5- 2002م
تونس/ المنستير
وديع العبيدي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"طبكَة": عارضة خشبية واسعة على سطح ماء النهر/ محمولة على أنابيب مطاطية معمّرة بالهواء، تقوم بنقل السابلة والبضائع والعجلات بين شاطئي شط العرب، شط العشار وشط التنومة في البصرة.
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟