|
حتي لا تخطف الثورة و تضيع دماء الشهداء هدرا علينا أن نقرأ ما بين السطور و نرى ما وراء القمم.
عبير سويكت
الحوار المتمدن-العدد: 6198 - 2019 / 4 / 11 - 16:31
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
حتي لا تخطف الثورة و تضيع دماء الشهداء هدرا علينا أن نقرأ ما بين السطور و نرى ما وراء القمم.
عبير المجمر (سويكت)
منذ البداية و عندما سئلنا مراراً و تكراراً عن مدى نجاح ثورة ديسمبر السودانية ؟قلنا أن النجاح نسبي لا يمكن تقييمه بإسقاط النظام فقط، فما نجحت فيه ثورة ديسمبر السودانية و إنجازاتها جعلها تاريخية تصدرت فيه الريادة على مستوى تاريخ السودان النضالي، و تسلقت فيه القمم فأصبحت ربيعاً سودانياً يحتذى به على المستوى الإفريقي و العربي، و أبدعت و تفننت هذه الثورة العبقرية السودانية حتى صنعت حسادا على المستوى الإقليمي و الدولي، و تآمر عليها الجميع كما سبق و كتبنا في سلسة مقالات ثورة ديسمبر، و لكن غضب الشعب و إرادته أقوى من أن يهزم.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن و الثورة قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الهدف هل فعلاً هناك عملية انتقال سلسل للسلطة عبر حكومة انتقالية ذات شفافية و مصداقية و مهنية ؟أم أنها مجرد خدعه لإيقاف إستمرارية الإعتصام بصفة خاصة و خمد ثورة ديسمبر بصفة عامة و اختطافها؟ الأمر الذي يقلق الجميع من أبناء الشعب السوداني منذ أنطلاق هذه الثورة، قلناها و ما زلنا نكرر تاريخ السودان ملئ بالثورات و النضالات، و لكن كذلك تاريخ الامس يحدث أجيال اليوم و المستقبل عن التاريخ القذر لإختطاف الثورات، و أتذكر جيدا في نقاشي مع نجل الدكتور جون قرنق السيد دمابيور عندما قال لي :الربيع العربي الأول بدأ هنا في السودان في 1983 لكن تاريخ السودان ملئ بأختطاف الثورات. و الآن المخاوف هي أن يطبق نظام الإنقاذ خدعة عراب الحركة الاسلامية دكتور حسن الترابي (أذهب أنا إلى السجن حبيسا و تذهب أنت إلى السجن رئيسا)، فالحرب خدعه و يمكن أن تذهب الإنقاذ و تأتي "الإنقاذ تو". و مازال في مخيلتي حتى الآن ذاك الشعار الذي كانت ترفعها أحدي الشابات السودانيات اليانعات من بلاد المهجر سودانيي الشتات شعار مكتوب عليه بالخط العريض "حتسقط و حنرجع تاني " ،فأن تحقق ذلك فعلاً عن طريق الخدعة فهذا إختزال لإرادة الشعب ،و بهذه الطريقة تكون أرواح الشهداء النفيسة ضاعت هدرا. نظام الإنقاذ و دولة التمكين المتمترسة و المتجذرة في السودان، دولة التمكين التي ترفع شعارات الدين للتضليل، و تبطش بيد من حديد، و تستمد قوتها من قبضتها الأمنية و العسكرية لا يمكن أن تسلم السلطة هكذا، و جيشها و أمنها و دعمها السريع جميعهم أوجه مختلفة لدولة التمكين هذه ذات المؤسسات الراسخة كما خطط لها زعيمها الترابي ، الحقيقة هي أن زمن الضباط الأحرار في السودان ولى و راح، و الجيش الحالي مسيس من الطراز الأول، و من على رأس الدولة قبل أن يكون إسلاميا هو عسكري أتى به من مناطق العمليات في جنوب السودان ليتولي رئاسة حكومة الانقلاب الذي خطط له و قاده دكتور الترابي. لذلك صوت العقل بناءاً على التحليل المنطقي، و المراقبة المستمرة، و التفكير بعيد المدى، و النظر للامور من جميع الزوايا يقودنا إلى أنه يجب أن لا يفرح الشعب السوداني و ينفض الإعتصام قبل أن تتضح الرؤية الحقيقة و نقرأ ما بين السطور و نرى ما وراء القمم ،فحركة انحياز الجيش للشعب وراءها تساؤلات كثيرة، فالشعب هو من ضغط على الجيش و وضعه أمام الأمر الواقع و أمام خيارات صعبه،و الجيش لم يحمي الشعب بل الشعب هو من حمى نفسه بنفسه عندما وثق للانتهاكات الأمنية بالدقيقة و الثانية عن طريق وسائل التكنولوجيا البسيطة و وسائط التواصل الاجتماعي ، و نشرها على نطاق العالم دون مساعدة من الإعلام الخارجي و الداخلي، و قاد ثورته إعلاميا قبل أن يقودها ميدانيا، و تعاون الداخل مع الخارج في تعرية النظام و إنتهاكاته الأمنية ضد المتظاهرين ،و وضعه هو والعالم الدولي الذي ينادي باحترام حقوق الإنسان أمام موقف صعب، و بذلك لم يترك للجيش خيار آخر. و الجيش في الأساس مهمته الأساسية الرئيسية هي حماية الشعب و أن يكون صمام الأمان و ليس العكس، و القيادة ليست من مهامه إلا إذا كانت هذه إرادة الشعب ،أما إطلاق الرصاص الحى الذي أطلق في الهواء فأي عسكري ميداني و حتي الإنسان العادي لاحظ أنها كانت مجرد طلق في الهواء، و لم يكن الهدف الرئيسي من ذلك الدخول في معركة حقيقية مع الأجهزة الأمنية دفاعا عن المواطن بل هي مواقف قد تكون مفتعلة وراءها غرض. و ما يشاع عن اعتقال كبار قيادات المؤتمر الوطني و الجبهة الإسلامية و وضعهم تحت الإقامة الجبرية هذا النوع من الأخبار يتطلب منا وقفة و تفكر و تمعن؟؟؟ من الذي قام باعتقالهم أو إيقافهم؟أليسوا هم قيادة الجيش منهم و فيهم، منظومة واحدة كيانين في جسد واحد إذا اشتكي منه عضو تداعى له سائر الجسد بالألم و الحمى ؟ ثم ثانياً هل هذا الإيقاف جاء عن طريق إتفاق مسبق و بناءاً على رضاهم و موافقتهم ام عنوة؟ و المؤشرات تشير إلى أنها مواضيع مطبوخة و متفق عليها، و ماذا عن مستقبل البشير لم نسمع شيئا عن ترتيبات خاصة به؟ و هو سبب بقاء الإنقاذ لتشبثه بالسلطة بسبب المطاردة الجنائية؟ فما هو مستقبله؟ ما هو المخرج الذي أوجد له.
الرهان يظل على الحكومة الإنتقالية التي أم أن تتمخض منها الحكومة الرشيدة المنتظرة او تعود "الإنقاذ تو" ، و بما إن تجريب المجرب الفاسد يعتبر إعادة توليد الفاسد فقد يكون الحل الأمثل حكومة مدنية لأن من أحد مطالب الثورة تلك الشعارات التي رفعت مطالبة بسقوط حكم العسكر بصفة عامة "يسقط يسقط حكم العسكر" ،و الديمقراطية هي إرادة الشعب و الاغلبية، و من ناحية أخرى يمكن أن تكون حكومة مدنية عسكرية بنسب معينة حتى لا يستنكر البعض إقصاء الجانب الآخر و يكون كل من العسكر و المدنيين رقيبا على الآخر و محاسبا له، لكن لا يمكن أن تكون حكومة عسكرية خالصة فأحد أسباب الأزمة السودانية و تمترس دولة الإنقاذ الجيش و جهاز الأمن و الدعم السريع الذي أصبح ذات نفسه دولة قائمة بذاتها، و لا يمكن للحكومة الإنتقالية أن تقوم على أساس الترضيات و التسويات فتتمخض عنها حكومة فساد أخرى لا ترقى لمطالب الشعب و آماله و لا تحفظ شرف شهداء الثورة و مناضليها الذين ناضلوا من الخارج و الداخل بكل شجاعة و قدموا الأرواح النفيسة، و تصدوا للبطش الأمني و تم اعتقالهم و تعذيبهم، و يتم الأطفال و رملت النساء و فقد الأشقاء اشقائهم و فقد كل مواطن سوداني حبيب و عزيز وغالي، لذا لا يمكن أن تكون نهاية ثورة ديسمبر العظيمة تختم بخدعة و يعيد التاريخ القذر نفسه في اختطاف الثورات، إذن الحذر مطلوب و على الناس أن لا تقع في الشرك و تقرأ ما بين السطور و نرى ما وراء القمم.
عبير المجمر(سويكت) 11/04/2019
#عبير_سويكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تنسيقية دعم الثورة السودانية-فرنسا (اعلان الحرية والتغيير )
-
لمصلحة من يحاول الإنتهازيون و الوصوليون إغتيال شخصية ذو النو
...
-
تجمع المهنيين المسكوت عنه هل فعلاً هو أنا و أنت و هو و هي و
...
-
ثورة ديسمبر التصحيحية و محاولة إغتيال الإمام الغير أخلاقية
-
الإمام الصادق المهدي يكشف عن مخطط سلمي لتنحى البشير عن السلط
...
-
خطبة الإمام الصادق المهدي تزلزل ود نوباوي و تشعل لهب الثورة
...
-
الرئيس عمر البشير ينفي و صديق الصادق المهدي يؤكد.
-
حتي لا يعض الشعب السوداني على نواجذه من حرقة ندماً، نعم لإست
...
-
ما بين إنتصارات ثورة ديسمبر السودانية و إنجازاتها و فشل فزاع
...
-
حوار الساعة الإقتصادي مع الخبير الدولي د. بشير عمر حول الأزم
...
-
خطاب الرئيس البشير في قناة المستقلة يثير غضب الجنوبيين و يكش
...
-
قراءة تحليلية حول مظاهرات ديسمبر السودانية أسباب إندلاعها، ت
...
-
إنتفاضة ديسمبر السودانية أسباب إندلاعها تطوراتها و مستقبلها
...
-
قراءة تحليلية حول مظاهرات ديسمبر السودانية أسباب إندلاعها، ت
...
-
قراءة تحليلية حول مظاهرات ديسمبر السودانية أسباب إندلاعها، ت
...
-
دول الترويكا تعبر عن قلقها حيال إستعمال النظام السوداني العن
...
-
الخبير الإقتصادي الدولي د. بشير عمر يقدم وصفات علاجية و حلو
...
-
الولايات المتحدة الأمريكية تعلن إستعدادها رفع إسم السودان من
...
-
وزير المالية الأسبق و الخبير الإقتصادى الدولي د. بشير عمر ير
...
-
الصادق المهدي ينفي ما نسبته له صحيفة التغيير و يتساءل ما اله
...
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|