دينا سليم حنحن
الحوار المتمدن-العدد: 6198 - 2019 / 4 / 11 - 14:24
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة
أغنيــــة فـــي صـــدري
أحبها حتى الجنون، لكنها آثرت الإدمان على المخدرات على أن تبادله الحب حتى وصل بها الحال إلى أدنى مستوى يمكن أن يصل بامرأة تحمل بين ضلوعها خمسة وأربعين عاما.
فمن الحياة المرفهة والسعيدة بعد زواجها من رجل عشقها بجنون انحرفت ووصلت إلى الحضيض.
ارتكبت جناية وحكم عليها بالسجن، انتظرها زوجها حتى خرجت وأخذها إلى البيت وبدأ يعوضها عن السنوات القاسية.
لكنها عادت إلى تعاطي بالسموم وهربت منه خجلا وعاشت في الأزقة.
في يوم ما وجدت نفسها في سرير المشفى محاطة بالرعاية الكاملة، فخصصت لها الدولة مسكنا تقيم فيه، وراتبا شهريا وأدرجت ضمن لائحة المدمنين الذين لا مجال لشفائهم.
وحصلت على المخدر بصورة قانونية بروشيتة موقعة من طبيبها يصرفها لها زوجها كل يوم.
إنها تحيا على المخدرات، تنتظر الوجبة التي تُـؤمن لها وقد اشترطت عليه ألا يدخل بيتها وألا يقترب منها نهائيا.
لكن عشقه لها يفوق كل الاحتمال، فقرر أن يدعها وشأنها لكن على أن يأتي لزيارتها حتى لو بقي بعيدا عنها.
كل صباح،
يحمل زاده وكتاب للقراءة ومظلة وكرسيا، يجلس في الحديقة مباشرة خلف نافذتها، يقرأ وينتظرها حتى تستيقظ، يضع المخدر في كفها ثم يعود ليجلس في كرسيه، ولا يبارح مكانه إلا عند حلول الظلام ، حينها يحمل كرسيه ومظلته وأغراضه ويذهب إلى بيته مطأطئ الرأس.
تمر سنوات على ذات الحال ولا شيء يتغير
هو ينتظر وهي تعاقبه
تشتمه وتصرخ في وجهه وتلعنه
هو يصمت وأحيانا يبكي وينتظر خلف نافذتها.
والكارثة عندما تهب العاصفة، المظلة الواسعة لا تقيه من البلل
وينتظر
مر اليوم أمامي بالصدفة فأنضجت تلك اللحظة داخلي إلى كتابة هذه القصة الحقيقية وذلك عندما رأيت الشيخوخة تتسرب إلى ملامح الرجل الخمسيني والمنسي تماما. والذي ظهر في السبعين من عمره.
سألته لماذا ضحى من أجلها بكل شيء
أجابني مبتسما:
صوتها الرخيم عندما تبدأ بالغناء يعيد لي الذاكرة فأعيش الماضي وذلك عندما لحنت لها أول أغنية ضربت السوق في حينه.
أسمعها كل يوم وهي تغني بعد أن تتناول وجبتها من المخدر، لذلك أنتظر طوال النهار وأحيانا حتى منتصف الليل
المهم عندي هو
أن تغني.
#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟