|
من الذي قلع عين الرئيس؟
راتب شعبو
الحوار المتمدن-العدد: 6197 - 2019 / 4 / 10 - 21:12
المحور:
كتابات ساخرة
تسبب السيد ابراهيم بمشكلة كبيرة جداً في الجناح السياسي من سجن عدرا، كان يمكن تفاديها بكل بساطة فقط لو أنه كان أقل "جلاقة"، لو أنه سكت ولم يتكلم فقط. وقد قال ابو مالك بعد تلك الحادثة إن من سجن السيد ابراهيم محق تماماً ولكن كان عليه أن يسجنه في مكان آخر. وحين سأله أبو مروان وهو يمسد شواربه كعادته: "وين بتقصد يعني؟" قال ابو مالك: "مع الأحداث لأنه وَلَد". فضحك أبو مروان وكفّ للحظات عن تمسيد شواربه التي اصفرت أشعارها من تأثير التدخين. والسيد ابراهيم سبق له أن أظهر قدراً غير قليل من الجلاقة كان كافياً لحرمانه من استلام الفاتورة. فذات يوم اشترى السيد ابراهيم كيلو من النشاء لغاية في نفسه لا يعرفها إلا الذي خلقه. ولكنه لسبب لا يعرفه ايضاً إلا الذي خلقه، عدل عن تلك الغاية وصار يريد أن يتخلص من كيلو النشاء الذي اشتراه من حر ماله وأن يستعيد ثمنه. فانقسم نهاره لذلك إلى أطوار متتالية، طور نشاط يقوم فيه بجولة على كل المهاجع الستة حيث يقف في باب المهجع ويصيح بصوت عال وبلغة عربية مكسرة: يا شباب حدا يريد يشتري كيلو نشا؟ وحين لا يتلقى رداً يقوم بالتوجه بالسؤال إلى أفراد المهجع واحداً واحداً. "يا أبو محمد، أقول تريد تشتري كيلو نشا؟"، "يا أبو اسماعيل، تريد تشتري كيلو نشا؟"، "يا راكان انت كمان ما تريد تشتري كيلو نشا؟" ..الخ. ثم ينتقل إلى المهجع التالي وهكذا. يلي ذلك طور همود بفعل التعب الذي يسببه طور النشاط، فيعود ابراهيم إلى مهجعه ويسترخي على سريره بانتظار تجدد طاقته استعداداً لطور النشاط التالي. المأساة التي ألمت بالجناح أن أحداً لم يشتر كيلو النشاء. وهذا ما جعل العقوبة مستمرة على شكل رجل يقف كل ساعة أو ساعتين في باب المهجع ويعيد السؤال نفسه على المهجع ككل ثم على كل فرد فيه. وفي إحدى الأيام وبعد أن أنهى طور النشاط وعاد إلى طور الهمود، نهض أبو صطيف عن سريره وانتعل شحاطه أبو الإصبع وأمسك جلابيته بيده من الأمام واتجه إلى مهجع ابراهيم تحدوه أصوات تشحيط الشحاط في الكوريدور الطويل. وحين بلغ باب مهجع السيد ابراهيم وقف ابو صطيف في الباب وصاح: يا شباب، زكاتكن، حدا عندو كيلو نشا للبيع؟ فصاح ابراهيم على الفور رغم أنه كان في طور الهمود: إي إي ابو صطيف، أنا عندي تريد تشتري؟ يومها اشترى ابو صطيف كيلو النشاء بكامل إرادته وأصر أن يرميه في الزبالة كما هو قائلاً: لك خاي ما بيتشري الواحد راحتو بحق كيلو نشاء؟ لكن أهل الجناح لم يعتبروا من هذه الحادثة، وسلموا السيد ابراهيم فاتورة الجناح مثله مثل غيره. هكذا يريد القدر، وللقدر وسائله في إنفاذ ما يشاء. وهم من هذه الزاوية يستحقون ما حل بهم. فمشكلة النشاء تبقى بعد كل شيء مشكلة غير سياسية في جناح سياسي، وتقتصر أضرارها على إقلاق الراحة لا أكثر ولا أقل. لكن مشكلة الليرة أم الصورة فهي مشكلة سياسية لا جدال في ذلك، ومشكلة قابلة إلى أن تنمو وتتفاعل وتقلب حياة أهل الجناح جحيماً وجهنماً، ومع ذلك فإن جلاقة ابراهيم لا تفرق بين هذه وتلك، الشيء الذي أورثه لعنات تكفيه لولد الولد، لحقتها لعنات أخرى تطال أبو الذي سلمه الفاتورة ثم ابو الذي سجنه وجعله على قيد السجناء السياسيين. القصة وما فيها أن ابراهيم وبينما هو منهمك في حساب ما جمعه من مصاري من المهاجع لمقارنته مع المبلغ الذي حصل عليه من جمع قيمة فواتير المهاجع، وجد ليرة معدنية من تلك التي تحمل صورة الرئيس الخالد، قبل أن يصبح خالداً، على أحد وجهيها. ولكن ابراهيم لاحظ على هذه الليرة شيئاً غريباً لم يشأ أن يغض النظر عنه. حيث يبدو أن هناك من حاول قلع عين الرئيس فوضع رأس مسمار على عين الرئيس شخصياً وطرقه بحيث دخل جزء من المسمار في مكان العين وتشوهت الصورة التي على الليرة وتشوهت الليرة بالتالي. فما كان من ابراهيم، مدفوعاً بدافع لا يعلمه غير الذي خلقه، إلا أن حمل الليرة ام الصورة هذه وصاح: يا شباب، رجاء، مين اللي عطاني الليرة هذي؟ ثم انتقل من مهجع إلى آخر بنفس السؤال حتى وصل الأمر إلى المفرزة عن طريق فاعلي الخير فتم الحجر على الليرة كقرينة إثبات، ووضع الجناح بالكامل في حالة طوارئ بانتظار قرارات رئيس الفرع التي لم تتأخر: القرار رقم 1: يحرم الجناح السياسي من الفاتورة نهائياً القرار رقم 2: يحقق مع أفراد الجناح فرداً فرداً حتى الوصول إلى المجرم الحاقد الذي تجرأ على عين سيادته القرار رقم 3: ينقل المجرم الحاقد إلى زنازين الفرع لينال العقاب الذي يستحق فيما راح ابراهيم يكرر: ياخي والله مو مستاهلة، والله انا ما كنت أدري انو هيك راح يصير!
#راتب_شعبو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حزب السيارة الزرقاء
-
عميد مغلق وباب مفتوح
-
الطبيب المسكين وفخامة الجريح
-
يا حيوان ليش ما قلت انك -منهم-؟
-
تموت وتاكل غيرها
-
موت الرواية
-
أرض الألغام
-
عزلة المنكوبين
-
الاغتصاب
-
العلويون والثورة السورية
-
سلعة العداء للامبريالية في سوق العالم الثالث
-
صادق جلال العظم، تراجيديا مفكر
-
حسين العودات، النهضة العربية المفترضة والهمّ المزدوج
-
الصراع القطبي
-
النظام السوري: افتراق السياسة عن القيم
-
في علمانية اللاعلمانية
-
عقدة نقص الدولة الفلسطينية
-
العلمانية والديمقراطية وفك الاحتكارات
-
عن العلمانية والديموقراطية
-
لماذا الصحوة الإسلامية؟
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|