|
كليّات المجتمع Community Colleges ، و جامعات الشركات
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 6195 - 2019 / 4 / 8 - 20:12
المحور:
الادارة و الاقتصاد
كليّات المجتمع Community Colleges ، و جامعات الشركات
في البلاد التي تتم فيها تدنية معدلات القبول في الجامعات الى مادون الخمسين . في البلاد الوحيدة ، ربما، على امتداد هذا العالم ، التي يتم فيها قبول جميع الحاصلين على الشهادة الاعدادية في الجامعات الحكومية والأهلية . في البلاد التي لا "يرسِب" فيها أحد ، ولا يتم فيها "ترقين قيد" أحد في جميع المراحل الدراسية. وفي الوقت الذي يتكدّسُ فيه ، لدينا ، مئات الآلاف من خريجي الدراسة الأعدادية(على اختلاف تخصصاتهم ، وقدراتهم العلمية ، ومؤهلاتهم التربوية) في جامعات حكومية وكليّات أهليّة لم تعُدْ قادرة (لظروف وأسباب وتبريرات كثيرة لا يتسّع المجال لذكرها الآن)على توفير الحد الأدنى الضروري من المتطلبات (المهنية والعلمية والأكاديمية) للتعليم الجامعي ، وبالتالي فهي غير قادرة على الاستجابة لاحتياجات (ومتطلبات) سوق العمل المعاصرة (بحدّها الأدنى أيضاً) . في هذا الوقت ذاته تتحقّق في بلدان اخرى كثيرة ، زيادات كبيرة في التسجيل بما يُطلَقُ عليه "الكُليّة المُجتمعية" أو "كليّة المجتمع"Community College ، أو "كليّات المجتمع المحلّي". وبعد مرور أكثر من قرنٍ على تأسيس أوّل كليّة منها في الولايات المتحدة الأمريكية(وهي كليّة جولييت جونيور كوليدج ، في ولاية ألينوي)، ماتزال هذه الكليّات تتبوأ مكانة محوريّة في مجالات تطوير القوى العاملة ، ومواصلة تحصيل العلم (لأولئك الذين لم تسمح لهم ظروفهم الخاصة بمواصلة تعليمهم الجامعي) ، وتوسيع نطاق مسؤولية المجتمع المدني على الصعيد المحلي . وكان لهذه الكليات ، عبر تاريخها ، وعلى نحو أكثر في هذه الأيّام ، دور حاسم في ايجاد انظمة فعالة لتأهيل الطلاب (وبالذات طلبة المدارس الاعدادية) للأنتقال مباشرةً من مقاعد الدراسة الى مواقع العمل . وتؤمّن الكليّات المجتمعيّة (بالاضافة الى كونها حلقة الوصل الرئيسة بين التعليم في المدارس الثانوية ، ومابعد المرحلة الثانوية) برامج انتقالية خلاّقة ، كالإعداد الفني ، والتدريب على المهن في مقر العمل ، والتعليم التعاوني ، والتعليم الخاص بالحياة المهنية . وهي تتعاون بالاضافة الى ذلك مع أرباب العمل والمجتمعات المحلية والحكومات والمنظمات العمالية ، والتنظيمات النقابية الأخرى. ويصل عمر ثلث طلاب هذه الكليات ، تقريباً ، الى الثلاثين أو اكثر في الولايات المتحدة الأمريكية . وتتخصّص هذه المؤسسات في تدريس المهارات العملية التي يمكن تطبيقها مباشرةً في مكان العمل ، وكانت مفيدة على نحو خاص في اعادة تدريب الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم ويبحثون عن فرص عمل جديدة . وتتضمن مناهج التدريس في هذه الكليات مواد دراسية تقليدية ، كالنجارة ، والحدادة ، وإعداد المعجنات والحلويات ، وصيانة السيارات ، وصناعة الأكسسوارات ، والمنتجات التراثية .. وأخرى غير تقليدية مثل صيانة الألكترونيات ، والتمريض ، والعلاج بالتدليك، وأمن معلومات الكومبيوتر. وتتطلب المهن ذات الدخول المتوسطة هذه الآن ، مهارات تزيد كثيراً عما كان مطلوبا من العمال ذوي الدخول المتوسطة في السابق . وتستفيد نسب متزايدة من السكان في سنّ العمل من توجّهات هذه المؤسسات التي تتركّز أساساً حول الايفاء باحتياجات سوق العمل الحديثة . وفي البلدان المتقدمة عموماً (التي لحقت بها دول "نامية"عديدة ، وأصبحتْ هذه بدورها دول صناعية "جديدة" ) ظهر شكل آخر من هذه المؤسسات التعليمية ، هو ما يُطلق عليه "جامعة الشركات" . وتحولت هذه "الجامعة" على نحو سريع الى جزء ثابت في تعليم الكبار المتصّل بالعمل. وتقوم الكثير من الشركات التي تحتاج الى مستخدمين جُدُد ، على مستوى مقبول من الجودة بالنسبة لها ، باستكمال تعليم هؤلاء ، وتحسين قدراتهم ، وإعدادهم للمنافسة بنجاح وكفاءة في الأسواق العالمية. ولدى شركة جنرال موتورز نظام "جامعة" موسّع بهِ ست عشرة كليّة "وظيفية" ، تقوم بإعداد "تلاميذها" ليشغلوا الوظائف المتاحة في سوق العمل حال تخرّجهم . وتقوم شركة ماكدونالدز (لغاية عام 2008) ، بتعليم أكثر من خمسة آلاف موظف سنوياً في "جامعة الهامبورجر" التابعة لها .. وهي تسمية مناسبة لما يمكن ( أو يجب) أن تقوم به هذه الجامعات من مهام . نحنُ أحوَجُ ما نكون لـ "كليّات" و "جامعات" كهذه . والنماذج الناجحة للكليّات المُجتمعية ، القائمة في بلدان أخرى ، جديرة بالاقتداء ، دون الحاجة الى إعادة اختراعنا للعجلة من جديد .. ومنها النموذج الماليزي ، على سبيل المثال لا الحصر.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشعبويّة ، و الشعبويّة الاقتصادية
-
تلاميذي الذينَ أُريدُ أنْ أُعَلِّمَهُم الخَيال
-
اطلاقُ النارِ على القِدّاح .. في نارنجةِ روحي
-
منذُ الانفجارِ العظيم ، وإلى هذهِ اللحظة
-
يحدثُ هذا في أرْذَلِ العُمْر .. في هذا الجزءِ من العالم
-
أُمٌّ للتَذَكُّرِ .. أُمٌّ للنسيان
-
الآباءُ على الجُرْفِ ، والأطفالُ يعبرونَ الروحَ ، بسلامٍ دائ
...
-
نشيدُ البلادِ الحزينة
-
غرقى الأجلِ الطويل
-
تاريخُ الحُزنِ العميق
-
أُغادِرُ البيتَ صباحاً ، وأكرهُ أشياءَ كثيرة ، تُصادفني في ا
...
-
بعضُ الناسِ ، لا يُمكِنُ نسيانهم
-
شيءٌ من المنطق
-
أغادرُ البيتَ صباحاً ، وأكرهُ أشياءَ كثيرةٍ تمشي في الشارع
-
كاتشب عضوي ، و مصّاصة عضوية
-
من أجل تلكَ الأيّام ، وليسَ هذه
-
في بلادٍ كهذه
-
بَحرُكَ واسِع .. ومَركَبي صغير
-
سأموتُ أخيراً .. من شدّةِ البهجة
-
البساتينُ المُطِلَّةُ على الشَطّ .. قرب معمل الدامرجي
المزيد.....
-
مصر.. مصلحة الجمارك تكشف حقيقة فرض رسوم 10% على واردات الذهب
...
-
وزير مصري: سوف نصنع الدولار
-
الاقتصاد السوري.. دعم روسي لكسر العقوبات
-
بعثة صندوق النقد الدولي تصل إلى أوكرانيا
-
الإعلان عن موعد بدء إنتاج سيارات Lada Aura الجديدة
-
بالأرقام.. اقتصاد الضفة الغربية يرزح تحت وطأة الحرب الإسرائي
...
-
الذهب يسجل قمة قياسية جديدة
-
اقتصادي يقترح 7 حلول لمشكلة زيادة إعداد المركبات في بغداد: ن
...
-
صندوق النقد الدولي يخفض توقعاته لنمو اقتصاد مصر خلال العام ا
...
-
صحيفة: تجنيد الحريديم بإسرائيل غير كاف وسط ارتفاع تكاليف الد
...
المزيد.....
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
-
جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال
...
/ الهادي هبَّاني
-
الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية
/ دلير زنكنة
المزيد.....
|