|
هضببة الجولان والمتهمون الأربعة - خواطر وذكريات
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 6195 - 2019 / 4 / 8 - 03:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هضبة الجولان والمتهمون الأربعة خواطر وذكريات د. محمد أحمد الزعبي 05.04.2019 1. مدخل توضيحي لابد بداية من توضيح معاني الكلمات التي انطوى عليها عنوان هذه المقالة ، ألا وهي ، هضبة الجولان والمتهمون الأربعة : أما هضبة الجولان فهي التلة الاستراتيجية ( عسكرياً ) التي تحتوي على 14% من مخزون سورية المائي ، والتي تزود بحيرة طبريا ، وبالتالي " إسرائيل " ، بثلث مائها ، والتي تطل على فلسطين من علِ ، وتحول دون أطماع الكيان الصهيوني ليس في سوريية الصغرى وحسب وإنما في سوريا الكبرى كلها . هذا إضافة إلى أن هضبة الجولان ، هي إحدى المحافظات السورية التي عاصمتها مدينة القنيطرة ، والتي تخلى عنها حافظ الأسد لإسرائيل مرتين ، مرة بموجب البلاغ العسكري رقم ( 66 ) الذي أدى إلى انسحاب الجيش السوري من الجولان كيفياً ودون قتال ، ومرة أخرى ، حين صمت عن احتلال اسرائيل لهذه الهضبة الجولان الإستراتيجية طيلة حياته ، ثم ورث ( بتشديد الراء ) هذا الصمت المتعمد والمشبوه والمدان لخليفته بشار . وأما المتهمون الأربعة المعنيون في عنوان هذه المقالة فهم : ولي الفقيه ، وبوتين ، ونتنياهو ، وترامب , علماً أننا نشير بمفهوم " ولي الفقيه " هنا إلى ثلاثي الخامنئي وبشار الأسد وحسن نصر الله ، أي إلى القوة الطائفية التي حاربت وتحارب الربيع العربي عامة ، و الثورة السورية منه خاصة . 2. تحذير الرئيس بو مدين للقيادة السورية : ويحضرني بهذه المناسبة ، أن الرئيس المرحوم هواري بومدين فاجأنا ( كنت مازلت وزيراً للاعلام ) ذات يوم ، بعيد ضياع الجولان ، في حرب حزيران 1967 ، في زيارة خاطفة لدمشق ، أبلغ فيها المسؤولين السوريين آنذاك ، أنهم إن لم يقوموا باستعادة هضبة الجولان من إسرائيل بالسرعة الكلية ، " فإن أنظمتنا سوف تسقط كلها " وكان يقصد – رحمه الله – ب " نا " الجماعة في أنظمتنا ، أنظمة ماعرف حينها ب " جبهة الصمود والتصدي " ، التي كانت الجزائر جزءاً منها . والتي مازال نظام بشار الأسد يتاجر باسمها حتى يومنا هذا (!!) ، ( مقاوم بالثرثرة ، ممانع بالثرثرة ). لقد مات المرحوم بو مدين ، وماتت معه – على مايبدو - قضية استعادة الجولان ، سواء من قبل الأب ، أو من قبل الإبن ، بل وأكثر من هذا ، هو أن بشار الأسد يستخدم مسألة الصمود والتصدي الكاذبة كذريعة لبقاء القوات الإيرانية في سوريا أطول مدّة ، الأمر الذي سوف يعني أن مناورات بوتن ونتنياهو وبشار الأسد وترامب ، حول طلب مغادرة هذه القوات سورية ، هي( كذبة) صريحة واضحة المعالم ( أنظرالفقرة 5) . 3. قرار مجلس الأمن الدولي 242 ظاهره وباطنه : من اطلاعنا على بنود قرار مجلس الأمن الدولي 242 ، ولاسيما تلك التي تنص من جملة ماتنص على : ( عدم شرعية الإستيلاء على الأراضي عن طريق الحرب . والحاجة إلى سلام عادل ودائم تستطيع أن تعيش فيه كل دولة في المنطقة ) ، حيث أن المعني بكلمة " كل " هنا هو " الكيان الصهيوني تحديداً، وأيضاً اطلاعنا على الإشكالية اللغوية المتعلقة ب " ال " التعريف ، التي قام بحذفها في النص الإنجليزي اللورد كارادون، مندوب بريطانيا في مجلس الأمن وصائغ القرار 242( الإنسحاب من الأراضي / من أراض ) إرضاءً لإسرائيل ، وجعلها في حل من إعادة جميع الأراضي المصرية والسورية والأردنية التي احتلتها في حرب 1967 وكأنه بهذه الصياغة الملتبسة ، يكمل دوراً سبق أن قام به لورد بريطاني آخر في هذا الموضوع ، ألا وهواللورد آرثر جيمس بلفور وزير الخارجية البريطاني 1917 ، وكأن التاريخ هنا يعيد نفسه ، ولكن في صورة ملهاة متضمنة في مأساة . أقول تبين لنا ، من اطلاعنا على هذين الموضوعين ،بل هتين النقطتين الهامتين في القرار الأممي 242 ، وبما لايقبل الشك ، من جهة ، أن الغموض المتعمد الذي ينطوي عليه مضمون بعض الفقرات ، هو أن الإنسحاب الإسرائلي من الأراضي التي احتلتها من مصر وسورية والأردن ، مشروط باعتراف هذه الدول بإسرائيل والتطبيع معها ، ومن جهة أخرى فإن إسرائيل ليست ملزمة بعد حذف " ال " التعريف من القرار ( النص الإنجليزي ) ، بإعادة كامل الأراضي العربية التي احتلتها في حرب حزيران 1967 إنه الغموض والإلتباس الذي عودتنا عليه معظم قرارات مجلس الأمن حول سوريا ، لكونها قد اتخذت ( بضم التاء ) أصلاً للتنفيس وليس للتنفيذ 4. هضبة الجولان والإحتلال المثلث : الحديث عن هضبة ، بات حديثاً مؤلماً ، ويستوجب التوقف عنده طويلاً ، ذلك أن سوء حظ هذه القطعة من الأرض السورية ، هو أنها تطل من علِ على الكيان الصهيوني ،( كما سبق أن أشرنا ) الأمر الذي أخضعها لاحتلالات ثلاثة متتالية : كان أولها هو إصدار حافظ الأسد بلاغه العسكري المشؤوم رقم 66 ، الذي فتح باب الهضبة مشرعاً أمام الإحتلال الإسرائلي لها عام 1967 ، وكان الثاني عام 1981 ، حين أصدر الكنيست الإسرائلي قراره المشؤوم أيضاً بتاريخ 14 ديتسمبر من ذلك العام ، بضرورة تطبيق القوانين الإسرائيلية على هضبة الجولان ، أرضاً وبشراً ، باعتبارها باتت بنظر الصهاينة " ارضاً إسرائيلية " وليس " أرضاً محتلة " ، وكان ذلك تحت سمع وبصر وصمت " الرفيق القائد حافظ سليمان الأسد " صاحب البلاغ الكاذب رقم 66 المعروف . إن إصدار مجلس الأمن بتاريخ 17 ديتسمبر 1981 قراره رقم 497 ، بعدم الإعتراف بقرار الكنيست بضم هضبة الجولان ، لم يكن بنظرنا ليزيد عن كونه " ذراً للرماد في العيون " العربية عامة والسورية خاصة . بل إنه واحد من ألاعيب الدول النووية الكبرى ( دول الفيتو الخمس) الموالية لإسرائيل قلباً وقالباً . وكان الثالث ، هو قرار ترامب المضحك والمبكي ، في منح إسرائيل موافقته الخطية على اعتبار أن هضبة الجولان أرضاً إسرائيلية (!!) وهو مايمثل ثالثة الأثافي ، في هذه اللعبة البعيدة عن القيم والأخلاق والتي تشير إلى أن أمريكا مابعد ابراهام لونكلن وجورج واشنطن ، وأيضاً ما بعد غياب الإتحاد السوفييتي ،أصبحت هي الممثل الرسمي والشرعي ( ولكن ليس الوحيد ) في مجلس الأمن الدولي للكيان الصهيوني ، كما لو كان هذا الكيان ولاية أمريكية تتكلم اللغة العبرية . 5. بين إيران وإسرائيل وأمريكا شعرة معاوية : منذ اندلاع ثورة آذار الشعبية في سورية في منتصف شهر آذار 2011 ، ونحن نسمع ونرى ثلاثة نغمات متواترة ،دونما تغيير أو تبديل في المشهد الميداني (!!) . تشير الأولى منها إلى الشكوى من التغلغل الإيراني الطائفي في سورية ، الذي وصل إلى تلشهاب في حوران ، وإلى الجانب السوري( المحرر!! )من مدينة القنيطرة عاصمة الجولان ، أي إلى حدود هضبة الجولان ، التي اتخذ أبو إيفانكا في 25/مارس الماضي ، قراراً أمريكياً يعترف فيه ، بوصفه مالكاً شرعيا لكل هضاب العالم ، بأن هضبة الجولان باتت ملكاً ( حلال زلال ) لإسرائيل (!!) ، وتشير الثانية إلى التهديدات المتوالية لنتنياهو للقوات الإيرانية بالتدمير الشامل في حال بقائها في سوريا ، الأمرالذي اقتضى من إسرائيل تنفيذها لبعض الضربات للتواجد الإيراني القريب من هضبة الجولان ، أي القريب عملياً من حدودها الجغرافية الجديدة التي رسمها لها أبو إيفانكا ، وكانت هذه الضربات الإسرائيلية الرمزية ، تنفيذاً شكلياً لتهديدات نتنياهو اليومية بضرب إيران إذا لم تنسحب من سورية أو على الأقل تبتعد عن حدود إسرائيل الترامبية الجديدة مقدار 80 كم . أما النغمة الثالثة فهي تلك التي مازلنا ننتظر سماعها من صواريخ بوتن ال S300 والتي تنتمي ترددات صوتها - على مايبدو- إلى الترددات فوق الصوتية ، التي لاتسمعها الأذن الطبيعية ، والتي لولا زيارات نتنياها الماراتونية لموسكو، والتي دخلت تحت أرقام موسوعة جينس للأرقام القياسية نظراً لكثرتها ، ماكنا عرفنا أن سماء نا وأرضنا ومياهنا باتت في رعاية رادارت بوتن وصواريخه ال S300 ، وقواته المتمركزة في أرض ومياه وسماء سورية ، وخاصة في مطار حميميم .بحيث بات على ثوار 2011أن يعودوا إلى بيوتهم المدمرة ، وينسوا شهداءهم ، ويفسحوا المجال لبوتن لكي يكمل تحريرهم ، وتحقيق الحرية والكرامة لهم على طبق من ذهب (!!) . إن مانرغب قوله حول هذه النقطة ، هو أنني كعربي سوري ، أشك وأشكك وأتساءل فيما إذا كان الخلاف الإيراني ـ الأمريكي ـ الإسرائيلي ،هو خلاف جدي، أم أنه خلاف " على عينك ياتاجر "، إرضاءً لزلمتهم وولي نعمتهم سيد البترودولار( MBS) . إنه - وفق رؤيتنا الخاصة - خلاف شعرة معاوية التي لايمكن أن تنقطع أبداً ، سواء بين هذاالرباعي بعضه بعضاً ، ( ولي الفقيه –بوتين – نتنياهو – ترامب ) أو بينهم وبين ولي نعمتهم الذي سبق ذكره ، ذلك أنه إذا شدها ( الشعرة ) هذا أرخاها ذاك ، وإذا شدها ذاك أرخاها هذا . ( والله أعلم ) .
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عرس الفيجارو
-
جدلية الأزمنة الثلاثة
-
في الذكرى الثامنة لثورة الحرية والكرامة
-
خاطرتان من وحي اليوم العالمي للمرأة
-
حوار حول سورية
-
نحن الشعب اليمني العظيم أنتم تقتلونا
-
حول مسرحيةتأهيل بشار من يؤهل من ؟ كيف؟ ولماذا؟
-
الثورة السورية في عامها الرابع ( إعادة نشر )
-
ثلاث خواطر حول مايجري
-
العلمانية بين العلم والعالم
-
حزب البعث وعائلةالأسد خطوتان إلى الوراء
-
الحزب السياسي بين منظورين
-
وجهة نظر حول مقتل الخاشقجي
-
بشار الأسد بين النفي ونفي النفي
-
الثورة السورية بين المجلس والإئتلاف
-
محاصرة الحصار - إعادة نشر
-
سيرغي لافروف السوري
-
الثورة السورية بين الشمال والجنوب
-
بين بشار وديمستورا شعرة معاوية ( إعادة نشر )
-
مجلس الأمن بين الجعجعة والطحن
المزيد.....
-
تعهدات مكتوبة بخط اليد.. شاهد ما وجده جنود أوكرانيون مع كوري
...
-
إيمي سمير غانم وحسن الرداد بمسلسل -عقبال عندكوا- في رمضان
-
سوريا.. أمير قطر يصل دمشق وباستقباله أحمد الشرع
-
روسيا ترفض تغيير اسم خليج المكسيك
-
عائلات الرهائن الإسرائيليين يدعون حكومتهم إلى تمديد وقف إطلا
...
-
أثر إعلان قطع المساعدات الخارجية الأمريكية، يصل مخيم الهول ف
...
-
ما الذي نعرفه حتى الآن عن تحطم طائرة في العاصمة واشنطن؟
-
العشرات من السياح يشهدون إطلاق 400 سلحفاة بحرية صغيرة في ساو
...
-
مقتل اللاجئ العراقي سلوان موميكا حارق القرآن في السويد
-
من بين الركام بمخيم جباليا.. -القسام- تفرج عن الأسيرة الإسرا
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|