محمود الصباغ
كاتب ومترجم
(Mahmoud Al Sabbagh)
الحوار المتمدن-العدد: 6194 - 2019 / 4 / 7 - 10:40
المحور:
القضية الفلسطينية
الفصل الرابع:المملكة الشمالية في عهد الأسرة العُمْرية
بدأت الممالك الإقليمية المتقدمة بالظهور في جنوب المشرق بصروحها العمرانية الضخمة و جيوشها العظيمة بدء من سنة 900 ق.م تقريبا,وبحلول النصف الثاني من القرن التاسع ق.م بدأنا نلحظ النقوش الملكية (Sass 2005 ). و تمثل هذه العلامات نهاية عهد قرون سابقة أظهرت فيها المناطق الجبلية ميلا لتشكل نظاما إقليميا تأسيسيا حكمه رجال أقوياء من "عواصم" متواضعة, دون أي إشارة تدل على وجود جهاز بيروقراطي متقدم وأبنية عامة رئيسية. وأوى تلك الممالك المتقدمة و أكثرها ازدهارا مملكتي إسرءيل ودمشق,اللتين ظهرتا في القرنين التاسع والثامن ق.م, وعملت كلتاهما جاهدتين ضد هيمنة طرف فاعل ثالث في المنطقة , أي الإمبراطورية الآشورية. و يتطرق هذا الفصل إلى مملكة إسرءيل الشمالية في عهد الأسرة العُمْرية دون الخوض في تفاصيل كتابة تاريخا كاملا لهذه الفترة ولا مناقشة المواد الكتابية المتعلقة بهذه الاسرة (انظر، على سبيل المثال، Timm 1982؛مقالات مختلفة في Grabbe 2007 ), بل سوف أبحث هنا في العديد من الظواهر الأثرية، فضلا عن المسائل التاريخية التي تم التوصل إليها مؤخرا على ضوء البحوث الأثرية.
حكم ملوك الأسرة العُمْرية الأربعة: عُمْري و آخاب و أحازيا و يهورام-يورام حوالي أربعين عاما، ما بين 884-842 ق.م من حيث التحقيب النسبي، أي مراحل أطوار العصر الحديدي المستندة على اللقى الفخارية, وتقع هذه الفترة في أواخرالعصر الحديدي الثاني IIA الذي يغطي الفترة ما بين 880-760 ق.م وفقا لنموذج بايزي الذي يعتمد على عدد كبير من نتائج الكربون المشع للعينات المتحصل عليها من عدة مواقع في إسرائيل(Finkelstein and Piasetzky 2010). وهذا يعني أن زمن السلالة العُمْرية يغطي "بداية" العصر الحديدي الثاني IIA . ومن الممكن, في الواقع, مطابقة فترة ما بعد الأسرة العُمْرية مع نهاية طور العصر الحديدي الثاني IIA في إسرءيل الشمالية(Herzog and Singer-Avitz 2006 ؛وبخصوص مجدو انظر Finkelstein 1999a) وربما أيضا في الجنوب (انظر الفصل من هذا الكتاب ). و أظهرت المملكة الشمالية , في عهد الأسرة العُمْرية, أوائل عمليات البناء الضخمة ووصلت إلى الطور الأول من ازدهارها الاقتصادي و قوتها الإقليمية, حيث تظهر ثلاثة نصوص غير كتابية إنجازاتها العسكرية : فيصف شلمنصر الثالث (في نقش الكرخ) "أخاب الإسرءيلي" على أنه عنصر فاعل وبارز في التحالف المناهض للآشوريين الذي واجهه في معركة قرقر 853 ق.م، وقدم أخاب أكبر قوة من العربات في قوات التحالف. و في السطور الأولى في نقش دان ( أواخر القرن التاسع ق.م)، يقول حزئيل ملك آرام دمشق أن "ملك إسرءيل حل بأرض أبي"، وربما يشير إلى التوسع الإقليمي الإسرءيلي قبل توليه السلطة [في دمشق] حوالي 842 ق.م( بخصوص حزائيل، انظر Lemaire 1991 Dion 1997 Lipiński 2000) )؛ولابد أن يكون حزئيل يقصد زمن الأسرة العُمْرية.و من المتعذر معرفة الأرض التي استولت عليها إسرئيل -كما يقول حزئيل- سواء كانت تقع بالقرب من دان[تل القاضي؟] أو في أي مكان آخر، على سبيل المثال، في شمال شرق جلعاد (شمال الأردن حاليا). أما نقش ميشع الذي أقامه ملك موآب في أواخر القرن التاسع في ديبون [خربة ديبان؟]، فيصف التوسع الإسرءيلي في شرق البحر الميت الذي ابتدء قبل عدة عقود: " أما " عُمْري" ملك إسرءيل, فقد اضطهد مؤاب طويلاً..... وكان " عُمْري" قد ورث أرض مادبا, فأقام بها مدة حكمه" (بخصوص نقشع ميشع ، انظر مقالات مختلفة في Dearman 1989b) , وترد معلومات مفصلة عن الأسرة العُمْرية في سفري الملوك,غير أنه يتوجب التدقيق في هذه المعلومات بعناية قبل توظيفها لإعادة البناء التاريخي.
أ). تنتمي العديد من التوصيفات إلى ما يعرف بسلسلة القصص النبوية (إِيلِيَّا و ألِيشَع ), وبالتالي ينبغي أن تقرأ على هذا النحو وليس بالضرورة على أنها توصيفا تاريخيا دقيقا (على سبيل المثال، Na’aman 2007 ).
ب). مازال تحديد زمن تجميع هذه القصص موضع سجال (على سبيل المثال، Schmid 2012b, 60 ).
ج). دونت أسفار الملوك بعد قرنين ونصف من زمن سلالة عُمْري، لذلك يطرح هنا السؤال التالي : كيف تعرف المؤلف (المؤلفون) على تلك الفترة؟ قد تكون المعلومات عن تلك الفترة تم الاحتفاظ بها في البداية كوثيقة إسرءيلية شمالية مكتوبة, ولكن، دونت مثل هذه النصوص؟ وكما أشرت من قبل في هذا الكتاب (انظر أيضا أدناه)، إن ما نعرفه عن انتشار الكتابة ومحو الأمية في إسرءيل يجعل مثل هذا الأمر غير ممكن حدوثه قبل النصف الأول من القرن الثامن ق.م,وربما تعرض النص الاصلي للتشوه مع مرور الوقت و انتقاله من السردية الشفهية إلى نص إسرءيلي شمالي مكتوب و من ثم إلى نص يهوذي.
د). يتبنى مؤلف سفري الملوك اليهوذي مقاربة سلبية للمملكة الشمالية بشكل عام ولملوك أسرة عُمْري وتحديدا آخاب بشكل خاص, و يعود السبب للإيديولجية اليهوذية الإسرئيلية التي تطورت في أواخر القرن الثامن ق.م, و نمت أكثر في أواخر القرن السابع ق.م (بكل الأحوال، بعد سقوط إسرءيل)، والذي ينبغي على جميع بني إسرائيل بموجب هذه الإيديولجية الاعتراف بدور يهوذا المهيمن، وحكامها الذين ينتمون للسلالة الداودية, والتعبد في معبد أورشليم. و سبب العداء الذي تتضمنه القصص اليهوذية , قد يعود للذكريات القوية التي تقدم صورة إسجابية عن اظدهار و قوة إسرءيل في عهد سلالة عُمْري- بما في ذلك التفوق على يهوذا- والتي يمكن أن يكون الإسرءيليين نقلوها إلى يهوذا بعد سقوط المملكة الشمالية (Finkelstein and Silberman 2006b)
و ثمة دليل جيد على التوتر بين المعلومات عن هذه الفترة في المصادر الكتابية مقابل المصادر غير الكتابية يتمثل في وصف مقتل يهورام ملك إسرءيل و أخزيا ملك يهوذا في حدث أساسي واحد. ونقرأ في الإصحاح التاسع من سفر الملوك الثاني أن الملكين قتلا في سياق ثورة ياهو، بينما يذكر نقش تل دان أن حزئيل [ملك دمشق] هو المتسبب في ذلك, و يمكن للمرء أن يجادل بأن ياهو تصرف كتابع لحزئيل (Schniedewind 1996 ) أو أن الأوصاف المتضاربة تنبع بسبب البعد الزمني لفترة الحدث و تجميع النص-وهي لاشك أطول في حالة النص الكتابي عنها في حالة النقش (Na’aman 2007 ؛و لتفسير مختلف، انظر Lemaire 2007) . غير أن علم الآثار لا يواجه مثل هذه الصعوبات , فمن السهل تحديد زمن الأسرة العُمْرية إما بتقصي الطبقات الصخرية أو من خلال المجاميع الفخارية المتحصل عليها و الموثقة بصورة جيدة, و لانواجه-هنا- صعوبات تذكر في تحديد زمن هذه الأسرة بسبب العديد من الطبقات المدمرة التي تعود للعصر الحديدي الثاني IIA المؤرخة جيدا وفقا لنتائج الكربون المشع (Finkelstein and Piasetzky 2009 ) والتي يمكن أن تكون مرتبطة تاريخيا مع هجوم حزئيل على المملكة الشمالية (Na’aman 1997a) في نهاية حكم الأسرة العُمْرية ؛كما أنها موثقة جيدا بسبب عمليات البناء الواسعة التي ميزت تلك الفترة.
4.1 . العمارة العُمْرية
تعد الأنشطة العمرانية الضخمة من أبرز المعالم الأثرية لهذه الفترة. وسأبدء أولا في وصف الخصائص الرئيسية للعمارة العُمْرية، بدءا من وصف مفصل لدراسة حالة - العاصمة السامرة، وبعد ذلك، في وصف أكثر إيجازا، لمواقع أخرى غرب وشرق نهر الأردن
4.1.1 . السامرة
كانت السامرة عاصمة للمملكة الشمالية، ولذلك فهي موقع هام جدا لدراسة آثار إسرءيل في العصر الحديدي الثاني عموما و زمن سلالة عُمْري خصوصا. ولسوؤ حظنا -على كل حال- من المستحيل التعرف على السويات الطبقية للسامرة وفقا لتصنيف الفخار بسبب طبيعة الموقع الجبلي وكذلك بسبب الحفريات السابقة التي جرت أوائل القرن العشرين وأربعينياته. ومع ذلك، واستنادا إلى ما يبدو أنه مادة موثوقة في الكتاب المقدس (على سبيل المثال، Williamson 1996 )، يمكننا القبول بالفكرة التي ترى بأن أول جهود البناء الرئيسية في الموقع-فترات البناء الأولى و الثانية- يجب أن تؤرخ إلى زمن الأسرة العمرية (Reisner, Fisher, and Lyon 1924 Crowfoot, Kenyon, and Sukenik 1942Kenyon 1971 ). ويدعم هذه الفكرة ما يلي:
1) تسمي النصوص الآشورية المملكة الشمالية باسم "بيت خمري Bit Humri "، في إشارة إلى عُمْري كمؤسس للسلالة المهيمنة أو العاصمة.
2) التشابه المعماري بين الأكروبول الملكي في السامرة ويزرعيل من ناحية، وبين يزرعيل وموقعين في موآب، من جهة أخرى. وقد تم ذكر المواقع الموآبية على وجه التحديد نقش ميشع الذي يعود لأواخر القرن التاسع ق.م باعتبارهما شيدا على يد الأسرة العُمْرية.
ركزت دراسة العصر الحديدي في السامرة على مجمع الحظائر الملكي مع بقايا القصر على قمة التل , و البقايا المتفرقة من العصر الحديدي التي عثر عليها تحت المجمع الملكي قادت المنقبين لاقتراح أن مدينة العصر الحديدي تنتشر على منطقة كبيرة نسبيا مثل المدينة الرومانية التي بنيت لاحقا غير أنه وفقا للتفسير التقليدي لم تشتمل السامرة في القرن التاسع ق.م سوى على المجمع الملكي، وعزا أهل الاختصاص التوسع الأقصى للموقع خارج القمة إلى النصف الأول من القرن الثامن ق.م.
في ما يلي سأعرض عدة ملاحظات جديدة تتعلق بتضاريس ونطاق و مخطط مدينة السامرة في العصر الحديدي استنادا إلى الزيارات الأخيرة للموقع، ودراسة الصور الجوية، والمقارنات مع مواقع عُمْرية أخرى لم تكن ممكنة حتى السنوات الأخيرة. وسوف أقترح- في المقام الأول- أن حجم قطاع الموقع الذي يظهر خصائص العمارة العُمْرية أكبر بنحو ثلاث مرات من مجمع الحظائر الملكي الذي قدرت مساحته بحوالي 2.5 هكتار, وأستطيع القول أن مدينة السامرة العُمْرية تكونت من جزأين: المجمع الملكي الذي يقع على "المنبسط" العلوي، والبلدة السفلى الأكبر, ويشار لها هنا باسم "المنبسط السفلي" (الشكل 20،. , contra Niemann 2007, 2012الذي يفهم السامرة العُمْرية كمقر إقامة ملكية على المنبسط العلوي ) . و في كلا الجزأين تم تشكيل التل اصطناعيا. وغني عن البيان أن هذه الماحظات تبقى افتراضية ما لم يتم إجراء تحقيق ميداني جديد .
4.1.1.1 . الأكروبول (المنبسط العلوي)
عرفت السامرة وجود مستوطنة صغيرة في العصر الحديدي الأول (القرن الحادي عشر والنصف الأول من القرن العاشر ق.م)، تمثلها منشآت حفرت في الصخور، و العديد من الجدان المهلهلة و أشكال فخار نموذجية (Stager 1990 Tappy 1992, 96–97, 213–14 ), هذه هي على الأرجح بقايا مدينة شامر صاحب الجبل(Stager 1990) التي يشير لها النص الكتابي["24 وَاشْتَرَى جَبَلَ السَّامِرَةِ مِنْ شَامِرَ بِوَزْنَتَيْنِ مِنَ الْفِضَّةِ، وَبَنَى عَلَى الْجَبَلِ. وَدَعَا اسْمَ الْمَدِينَةِ الَّتِي بَنَاهَا بِاسْمِ شَامِرَ صَاحِبِ الْجَبَلِ «السَّامِرَةَ."] ,(الملوك الأول 16:24). وفي المرحلة التالية، جرت عملية بناء مكثفة، طمست بقايا المستوطنة السابقة. وشملت بناء جدار حظائر وقصر, و يقترح فرانكلين (2004) أن أول ما بني هو القصر, ثم أضيف جدار الحظائر في مرحلة لاحقة, وهذا وارد على الرغم من أن كلا العملين يمكن أن يكون تم إنجازهما خلال السنوات الأربعين من حكم الأسرة العُمْرية. ولذلك فسوف اعتبر المرحلة الأولى التي شيد فيها قصر على منحدر تحيط به منشآت زراعية يعود تاريخها إلى عهد [الملك] عُمْري والمرحلة الثانية التي تشمل التوسع في القصر وبناء المجمع الملكي على المنبسط يرجع تاريخها إلى وقت [الملك] آخاب .
فشلت نتائج التنقيب في نزويدنا بما يكفي من البيانات لتوضيح العلاقة التحقيبية بين المباني المختلفة على الأكروبول. و وفقا للباحثين الذين قاموا بأعمال الحفر في الموقع (Crowfoot, Kenyon, and Sukenik 1942, 9–11 Kenyon 1942, 94–97 )،تتميز فترة البناء الأولى I بوجود جدار مبني من كتل حجرية منحوتة مربعة الشكل مما شكل منطقة مفتوحة مستطيلة مفتوحة حول القصر, أما الجدار الكبير الذي أحاط بالقمة فتم عزوه إلى فترة البناء الثانية II (Crowfoot,Kenyon, and Sukenik 1942, 11–13 Kenyon 1942, 97–100 fig. 21 ) . وتصف كينيون بنائه بمثابة مفهوم البناء من مجمع ملكي إلى أكروبول محصن. كان جدار الحظائر نظام استناد أكثر منه تحصين حقيقي. وقد بني من أجل توسيع القمة، وبالتالي كان بمثابة شرفة تدعم منصة أرضية ضخمة. وبالتالي، تم إحداث فرق كبير في المستويات،و لعدة أمتار، بين الجانبين الداخلي والخارجي لجدار الحظائر، أي بين المنحدر والمنصة (شكل 22). وقد تم ملء الحظائر، التي بنيت باستخدام حجارة مربعة بتقنية المداميك، مع الأرض إلى عمق معقول. و ليس من الواضح ما إذا كان هناك بنية إضافية فوق جدار الحظائر؛ وعموما ، لا يعمل جدار الحظائر كجدار استنادي، كما في بعض الأماكن, لم ينى على حافة المنبسط العلوي (انظر أدناه).
تم بناء القصر من كتل ضخمة وملتوية تقريبا على نواة صلبة من الصخور مع شقوق عمودية من خلال نحت الصخر من حولها (Reisner, Fisher, and Lyon 1924, 61, 93–94 Franklin 2004 fig. 23), وتبلغ ابعاد الجزء من القصر الذي تم كشفه (أسس الجدران فقط) حوالي 55 × 40 م. و يعد قصر السامرة واحدا من أكبر مباني العصر الحديدي المعروفة في بلاد الشام و يتطابق من حيث الحجم والعظمة مع قصور العصر الحديد الثاني في شمال سوريا (شكل 23). كان القصر محاطا بعدة مبان ذات طبيعة إدارية في الغرب والشمال الشرقي, وعلى الجانب الشرقي كانت بوابة التحويطة الملكية حيث المكان أقل انحدارا. و تم العثور على ستة من أصل سبعة أعمدة بروتو أيونية في السامرة، ثلاثة منها متطابقة تقريبا، ذات استخدام ثانوي في هذا المجال, وربما استخدمت في الأصل لتزيين مدخل ضخم (Crowfoot, Kenyon, and Sukenik 1942, 14 ) على غرار ماعثر عليه في بوابة خربة المضيبع في جنوب الأردن لاحقا (Mattingly and Pace 2007) .
4.1.1.2 . المنبسط السفلي
يقدم لنا الجانب الجنوبي من المنبسط السفلي معلومات أكثر تفصيلا, و يمثل الشارع فوق شارع الأعمدة الروماني منحدرا ترابيا رئيسيا يصل ارتفاعه إلى 20-30 مترا وبطول يصل إلى حوالي 400 مترا(شكل 24), المنحدر شديد الانحدار ومستقيم جدا بحيث لايمكن اعتباره ظاهرة طبيعية، ولذلك يجب أن يفسر على أنه من صنع الإنسان, وربما توضعت الأكوام الترابية الجنوبية على طول المنحدر الصخري بحيث يمكن رؤيتها مندفعة خارجا هنا و هناك من الحطام الترابي. وتهيمن هذه الأكوام-في الواقع , تشكل- الموقع بأكمله , ويمكن رؤيتها من بعيد
ومن المعقول الافتراض مستوى الأرضيات في المجمع الملكي في العصر الحديدي كان أعلى بنحو 10 أمتار من تلك الموجودة في المنبسط السفلي, ويصف كروفوت و كينون و سوكينيك ما يقولون عنه"ما يشبه الأخدود" (1942 و 50) تحت شارع الأعمدة إلى أسفل و جنوب الركام الترابي الجنوبي. وقد يكون هذا المنخفض خندقا، بحيث أن المواد التي نتجت عن حفره تم استخدامها في الركام الترابي الجنوبي ولتعبئة داخل المنبسط السفلى. واكتشف فريق بعثة هارفارد جدار حجري قوي كان جزء من تشكيل الركام الجنوبي على الحافة الجنوبية العليا للمنبسط السفلي (Reisner, Fisher, and Lyon 1924, 86, 121–22). تم رصف الحجارة المخصصة على هيئة مداميك متداخلة ، ودفنت أساساتها في خندق محفور في الصخر بخصائص تشبه طريقة بناء المجمع الملكي على القمة و الذي يعود للعصر الحديدي. وبالتالي فمن الآمن أن نعزو هذا المقطع إلى النشاط العمراني للعصر الحديدي ومطابقته كجزء من نظام تحصين المدينة. الفرق في الارتفاع بين المبسط العلوي و المنبسط السفلي من الجهة الغربية حوالي 20 م. ولابد أن المنحدر ,هنا أيضا, تشكل من خلال توضع الأرض فوق المنحدر الصخري الطبيعي. ويبدو أن المسافة بين جدار الحظائر و المنحدر تشير إلى استخدام الجدار كنظام تحصين خارجي. ويمتد المنبسط السفلي بدء من المجمع الملكي لمسافة نحو سبعين مترا وينتهي في حد فاصل آخر للشرفة البارزة (شكل 24), ولايبدو واضحا مدى المنبسط السفلي من الجهة الشمالية بسبب البناء الكثيف الذي يعود للعصر الروماني, ويعد الجانب الشرقي من السامرة الأكثر ضعفا حيث ترتبط هنا النتوءات الجبيلة الطبيعية بالتل.و يمكننا -انطلاقا من تصميم مواقع أخرى تعود للأسرة العمرية (أدناه)- التكهن بأن النتوءات نحتت من جهاتها المسطحة و الضيقة لتشكل خندق, كانت مثل هذه النتوءات المرتفعة بين قمم التلال أضيق بكثير في العصر الحديدي مما هي عليه اليوم؛ وقد ملئت و سويت في العصر الروماني.
ثمة خياران لتحديد تاريخ بناء المنبسط السفلي, فوفقا للخيار الأول, اقتصر الموقع في عهد الأسرة العمرية على المجمع الملكي؛ ولم تتوسع السامرة إلى حدود المنبسط السفلي إلا في النصف الأول من القرن الثامن ق.م، وهي الفترة الثانية من ازدهار المملكة الشمالية الكبير, أما الخيار الثاني فيرى أن المنبسطين العلوي والسفلي شيدا , كليهما, في القرن التاسع ق.م. وربما كان الموقع قد امتد, في القرن الثامن ق.م إلى ما هو أبعد من المنحدرات. ولعل الخيار الأول يستند إلى حقيقة أن المواقع العمرية الرئيسية لم تكن أكثر من مراكز إدارية محصنة , وبرغم هذا كان على السامرة كعاصمة المملكة الشمالية أن تقدم حالة مختلفة, و في الواقع، تدقعني العديد من الاعتبارات الظرفية إلى تفضيل الخيار الثاني، أي أن المنبسط السفلي بني في القرن التاسع ق.م.
1) ينبغي لمدينة القرن الثامن ق.م أن تكون بحجم أكبر من 8 هكتارات (وهي مساحة المنبسطين العلوي و السفلي معا), بالمقارنة, على سبيل المثال, مع أورشليم في أواخر القرن الثامن ق.م، والتي امتدت على مساحة أكثر من 60 هكتارا، أو حتى عند المقارنة بحاصور التي كانت بمساحة 12 هكتارا تقريبا.
2) من المنطقي أن نفترض أن السامرة العُمْرية كانت على الأقل كبيرة مثل يزرعيل العُمْرية، التي غطت مساحة حوالي 4 هكتارات (مقارنة مع 2.5 هكتار للمجمع الملكي في السامرة)
3) يعد بناء المنصة، والشرفات و ملء الأتربة و التسوية من الأعمال النموذجية للأسس المعمارية العُمْرية( تفاصيل أكثر أدناه).
(4) تشير حقيقة أن جدار حظائر القمة لم يبن على حافة المنبسط العلوي إلى أنه لم يكن بمثابة جدار المدينة الخارجي.
بكلام آخر، لم يكن المنبسط العلوي محميا بتحصينات، وبالتالي يجب أن يكون الدفاع عن المدينة قد حصل من خلال السور على حافة المنبسط السفلي. وأود أن أقترح -هنا-أن المبسطين العلوي و السفلي أديا أغراضا مختلفة: كان المنبسط العلوي بمثابة المجمع الملكي واشتمل على القصر، وربما ضريحا ملكيا ومبان إدارية رسمية، ومساحات مفتوحة، في حين أن كان المنبسط السفلي يمثل البلدة بذاتها بما في ذلك مجمعات سكن الموظفين الذين خدموا في الأجهزة البيروقراطية للمملكة. و تطلب بناء المنبسطين بناء جدران دعم فضلا عن أعمال التعبئة الرئيسية. وكانت النتيجة ظهور تلة اصطناعية مدهشة يمكن رؤيتها من بعيد.
4.1.2. يزرعيل[زرعين؟]
كشفت عمليات التنقيب في هذا المكان الذي يقع جنوب شرق وادي يزرعيل (Ussishkin and Woodhead 1992, 1994, 1997 )، عن وجود تحويطة حظائر مستطيلة كبيرة نسبيا ذات أبعاد 270 × 140 مترا (حوالي 3.8 هكتار؛ الشكل 21) وبشكل موحد يحمل بعض أوجه التشابه مع تحويطة السامرة, واحتوت في أركانها على أبراج موحدة,استخدم في بنائها الحجارة المربعة في أماكن قليلة فقط, و الهدف من البناء هو إنشاء منبسط مسطح, تم إلقاء استخدام كبيرة من الأتربة كردم بين جدار الحظائر والنواة المركزية للتلة، حيث كانت الصخور مرتفعة جدا .كما تم ملء الحظائر إلى مستوى الأرض, ربما كانت البوابة التي تقع قليلا إلى جهة الشرق من وسط الجدار الجنوبي، من النوع الذي يحتوي على ست حجرات (انظر حاصور أدناه). كما تم الكشف عن عنصرين إضافيين خارج جدار الحظائر وهما : الخندق و مصد الحماية , ينحدر المصد من جدار الحظائر إلى حافة الخندق, ويبلغ طوله من الجهة الجنوبية 17 مترا و سماكته 2.5 متر. أما الجزء السفلي فكان متوضعا على الساتر الجداري, ومن الواضح أنه كان لهما وظيفة دفاعية و وظيفة إنشائية( استنادية) على حد سواء. ويفصل الخندق المنحوت في الصخر المبنى عن المناطق المحيطة به, ويبلغ طوله الكلي على الجانبين الشرقي والجنوبي والغربي 670 متر وبعرض 8 أمتار على الأقل و عمق 5 أمتار (شكل 25), و نظرا لأن الموقع محمي طبيعيا من المنحدر إلى الوادي من الجهة الشمالية فلم يكن ثمة خندق هناك. ومن الصعب تحديد ما إذا كان المبنى داخل التحويطة يمثل مجمعا تاما, فأولا، تم تآكل جزء كبير من المنطقة أو تعرضت للدمار بسبب توطن لاحق، وخاصة في الجهة الغربية، حيث كانت تقع قرية القرون الوسطى و العهد العثماني, وثانيا لم يتم الحفر داخل التحويطة بما فيه الكفاية. وعلى أية حال، يبدو من المعقول افتراض أنه لم يتم استيطانها بكثافة. و يقترح أوسيشكين و وودهيد أن مقر الغقامة الملكي بني في مكان ما على طول المحيط الشمالي للتحويطة حيث يمن ,من هناك لاستمتاع بالمنظر الطبيعي الجميل و بالنسيم العليل, وبمقارنة موقع يزرعيل [زرعين؟] بمواقع القرن التاسع ق.م الأخرى, أود أن أقترح أن مقر الإقامة كان يقع في القطاع الشمالي الغربي من المجمع، والذي هو أيضا المكان الأمثل للتمتع بالمناظر الطبيعية و بالمناخ الجيد. وربما استخدم مجمع يزرعيل كمرفق لتربية و تدريب خيول العربات الإسرءييلية التذ اشار لها شلمنصر الثالث ملك آشور عند حديثه عن معركة قرقر (Cantrell 2011). تم تدمير الموقع على يد حزئيل ملك دمشق حوالي 840 ق.م, ولم ينهض تماما, وعلى إثر ذلك نقلت مرافق خيول المملكة الشمالية إلى مجدو في النصف الأول من القرن الثامن ق.م (انظر الفصل الخامس من هذا الكتاب).
4.1.3 . حاصور[تل القدح؟]
غطت مدينة السوية العاشرة X من المدينة و التي تعود إلى أواخر العصر الحديدي الثاني IIA (ضمن القرن التاسع ق.م)، النصف الغربي من التل العلوي.
ويشكل جدار الحظائر مجما مثلث الشكل ( الشكل 21) يغطي مساحة تبلغ حوالي 2.5 هكتار. وتملي طوبوغرافيا تل العصر البرونزي الطريقة التي تم تصميم الموقع بها , و إلى جهة الشرق وبانحراف قليل إلى جهة الشمال عن المحور الشرقي والغربي للمجمع تتواجد بوابة من ستة حجرات, اشتمل بناؤها على "عمليات تسوية هائلة"وتعبئة (Yadin 1972, 137–38 )، وهو ما جعل البوابة تنتصب في هذه المنطقة إلى جهة الشرق.تم العثور خارج جدار الحظائر على لقى و بقايا تعود لاثنين من الميزات الأخرى نموذجية من العمارة العُمْرية- الخندق ومصد الحماية- ، ولكن نسبهما إلى العصر الحديدي غير مؤكد. وقد بنيت القلعة على الطرف الغربي من التل في مرحلة لاحقة من العصر الحديدي (السوية الثامنة VIII) واستمرت في أداء وظيفتها حتى تدمير المدينة في أواخر القرن الثامن ق.م . و على الرغم من أن القلعة لم تتم إزالتها بأعمال الحفريات فقد تم العثور على أدلة كافية تشير إلى أن وجود مبنى كبير كان قائما في السوية العاشرة X، أيضا (Yadin 1972, 140). أبعاد المبنى المفترض حوالي 20 × 30 م. وحجم المكان و موقعه على حافة التل،وجمالية المنظر قد تشير إلى أنه كان القصر, والأعمدة البروتو أيونية الجميلة [عمودين اثنين] أعيد استخدامها في سوية لاحقة على الأرجح لتزيين مبنى السوية الثامنة VIII ، لكن ربما يعودان بالاصل إلى الصرح السابق. ومن الناحية النظرية، يمكن للمرء أن يشير إلى أن السوية العاشرةX لحاصور بنيت على يد حزئيل ملك آرام دمشق، الذي بنى أيضا دان (Arie 2008 ) وغزا أجزاء كبيرة من الأراضي الشمالية لإسرءيل في النصف الثاني من القرن التاسع (Na’aman 1997a ) , وعوما تنتمي مجاميع الفخار التي تعود لهذه السوية إلى مرحلة مبكرة من العصر الحديدي الثاني IIA المتأخر (Herzog and Singer-Avitz 2006 )، وبالتالي يجب أن تؤرخ في النصف الأول من القرن التاسع ق.م -أي زمن السلالة العُمْرية .
4.1.4. يهص[خربة المدينة الثمد ؟] و عطاروت [خربة عطاروس]في موآب
يشير نقش ميشع إلى مركزين بنتهما الأسرة العُمْرية في موآب شرق البحر الميت: يهص و عطاروت: "....فعمر ملك إسرائيل عطرت ، فحاربت المدينة أخذتها وقتلت كل آهل المدينة وملك إسرائيل عمر يهص وسكن بها وهو يحاربني ، فطرده كموش من أمامي ، وأخذت من مؤاب مائتي رجل من عظمائهم ، وسيرتهم إلى يهص وأخذتها فضممتها إلى ديبون ،..."
(السطور 10-11، 18-21؛ الترجمة من قبل Na’aman 2007 ). وينبغي ليهص أن تقع على تخوم الصحراء جنوب مادبا، وليس بعيدا عن ديبون (ديبان في الوقت الحاضر) استنادا لما يذكره الكتاب, واقترح ديرمان(122-125 , 1984) مطابقتها مع موقع خربة المدينة الثمد في وادي الوالة، شمال شرق مدينة ديبون[ديبان]، وهي مطابقة مقبول بصورة واسعة في وقتنا الحاضر, كما ينبغي لعطاروت أن لاتكون بعيدة أيضا عن ديبون [ديبان؟] ونهر أرنون[ وادي الموجب؟]. ومازال موقع خربة عطاروس إلى الشمال الغربي من ديبون يحتفظ باسمها. وقد بنيت كل من يهص و عطاروت كمراكز تقع جنوب الحدود العُمْرية مع مؤاب التي تواجه ديبون إلى جهة الشرق و الغرب (Dearman 1989a, 181–82 Na’aman 1997b, 89–92) . ويظهر كلا المكانين العديد من الخصائص المعروفة في مواقع عُمْرية غرب الأردن التي تم وصفها أعلاه.
4.1.4.1. خربة المدينة الثميد = يهص
زار الموقع العديد من المستكشفين الأوائل الذين لاحظوا معالمه الرئيسية، بما في ذلك الخندق الواسع الذي يطوق التل في منتصف الطريق إلى أسفل المنحدر. و كان غلوك قد نشر صورة جوية (1934، 13) ظهر فيها الموقع مسطحا ومستطيلا، مشيرا إلى أن الجزء العلوي من التل تشكل بواسطة ملء منصة كبيرة. تم التنقيب في الموقع منذ العام 1966 ,(انظر مثلا Daviau 2006aDaviau and Steiner 2000 Daviau and Dion 2002 ) . ولم يلق شكل التل و تخطيط الموقع، والسمات الرئيسية لتحصينه كثير اهتمام حتى الآن ويستند الوصف هنا أساسا على الملاحظات التي تمت خلال عدة زيارات إلى الموقع. بني الحصن على تلة ممدودة تقع داخل وادي الثميد، ويشير شكله المستطيل ( شكل 26) إلى أن التل الطبيعي كان يتشكل من خلال عملية ملء و تسوية, وجدار الحظائر جعل التل الطبيعي يأخذ شكل "صندوق" مستطيل أبعاده 140 × 80 م( بما في ذلك الخندق؛ حوالي 120 × 50 م حتى أعلى المنصة المرتفعة) . أما الردم الملقى بين منحدرات التل الطبيعي وجدار الحظائر لابد أنه كان منضغطا على الحائط، وبالتالي فإن هذا الأخير يتطلب دعم مصد حماية ترابي، والذي تم الكشف عنه في القسم المنحوت على الجانب الجنوبي من الموقع. تم حفر الخندق في منتصف الطريق أسفل التل. ويحيط بالموقع من جميع الجوانب باستثناء الجهة الشمالية الشرقية كما يبدو ، قرب البوابة. كان الجانب الخارجي للخندق مرصوفا بجدار حجري، والذي كان بدوره مدعوما باستمرار بمصد حماية. وتظهر البوابة المكونة من ستة حجرات (أصغر من بوابتي حاصور وجازر) من المستطيل عند نهايته الشمالية الشرقية. وقد يشير المنخفض إلى الغرب من البوابة إلى موقع نظام إمدادات المياه. معظم الأبنية المكتشفة داخل المجمع حتى الآن ذات طابع عمومي،لاسيما الضريح قرب البوابة والبيوت ذات الركائز إلى الجنوب منها. وتعود اللقى المتحصل عليها من أرضيات هذه المباني إلى أواخر العصر الحديدي الثاني، وربما حوالي 600 ق.م (e.g., Daviau and Steiner 2000) .وهي تمثل المرحلة النهائية في تاريخ الموقع، عشية الاحتلال البابلي لموآب. ولكن متى تم تأسيس الموقع؟ حقيقة أنه تم بناؤه قبل عدة قرون هو واضح من تواريخ الكربون المشع للغينات المأخوذة من عوارض البوابة، والتي أعطت انحرافا معياريا مقداره 2 , تم تأريخها ما بين 810-755 ق.م (Daviau 2006a, 17) ؛ قد تمثل هذه العوارض عملية تجديد للبوابة الأقدم. وتشير بقايا العصر الحديدي الثاني IIA هناك (Daviau 2006a, 28 n.21 2006b, 566) إلى أن المدينة تأسست في القرن التاسع ق.م, ولم يتعرض هذا المكان المعزول للدمار, على ما يظهر حتى في نهاية الحقبة العُمْرية ؛ وقد ميز ميشع بوضوح بين فتوحاته لعطاروت ويهص ، ويبدو أن الأخيرة أخذها بدون مقاومة تذكر . وبعبارة أخرى، استمر استخدام المباني التي شيدت في القرن التاسع ق.م لعدة قرون لاحقة، حتى الغزو البابلي، أو المباني التي أضيفت في المساحات المفتوحة خلال عمر الموقع
. باختصار، يجب أن يكون تشكيل تل خربة المدينة الثميد وبناء تحصيناته حصل في العصر الحديدي الثاني IIA ، أي في القرن التاسع ق.م.
4.1.4.2 خربة عطاروس = عطاروت
تقع الخربة على تل يشرف على مشهد واسع من جهة الشرق لسهل مأدبا، وإلى الجنوب و الغرب (بما في ذلك امتداد البحر الميت). و كشفت أعمال الحفر المحدودة التي قام بها Ji في الأعوام 2000 و 2001 (2002) عن مكان عبادة يعود للعصر الحديدي الثاني IIA تعرض للدمار بواسطة حريق (انظر http://www.arabnews.com/node/) 354248 ؛ واشير هنا إلى الصور فقط ؛ فالنص المرافق لهم غير كافٍ). وخلال زيارة الموقع في كانون الثاني-يناير 2010 تكشف أن القسم الشمالي منه ربما يكون مغطى بخرائب ما بعد العصر الحديدي، في حين أن يقايا العصر الحديدي التي عثر عليها جنوب الموقع لا تزال يبدو على مقربة من السطح. يتم تشكيل الموقع كمسطح مرتفع على هيئة مستطيل, ويمكن رؤية ذلك بشكل أفضل من خلال الصور الجوية (الشكل 27) و تبلغ أبعاد المستطيل حوالي 155 × 90 متر (كما تم قياسه من برنامج Google Earth) ويبلغ ارتفاعه 5 أمتار تقريبا عن المنطقة المحيطة به. الشكل مشابه لما هو عليه موقع خربة المدينة الثميد ، ولكن يبدو أن هذا الأخير أصغر منه في الحجم (على الأرجح تفرض التلة الطبيعية نفسها على حجم الموقع ). في الجنوب، يمثل الجدار المحفوظ جيدا حافة المنصة, و يمكن رؤية بقايا جدار مماثل على الجانب الغربي, ومن غير الممكن-دون القيام بأعمال تنقيب- التحقق من طبيعة الجدار (وما إذا كان مدعوما بمصد حماية من الخارج). و يصعب تمييز حافة المنصة في الشمال والشرق من الموقع. وأبرز سمة من سمات الموقع وجود خندق منحوت في الصخر يبدو واضحا على ضلعين أو ثلاثة من المستطيل ,كما لاحظ ذلك فعلا في وقت سابق موسيل (Musil 1907، 395-96) .وإلى جهة الجنوب (شكل 28) والغرب يوجد خندق بعرض حوالي 4 م, ويظهر أحد الأمكنة نحت عمودي بعمق حوالي 3 متر( البقية مليئة بالتراب). يبدو أنه لم يكن هناك خندق في الشرق، لأن المنصة تنتهي كما يبدو على هذا الجانب في منحدر حاد نسبيا .إن تصميم موقع خربة عطاروس- وهو عبارة عن مجمع مستطيل ومرتفع محاط بخندق منحوت في الصخر على ثلاثة جوانب ويحميه منحدر حاد في الرابع - مطابق لمجمع الاسرة العُمْرية في يزرعيل.
4.1.5 .تل الرميث في جلعاد
يقع تل الرميث في شمال شرق جلعاد، في هضبة إلى الشرق من مدينة إربد الأردنية الحديثة. وبناء على اسمه، اقترح هذا الموقع وبلدة الرمثا، التي تقع على بعد 7 كم إلى الشمال، كمواقع بديلة لراموت جلعاد الكتابيةحيث دارت معركة كبيرة بين إسرءيل و آرام دمشق في القرن التاسع ق.م (للاطلاع على المراجع الكتابية، انظر الفصل 5؛ للتعرف على الهوية، انظر Glueck 1943 Knauf 2001a ). ويتوضع كلا الموقعين في أمكنة استراتيجية بالقرب من تقاطع طريق الملك، الذي يمتد على طول هضبة شرق الأردن باتجاه دمشق، والطريق الغربي الشرقي من وادي الأردن نحو الصحراء .تم التنقيب في تل الرميث في الستينات من قبل بول لاب (1963 N. L.Lapp 1993) الذي كشف حصن مربع صغير حوالي 40 × 40 م. حدد لاب عدة مراحل من البناء، واحدة منها "تنطوي على إنشاء منبسط ... تسوية المنطقة بالحطام". كما سجل عدة طبقات تدمير.يوضح وصفه للموقع أنه كان نشطا في القرن التاسع ق.م وعانى من موجات دمار في ذلك الوقت , و يترجم هذا الوصف إلى ما نعرفه اليوم عن فخار العصر الحديدي و التحقيب المطلق لأطوار الفخار الختلفة للعصر الحديدي. لم يتم نشر نتائج تنقيبات لاب و بالتالي فمن الصعب تقييم أهميتها التاريخية والأثرية. وكما هو واضح, لم يلحظ لاب اثنتين من السمات الهامة للموقع: (1) بناء الحصن على منصة مرتفعة؛ و(2) إحاطته بخندق واسع (الشكل 29) كان محاطا بدوره، على جانبه الخارجي، بأسوار ترابية (Finkelstein, Lipschits, and Sergi 2013 ). يشبه الخندق والحائط عناصر مماثلة في خربة المدينة الثميد في موآب (في موقع خربة المدينة الثميد مصد حماية).وبصرف النظر فيما لو كان هذا الموقع هو راموت جلعاد أم لا، فلابد أن يكون لعب دورا هاما في الصراع بين إسرءيل و آرام دمشق في شمال شرق الأردن في أيام سلالة عُمْري.
4.1.6 مواقع أخرى
تظهر عدة مواقع إضافية في أراضي المملكة الشمالية معالم معمارية مماثلة لتلك الموصوفة أعلاه, ففي جازر[أبو شوشة؟] بوابة من ستة حجرات وقسم من جدار حظائر تنتمي إلى السوية الثامنة VIII ، والتي يعود تاريخها إلى أوائل القرن التاسع ق.م. بنيت البوابة (Dever et al. 1971, 112–20 Ortiz and Wolf 2012 ) بصورة جميلة من مداميك حجرية في مواضع العضادات. تم الكشف عن جدار حظائر على جانبي البوابة، بطول يصل إلى حوالي 70 مترا. بناء البوابة وجدار الحظائر يشتمل على تسوية شرفة على التلال و مواد تعبئة هائلة, و بعيدا عن منطقة البوابة،لم يظهر شكل جدار الحظائر للسوية الثامنة وضوحا .أما في عين جيف [خربة العاشق؟] على الشاطئ الشرقي لبحيرة طبرية، أقيمت تحصينات حظائر على منصة محمية على ما يبدو بمصد حماية ويعود الحصن( الذي يأخذ شكل مربع طول ضلعه 60 مترا) إلى الفترة 950-790 ق.م (B. Mazar et al. 1964 ) أو 945-886 (B. Mazar 1993 ) في التسلسل الزمني المطلق لتقنية الكروبن المشع المستخدمة هنا، وهذا يعني أن الحصن بني في القرن التاسع ق.م (بخصوص التنقيبات الأخيرة وتاريخ تحصينات الحظائر في القرن التاسع ق.م،(انظرHasegawa and Paz 2009), و تم الكشف في سبعينيات القرن الماضي في موقع هار أدير في جبال الجليل الأعلى حصن حظائر مربع , طول ضلعه 80 م محمي بمصد حماية , ولكن لم تنشر نتائج الحفريات تلك ,و وفقا لإيلان (1999)، فإن فخار الحصن معاصر للفخار المتحصل عليه من الطبقة العاشرة X في موقع حاصور؛ فإذا كان الأمر كذلك، فهذا يعني إنه يعود إلى أواخر العصر الحديدي الثاني IIAفي القرن التاسع ق.م. ومن المحتمل أن تكون ثمة لقى متوضعة في حصن مشابه إلى حد ما عثر عليها في الخمسينيات في تل هاراشيم، ويقع أيضا في الجليل الأعلى، على بعد 8 كم إلى الجنوب الغربي من هار أدير (Ben Ami 2004 ).
4.1.7 خلاصة: خصائص العمارة العُمْرية
يبدو أن الأسرة العُمْرية استخدمت أساليب معمارية مماثلة على جانبي نهر الأردن, ومن غير الممكن تحديد من هو الملك الإسرءيلي الذي بنى يهص وعطاروت, ولكن التخمين الأكثر ترجيحا أن يكون آخاب، الذي يبدو أن المملكة الشمالية وصلت في عهده إلى ذروتها العسكرية، وقمة ازدهارها الاقتصادي، وتوسعها الإقليمي. و تظهر المواقع الموصوفة أعلاه أوجه تشابه واضحة في الأساليب المعمارية التالية (لمزيد من التفاصيل، انظر Finkelstein 2000 Finkelstein and Lipschits 2010 ) :
- بناء منصة : غايتها تشكيل تل مصطنع عن طريق عمليات تسوية و تعبئة من أجل بناء منصة مرتفعة , وهذه المنصات معروفة جيدا في مواقع مختلفة مثل السامرة ، يزرعيل ، وموقعيي موآب [يهص و عطاروت].
- مجمع الحظائر : و أفضل الأمثلة معروفة في السامرة ، يزرعيل ، حاصور ، وخربة المدينة الثميد , و المنطقة التي تحيط بالحظائر تبلغ مساحتها حوالي 0.5 هكتار (خربة المدينة الثميد) و 3.8 هكتار (يزرعيل).وكانت مجمعات الحظائر العمرية مستطيلة ( مثل السامرة ، يزرعيل ، خربة المدينة الثميد أو غير منتظمة متكيفة مع شكل التل[ الطبيعي] (مثل حاصور).
- البوابة : لوحظ منذ زمن بعيد يرجع لأيام يادين (1958) تشابه بين بوابات حاصور و جازر ,على صعيد التصميم و الحجم ,و ينبغي إضافة بوابة يزرعيل إلى قائمة البوابات ذات الحجرات الست التي تعود للقرن التاسع ق.م (Ussishkin and Woodhead 1997, 12–23), وهذه البوابات متطابقة تقريبا في الحجم, باستثناء بوابة اكتشفت في خربة المدينة الثميد في مؤاب كانت أصغر حجما من البقية
-الخندق ومصد الحماية: تحيط الخنادق الصخرية المعقدة مجمعات يزرعيل وخربة عطاروس في موآب من ثلاثة جوانب .دعمت مصدات الحماية جدران الحظائر في يزرعيل و خربة المدينة و الثميد و ربما في السامرة .
وفي كل حالة من الحالات المذكورة ، تم تعديل عاصرها المكونة لها أو بعضها، وفقا للخصائص المميزة للموقع , وعملت معظم هذه المواقع كمراكز ملكية وإدارية أو حصون حدودية أكثر منها كمدن نموذجية, لقد كانت هذه المواقع مجمعات مكرسة للمباني العمومية مع مساحات مفتوحة كبيرة. ولم يتم العثور إلا على عدد قليل جدا يشهد على وجود أحياء سكنية محلية.
معظم السمات المميزة للعمارة العُمْرية معروفة في بلاد الشام قبل العصرالحديد الثاني ويعد جدار الحظائر والخندق الصخري من الحالات المثيرة للاهتمام، لأنها معروفة في شرق الأردن في العصر الحديدي (1). تم الكشف عن النموذج الأولي لجدار الحظائر في أواسط العصر الحديدي الأول في تل العميري [قرب العاصمة الأردنية عمان] (Herr and Clark 2009 ؛ للاطلاع على التاريخ، انظر Finkelstein 2011e ). و من المعروف جدران الحظائر الأكثر تطورا في مواقع العصر الحديدي الأول تقع جنوبي موآب, حيث كشفت التنقيبات فيها عن وجود خنادق قصيرة [استحكامات] محفورة في الصخور(Routledge 2008, 146, 151 Finkelstein and Lipschits 2011). ومن المعروف أن جدار الحظائر المتقدمة في أواخر العصر الحديدي الأول / و البدايات المبكرة للعصر الحديدي الثانيIIA عثر عليها في خربة قيافا في الشيفلة اليهوذية (Garfinkel and Ganor 2009 ). وقبل أن أختم المناقشة هنا سوف لأضيف تعليقين اثنين .
1) ظهور هذه السمات المعمارية ليس فريدا في المواقع العُمْرية, فهي معروفة على سبيل المثل في موقع عروير الكتابي [خربة الدبة؟في الكرك] ، وربما في حصن مؤابي يعود لأواخر القرن التاسع أو الثامن ق.م . مكرس لحراسة طريق الملك حيث يعبر وادي الموجب (أرنون الكتابي ؛ Finkelstein and Lipschits 2010). ومع ذلك، لم يتم العثور على المفهوم المعماري الذي يضم المجمع بأكمله المذكورة أعلاه حتى الآن في أي فترة من أوائل القرن التاسع (أو في وقت سابق) موقع خارج حدود المملكة الشمالية.
2) يظهر تخطيط مدينة مجدو في العصر الحديدي الثاني المتأخر IIA (السوية VA–IVB) أوجها من التشابه و الاختلاف مع المواقع التي نوقشت هنا. فمن ناحية، يكشف التحليل المفصل لقصور مجدو (بخصوص المنشورات عنها، انظر Lamon and Shipton 1939, 11–24 Yadin 1970 Cline 2006 ) عن بعض أوجه التشابه مع السمات المعمارية للقرن التاسع ق.م المذكورة أعلاه، وخاصة استخدام المداميك الحجرية للبناء, ومن ناحية أخرى و بخلاف السامرة، ويزرعيل، وحاصور، يفتقر الموقع إلى تخطيط نموذجي من منصة مرتفعة مع مجمع حظائر. أما باقي مدن القرن التاسع في أراضي المملكة الشمالية، مثل يقنعام [ تل قامون] وترصة[تل الفارعة] ، فإنها لا تبدي خصائص العمارة العُمْرية الضخمة. وتظهر هذه الخصائص أساسا في المواقع الإدارية (أو الحصون) التي بنيت حديثا من قبل العُمْريين أو في المواقع التي كانت قرى صغيرة أو تم التخلي عنها قبل عصرهم .
4.2 الأراضي التي خضعت لسيطرة الأسرة العُمْرية
تحتوي سلسلة حكايات إيليا-أليشع الواردة في سفري الملوك على مواد حقيقية عن المملكة الشمالية في عهد سلالة عُمْري، ومنها ,على سبيل المثال، ما يتعلق بيزرعيل، و نهاية عهد الاسرة ، واعتداء حزئيل ملك دمشق على إسرءيل (Schniedewind 1996 Na’aman 1997a, 2000), و يستند السرد في هذه القصص على خلفية جغرافية مفصلة نسبيا تركز على وادي يزرعيل والمناطق المجاورة له، دون ذكر المواقع الإسرءيلية إلى الشمال. المواقع المذكورة هي يزرعيل, شونيم [سولم؟]، جبل الكرمل، مجدو[تل التسلم] ، بيت هاغان (جنين؟)، و يبلعام [خربة بلعمة] (تقع على الطريق الذي يربط بين أودية يزرعيل ودوثان [تل دوثان]). لم يتم ذكر أماكن مثل حاصور، دان، عيون [ تل دبين؟ قرب مرجعيون] و أبل-بيث-معكه [ آبل القمح؟] أو المواقع في جبال الجليل المشار إليها في قائمة (لاحقا ) مدن نفتالي في الإصحاح 19 من سفر يوشع ( أنظر أيضا Kuan 2001, 143–44). و بغض النظر عن الترتيب الزمني للقرن التاسع ق.م, لم تحدث الصدامات بين آرام دمشق و إسرءيل (المشار إليها في الكتاب المقدس على سبيل المثال، Miller 1966 Lipiński 2000, 375, 378, 397–99 )، شمال بحية طبريى وجلعاد [البلقاء] . لذلك، من وجهة نظر النص الكتابي ، ليس هناك ما يدعو إلى افتراض أن العُمْريين توسعوا باتجاه المناطق الشمالية من وادي يزرعيل وجلعاد. و قد يكشف نقش تل دان عن واقع مختلف. ففي السطور 3-4، يقول مؤلف النقش، حزئيل ملك دمشق، "إن ملك إسرءيل حل في أرض أبي"، ربما يعني أنه قبل أيامه كان ملك إسرءيل قد غزا الأراضي التي تصورها (حزئيل) تنتمي شرعيا إلى دمشق. من يكون ملك إسرءيل هذا؟ وأين وقعت هذه الأراضي [التي حل بها]؟ يكشف استعراض الوضع الجيوسياسي قبل حكم حزئيل أن توسع ملك إسرءيلي في الأراضي الدمشقية لم يكن ممكنا أن يحدث في فترة تحالف إسرءيل ودمشق ضد آشور، أي قبل معركة قرقر 853 ق.م. وبالتالي، فإن الزمن الأكثر منطقية سيكون في وقت ما بعد الملك أخاب، وربما خلال حكم يهورام، قبيل ارتقاء حزئيل السلطة بفترة وجيزة. و الأراضي التي يشير إليها حزئيل يمكن أن تكون غور الأردن شمال بحيرة طبريا حول حاصور، وحتى إلى الشمال إذا أعيد قراءة السطور الافتتاحية لنقش دان (السطر 2) كدليل على أن ملك إسرءيل قاتل سلف حزئيل في أبل بيت معكة [ىبل القمح] (على سبيل المثال، Biran and Naveh 1995, 13 Schniedewind 1996, 79 Na’aman 2000 ؛ وغني عن القول، أن اسم أبل-بيت -معكة يشير إلى بلدة آرامية) .وثمة احتمال آخر لا يمكن استبعاده هو أن حزئيل يشير إلى توسع العُمْريين إلى ما اعتبره الأراضي الدمشقية في شمال شرق جلعاد. وهذا قد يفسر مكان المعركة الحاسمة بين آرام وإسرائيل في راموت جلعاد، ربما في أيام يهورام (842 ق.م؛ انظر الفصل الخامس). ويحكي علم الآثار قصة أكثر وضوحا ( شكل 18) , فكما تمت الإشارة أعلاه ,تظهر السوية العاشرة في حاصور و التي تؤرخ ببدايات العصر الحديدي الثاني IIA في النصف الأول من القرن التاسع ق.م (Sharon et al. 2007 Finkelstein and Piasetzky 2009, 2010) خصائص معمارية عُمْرية , بالطبع يمكننا أن نجادل بأن عناصر معمارية مماثلة انتشرت عند جيران إسرءيل بما في ذلك دمشق . ويمكن الإشارة إلى أن الانتماء الآرامي لسكان حاصور(السوية العاشرة) ربما يلمح إلى حقيقة أن العبرية حلت محل الآرامية في عدد قليل من نقوش حاصور فقط في ابتداء من القرن الثامن ق.م فقط . (Sass 2005,85–86). وبرغم هذا مازالت الدلائل من حاصور تستند على خمسة نقوش مجزأة, و لا تشير لغة سكان المدينة بالضروروة إلى هوية السلطة الحاكمة هناك, و الأهم من ذلك ,موقعي بيت صيدا و دان اللذان يبديان خصائص آرامية في المرحلة الأخيرة(النهائية) للعصر الحديدي الثاني IIA( أواخر القرن التاسع ق.م). لايظهران سمات عُمْرية نموذجية (من اجل المزيد انظر أدناه). لذلك لا أرى أي بديل للهوية العُمْرية لسوية حاصور العاشرة. ويبدو أن علم الآثار يقدم دليلا مماثلا فيما يتعلق بجبال الجليل الأعلى , وأشير هنا إلى حصن هار أدير، ربما إلى حصن آخر في تل هاراشيم، الذي يعرض معالم معمارية عُمْرية, فمن كان يستطيع أن يبني حصن ذو حظائر قوية مدعم بمصد حماية في موقع بعيد و معزول مثل هار أدير في القرن التاسع ق.م؟ الاحتمال الوحيد باستثناء العُمْريين هو صور.غير أنه لو أخذنا في اعتبارنا مفهوم المدى الطويل للتاريخ الإقليمي للمنطقة،فلن يساورنا الشك في أن الجليل الأعلى انتمى على الدوام إلى كيانات إقليمية / إدارية تعود مراكزها إلى الجنوب والجنوب الشرقي منه ،في حين أن صور حكمت فقط المناطق الجبلية السفلى إلى الشرق و الجنوب الشرقي (هناك حدود طبوغرافية واضحة بين الوحدتين). كان هذا هو الحال في العصور الرومانية البيزنطية وكذلك في فترات الحملات الصليبية والعصور المملوكية والعثمانية (.التفاصيل في Finkelstein1981 ), وباختصار، لم تحكم صور الجليل الأعلى، وبالتالي فإن الإمكانية الوحيدة لبناء قلعة هار أدير هي المملكة العُمْرية. و يجب أن يكون حصن هار أدير قد بني على يد ملوك المملكة الشمالية كمركز للسيطرة على الجليل الأعلى الكثيف بالغابات و الذي يقطنه عدد قليل من السكان، ويواجه أراضي صور في الغرب.
كان السهل الساحلي والتلال المنخفضة شمال عكا ربما في أيدي الفينيقيين. و يبدو أن مزرعة هورفات روش زايت[ خربة راس الزيتون قرب قرية شعب] في القرن التاسع ق.م (Gal and Alexandre 2000 ) كانت تقع ضمن الأراضي الفينيقية, وينبغي تفسير الرواية الأسطورية المتعلقة بتقديم الملك سليمان منطقة كابول إلى حيرام ملك صور (سفر الملوك الأول 9: 10-13) , بأنها على الأرجح قصة سبية تفسر لماذا كانت مناطق في الجليل الغربي تخضع لسيطرة صور في نهايات العصر الملكي .
وفيما يتعلق بالشمال، فمازلنا في سياق السؤال عن مسألة الحدود بين إسرءيل ودمشق في منطقة بحيرة طبريا. , ويعتبر حصن الحظائر في موقع عين جيف[خربة العاشق؟] محوريا للإجابة على هذا السؤال: فمن الذي بنى الحصن هناك؟ هل هو ملك المملكة الشمالية أم حاكم آرامي؟ ويأتي الجواب المحتمل من مقارنة موقع عين جيف مع موقع بيت صيدا القريب منه ،ويقع هذا الأخير على الطرف الشمالي لبحيرة طبريا, وتظهر التحصينات في الموقع تماثلا مع تلك الموجودة في تل دان[تل القاضي؟] , فكلاهما محاطان بجدران صلبة حول المدينة (بدلا من الحظائر) مع بعض الإزاحات و الإدخالات,و يحنوي كلاهما على بوابات مماثلة وعريضة بصورة استثناية وتتضم أربع حجرات و تم العثور على عناصر آرامية في كلا الموقعين بالقرب من البوابة: ففي موقع تل دان عثر على قواعد أعمدة بازلتية (وربما نقش دان) و في بيت صيدا عثر على نصب مكرس لإله القمر (Biran 1994 Bernett and Keel 1998 ، على التوالي). ومن ناحية أخرى،كانت الحظائر ممتلئة بالردم في عين جيف و هي تشبه في هندستها السوية العاشرة لحاصور و كذلك موقع هار أدير. ومن المعقول، بالتالي، ضم موقع عين جيف للمملكة الشمالية. وربما هذا المكان هو موقع أفيق المذكورة في الملوك الأول ( 20: 26-30 ) باعتباره موقع المعركة التي درات رحاها بين إسرءيل وآرام. و يبدو أن هذا الوصف يصور أحداث ما بعد حكم الأسرة العُمْرية و التي وقعت في أيام يوآش ملك إسرائيل (على سبيل المثال، Lipiński 2000, 397 ch. 5). كما يبدو أن التوصيف الكتابي لمعركة راموت جلعاد ( سفر الملوك الأول 22؛ و سفر الملوك الثاني 8: 28-29؛ 9: 1، 4، 14)، التي حدثت في أيام يورام (انظر الفصل الخامس) يعكس ذاكرة عن صراع مدمر في أواخر عهد سلالة عُمْري سنة 842 ق.م (على سبيل المثال، Dion 1997, 191–200 Lipiński 2000,377–83). توفر هذه الذاكرة الدليل على حكم الأسرة العُمْرية في الهضاب الشمالية الشرقية لجلعاد
والسؤال الآن : من الذي حكم راموت جلعاد؟
يتماشى توضع مركز هناك على الطريق جنوب شرق الأردن باتجاه دمشق، مع بناء الأسرة العُمْرية لحصنين في موآب، شمال نهر أرنون[ وادي الموجب] , ولعل السيطرة على طريق الملك كانت الغاية منها أن تخدم أهدافا اقتصادية، مثل الهيمنة على تدفق النحاس من خربة النحاس إلى أقصى جنوب البحر الميت (انظر أدناه). كما أن مسألة الحدود الغربية للأسرة العُمْرية لابد لها أن تركز على موقع دور[الطنطورة؟], وهنا لا يقدم لنا علم الآثار بيانات قاطعة، لذلك يحتاج المرء إلى الاعتماد على الأدلة الوثائقية . تم ذكر دور في قائمة المناطق السلمانية (سفر الملوك الأول 4:11)، ["11 ابْنُ أَبِينَادَابَ فِي كُلِّ مُرْتَفَعَاتِ دُورٍ. كَانَتْ طَافَةُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ لَهُ امْرَأَةً."], وهي وثيقة يجب أن تمثل واقع القرن الثامن ق. تحت الحكم الآشوري أو حكم إسرءيلي شمالي (في مرحلة ابكر) (Na’aman 2001 Finkelstein and Silberman 2006a ، على التوالي) . كانت دور, في النصف الأول من القرن الثامن مدينة إسرءيلية، ومن المنطقي أن نفترض أن حكم إسرءيلي كان قائما فيها في القرن التاسع ق.م. ارتبطت دور ارتباطا وثيقا بالتجارة البحرية مع فينيقيا (Stern 2000 Gilboa 2005 ) ولابد أنها كانت البوابة البحرية الرئيسية للمملكة الشمالية. وحقيقة أن أخاب تزوج من أميرة الفينيقية ( سفر الملوك الأول 16:31) تشهد على المصالح التجارية الوثيقة للمملكة الشمالية على الساحل وفي فينيقيا.
و بالانتقال إلى الجنوب الغربي, تقع جازر على الحدود بين إسرءيل وفلسيتا, وينبغي لها أن تكون مركزا لوجيستيا إسرءيليا في أوائل العهد الملكي و أثناء الحصارين الإسرءيليين لجبثون , الموقع القريب منها (سفر الملوك الأول 15:27، 16: 15-17). إن ذكر جبثون من جميع الأماكن- رغم أنها لا تعد من المدن الكبرى على السهل الساحلي- يضفي المصداقية التاريخية على هذه التوصيفات., وقد يوفر بروز المظاهر المعمارية العُمْرية في طبقة جازر الثامنة VIII ، التي تعود إلى القرن التاسع ق.م، الواقع الأثري وراء هذا الوضع الجيوسياسي.
كانت الحدود الجنوبية للمملكة الشمالية تقع الى الجنوب من المركز الثقافي الاسرءيلى الهام فى بيتئيل. في الواقع، حدود إسرءيل-يهوذا ربما امتدت أبعد جنوبا، أكثر قربا لأورشليم، كما يبدو أن المصفاة قد انتقلت من إسرءيل إلى يهوذا في النصف الثاني من القرن التاسع ق.م فقط (انظر الفصل الثاني ). هيمنت إسرءيل على يهوذا، وربما حاولت السلالة العُمْرية الاستيلاء على المملكة الجنوبية من الداخل من خلال تزويج أميرة عُمْرية (عثليا ) إلى وريث الأسرة الداودية (سفر الملوك الثاني 8: 18،26), و في الجنوب الشرقي، كانت أريحا تحت سيطرة المملكة الشمالية، كما هو موضح في الإشارة إلى بنائها في زمن آخاب (سفر الملوك الأول 16:34) وبعض القصص النبوية ( سفر الملوك الثاني 2: 4-5، 18-22). وقد عملت على حماية الطريق الهام الذي يربط بيثئيل بشمال موآب. وبعبارة أخرى، كان من الصعب العثور على وسيلة للسيطرة على مؤآب بغياب مركز قريب في أريحا. وخلاصة القول أن النقطة الأكثر أهمية فيما يتعلق بالأرض هي تحديد حدود السيطرة العُمْري في الشمال, وفي ذلك الوقت وسعت المملكة الشمالية أراضيها إلى ما هو أبعد من وادي يزرعيل، باتجاه الجليل الأدنى والجزء الجنوبي من الجليل الأعلى، في منطقة بحيرة طبرية ، وإلى وادي الأردن إلى أقصى الشمال حتى حاصور. ولكن لم تسيطر المملكة الشمالية على دان والمناطق المحيطة بها (Arie 2008)؛ وكان الموقع مهجورا في النصف الأول من القرن التاسع.
ويبدو أن البرنامج المعماري خلال العهد العُمْري قد تم تصميمه من أجل خدمة طموحاتهم الإقليمية: فقد تم بناء حصون حظائرية أو مراكز إدارية على حدود المملكة (أشكال 18،19): هار أدير (وربما تل هاراشيم) لمواجهة صور, حاصور و عين جيف اللتان تواجهان أراضي آرام دمشق. راموث جلعاد في مواجهة آرام دمشق في باشان. يهص وعطاروت في مواجهة ديبون الموآبية؛ وجازر في مواجهة الدويلات الفلستية, وباستثناء العاصمة السامرة، يبدو أن يزرعيل وحدها تقع في قلب إسرءيل. كان يمكن إنشاء مجمع يعود لأسرة العُمْرية هناك كمركز للقيادة في الوادي ذو الغلبية الديمغرافية الكنعانية وكموقع عسكري مرتبط بقوة عربات المملكة (Cantrell 2011).
4.3 التركيبة الديموغرافية للمملكة العُمْرية
ما هي موارد المملكة الشمالية التي سهلت هذه الأشغال العامة الواسعة ؟تمثل المورد الأول في السكان: فقد كانت إسرءيل مكتظة بالسكان، مما مكنها من نشر قوى عاملة كبيرة دون تعريض الإنتاج الزراعي للخطر. ويستند تقدير السكان إلى نتائج المسوحات السطحية؛ و إذا ما تم القيام بذلك بطريقة صحيحة،فيمكن لمجاميع الفخار في موقع معين أن تسلط الضوء على حجم الموقع في كل فترة من فترات توطنه. وبناء على ذلك، يمكننا رسم خارطة استيطان لفترة ما مفترضة لجميع المواقع، مصنفة وفقا للحجم، وحساب مجموع المساحة المبنية. وباستخدام معامل الكثافة (عدد الأشخاص في الهكتار واحد في المدن و القرى التقليدية ) يمكن الوصول إلى العدد الإجمالي للسكان. ويمكن بناء على ذلك تقدير عدد سكان إسرءيل على جانبي نهر الأردن في ذروة ازدهارها في منتصف القرن الثامن بنحو 350،000, أي نحو ثلاثة أضعاف عدد سكان يهوذا في ذلك الوقت (Broshi and Finkelstein 1992 ).
ولكن من هم هؤلاء الناس؟
ناقش عدد كبير من الباحثين البنية الديموغرافية الخاص للمملكة الشمالية، وخاصة العلاقة بين "الإسرءيليين" في المرتفعات و "الكنعانيين" في الأراضي المنخفضة. كانت إسرءيل الشمالية مملكة متعددة الأوجه و تتألف من عدة نظم إيكولوجية مختلفة وجماعات سكانية غير متجانسة، على الرغم من أن جميع المجموعات كانت من السكان الأصليين في كنعان. و أظهرت مرتفعات السامرة - المنطقة الأساسية للمملكة ومقر العاصمة - نظام توطن يعود بجذوره إلى استيطان المجموعات الرعوية في العصر الحديدي الأول. تألف سكان الأراضي المنخفضة الشمالية - يزرعيل وأودية غور الأردن- من مزيج من جماعات تنحدر من أصل محلي من أواخر الألفية الثانية ومن سكان الهضاب السابقين؛ كما هو مبين في الفصل الأول، كان ثمة توطنا كثيفا ملفتا للنظر واستمرارية ثقافية في المرحلة الانتقالية بين العصر البرونزي المتأخر و العصر الحديدي الأول في الوديان الشمالية، وعلى الرغم من النهاية الوحشية التي وصلت لها مدن أواخر العصر الحديدي الأول بسبب الصراعات المدمرة،فإن القطاع الريفي- أوعلى الأقل جزء منه-يبدو أنه نجا, و في الشمال الشرقي،كانت حدود إسرءيل تتاخم قوة ناشئة أخرى: أي
آرام دمشق.
وسكن هذه المنطقة ,في جميع فترات العصر الحديدي الثاني, جماعات آرامية و لو بصورة جزئية على الأقل ,وهذا سيظهر من خلال المواد المكتوبة الآرامية الضئيلة لكنها هامة التي عثر عليها في المواقع المركزية في هذه المنطقة مثل حاصور، دان، بيت صيدا ، تل هدار، وعين جيف (على سبيل المثال، Yadin et al. 1960, 70–75). وينظر إلى الوجود الأرامي القوي في وادي بيت شيان[بيسان] في الثقافة المادية، وخاصة النقوش من تل رحوف (A. Mazar and Ahituv 2011 ). وهناك مجال آخر لم يكن فيه التمييز بين الآراميين والإسرءيليين واضحا جدا في شمال شرق جلعاد، وانعكس هذافي تقليد سفر التكوين 31: 45-48 بشأن إنشاء حجر الحدود بين إسرائيل وآرام في هذه المنطقة. أما بالنسبة لجنوب الأردن، فيبدو أن إشارة نقش ميشع إلى جاد كما يبدو أنها تنتمي إلى السكان المحليين الموآبيين (Na’aman 2000 ؛ تفسير مختلف في Lemaire 2007) تثبت أن الفاصل الإثني بين "الإسرءيليين" و "الموآبيين " في منطقة مادبا كان رخوا, على الأقل في ذلك الوقت, و أخيرا، فإن مرتفعات الجليل والأراضي المتاخمة للسهول الساحلية الشمالية يجب أن تكون مسكونة جزئيا على الأقل من قبل مجموعات مرتبطة بالمدن الساحلية الفينيقية.
وقد يشير هذا التنوع الديموغرافي والثقافي في المملكة الشمالية إلى أنه بالإضافة إلى الأدوار الإدارية والعسكرية للأنشطة المعمارية الضخمة للأسرة العُمْرية، كانت هناك حاجة أخرى أقل وظيفية, فالبحث عن الشرعية سيكون سعي السلالات المؤسسة للدول والتي تنخرط في أعمال توسع إقليمي باتجاه الأراضي المجاورة, كما سوف تقوم هذه الاسر الحاكمة بتهدئة السكان و تأمين ولائهم , وكان الأمر على درجة عالية من الأهمية بالنسبة للأسرة العُمْرية،حيث ظهرت الممالك المتنافسة في المناطق المجاورة في دمشق وموآب. ولذلك كانت هذه هي اللحظة التي يتعين فيها تعيين الحدود الإقليمية, كان بالإمكان كسب المناطق الطرفية بالقوة العسكرية، ولكن هذا لم يكن كافيا للحفاظ على الاستقرار على المدى الطويل. وتوضح النزاعات الإقليمية الجارية في شمال شرق البلاد، بالقرب من حاصور ودان، والتي تتجلى على حد سواء نصيا (نقش تل دان ) وآثاريا (طبقات التدمير في هذه المواقع وغيرها)، هذه النقطة, إن السيطرة على "كنعاني" الوادي والمناطق الحدودية في الشمال والشرق يجب أن تكون هدفا مهما للأسرة العُمْرية. كما أن حاجة إسرءيل إلى تأمين قبضتها على الوديان الشمالية له بعد عملي أيضا، حيث أصبحت هذه المناطق العمود الفقري لاقتصاد شمال إسرءيل. فمن يسيطر على هذه الوديان يمكنه أن يستفيد من ناتجها الزراعي، كما يمكن أن يستغل القوة العاملة هناك من أجل المزيد من الأعمال العسكرية, ويمكن أن يسيطر على بعض أهم الطرق التجارية في جنوب بلاد الشام.
ولذلك يجب أن ينظر إلى بناء المراكز والمعاقل في وادي يزرعيل، على الحدود مع آرام دمشق ، و في موآب، وفي جبال الجليل على خلفية عدة أهداف. أولا، عملت هذه المعاقل كمراكز إدارية وقلاع قريبة من حدود المملكة العُمْرية. ثانيا، كانت تهدف إلى السيطرة على السكان "غير الإسرءيليين" (أي في الواقع، غير المرتفعات) في المملكة. ثالثا، يجب أن تكون قد خدمت احتيتجات البروباغاندة والشرعية للسلالة الحاكمة من الهضاب, وفقا لويليامسون (1996)، ينبغي أن ينظر إلى بناء يزرعيل في الوادي كحاجة الأسرة العُمْرية للسيطرة الاجتماعية وسعيهم للشرعية. وكانت الفكرة هي التغلب على السكان المحليين وحتى الإفراط في تخويفهم. وقد حملت أنشطة البناء في موآب رسالة سلطة وهيمنة كان من المحتمل أن تهدف إلى إقناع كل من سكان سهل مادبا وأراضي ديبون إلى الجنوب. وأظهرت الأسرة العُمْرية قدرات إدارية وهندسية وبشرية كبيرة.
ولم تكن أنشطة البناء الضخمة لكل من الاحتياجات الفعلية و البروباغاندة على حد سواء كافية، من أجل الاستقرار والازدهار, بل لا بد أنه استكملتها سياسات كية اتجاه السكان الريفيين "الكنعانيين". ويشكل استقرار المستوطنات في القطاع الريفي في وادي يزرعيل مؤشرا على أن الملوك الإسرءيليين لم يحاولوا إحداث ثورة في النظام الريفي في المناطق الشمالية المنخفضة. ومن الجدير بالذكر أن يهوذا لم تقم أبدا بأبنية معمارية هائلة مماثلة، ليس حتى في أواخر القرن الثامن ق.م، عندما أصبحت مملكة كاملة التطور، أو في القرن السابع ق.م، عندما وصلت إلى ذروتها الثقافية. لم تكن يهوذا بحاجة إلىاستعراض القوة الملكية هذا، حيث كان التجانس قائما بين سكان المرتفعات (والشيفلة) . ولكن حتى لو أرادت ذلك، فليس لديها ما يكفي من الموارد الاقتصادية أو الديموغرافية ما يدفعها للانخراط في مثل هذه المساعي العمرانية الضخمة. وينطبق الشيء نفسه على الممالك الهامشية للهضبة الأردنية. كما أنهم يفتقرون إلى الشروط المسبقة الموجودة في شمال إسرءيل: الموارد الاقتصادية والديموغرافية الكافية، والحاجة إلى تكريس حكم فعال على الأراضي التي تسكنها فئات سكانية متنوعة. ويبدو أن التماثل الوحيد مع السلالة العُمْرية هو آرام دمشق المعاصرة لها، والتي يجب أن تتنافس مع إسرءيل من أجل كسب ولاء سكان المناطق الحدودية بين المملكتين و من أجل الهيمنة على المنطقة. والواقع أن موقعين شماليين على الأقل يمكن التعرف عليهما على أنهما أراميان دان وبيت صيدا، ويتميزان بهندسة معمارية هائلة وموحدة في أواخر العصر الحديدي الثاني IIA ، وربما في النصف الثاني من القرن التاسع بعد غزوات حزئيل ( انظر الفصل الخامس).
4.4 .الموارد الاقتصادية للأسرة العُمْرية
تتمتع المملكة الشمالية بالعديد من المزايا الاقتصادية النوعية التي تمكنها من تعزيز وضعها الاقتصادي. وينعكس انتاجها الكبير من زيت الزيتون والنبيذ في نصب السامرة الذي يعود إلى وقت ما من النصف الأول من القرن الثامن ق.م (Niemann 2008 and bibliography ) , وفي الواقع تقدم مواقع الهضاب دليلا على صناعة مكثفة لزيت الزيتون . وسجلت المسوحات و الحفريات العثور على معاصر زيت الزيتون إلى فترات تعود للعصر الحديدي (Eitam 1979 ). من الصعب تحديد تاريخ اللقى التي وجدت من خلال الدراسات الاستقصائية بمرحلة معينة من العصر الحديدي، ولكن من المنطقي افتراض أن هذه الصناعة، التي ربما ازدهرت في بدايات العصر الحديدي الأول، توسعت في العصر الحديدي الثاني IIA–B. (2).ويمكن لإسرءيل أن تكون موردا رئيسيا لزيت الزيتون لكل من مصر والإمبراطورية الآشورية، اللتان تفتقران إلى الظروف البيئية لتطوير الأراضي الزراعية المناسبة للزيتون بصورة واسعة.
و شكلت خربة النحاس جنوب البحر الميت أكبر وأهم مصدر للنحاس في بلاد الشام (Levy et al. 2004, 867 Hauptmann 2007, 127 fig. 30 ). بلغ الإنتاج هناك ذروته في أواخر القرن العاشر وأوائل القرن التاسع ق.م, أي فترة الأسرة العُمْرية (شكل 31). في ذلك الوقت كان الطلب على النحاس أعلى بسبب الصناعات العسكرية (الأسلحة ولوسائل اللازمة لصناعة العربات و المركبات ) في آشور وممالك بلاد الشام. إن ذكر الآلاف من المركبات المشاركة في معركة قرقر في 853 ق.م. يقدم شهادة جيدة على هذا التطور في الصناعة.
وينبغي لهذا الموقع أن يوفر الكثير من النحاس؛ فقد كانت العلاقات التجارية مع قبرص- أهم مصدر للنحاس في شرق البحر المتوسط – متوقفة تقريبا في أواخر القرن الثاني عشر، واستؤنفت على ما يبدو في النصف الثاني من القرن التاسع ق.م. , يجب أن يتدفق نحاس خربة النحاس إلى الشمال، على طول طريق الملك في شرق الأردن، ومن الغرب إلى مصر والسهل الساحلي. وقد هيمن على طريق الملك حصون تعود للأسرة العُمْرية في موآب وجلعاد، وكان السهل الساحلي تحكمه جازر وميناء دور. وهذا يعني أن إسرءيل يجب أن تكون أهم المستفيدين من صناعة النحاس وتجارته في بلاد الشام. كما أن العربات العسكرية تطلبت وجود خيول مصرية كبيرة وقوية. لذلك، يجب أن تكون خيول العربات الكبيرة في كل من آشور وممالك بلاد الشام - التي ذكرها شلمنصر الثالث ملك آشور بشأن معركة قرقر – من أصل مصري, و في أوائل القرن الثامن ق.م، قبل التوسع الآشوري إلى الجنوب، كانت إسرءيل المورد الرئيسي للخيول المصرية إلى الشمال. ويشهد على ذلك مرافق الأحصنة المنتشرة الواسعة في مجدو والتي لمحت له بعض نصوص الشرق الأدنى القديمة والكتاب المقدس العبري (Cantrell 2006, 2011 Cantrell and Finkelstein 2006 ch. 5 ) . إن تفاني مجدو، وهو موقع رئيسي للمملكة الشمالية،في تربية الخيول وتدريبها يشير إلى القيمة الاقتصادية العالية لهذه الصناعة. و الإشار إلى وحدة العربات الإسراءيلية الكبيرة في معركة قرقر تبين إلى أن هذا ما كان يجب أن يكون الوضع بالفعل في القرن التاسع ق.م. وقد كان مقر التدريب في ذلك الوقت في يزرعيل (Cantrell 2011, 112–13 ).
4.5 الكتابة
يمكن للمرء أن يتوقع أن أنشطة بناء واسعة النطاق مثل تلك التي نفذت في السامرة، ويزرعيل ومواقع عُمْرية أخرى واقتصاد مزدهر لابد أن يترافق مع وجود جهاز بيروقراطي متقدم، بما في ذلك الكتابة، ولكن الدلائل على وجود كتابة في المنطقة بأكملها في أوائل القرن التاسع هي أدلة ضئيلة فضلا عن كونها متناثرة, و في الواقع لم يتم العثور على نقش واحد حتى الآن في قلب إسرائيل - في السامرة، يزرعيل، مجدو، يقنعام ، وتعنك يعود للقرن التاسع ق.م . (Finkelstein and Sass forthcoming). الإدارة اليومية المتعلقة بتسجيل الإنتاج الزراعي واضحة في إسرءيل فقط في النصف الأول من القرن الثامن ق.م، في المقام الأول في نصب السامرة, ويمكنا أن نجادل أنه في القرن التاسع، قبل ازدهار الكتابة، تم تنفيذ معظم النشاط النصية على ورق البردي والرق. وعموما ثمة افتقار واضح وغياب شهادات ذات قيمة وهامة لنصوص مكتوبة في النقوش الملكية. وظهرت النقوش الأثرية، بما في ذلك تلك التي تحتفي بأنشطة البناء في النصف الثاني من القرن التاسع فقط، مثل نقوش ميشع وتل دان (Sass 2005). وبطبيعة الحال، يمكن للبحث المستقبلي أن يغير من هذه الصورة، ولكن مع المواد الموجودة بين أيدينا الآن, يبدو أن النشاط التأليفي و القراءة و الكتابة و التدوين خلال الفترة العُمْرية كان على الأغلب ضعيفا,
يوفر علم الآثار أمثلة عن الممالك القوية التي تنخرط في مشاريع بناء كبيرة و مع ذلك لا يترافق مع هذه المشاريه نشاطي كتابي واسع, وبذكر كنعان هنا ، يمكننا أن نلاحظ البناء الهائل الذي تم إجراؤه في مجيدو في نهاية العصر البرونزي المبكر الأول،بحدود 3000 ق.م، أو إنشاء أسوار و متاريس ترابية ضخمة في العصر البرونزي الأوسط (Adams, Finkelstein, and Ussishkin forthcoming Burke 2008, ، على التوالي).
4.6 العبادة
دليل آخر يشير إلى الطبيعة التكوينية للمملكة الشمالية الي كانت قائمة حتى في فترة السلالة العُمْرية, وأقصد به العبادة . وبصرف النظر عن هوية الآلهة التي كانت تعبد في الأضرحة الشمالية (انظر، على سبيل المثال، Kockert 2010 )، فلم تتحول طقوس العبادة في القرن التاسع بعد إلى أضرحة مركزية ، ولا أي موقع كما يبدو عليه الحال, فتفتقر السامر على أدلة أثرية على العبادة ،و الأمر عينه في يزرعيل, وتم العثور على مكان عبادة في خربة عطاروت في موآب، ولكن لم تنشر حتى الآن هذه اللقى. كل ما نشر عبارة عن صور أثناء بيان صحفي (أشير إلى الصور فقط، والنص المرفق بها غير كاف http://www.arabnews.com/node/354248)، وزيارة لمتحف مأدبا، حيث توجد تلك اللقى تكشف أن تلك اللقى ربما تعود للعصر الحديدي الثاني IIA , وسواء أتت من سويات الطبقة العُمْرية أو من نشاط موآبي في أواخر القرن التاسع ق.م في الموقع بعد انسحاب العُمْريين ، وما إذا كان هذا هو مكان عبادة عطاروت المشار إليه في نقش ميشع، فمن غير الممكن الجزم بأي منهافي المرحلة الحالية. كما العثور على أماكن عبادة محلية في تعنك وتل عمال [موقع قرية زبعة؟] بالقرب من بيت شان.[ بيسان] . إن لقى تعنك المتقنة - التي اكتشفت في بداية القرن العشرين، والأخرى في أواخر الستينيات تظهر صلات قوية مع فن الألفية الثانية وممارسات العبادة( Beck 1994 fig. 32 )
تقدم مجدو أفضل شهادة لممارسات العبادة في المملكة الشمالية خلال عهد الأسرة العُمْرية . تم تدمير المعبد المركزي الذي استخدمه سكان مجيدو خلال الألفية الثانية- منالعصر البرونزي الوسيط مرورا بالعصر البرونزي المتأخر وحتى أواخر العصر الحديدي الأول - مع كامل المدينة في أوائل القرن العاشر ق.م. وتتميز البلدة الإسرءيلية في أواخر العصر الحديدي الثاني بتواجد عدد من أماكن العبادة المحلية الصغيرة المنتشرة في مختلف أنحاء البلدة, وقد اكتشف فريق المعهد الشرقي ضريح صغير في مجمع محلي بالقرب من البوابة (شكل 33). تم الكشف عن مخبأ لعناصر لها علاقة بالعبادة ، بما في ذلك المذابح الحجرية، في القطاع الجنوبي الشرقي من التل. و كشف شوماخر عن غرفة عبادة في القطاع الشرقي من الموقع. واكتشفت البعثة الحالية ما يبدو أنه دليل على وجود مكان عبادة في الجزء الجنوبي من المستوطنة. ومن الجدير بالذكر أن أركان عبادة من هذا النوع لا وجود لها في مجيدو في العصر الحديدي الثاني IIB في الواقع، جرت عملية معينة من العبادة المركزية في إسرءيل في القرن الثامن قبل الميلاد. ( انظر الفصل الخامس). كان الازدهار الاقتصادي والقوة العسكرية للمملكة الشمالية قصير الأجل. وقد أدى ارتقاء حزئيل عرش دمشق سنة 842 ق.م، والإضعاف المؤقت لآشور إلى تغيير في مؤشر السلطة في بلاد الشام، وانهيارالمملكة الشمالية وصعود دمشق إلى الصدارة.
......................
هوامش
1) تم مؤخرا لكشف عن جدار حظائر متقن يعود للعصر البرونزي المتأخر في تل الزرعة في الأردن , انظر: . Vieweger and Haser 2007 وهذ الأثر خارج مجال المناقشة الحالية
2) ينبغي ملاحظة أنه في المراكز الحضرية في الوديان الشمالية على الأقل , عرفت معاصر الزيتون المتطورة منذ أوائل العصر البرونزي المتأخر (Frankel 2006).
.....................
مراجع
Adams, M. J., I. Finkelstein, and D. Ussishkin. Forthcoming. The Great Temple of Early Bronze I Megiddo. AJA.
Arie, E . 2008. Reconstructing the Iron Age II Strata at Tel Dan: Archaeological and Historical Implications. Tel Aviv 35:6–64.
Beck, P . 1994. The Cult Stands from Taanach: Aspects of the Iconographic Tradition of Early Iron Age Cult Objects in Palestine. Pages 352–81 in From Nomadism to Monarchy: Archaeological and Historical Aspects of Early Israel. Edited by I. Finkelstein and N. Na’aman. Jerusalem: Yad Izhak Ben-Zvi.
Ben-Ami, D. 2004. The Casement Fort at Tel Harashim in Upper Galilee. Tel Aviv 31:194–208.
Bernett, M., and O. Keel. 1998 Mond, Stier und Kult am Stadttor: Die Stele von Betsaida (et-Tell). Fribourg: Universitatsverlag.
Biran, A. 1994. Biblical Dan. Jerusalem: Israel Exploration Society.
Biran, A., and J. Naveh. 1995. The Tel Dan In-script-ion: A New Fragment. IEJ 45:1–18.
Broshi, M., and I. Finkelstein. 1992. The Population of Palestine in Iron Age II. BASOR 287:47–60.
Burke, A. 2008. “Walled up to Heaven”: The Evolution of Middle Bronze Age Fortification Strategies in the Levant. Winona Lake, Ind.: Eisenbrauns.
Cantrell, D. O. 2006. Stables Issues. Pages 630–42 in Finkelstein, Ussishkin, and Halpern 2006.
Cantrell, D. O . 2011. The Horsemen of Israel: Horses and Chariotry in Monarchic Israel (Ninth-Eighth Centuries B.C.E.). Winona Lake, Ind.: Eisenbrauns.
Cantrell, D. O., and I. Finkelstein. 2006. A Kingdom for a Horse: The Megiddo Stables and Eighth Century Israel. Pages 643–65 in Finkelstein, Ussishkin, and Halpern 2006.
Cline, E. H. 2006. Area L (The 1998–2000 Seasons). Pages 104–23 in Finkelstein, Ussishkin, and Halpern 2006.
Crowfoot, J. W., K. M. Kenyon, and E. L. Sukenik. 1942. Samaria-Sebaste I: The Buildings at Samaria. London: Palestine Exploration Fund.
Daviau, P. M. M. 2006a. Hirbet el-Mudēyine in Its Landscape, Iron Age Towns, Forts and Shrines. ZDPV 122:14–30.
Daviau, P. M. M . 2006b. The Wadi ath-Thamad Project, 2006. Liber Annuus 56:566– 68.
Daviau, P. M. M., and P. E. Dion. 2002. Economy-Related Finds from Khirbat al-Mudayna (Wadi ath-Thamad, Jordan). BASOR 328:31–48.
Daviau, P. M. M., and M. Steiner. 2000. A Moabite Sanctuary at Khirbat al-Mudayna. BASOR 320:1–21.
Dearman, J. A. 1984. The Location of Jahaz. ZDPV 100:122–26.
Dearman, J. A . 1989a. Historical Reconstruction and the Mesha In-script-ion. Pages 155–210 in Dearman 1989b.
Dearman, J. A , ed. 1989b. Studies in the Mesha In-script-ion and Moab. Atlanta: Scholars Press.
Dever, W. G., D. H. Lance, R. G. Bullard, D. P. Cole, A. M. Furshpan, J. S. Holladay, J. D. Seger, and R. B. Wright. 1971. Further Excavations at Gezer, 1967–1971. BA 34:94–132.
Dion, P.-E. 1997. Les Arameens a l’age du Fer: Histoire politique et structures sociales. Paris: Gabalda.
Eitam, D. 1979. Olive Presses of the Israelite Period. Tel Aviv 6:146–55.
Finkelstein, I. 1981. The Shephelah of Israel. Tel Aviv 8:84–94.
Finkelstein, I . 1999a. Hazor and the North in the Iron Age: A Low Chronology Perspective. BASOR 314:55–70.
Finkelstein, I . 2000. Omride Architecture. ZDPV 116:114–38.
Finkelstein, I . 2011e. Tell el-Umeiri in the Iron I: Facts and Fiction. Pages 113–128 in The Fire Signals of Lachish, Studies on the Archaeology and History of Israel in the Late Bronze Age, Iron Age and Persian Period in Honor of David Ussishkin. Edited by I. Finkelstein and N. Na’aman. Winona Lake, Ind.: Eisenbrauns.
Finkelstein, I., and O. Lipschits. 2010. Omride Architecture in Moab: Jahaz and Ataroth. ZDPV 126:29–42.
Finkelstein, I., and O. Lipschits . 2011. The Genesis of Moab. Levant 43:139–52.
Finkelstein, I., O. Lipschits, and O. Sergi. 2013. Tell er-Rumeith in Northern Jordan: Some Archaeological and Historical Observations.
Semitica 55:7–23.
Finkelstein, I., and E. Piasetzky. 2006. The Iron I-IIA in the Highlands and beyond: 14C Anchors, Pottery Phases and the Shoshenq I Campaign. Levant 38:45–61.
Finkelstein, I., and E. Piasetzky . 2009. Radiocarbon-Dated Destruction Layers: A Skeleton for Iron Age Chronology in the Levant. Oxford Journal of Archaeology 28:255–74.
Finkelstein, I., and E. Piasetzky . 2010. Radiocarbon Dating the Iron Age in the Levant: A Bayesian Model for Six Ceramic Phases and Six Transitions. Antiquity 84:374– 85.
Finkelstein, I., and B. Sass. Forthcoming. The West Semitic Alphabet: Late Bronze to Iron IIB. HBAI.
Finkelstein, I., and N. A. Silberman . 2006a. David and Solomon: In Search of the Bible’s Sacred Kings and the Roots of Western Tradition. New York: Free Press.
Finkelstein, I., and N. A. Silberman . 2006b. Temple and Dynasty: Hezekiah, the Remaking of Judah and the Rise of the Pan-Israelite Ideology. JSOT 30:259–85.
Frankel, R. 2006. Two Installations for the Production of Olive Oil. Pages 618–29 in Finkelstein, Ussishkin, and Halpern 2006.
Franklin, N. 2004. Samaria: From the Bedrock to the Omride Palace. Levant 36:189–202.
Gal, Z., and Y. Alexandre. 2000. Horbat Rosh Zayit: An Iron Age Storage Fort and Village. IAA Reports 8. Jerusalem: Israel Antiquities Authority.
Garfinkel, Y., and S. Ganor. 2009. Khirbet Qeiyafa 1: Excavation Report 2007–2008. Jerusalem: Israel Antiquities Authority.
Gilboa, A. 2005. Sea Peoples and Phoenicians along the Southern Phoenician Coast—A Reconciliation: An Interpretation of Šikila (SKL) Material Culture. BASOR 337:47–78.
Glueck, N. 1934. Explorations in Eastern Palestine. AASOR 14. New Haven: American Schools of Oriental Research.
Glueck, N . 1943. Ramoth-gilead. BASOR 92:10–16.
Grabbe, L., ed. 2007. Ahab Agonistes: The Rise and Fall of the Omri Dynasty. London: T&T Clark.
Hasegawa, S., and Paz, Y. 2009. Tel ‘En Gev: Preliminary Report. Excavations and Surveys in Israel 121. Online: http://www.hadashot-esi.org.il/report_detail_eng.asp?id=1013&mag_id=115.
Hauptmann, A. 2007. The Archaeometallurgy of Copper: Evidence from Faynan, Jordan. Berlin: Springer.
Herr, L. G., and D. R. Clark. 2009. From the Stone Age to the Middle Ages in Jordan: Digging up Tall al-‘Umayri. NEA 72:68–97.
Herzog, Z., and L. Singer-Avitz . 2006. Sub-dividing the Iron IIA in Northern Israel: A Suggested Solution to the Chronological Debate. Tel Aviv 33:163–95.
Kenyon, K. M. 1942. The Summit Buildings and Constructions. Pages 91–139 in J. W. Crowfoot, K. M. Kenyon, and E. L. Sukenik, The Buildings at Samaria. London: Palestine Exploration Fund.
Kenyon, K. M . 1971. Royal Cities of the Old Testament. New York: Schocken.
Knauf E. A . 2001a. The Mist of Ramthalon, Or: How Ramoth-gilead Disappeared from the Archaeological Record. BN 110:33–36.
Kockert, M. 2010. YHWH in the Northern and Southern Kingdom. Pages
357–94 in One God—One Cult—One Nation: Archaeological and Biblical Perspectives. Edited by R. G. Kratz and H. Spieckermann. Berlin: de Gruyter.
Kuan, J. K. 2001. Samsi-ilu and the Realpolitic of Israel and Aram Damascus in the Eighth Century BCE. Pages 135–51 in The Land That I Will Show You: Essays in the History and Archaeology of the Ancient Near East in Honor of J. Maxwell Miller. Edited by J. A. Dearman and M. P. Graham. JSOTSup 343. Sheffield: Sheffield Academic Press.
Lamon, R. S., and G.M. Shipton. 1939. Megiddo I: Seasons of 1925–34, Strata I–V. Chicago: University of Chicago Press.
Lapp, N. L. 1993. Rumeith, Tell er-. NEAEHL 4:1291–93.
Lapp, P. 1963. Chronique archeologique: Tell er-Rumeith. RB 70:406–11.
Lemaire, A . 1991. Hazael de Damas, roi d’Aram. Pages 91–108 in Marchands, Diplomates et Empereurs. Edited by D. Charpin and F. Joannes. Paris: Editions Recherche sur les civilisations.
Lemaire, A . 2007. West Semitic In-script-ions and Ninth-Century BCE Ancient Israel. Pages 279–303 in Understanding the History of Ancient Israel. Edited by H. G. M. Williamson. Proceedings of the British Academy 143. Oxford: Oxford University Press.
Levy, T. E., R. B. Adams, M. Najjar, A. Hauptmann, J. D. Anderson, B. Brandl, M. A. Robinson, and T. Higham. 2004. Reassessing the Chronology of Biblical Edom: New Excavations and 14C Dates from Khirbat en-Nahas (Jordan). Antiquity 78:865–79.
Lipiński, E. 2000. The Aramaeans: Their Ancient History, Culture, Religion. Leuven: Peeters.
Mattingly, G. L., and J. H. Pace. 2007. Crossing Jordan by the Way of the Karak Plateau. Pages 153–59 in Crossing Jordan: North American Contributions to the Archaeology of Jordan. Edited by T. E. Levy, M. P. M. Daviau, R. W. Younker, and M. Shaer. London: Equinox.
Mazar, A., and S. Ahituv. 2011. In-script-ions from Tel Rehov and Their Contribution to the Study of Writing and Literacy during the Iron Age IIA [Hebrew]. EI 30:300–316.
Mazar, B . 1993. En Gev, Excavations on the Mound. NEAEHL 2:409–11.
Mazar, B., A. Biran, M. Dothan, and I. Dunayevsky. 1964. ‘Ein Gev Excavations in 1961. IEJ 14:1–49.
Miller, M. J. 1966. The Elisha Cycle and the Accounts of the Omride Wars. JBL 85:441–54.
Musil, A. 1907. Moab: Topographischer Reisebericht. Vol. 1 of Arabia Petraea. Vienna: Holder.
Na’aman, N . 1997a. Historical and Literary Notes on the Excavations of Tel Jezreel. Tel Aviv 24:122–28.
Na’aman, N . 1997b. King Mesha and the Foundation of the Moabite Monarchy. IEJ 47:83–92.
Na’aman, N . 2000. Three Notes on the Aramaic In-script-ion from Tel Dan. IEJ 50:92–104.
Na’aman, N . 2001. Solomon’s District List (1 Kings 4:7–19) and the Assyrian Province System in Palestine. UF 33:419–36.
Na’aman, N . 2007. Royal In-script-ion versus Prophetic Story: Mesha’s Rebellion according to Biblical and Moabite Historiography. Pages 145–83 in Grabbe 2007.
Ortiz, S., and S. Wolf. 2012. The Iron Age City of Gezer. NEA 75:4–19.
Reisner, G. A., C. S. Fisher, and D. G. Lyon. 1924. Harvard Excavations at Samaria, 1908–1910. Cambridge: Harvard University Press.
Routledge, B. . 2008. Thinking “Globally” and Analyzing “Locally”: South-Central Jordan in Transition. Pages 145–76 in The Archaeology. Vol. 1 of Israel in Transition: From Late Bronze II to Iron IIa (c.1250–850 B.C.E.). Edited by L. Grabbe. New York: T&T Clark.
Sass, B. 2005. The Alphabet at the Turn of the Millennium. Tel Aviv: Emery and Claire Yass Publications in Archaeology.
Schmid, K. 2012a. Genesis and Exodus as Two Formerly Independent Traditions of Origins for Ancient Israel. Bib 93:187–208.
Schniedewind, W. M. 1996. The Tel Dan Stele: New Light on Aramaic and Jehu’s Revolt. BASOR 302:82–86.
Sharon, I., A. Gilboa, T. A. J. Jull, and E. Boaretto. 2007. Report on the First Stage of the Iron Age Dating Project in Israel: Supporting A Low Chronology. Radiocarbon 49:1–46.
Stager, L. E. 1990. Shemer’s Estate. BASOR 277/278:93–107.
Stern, E. 2000. Dor, Ruler of the Seas: Nineteen Years of Excavations at the Israelite-Phoenician Harbor Town on the Carmel Coast. Jerusalem: Israel Exploration Society.
Tappy, R. E. 1992. Early Iron Age through the Ninth Century BCE. Vol. 1 of The Archaeology of Israelite Samaria. Atlanta: Scholars Press.
Timm, S. 1982. Die Dynastie Omri. Gottingen: Vandenhoeck & Ruprecht.
Ussishkin, D., and J. Woodhead. 1992. Excavations at Tel Jezreel 1990–1991: Preliminary Report. Tel Aviv 19:3–56.
Ussishkin, D., and J. Woodhead . 1994. Excavations at Tel Jezreel 1992–1993: Second Preliminary Report. Levant 26:1–71.
Ussishkin, D., and J. Woodhead . 1997. Excavations at Tel Jezreel 1994–1996: Third Preliminary Report. Tel Aviv 24:6–72.
Vieweger, D., and J. Haser. 2007. Tall Zira‘a: Five Thousand Years of Palestinian History on a Single-Settlement Mound. NEA 70:147–67.
Williamson, H. G. M. 1996. Tel Jezreel and the Dynasty of Omri. PEQ 128:41–51.
Yadin, Y. 1958. Solomon’s City Wall and Gate at Gezer. IEJ 8:80–86.
Yadin, Y . 1970. Megiddo of the Kings of Israel. BA 33:66–96.
Yadin, Y . 1972. Hazor: The Head of All Those Kingdoms: Joshua 11:10 With a Chapter on Israelite Meggido. The Schweich Lectures of the British Academy. London: Oxford University Press.
Yadin, Y., Y. Aharoni, R. Amiran, T. Dothan, I. Dunayevsky, and J. Perrot. 1960. Hazor II: An Account of the Second Season of Excavations, 1956. Jerusalem: Magnes.
#محمود_الصباغ (هاشتاغ)
Mahmoud_Al_Sabbagh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟