|
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 93)
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 6192 - 2019 / 4 / 5 - 22:08
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ان المستوى الاول كان عبارة عن حوارات الذين كانوا يشكّون في نبوة النبي الاسلام بنفسه. وعاش القسم الاكبر من مناوئي الاسلام في ذلك المجتمع، الذين كانوا من معتنقي الاديان الاخرى، انهم انتقدوا الادعاء بكون نبي الاسلام هو نبي حقيقي، وتعود بداية هذه الانتقادات الى عصر نزول القرآن بذاته. ومن جهة اخرى كان هناك في المجتمع الاسلامي ذاته اشخاص اصبحوا ملحدين و عليه انتقدوا مباديء النبي، و منهم الراوندي الملحد المعروف في القرن الثالث و بالاخص في كتاب ( الزمرد)، او كان منهم من انتقد النبوة من منظوره الفلسفي كابو بكر الرازي في القرن الثالث والرابع في كتاب ( مخاريق الانبياء) ان هاتين الشخصيتين و كان توجهاتهما هو النقد و البحث الفكري الكبير حول الانبياء و نبي الاسلام بشكل خاص لمدة طويلة. اما في المستوى الثاني لتلك الحوارات التي كانت لها العلاقة مع النبوة، وفي الجماعت الاسلامية نفسها، ومن العديد من المناظير و الرؤى، انهم تحاوروا عنه، مثلا مسالة المعجزة، كما انتقدت المعتزلة عقيدة المسلمين حول المعجزة النبوية، لذا انهم و نظروا الى هذه الظاهرة بشكل عقلاني ديني. اما من الجانب الاخر كان ربط النبوة بالفلسفة، كما كان جابر بن حيان واخوان الصفاء بشكل خاص هم المنفذ الاول لربط الشريعة مع الفلسفة، و عدا ذلك مسالة الامامة عند الاسماعيليين و الولي لدى الصوفية و الخليفة عند المسلمين السنة و الشيعة، و بشكل مباشر و غير مباشر، فكانت لها علاقة مع مسالة النبوة. لهذه الاسباب و في زمن الفارابي كانت هناك حوارات ساخنة من عدة زوايا و رؤى حول هذه المسالة. و بالاخص انه كان معاصرا للراوندي و الرازي الملحدان المنتقدان لفكرة النبوة. و في السياق الفلسفي كان الكندي قبل الفارابي و هو من وضع المسالة النبوية في سياقها الفلسفي، ولكن لم تكن تفسيراته شيئا جديدا لتكون مخالفا مع فهم رجال الدين, لذا يمكن القول، ان ما فعله الكندي هو تفلسف المباديء التي في جوهرها غير فلسفية، و بعكس الفارابي الذي كان عمله اظهار الجانب الفلسفي و المعرفي للعقيدة التي تحمل بُعدا فلسفيا. و لهذا السبب ان الفارابي و ليس في الثقافة الاسلامية فقط وا نما يمكن ان يكون هو اول من كان صاحب اكبر تشابه بين الفلاسفة و الانبياء في الثقافة الفكرية الفلسفية، و بالاخص في كتاب ( اراء اهل المدينة الفاضلة ). في الجانب المعرفي، في نفس الوقت انه ضرورة وحاجة سياسية اخلاقية لادارة المدينة الفاضلة، مشاركة الفارابي في هذا القسم كان جزءا من مشاركته في مناقشة ذلك العصر حول مسالة النبوة كمسالة دينية، وفي الوقت نفسه ربطها بالمسالة الفلسفية و دور الفلسفة، وليس فقط كمنهج معرفي من وراء الطبيعي، وانما كفعل و عملية فعالة في المجتمع بذاته، و التي هي مشاركة فعالة له في مسالة العلاقة بين الشريعة و الفلسفة بشكل عام من جهة، اما من جهة اخرى انه ظهور قوي للنظرية الفلسفية السياسية في المجتمع الاسلامي في القرن الرابع.، لذا ان التفسير الفلسفي عند الفارابي للنبوة كان مستندا على التفسير السيكولوجي والميتافيزيقي. من جانب اخر يعتبر علاقة متينة بفهمه للسياسة و دور النبي في المجتمع. يعتقد الفارابي ان الانبياء هم نقطة الربط بين الارض و السماء (العقل الفعال) ( 39), من الجانب المعرفي و فهمه، هو امتداد لنظرية الفيض الافلوطينية. ما عنده هو تواصل العقل الفعال و العقل الانساني، كما هو في الجانب المعرفي هو الوصول الى المعرفة الحقيقية، فانه على المستوى الواقعي يكون بداية للرفاه والسعادة، و هذا يكون عن طريق الانبياء والفلاسفة فقط. الفارابي في كتاب (اراء اهل المدينة الفاضلة) ، في قسم (الاقسام النفسية الانسانية و قواتها) وهو القسم العشرين، انه يطرح المباديء الفكرية لتلك التوجهات بشكل اوضح، يتحدث في هذا القسم عن قوة الغذاء و قوة الاحساس و الثالث قوة المتخيلية، و التي هي عبارة عن تلك القوة التي تُحافظ على تاثيراته بسببها، و هي التي تؤسس الاشياء المحسوسة في النفس في حالة فقدانها (40). ان هذه القوة هي جامعة للصور و المعنى لقوة الغذاء و المحسوسات و بداية ظهور القوة الرئيسية للانسان و هي القوة الناطقة، اي العقل. بهذا الشكل،يمكن ان تكون معرفة شيء بالقوة الناطقة، و يمكن ان تكون بالقوة المتخيلية ويمكن ان تكون بالمحسوسات ( 41). اي كما ان قوة العقل هي المصدر الرئيسي لمعرفة الاشاياء و الاحساس و فهمها كما هو الاحساس بالاشياء و هو طريق لمعرفة حقيقة الاشياء، وبالشكل ذاته ان التخيل هو مساحة الاحساس بالاشياء عن طريق الصور والمعنى للاشياء ذاتها. ان هذا المخزن العام الذي يقدر ان يحمل الصور القديمة للاشياء و يجمعها و ان يصيغها مرة اخرى و يهب لها المعنى و الصور الجديدة, ان القوة الناطقة بالفكر و التامل و التفكير، انها تخمن افكارها، و بالتخمين يجمع معرفته عن طريق المحسوسات، اما القوة المتخيلية هناك، انها مسيطرة على القوة الناطقة لانها تسيطر على التفكير و تجمع قطعات المعلومات و اعداداها لكي يقرر العقل بها اما بقبولها او رفضها، و به يتمكن من صنع تذوق طعم الاحساس بالعدم ، و يحافظ على الصور و الذكريات، و ان التشوق الى الماضي يصنع الذهاب الى المستقبل. اي ان هذه القوة لها القدرة في الحفاظ على الاحساس بالاشياء و الصياغة فيها التي ليست موجودة بسببها، و لا يُحس بها. تنشيط هذه القوة يكون في تلك الاوقات التي تكون القوتين الاخريتين ( قوة العقل و قوة الاحساس) في قمة اللانشاط اي الخمول، و تتنشط في تلك الاوقات التي سقطت فيها القوات الاخرى من النشاط، و يكون هذا اثناء النوم في الانسان الاعتيادي.و يكون هذا في تلك الاوقات التي تنشغل فيها قوة المخيلية بنفسها (42).
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 92)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (91)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (90)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (89)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 88)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (87)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 86)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (85 )
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (84)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (83)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 82)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 81)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (79)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 79)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 78)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 77)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (76)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (75)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (74)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (73)
المزيد.....
-
ظن أنها مزحة.. تغريم رجل بـ200 ألف دولار لاستخدام مبكر صوت ه
...
-
لبنان.. إليكم أسماء الوزراء وتوزيع الحقائب الوزارية في الحكو
...
-
-أسيرة أمريكية في مهمة سرية في غزة-.. ما صحة الفيديو الرائج؟
...
-
الجيش السوداني يقترب من السيطرة على شمال الخرطوم
-
سفير روسي: رفض النمسا لتوريد الغاز من بلادنا جاء بتأثير خارج
...
-
شاهد: رد فعل عائلات الرهائن الإسرائيليين بعد إطلاق سراحهم ضم
...
-
رئيس منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يزور دمشق وسط تغييرات سياس
...
-
زيلينسكي: قوات كوريا الشمالية عادت إلى القتال في منطقة كورسك
...
-
-مقتبسا شعار ترامب الشهير-.. زعيم يميني أوروبي يعلن نهاية زم
...
-
سوريا.. العثور على مقبرة جماعية في خزان مياه بريف حمص (فيديو
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|