أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عباس الحسيني - العولمــــة في خطــاب الحاضـــر الثقـافــــي















المزيد.....

العولمــــة في خطــاب الحاضـــر الثقـافــــي


عباس الحسيني
شاعر ومترجم وكاتب معرفي

(Abbas Alhusainy)


الحوار المتمدن-العدد: 438 - 2003 / 3 / 28 - 03:54
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


 أميركا- أريزونا
 

 

لعل من البديهي ان يتجرد خطاب الثقافة نفيا ، أزاء النقلة الكونية في حدث الإنغلاق المأساوي لعموم المعارف والأدبيات الإنسانية في شتى التجمعات الإنسانية ومذاهب الخطاب الفني ، وكأن حالات على غرار الولادة الإحتضار في انساق تأريخ الأمس واليوم ما هي الا كوابيس ، لما يصفه سبينوزا ( الفيلسوف المتطهر ) : وحدات الوغي المستقلة .

ومن ذلك ضرورة التنبه الى خطر العولمة الماحق ، وهو إعداد خطير يشير من جهة الى عظم الجهود التي بذلها الغرب المتعطش الى إختصار وتصنيف كليات المعرفة الإنسانية ، بغية اجهاضها ومن ثم تحويــلها الى مفردات  يمكن الحصول بها وبمعيتها ، على معايير مخصبة ومحدثة لتصب في بودقة واحدة ، وتلك هي صبغة الإحلال الخطير ، الذي بدا بالتشكّـل قبيل وما بعـد الحربين الكونيتين .

ولأن صراع العولمة الأزلي ما فـتأ يستهدف كل مراكز الوعي والتنظير والإحالة ، في العالمين القديم والجديد ، فإن روح وجوهر الشرق الذين وردا  في هموم مستشرقي الأمس أو في إحالات أدوارد سعيد المتأخر ، وفي كتابه ( الإستشراق ) بالروح العميقة الأثر والممارسة الإنسانية  المتأصلة  ، وهو ذات المعنى الذي ذهب اليه الفيلسوف الفرنسي ذو النزعة الإنسانية  - ميشيل فوكو –  من ان كل الأصول تتجه الى تجريد التأريخ في وثبات استحضارها لروح وثوابت الحاضر ، وهي صبغة تراثية كان العرب والمسلمون أول المعنيّين بها ، دون سواهم ، ولعدة أسباب يقف في مقدمتها أثر الخطاب الديني الكوني والشامل  ، في كون الرسالة المحمدية ،  رسالة إقدام وتبشير للعالمين ، وكما في قوله تعالى : " وما أرسلنــاك إلا رحمـــة للعالميـــن " إذ ان لفظة ( العالمين )  تشير وبدقة واضحة الى المعيار الكوني الشامل وهو ما الذي نّوطت به اللغة العربية الأم –  لغة القوم في موروثهم الحضاري ، وهي اللغة ذاتها في لغة الإعجاز السماوي والدستور الفقهي آنفا ، وهنا  غ

فإنه لابد من التمهيد للخوض في مفارز كل اللغة أدبا وشريعة  ووعيا شامــلا ، وذلك ذكر عبر مدارس البصرة والكوفة وبغداد والى الأبد .

 

ان جوهر الإسلام يمثل ادراكا متحركا تجاه العقل الآخر غير اللاواعي ( وهو بتعبير اهل الدين ) غير العارف بالرسالة ، وبتعبير جمهور المسلمين ، لمن أسلم ولم يسر على محددات الشارع المقدس ، ( بالفاسق )  أو( الضال )  وهو على نقيض المهتدي اي ما كان يغـذ السير بمعية إدراك الإسلام .

ان هذا التجاوز اللفظي يعد تحديدا كما يذهب الى ذلك الراوندي وبن خلدون في تلمـّـس اصول اللغة الفقهية ، وهو المــد الفلسفي المتجرد تماما ، وهو ايضا مـــا ادركته المدارس الفلسفية والشعـرية في العصر العباسي الثاني  ، وعلى مدار كل مدارس التفلسف والتفقه والتفسير ، وهو أمر يقع في نصاب المستشرقين اللذين أدركوا قبل غيرهم اهمية ان يكون هذا الدين خاتما ، وتعاليمه مطلقة لاتبديل لها ولا إزاحة . 

لقد أبدع الإنسان العربي كل هذا الإبداع بدافع من شرف الرسالة ومن القدرة المتناهي التي عمقتها نظرة أهل الشرق حتى قيل ان عن أهل العراق حصرا " انهم قوم  يقرأون اكثر مما يجهرون " – وهي في تمام التناص العقلي لجملة النفري الشهيرة " إذا اتسعت الرؤية ضاقت العبارة " .

وعند زحف المنفى وئيد الخطى ، كان لابد من التدليل على كل الجهود التي هي شرف حمّـل به المنفي لأجل تأكيد هويته الأم ، من اي معدن خلــق ، ومن اي المعرف يستقي لهويته الثقافية الدالة عـليه ، فلا إبداع للشعر دون قرينة عبقرية اللغة المتعامل بها ، ولا  فلسفة دون المرور على الثابت من منطق  ومحتكمات وممارسات العرب في النقل والرواية والحديث والأمثولة اللغوية ، ولقد غدا خطاب المنفى سجالا جديدا وعصر مستقلا دجاخل عصره الذي هو الزمن الأشمل ، ومسرحا مفتوحا على مطلق  المكانية له ، وهو ما لم تدركه جاهلية الطغاة في بغداد الخير ، حيث غدا القارئ العربي ، وعلى النقيض مما يذهب إليه الكثير من ذوي النظرة المغلقة ، أو ممن أصيبوا بسوداوية التفكير ورداءة التذوق  ،  من ان كثرة أقـنية النقل الإلكتروني الحاسوبي ،  تضع القاريء العربي في حيرة من تنوع منتوجاتها اللغوية الفكرية ، وهو رأي يناقض الدهشة المفرحة ، والمبدأ العلمي في العمل داخل اطار الزمن المسبوق بآلة الزمن ( الحاسوب ) – ( الإنترنيت )  ، فها نحن  نتنقل من الجرائد الألكترونية الى الدوريات المطبوعة هذا بالإضافة الى أصوات المحطات الإذاعية والكتب التي يبذرها الفكر العراقي في المنفى والتي تنوه الى بسالة الذود عن التراث الأم ( الربية ) والأب ( العراقية الخالصة ) معا ، إذا صح التعبير وسط إسقاطات  ( أنا ) العولمه الماحقــه .

فكيف يحلل خطاب المنفى ازاء هذا التداخل من المعايير المستحدثة وغير المطروقة ، وهو ما سجله احد مفكري الغرب من ان الشرق ، راح يستخدم ذات الأقنية وذات الأدوات التي سخر لها العقل سنين من العمل والتفكير لتكون حكرا عليه ، وهو ما يعزى الى عجـلة السوق والتذمر المعرفي في إهمال الآخر عن دائرة الصراع الكوني – عولمة الحقائق –  بحقيقة واحدة ، عـولمة التواريخ ،  وهي مجتمع في تأريخ واحد ، هو الأصل ضمن احتكار تكنولوجيا التوجيه والإزاحة .

ان العولمة ، ما هي إلا أنساق فلسفية مبسطة ،  تضع الشرط المعرفي بمعية الحركة الموجهة ، وهي إذ تلغي التراث المتعلق بالآخر ، فانها لا تستبعد إشــراك عقل الآخر في بناء  صرح المستقبل العالمي المرتقب .

ان خطاب المنفى وان جره البعض الى النــرجسية الفردية والعلا ئقية المتوتـّــرة ، فانه حي  –  وان الجدل المحدث ، في فكر وجوارح القراء والمتلقين ، هو غيره  في الأمس البعيد القريب ، لقد غدت الغاية معولمة ً ، اذا صح التعبير ، وغدا الجمال كونيا ، وغدا النشاط المعرفي التذوقي مبوبا وحرا ، لا تهيمن عليه جبهات الإتحاد المعرفي الزائفة ، ولا تتشكل حوله نمطيات الخوض المعاد والمستهلك .

ان المردود الإيجابي او لنقل الجهة الأكثر
إشراقا في العولمة المصاحبة لكل خطابات التنوير والتثير ، هو ان كل متلقـّي مفرد يمتلك محللات مــرشحة جمعـية ، تجعله قادرا على اتخاذ قرار المغامرة الجادة في ان يحيل  حكم  تصوراته الفلسفية الى تخبر به  بيانات البيان الآخر – الخطاب الإبداعي – الأكثر بهجة واتحادا بالذات المتسائلة ، كما يصف ذلك رولان بارت  –  في الكتابة في درجة الصفر .

ان النظرة الى الغد  صارت  تتجاوز كل مديات الحاضر المعاش ، لتجيء مكملة لحالة الصراع العولمي – دينيا كان ام سياسي – ولا انتصار لأي من الجهات على حساب جهات أخرى ، سواء اتصفت مسوغات الصراع بالفضيلة العليا أو الرذيلة الدنيــا .

ان العالم معولما ، يعني ان الآخر مدركا ، وان طائرات بن لادن التي اخترقت مصفحات مانهاتن العتيدة ، ماهي إلا تحليل للتجلي الغربي القديم ، من ان الآخر قادما لا محال فلأذهب اليه وأغــلق عليه جهاته الأربع .

وعند المشهد الآخر تقف بنى الإقتصاد الأميركي عند المحايثة القصوى ، في التدهور الذي احال نموذج الإرهاب الى شبح تراكم معرفي غير عولمي مستحدث ، ولا خلاص .....!!!!            

  

عباس الحسيني
أميركا   - أريزونا



#عباس_الحسيني (هاشتاغ)       Abbas_Alhusainy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عراق لنا ، عـــراق هناك
- الى فهد الأرض - الى فقيد الحزب الشيوعي الباسل ، وكل رفاق الح ...
- زفـــــرة البراق الأخـــير
- نشيد الذبول
- احنّ اليـــك
- ثمة فراســـخ عن الغد
- لنهر ومحراث ارض
- الفاتحون محررون
- آباء وابناء
- الى أدكار الن بــــــــــو ، شاعرا ومعذبا
- بـــــلاد
- آلـــة الشلل المعرفي انمدوذج للأنقطاعات في أنساق التاريخية
- xxx اكس اكساكس فلم العرض الأول عولمـــة في درامـــا محابرات ...
- انهم يقتلون قمـــر الثــوار
- الشاعرة - دنيا ميخائيل : الحرب والحياة
- الآخرون في غيهب مــــــا
- أكذب دماء المسرح
- ألم عراقي


المزيد.....




- إيران: قدمنا -عرضًا سخيًا- لإجراء مفاوضات مع أمريكا وننتظر ر ...
- تصعيد فلسطيني ضد هنغاريا بعد زيارة نتنياهو وانسحاب بودابست م ...
- الجزائر تقرر غلق مجالها الجوي أمام مالي
- استمرار جهود الإنقاذ وإزالة الأنقاض بعد الزلزال المدمر الذي ...
- دراسة تكشف علاقة جديدة بين السوائل وقصور القلب
- دمار بالممتلكات في عسقلان بعد سقوط صواريخ أطلقت من قطاع غزة ...
- RT ترصد آثار القصف الأمريكي على صنعاء
- بزشكيان: على واشنطن إثبات سعيها للتفاوض
- بعد قمة السيسي وماكرون والملك عبدالله.. بيان ثلاثي مشترك بشأ ...
- مجلس الأمن الدولي يعقد اجتماعا بشأن الأزمة الأوكرانية في 8 أ ...


المزيد.....

- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عباس الحسيني - العولمــــة في خطــاب الحاضـــر الثقـافــــي