|
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (90)
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 6191 - 2019 / 4 / 4 - 14:45
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
و بهذا الشكل فان فهم مفهومي القديم و الحداثوي اللذين في اساسهما مفهومان فلسفيان يونانيان، و هما من المفاهيم التي كان لها التاثير الكبير على الفكر العقلاني الاسلامي و كانا محل الحوار و الخلافات دائما. الى ان جابر بن حيان في القرن الثاني الهجري يتحدث حول هذين المفهومين المعقدين و تاثيرهما على الفلسفة بشكل عام و يقول في كتابه (او رسالته) الكتاب القديم؛ اعلم ان التحدث عن القديم والحديث اصعب موضوع عند اكثرية الفلاسفة القدماء، و ان اكثريتهم ماتوا بحصرته (17) . وفي الوقت ذاته ان هذه المسالة هي احدى الاسباب التي كفّر به الغزالي في القرن السادس الهجري الفلاسفة، عن طريق كتاب (تهافت الفلاسفة ). و اثر الحوار ذاته على الفكر العرفاني و بالاخص عند ابن العربي و فكرة ا (الاعيان الثابتة) في اطار فكر التجلي و ليس الخلق، و اختصاره ان ايجاد الوجود عند الله ليس ايجاد العدم، وانما اظهار الوجود في علم الالهي للوجود في الواقع المرئي و المادي، و هذا استنادا على ان قبل هذا الوجود المحسوس كان هناك وجود اخر في دنيا الظلام و هو وجود روحاني و ليس جسدي، وجود على شكل فكر و فكرة كما يتحدث عنه افلاطون و هو الوجود في ماوراء الطبيعة قبل الوجود الفيزيائي ( 18). ان كان فهم ابن العربي من الظاهر كما كانت عليه المعتزلة و الفلاسفة و لكن في جوهره و محتواه ان مايقصده من هذه النظرية و تحليلاته كانت عن مفهوم الوجود الثابت، و ليس عبارة عن اثبات الوجود في القدم و انما اثبات العدم من الوجود، وبمعنى اخر انه لم ينظر الى هذه الحوارات كمعطاة فكري و انما كدليل عرفاني الى ان كل ماموجود في العالم هو خيال و وهم. و كما هو الوجود في الحلم، لان الحلم وجود و انما وجود غير حقيقي، و ان من يعرف ذلك هي تلك الاشخاص التي يستيقضون بعد النوم و يفتحون اعينهم, و كما هو العالم الباطل و هو غير حقيقته الموجودة التي يعرفها العارفون فقط. في كتاب الثالث الخاص بدين الحب ( التصوف و العرفان)، عند وصولنا الى ابن العربي سنتكلم عن تاثير الحوار القديم و الحديث في الفلسفة و الفكر الاسلامي على العرفان الاسلامي والذي في اساسه هو حوار يوناني، كان كل ذلك مشاكل جدية امام العاملين في الفلسفة الاسلاميين في اطار عملية تلائم و تناسب الدين وفق معطيات الفلسفة اليونانية، او توثيق العقائد الاسلامية بالفلسفة, واردنا بهذه الرواية المختصرة ان نضع القارئ في جزء من افرازات لاهوتية مزج المفهوم و الفكر الفلسفي اليوناني مع الفكر الاسلامي، و خصوصا عن طريق نموذج فكرة القدم والحديث، و الذي يمكن ان يوضع هذا التفهم بالبنى التحتية الفكرية لجزء من العقائد الاكثر اهمية للمجموعات الكلامية، و على راسهم المعتزلة و مسالة مخلوقية القرآن و عقيدة قدم الشيء و اهم فكر ابن العربي و هو الاعيان الثابتة، و هو في الوقت ذاته حجر اساس لمباديء التوحيد. المستوى الثاني لافرازات معرفة المسلم بالفكرالفلسفي اليوناني و افرازاته، عبارة عن مستوى محاولة تلائم الفلسفة مع الشريعة. قلنا من قبل ان ترجمة المؤلفات اليونانية و تطور الحوارات الفلسفية و ظهور الكثير من الشخصيات الفلسفية في الحضارة الاسلامية حدا بتوسع افق فهم الدين و الدنيا. و بهذا الشكل ادى الوعي الاجتماعي و الفكري الديني تغييرا كميا و كيفيا كبيرا على نفسه، لذا فان جميع المجموعات الدينية في الحضارة الاسلامية و ان كانوا مناوئين صلبين للفلسفة كما كان الغزالي و الصوفية، الا انه في النتيجة كانوا متاثرين بهذه المدرسة الفلسفية. بدون شك انه عمل صعب ان نتحدث عن بداية هذه التاثيرات و لكن يمكن الاشارة الى العديد من المحطات و بعمنى اخر المحطات المؤثرة لتركيب الفكر الفلسفي بالفكر الاسلامي، و كانت رسائل اخوان الصفاء في هذا الاطار محاولة المسلمين لتقديم الفكر الديني المركب مع الفكر الفلسفي اليوناني و الفارسي و الهندي.، مع الفكر الهرمسي و الغنوصي الايراني و في الوقت نفسه ان تلك الرسائل و بسبب كثرة العدد و توسع مجالاتها تركت اكثر التاثيرات، عدا ذلك، ان جزءا مما احدثته تلك النقاشات كان يحتسب منفذا مهما لتحديد القسم الاكثر اهمية من افرازات الفلسفة و الدين في المجتمع الاسلامي و تاثيراته، هذه المرحلة لااولى و الاكثر بدائية لظهور الفكر الفلسفي الاسلامي و تاثره بالفكر الفلسفي اليوناني العقلاني، رسائل اخوان الصفاء هي محاولة لمزج العقائد الاسلامية بالغنوصية الافلوطينية و الغنوصية الفيثاغورثية الحديثة، مع عملية التلائم بين الفكر الديني و الفكر الفلسفي ( 19). لذا و كما هي حال توجهاتهم بانها خلط من الاسطورة و التفسير الاسطوري و الفلكي لتلك المسائل من حولهم و المجتمع في ذلك العصر الذي كان محل الاهتمام. و باختصار شديد ان الهدف الرئيسي لاخوان الصفاء و فلسفتهم من الجانب الديني و المعرفي هو اعادة النفس الانسانية الى عصر النزاهة و العودة الى الله، اي تنزيه النفس البشري و التشبيه بالله عن طريق الفلسفة ( 20)
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (89)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 88)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (87)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 86)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (85 )
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (84)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (83)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 82)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 81)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (79)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 79)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 78)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 77)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (76)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (75)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (74)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (73)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (72)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 71)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (70)
المزيد.....
-
-يا إلهي-.. رد فعل عائلة بفيديو وثق بالصدفة لحظة تصادم طائرة
...
-
ماذا نعلم عن طياري المروحية العسكرية بحادث الاصطدام بطائرة ا
...
-
إليكم أبرز الرؤساء العرب الذين هنأوا الشرع على توليه رئاسة س
...
-
العلماء الروس يرصدون 7 توهجات شمسية قوية
-
أسير أوكراني يروي كيف أنقذ الأطباء الروس حياته
-
على شفا حرب كبيرة: رواندا والكونغو تتصارعان على الموارد
-
ألمانيا تمدد 4 مهام خارجية لقواتها قبيل الانتخابات
-
مرتضى منصور يحذر ترامب من زيارة مصر (فيديو)
-
-الناتو- يخطط لتقديم اقتراح لترامب بدلا من غرينلاند
-
مشهد -مرعب-.. سماء البرازيل -تمطر- عناكب والعلماء يفسرون الظ
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|