|
النساء والتطرّف
عبد الحسين شعبان
الحوار المتمدن-العدد: 6190 - 2019 / 4 / 3 - 22:48
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
لا تزال أوضاع النساء ومسائل التطرّف والعنف تثير مناقشات متعدّدة، سواء من جانب جهات رسمية حكومية ودولية أم من جانب هيئات ومنظمات مدنية ودينية عديدة، ولاسيّما في البلدان التي شهدت صراعات مسلحة ونزاعات عنفية. وقد حظي هذا الموضوع باهتمام الأمم المتحدة ومنظّماتها المختصّة على مدى عقود من الزمان، لكن اندلاع موجات من التطرّف وهو نتاج التعصّب ويعيش في قلبه، ناهيك عن استشراء العنف بجميع أشكاله ومظاهره، جعل المسألة أكثر راهنية وتحتاج إلى معالجات وتدابير وإجراءات للحدّ منها. وقد نظّمت الأسكوا «اللجنة الاجتماعية الاقتصادية لغرب آسيا» في بيروت حلقة نقاشية ساهم فيها خبيرات وخبراء حول «النساء ومنع التطرّف في المنطقة»، وذلك في الجامعة الأمريكية ببيروت وبالتعاون معها ومع معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة. وقد ركّزت الحلقة على بحث أوضاع النساء في خمسة بلدان هي: تونس والجزائر وفلسطين والعراق ولبنان، وبقدر وجود مشتركات بينها، فثمة مختلفات وخصوصيات لكل منها، علماً بأن الجامع بينها هو التعصّب والتطرّف والعنف والإرهاب الذي عانت منه هذه البلدان، والنساء بشكل خاص، مثلما تعاني من هذه الظاهرة المستفحلة بلدان عربية أخرى، مثل اليمن وليبيا وسوريا، وتعيش النساء أنواعاً متعدّدة من العسف والحرمان، بما يترك تأثيراته على الأمومة والطفولة والتربية والصحة والمشاركة وغيرها من العوامل التي تمسّ حقوق الإنسان بالصميم. وقد اعتمدت بعض البلدان ومنها العراق «خطة وطنية» خاصة بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325 الصادر في العام 2000، وهو القرار الذي دعا إلى إشراك النساء باعتبارهن صاحبات مصلحة نشطة في مجال درء الصراعات وحلّها، «كعنصر فاعل في السلام والأمن». وقد واجه هذا القرار تحدّيات أساسية قسم منها يتعلّق بالحكومات والآخر بالمجتمعات والقسم الثالث بالنساء وهي حالة تعاني منها الغالبية الساحقة من البلدان النامية، علماً بأن البلدان التي تتّبع التدابير والإجراءات المنسجمة مع قرار مجلس الأمن الدولي قليلة جداً ولا يزيد عددها على 20 دولة، وهذا يعني أن القرار المذكور ما زال غير فاعل أو غير مطبّق بسبب الصعوبات والعقبات التي تعترض طريقه، وهو ما ينطبق على العراق والعديد من البلدان العربية، حيث لم يتم مراعاة خصوصية المرأة وإشراكها في عملية الحفاظ على الأمن وبناء السلام، إضافة إلى انخفاض مستوى الوعي لدى أجهزة إنفاذ القانون والسلطة القضائية، يضاف إلى ذلك عدم تأمين المستلزمات الضرورية لمشاركة المرأة في حلّ النزاعات، وعدم تمثيلها في أجهزة صنع القرار كشريك على قدم المساواة لمنع الصراعات وتحقيق السلام. وفي أية خطة عراقية أو عربية أو دولية، يفترض اتباع تدابير وقائية وأخرى حمائية، ثم تدابير علاجية، خصوصاً للنساء اللواتي تعرّضن للعنف أو شاركن فيه في ظروف مختلفة ولأسباب عديدة، قادت إلى التطرّف الذي ترك آثاره وانعكاساته عليهن أو على المجتمع ككل، وهناك نساء عشن تحت كنف العنف وفي ظل هيمنة المنظمات الإرهابية، أو التحقن بالتنظيمات الإرهابية لأسباب أسرية أو تأثيرات خاصة عاطفية أو نفسية أو اجتماعية أو أوهام دينية أو فكرية أو تعاملن معه أو اضطررن تحت عوامل مختلفة للتعاطي مع الجماعات الإرهابية إيماناً أو بفعل الأمر الواقع أو خوفاً. وتلعب عوامل عدم المساواة الفعلية دورها في ذلك، ففي العراق على سبيل المثال، وعلى الرغم من أن الدستور ساوى بين المرأة والرجل ونصّ على تكافؤ الفرص وعلى منع جميع أشكال العنف والتعسف ضد الأسرة والمرأة، لكن عدم المساواة قائمة في جميع المجالات. وما زال العنف الأسري مستمراً، بل ارتفعت وتيرته على نحو كبير، خصوصاً في عدم صدور قانون يحرّم ذلك ويعاقب عليه، على الرغم من المطالبات العديدة من جانب بعض منظمات المجتمع المدني والمنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة، لكن مجلس النواب والقوى المتنفذة فيه ذات العقلية الذكورية تحول دون ذلك، ويبلغ عدد النساء اللواتي تعرضّن إلى العنف ما يزيد على 20% من النساء في العراق لأسباب اقتصادية أو اجتماعية أو فكرية أو دينية (الزعم بشرعية العنف ضد المرأة) أو نفسية. وكان من عوامل زيادة تفشي العنف هو سيطرة داعش لمدة 4 سنوات على الموصل (العام 2014) وما يزيد على ربع مساحة العراق، لاسيّما في التعامل مع النساء غير المسلمات: المسيحيات والإيزيديات، إضافة إلى معاناة النازحات، واحتجاز زهاء 4000 امرأة من الديانة الإيزيدية وتعرّضهن للتعذيب والسبي والاتجار بهن. وهناك أسباب اجتماعية للعنف ضد النساء تتعلّق بالطلاق والعنوسة والتشرّد وجرائم الشرف، إضافة إلى الممارسات العشائرية، التي ما تزال تعتبر المرأة سلعة للتبادل، وبعض الأعراف البالية التي ما تزال مستمرة. وإذا كانت الحروب والنزاعات الأهلية والطائفية وذيولها أسباباً أساسية لشيوع ظاهرة العنف، فإن ضعف مرجعية الدولة لحساب مرجعيات دينية وطائفية وعشائرية، إضافة إلى الفساد المالي والإداري والسياسي، كانت أسباباً أخرى للتطرّف والعنف التي كانت النساء أولى ضحاياه.
#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
«إسرائيلية» الجولان
-
من يقرأ الدين بطريقة خاطئة سيتوصل إلى حاضر ومستقبل خاطئ
-
مأزق ال «بريكست»
-
اليسار والسترات الصفراء
-
الأكراد و«حوار العقلاء»
-
أتحفظ على مصطلح -المكوّنات- فالدولة هي اتحاد مواطنين أحرار ل
...
-
أمريكا اللاتينية.. من اليمين إلى اليسار والعكس
-
جار الله عمر كبرياء التواضع
-
انحسار الديمقراطية
-
شعبان يحاضر في اتحاد الحقوقيين العراقيين
-
كوبا «الثورة والدولة» في دستور جديد
-
حين يكون القضاء «بخير»
-
الإمارات و«دبابات» البابا
-
كتاب سلام عادل - الدال والمدلول وما يمكث وما يزول
-
الملف الكردي بين واشنطن وأنقرة
-
طه صفوك الجبوري اسم في الذاكرة
-
الإعلام والأمن السيبراني
-
الثقافة والذاكرة
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
-
فنجان قهوة .. مع الموسوعي د. عبد الحسين شعبان
المزيد.....
-
إدارة بايدن خططت لإنفاق 32 مليون دولار على الختان في موزمبيق
...
-
كاميرا ترصد لحظة مذهلة.. غرباء يساعدون امرأة في الولادة في م
...
-
كيفية التسجيل في برنامج منحة المرأة الماكثة في البيت بالجزائ
...
-
امرأة متحولة جنسيا تحول حياة صبي عمره 14 عاما إلى كابوس في م
...
-
“هتقبضي 8000 دينار شهرياً”.. التسجيل في منحة المرأة الماكثة
...
-
وفاة امرأة وابنتها متأثرتين بإصابتهما بهجوم ميونخ
-
رابط تقديم منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 الجزائر
-
“قدمي الآن”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت
...
-
في ليلة عيد الحب.. إطلاق نار على امرأة في حانة ببريطانيا
-
ملامح امرأة غامضة تحت لوحة لبيكاسو.. ماذا نعلم عن اللغز؟
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|