|
الارهاب العشوائي ووحدة الخطاب
احسان طالب
الحوار المتمدن-العدد: 1533 - 2006 / 4 / 27 - 10:39
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لا يختلف الجذر الفكري والثقافي للخطاب الإرهابي و الزرقاوي عن ذلك الذي تطرحه المنابر والمواعظ و الدروس والكتابات الخاضعة لقادة التيار الديني المحرض على التشدد والكراهية وبث مبررات الفتنة والقتل و المرتبط سياسيا مع التيارات المجابهة والصامدة الداعية لمقاومة مشاريع السيطرة والهيمنة و الاستكبار العالمي ، دون وعي و إدراك لحقيقة المخاطر و حجم الإمكانيات وطبيعة الصراع .
" المعركة التي المعركة التي تدور الآن هي معركة المشروع الغربي والنظام الأمير كي ضد كون الإسلام رافض للعلمنة،وهذا ما ذكره حرفيا فوكوياما لابد أن ندرك ما يحاك لنا،فالحرب ليست على مطلق التعليم الديني إنما على الموقف من شارون واليهود وما حواه القرآن والسنة، وكذلك قصص الغزوات ضد اليهود والجهاد لتحرير الأمة..إنما الإسلام ألعبادي والشعائري ليس هو ما تريد رأسه أمريكا، بل تريد رأس الإسلام المجاهد والمقاوم..الإسلام الطاقة المحررة للأمة الذي يبحث عن التميز الحضاري والعزة الحضارية والاستقلال.يجب أن نفض الاشتباك الوهمي بين الذين ينكرون صرا عات فكرية وحضارية وبين الذين يقولون بوجودها قبل أن نحدد مواطن الخلاف." هذه الأقوال للدكتور محمد عماره والتالي هو خطاب الزرقاوي: " إن العدو الصليبي عندما دخل العراق كان ينوي من دخوله السيطرة على الأمة والتمكين لدولة بني صهيون من النيل إلى الفرات فمًكن الله أبناءك المجاهدين من الوقوف في وجه دائمة على بلاد المسلمين فوقفوا في مواجهة هذه الزحف لمدة ثلاث سنين."اشرس حملة صليبية " وقال الزرقاوي "فمسرحية الديمقراطية العثرة التي أتيت (بوش) بها إلى أرض الرافدين بعد أن منيت الناس بالحرية والسعادة والاستقرار المادي والنفسي كلها ذهبت أدراج الرياح وولت مدبرة بغير رجعة بحول الله وقوته) يرى الكثيرون ظاهرة الزرقاوي صنعة أمريكية تم تضخيمها وتفعيل آثارها إعلاميا بأسلوب يدعم المخططات الغربية الساعية لإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط الجديد بما يحقق هدف السيطرة على الأنظمة والشعوب و الثروات النقدية النفطية ويبقي على تخلف دولها وتبعيتها الثقافية والاقتصادية وتحقيق الحلم الصهيوني بإقامة دولة اسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل . وهيمنتها الإقليمية المطلقة . وفق هذه النظرية وضمن هذا الإطار يلتقي المشروع الثقافي لمحمد عماره و تياره المتشدد تجاه الغرب مع المشروع ألجهادي لابن لادن ومولاه الزرقاوي وتنسجم الغايات والأهداف النظرية للأول مع المخططات العملية الجاري تنفيذها على الأرض للثاني ،ولا نغفل هنا وجود فوارق وتباين في طريقة الوصول إلى النتائج و التقويمات و اكتفاء الطرف الفكري الثقافي (عمارة وتياره ) بالتبشير ونشر الوعي ألجهادي المقاوم ، في حين يقوم تيار الغزو (من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق . سنن أبي داوود ، الجهاد كراهية ترك الغزو ) بالفعل والتنفيذ المباشر . ويتميز تيار الإرهاب بوضوح رؤيته وخطابه المباشر دون مواربة أو تدليس ، في حين يلجأ المبشرون والدعاة النظريون المؤسسون للقاعدة الفكرية والفقهية التي يستند إلها تيار الغزو إلى خلط الأوراق وتداخل المنطلقات لحفظ خط الرجعة وارتداء لبوس الوسطية والتحضر . خطاب الغزاة سمته المباشرة والوضوح والدعوة التلقائية للفعل فرديا وجماعيا حيث يستطيع الفرد الواحد التوجه مباشرة لإزالة المنكر باليد دون حاجة لفتوى أو ولي أمر ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ) ويستطيع كل ثلاثة تشكيل جماعة ينصبون أحدهم أميرا ينطلقوا بعدها للغزو والجهاد وينال الأمير حق الطاعة العمياء طالما استند إلى الكتاب والسنة وتفسيرات الصحابة والعلماء فيما يصدره من أوامر . على هذا الأساس تتشكل المجموعات الجهادية وتنطلق للغزو، وإزهاق الأرواح تقرب إلى الجنة وزعما لإرضاء الله تعالى ونتيجة للدعم الذي تلقاه من دعاة التحريض والكراهية و المبشرين بالدولة الإسلامية التي تطبق الحاكمية لله تستقطب تلك المجموعات أعدادا من الشباب والرجال كل يوم ناشرة الإرهاب العشوائي في بقاع المسلمين قبل غيرهم . ومع الاقتراب الشديد للتيارات القومية الرافضة والصامدة من الفكر الأصولي غدا التحاق الكثيرين بدعاوى الإرهاب ميسرا ومذللا . وبالعودة لنظرية المؤامرة الرائجة و المتغلغلة في قاع المنظومة الفكرية والثقافية للنخب العربية قبل غيرها من عامة الناس نلحظ تأثيرها الفعال في جرف المزيد من الشباب والشابات نحو مستنقع التشدد لتحضن وتلد فيه الاحتياطي البشري اللازم و المستعد دائما لتنفيذ مهمات الإرهاب العشوائي . التعبئة والتحريض وطرح المبررات للفعل الإرهابي تحت ذريعة المقاومة ومجابهة المخططات المعادية وإحباط الهيمنة الإمبريالية ومناهضة العولمة تستخدم بشكل فعال لغسل العقول وإثارة الوجدانيات الدينية السلبية تجاه المختلف و الآخر . وباستنادنا إلى منهج منطقي بسيط يقيس صحة المقدمات بالنتائج نصل إلى أن نظرية المؤامرة وثقافة الكراهية والتحريض فشلت وهزمت ولم تأتي سوى بالنكسات والضعف والتخلف والهزيمة ولو كانت صحيحة لجاءت بنتائج ايجابية انعكست نصرا وتقدما وتفوقا في النزاع أو الصراع أو الحوار الدائم بين الأمم والحضارات. وبتصنيفنا لتيارات ثلاثة تساهم بصورة مباشرة وغير مباشرة، عن قصد أو بدون قصد في دعم الإرهاب العشوائي ، ونقصد بالثلاثة تيار التأسيس للتشدد والكراهية والتيار القومي المتعاطف مع النزعة الجهادية، وتيار الغزاة المتكفل بتنفيذ المواجهة وتخطيط المعركة. نطرح على أنفسنا تساؤلاً قد يجلي رؤية المتعاطفين ضمنياً والمستنكرين ظاهرياً للإرهاب العشوائي . هل التعبئة الدينية والحشد العقائدي أمران لازمان واجبان لتحقيق الآمال والتطلعات والوصول إلى الأهداف والغايات؟ إذا كانت نظرية الوحدة العربية كفكرة واقعية لم تتقدم خطوة واحدة نحو غايتها المنشودة بل ازداد العرب تمزقاً وتشرزما فهل الدعوة إلى الأمة الإسلامية والوحدة الدينية أسهل طريقاً وأدنى منالاً ؟ إنه هروب نحو الأمام وتخط للمراحل وتغطية للفشل بتعظيم الغايات وإبعاد النهايات وتأجيل للحسم على حساب أجيال متعاقبة تدفع الأثمان دماء وفقراً وتخلفاً.
#احسان_طالب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صلاة لرجل شرقي
-
بغداد لم ولن تموت
-
النووي الإيراني – نجاد على خطا صدام
-
قبل أن تغادرني
-
إلى الذين يدافعون عن صدام
-
الاغتيال السياسي و الإرهاب الطائفي
-
هل تصلح العطار ما أفسد ......
-
إعادة الاعتبار لإعلان دمشق
-
السجون السورية تخرج المبدعين
-
سيدة يغتصبها آلاف الحاقدين!!
-
التشدد الديني و الإسلام السياسي – دراسة من أربعة أجزاء: الجز
...
-
يطبق عليهن الحد!
-
التشدد الديني و الإسلام السياسي - دراسة من أربعة أجزاء: الجز
...
-
الكاتب السوري مظلوم تنتابه الهواجس
-
التعديل الوزاري في سوريا يكرس المواجهة
-
الإعلام العربي من عصر الجاهلية إلى جاهلية ما بعد الإسلام: ضر
...
-
حماس بين استحقاقات الداخل و ورطة الخارج
-
الأسد نجاد: دعم السلطة الأبدية بالسلطة الإلهية
-
دعوة إلى لقاء الرياضَيْن
-
فصل المقاومة عن حزب الله
المزيد.....
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|