أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - ضمّ الجولان توطئة لضمّ الضفة الغربية















المزيد.....

ضمّ الجولان توطئة لضمّ الضفة الغربية


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6185 - 2019 / 3 / 27 - 09:13
المحور: القضية الفلسطينية
    



في الصيف الماضي وعلى هذه الصفحات بالذات، حذّرنا من أن «صفقة العصر» التي يعدّ لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر إنما هي تغطية لمرمى خطير يُراد منه استكمال نكبة 1948 بضمّ معظم أراضي الضفة الغربية المحتلة سنة 1967 إلى دولة إسرائيل بصورة رسمية. «فهم يعدّون لمسرحية كبيرة سوف يُشرف على إخراجها أخصائي «سياسة المشهد» دونالد ترامب ويكون صهره بطلها، يعلنون من خلالها «صفقة القرن» وهم يعلمون علم اليقين أن الفلسطينيين لا يستطيعون القبول بها، مثلما لم يكن بمستطاع أي وطني فلسطيني أو عربي أن يقبل بقرار التقسيم. وسوف يتيح ذلك الفرصة أمام نتنياهو ليعلن الضمّ الرسمي لأراضي الضفة الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل اليوم بصورة مباشرة (أراضي «ج» في تقسيم أوسلو)، ملقياً اللوم على الفلسطينيين الذين سوف يتّهمهم بأنهم «ضيّعوا الفرصة مرّة أخرى»» (««صفقة القرن» واستكمال النكبة»، القدس العربي، 4/7/2018).
وقد جاء قرار ترامب بجعل الولايات المتحدة تعترف بالضمّ الإسرائيلي لثلثي هضبة الجولان، وهي المساحة التي تحتلّها الدولة الصهيونية منذ حرب يونيو/ حزيران 1967، جاء ذلك القرار ليزيد من واقعية تكهّننا وبالتالي من خطورة الأوضاع. والحال أن ترامب ذهب في موضوع الجولان إلى أبعد مما تجرّأ عليه الليكود ذاته. فبعد وصولها إلى سدّة الحكم في عام 1977 وإثر اطمئنانها إلى تحييد مصر من خلال صفقة كامب ديفيد، قرّرت حكومة مناحيم بيغن الليكودية في نهاية عام 1981 وضع الجولان المحتلّ تحت «القوانين والقضاء والإدارة الإسرائيلية». وإذ كان ذلك القرار بمثابة ضمّ فعلي للجولان، إلّا أنه لم يذهب إلى حدّ الضمّ الاسمي الرسمي.
هكذا ظلّت الدولة الصهيونية تعتبر مصير الجولان أمراً يجوز التفاوض في شأنه، وإن لم يجرِ أي تفاوض في ظلّ حكومة لحزب الليكود. ففي عام 1999، أشرفت إدارة بيل كلينتون على مفاوضات بين حكومة حزب العمّال الصهيوني بقيادة إيهود باراك ونظام حافظ الأسد. وقد جرت تلك المفاوضات بالتوازي مع مساعي إدارة كلينتون للتوصّل إلى اتفّاق نهائي بين حكومة باراك والسلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات. وقد فشل المسعيان باصطدامهما بحدود الاستعداد الإسرائيلي لتقديم التنازلات التي لا بدّ منها كي يصبح الاتفاق ممكناً ضمن السقف المنخفض الذي كان كلٌّ من الأسد وعرفات قد حدّده لنفسه. في التفاوض على الجولان، كان حجر العثرة الرئيسي رفض إسرائيل التخلّي عن القسم الجنوبي من الهضبة الذي يتحكّم بما أصبح أهم مصدر مياه عذبة لديها.

تعمّد ترامب منح نتنياهو هديّة قيّمة على مشارف انتخابات يخشى زعيم الليكود خسارتها، لاسيما بسبب الفضائح التي تراكمت في ملفّه القضائي ومنها ما يتعلّق بالتفريط بأمن الدولة الصهيونية لقاء الربح من خلال منح ضوء أخضر لبيع ألمانيا غوّاصات حديثة لمصر بدون استشارة قيادة الجيش الصهيوني

وقد تجدّدت المفاوضات بين حكم بشّار الأسد وحكومة إيهود أولمرت في عام 2008 برعاية رجب طيّب أردوغان الذي كان يتباهى آنذاك بصداقته مع الطرفين. غير أنّها لم تلبث طويلاً إذ توقّفت عندما شنّت الدولة الصهيونية حربها الإجرامية على قطاع غزّة في نهاية ذلك العام، ثمّ اضطُرّ أولمرت إلى الاستقالة بعد ثلاثة أشهر بسبب فضائح قضت على حياته السياسية. وقد عاد الليكود إلى الحكم بقيادة نتنياهو الذي أعلن رفضه التفاوض على الجولان وعزمه على الاحتفاظ بالهضبة إلى الأبد. أما قرار ترامب فتكمن خطورته في أنه لا يعترف بما قرّره الليكود منذ ثمانية وثلاثين عاماً وحسب، بل يذهب إلى أبعد منه بإضفاء شرعية أمريكية على الضمّ النهائي للجولان، إسوة بالقدس العربية التي ضمّتها الدولة الصهيونية فعلياً بُعيْد احتلالها عام 1967 وأعلنت القدس بشطريها عاصمةً لها، وهذا ما كرّس ترامب القبول الأمريكي به من خلال قراره نقل سفارة بلاده إلى القدس.
وقد تعمّد ترامب منح نتنياهو هديّة قيّمة على مشارف انتخابات يخشى زعيم الليكود خسارتها، لاسيما بسبب الفضائح التي تراكمت في ملفّه القضائي ومنها ما يتعلّق بالتفريط بأمن الدولة الصهيونية لقاء الربح من خلال منح ضوء أخضر لبيع ألمانيا غوّاصات حديثة لمصر بدون استشارة قيادة الجيش الصهيوني، بما يفيد شركة إسرائيلية مشاركة في الصفقة ولنتنياهو حصّة فيها. وقد نجحت الخطة الإعلامية ببراعة، إذ أن حفلة توقيع ترامب على الاعتراف بضمّ الجولان والكلمة القصيرة التي ألقاها نتنياهو أثناءها إنما كشفت بصورة شبه كاملة خطاب منافس نتنياهو الرئيسي أمام مؤتمر «أيباك» (لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية، وهي المكوّن الرئيسي للّوبي المؤيّد لإسرائيل في أمريكا بعد جماعة «الصهاينة المسيحيين»). وقد فضّل نتنياهو الاستغناء عن الكلمة التي كان مقرّراً أن يلقيها بدوره أمام «أيباك» والتي كانت سوف تضعه على قدم من المساواة مع منافسه، قائد الجيش سابقاً، الذي حصل على تصفيق حاد في المؤتمر. فقامت لعبة نتنياهو على جذب مجمل اهتمام الإعلام العالمي بفضل ترامب، وإعلانه العودة إلى إسرائيل كي يتصدّى لحماس.
هذا ويُدرك نتنياهو تماماً ولا يني يكرّر في مناسبة وغير مناسبة أن ترامب هو خير «صديق» للدولة الصهيونية وصل إلى سدّة الرئاسة في الولايات المتّحدة. وقد أحاط ترامب نفسه بطاقم من المتحمّسين للدولة الصهيونية، منهم صهره كوشنر وسفيره في القدس دايفيد فريدمان ووزير خارجيته العبيط مايك بومبيو الذي لمّح في حديث إذاعي إلى أن المشيئة الإلهية هي التي أوصلت ترامب إلى رئاسة أمريكا كي يحمي الشعب اليهودي من إيران (كذا). فكيف بنتنياهو يفوّت هذه الفرصة التاريخية لو تمكّن من الفوز في الانتخابات القادمة، لاسيما أن الفرصة قد لا تتكرّر وحتى فوز ترامب برئاسة ثانية ليس بالمضمون على الإطلاق.
لذ لو تمكّن نتنياهو من البقاء رئيساً لوزراء الدولة الصهيونية سوف يبذل بالتأكيد كافة جهوده من أجل تحقيق غرضيْه الرئيسيين ألا وهما: أولاً، الضمّ الرسمي لمعظم أراضي الضفة الغربية، باستثناء المناطق المأهولة بالفلسطينيين كي لا يواجه معضلة منح سكّانها المواطنة الإسرائيلية؛ وثانياً، توجيه ضربة لإيران بما يقضي على ما يراه خطراً وجودياً تشكّله بالنسبة لإسرائيل بسبب احتمال تسلّحها النووي. أما الحكّام العرب في كل ذلك، فحدّثوا عنهم ولا حرج.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحية إجلال لرئيسة وزراء نيوزيلندا
- الجزائر إلى أين؟
- بوتفليقة أو نحرق البلد!
- المعادلة الخطيرة بين إسرائيل وأمريكا وإيران
- المنافقون والعداء لليهود والمسلمين
- ماركس والشرق الأوسط 1/2
- مصر: تعديلات سيسيّة ومفارقات سياسيّة
- في تغليب أمن إيران على مصلحة العراق
- لا للبشير ولا للسيسي بل ديمقراطية غير منقوصة!
- أمريكا وبريطانيا: تجديد العظمة وتسريع الأفول
- عقل العصفور وتوزيع أراضي سوريا
- سوريا والاحتلالات الخمسة ومواقف ترامب المتقلّبة
- في تونس أو في السودان… لِسَّه الثورة في الميدان!
- بواعث الأمل إزاء نهاية عام مظلمة
- الوظيفة النفطية لمحميّة أمريكا السعودية
- زاد بُعدنا عن المرّيخ…
- محمد بن سلمان على شفير الهاوية
- مغزى العلاقات المكشوفة بين الدول الخليجية وإسرائيل
- تعدّدت الأديان والأقوام والظلم واحدٌ
- صعود الفاشية: التاريخ يعيد نفسه بحلّة جديدة


المزيد.....




- المافيا الإيطالية تثير رعبا برسالة رأس حصان مقطوع وبقرة حامل ...
- مفاوضات -كوب 29- للمناخ في باكو تتواصل وسط احتجاجات لزيادة ت ...
- إيران ـ -عيادة تجميل اجتماعية- لترهيب الرافضات لقواعد اللباس ...
- -فص ملح وذاب-.. ازدياد ضحايا الاختفاء المفاجئ في العلاقات
- موسكو تستنكر تجاهل -اليونيسكو- مقتل الصحفيين الروس والتضييق ...
- وسائل إعلام أوكرانية: انفجارات في كييف ومقاطعة سومي
- مباشر: قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في ...
- كوب 29: اتفاق على تقديم 300 مليار دولار سنويا لتمويل العمل ا ...
- مئات آلاف الإسرائيليين بالملاجئ والاحتلال ينذر بلدات لبنانية ...
- انفجارات في كييف وفرنسا تتخذ قرارا يستفز روسيا


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - ضمّ الجولان توطئة لضمّ الضفة الغربية