أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مسعود عكو - مجازر الأرمن ذكرى ألم متجدد














المزيد.....

مجازر الأرمن ذكرى ألم متجدد


مسعود عكو

الحوار المتمدن-العدد: 1532 - 2006 / 4 / 26 - 11:09
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لن أفلح بكل تأكيد في أن أعبر وبوجهة نظري عن الألم الذي كونته طبيعة المجازر التي ارتكبت بحق الشعب الأرمني كوني من قومية أخرى, ولكن أجدني, وبطبيعة إحساسي الإنساني الذي أحاول دائماَ أن انتمي إليه قبل أي انتماء قومي, أوديني, أو طائفي, أو إثني فكل على حدى, ونشترك جميعنا بهذه الصفة الآدمية.

إلى ذلك الأرمني الذي قتل بيد سفاح تركي, أو كردي, أو عربي, أو أي سفاح آخر سامحنا على ما اقترفت أيدينا من بطش, وقمع, واضطهاد بحقكم ونرى أنفسنا أصغر من الاعتذار لهذا الشعب الذي قامت عليه القيامة, ولم تقعد فقط لأنه مختلف عن الأخر الأقوى, وكنا ضحية عقلية صوفية دينية إرهابية متخلفة, وخلقت مرجعيات متخلفة تسلقناها بكل سذاجة, وحاولنا اقتناء مفاتيح جنة الأربعين حورية فقط بقتل أرمني, أو تعذيبه.

استذكر مع الأرمن المجزرة الكبرى التي بدأت بتاريخ 24/نيسان/1915، حيث اعتقلت السلطات العثمانية ستمائة زعيم أرمني في اسطنبول, وقامت بتصفيتهم جسدياً, وقاموا بتسريح كل الأرمن المتواجدين في الجيش السلطاني, واقتادوا إلى الأعمال الشاقة, ومن ثم تمت تصفيتهم هناك, استذكر معهم صراخ تلك الطفلة التي حاولت أن تبكي لكن أخمص تلك البندقية الصدأة كانت أقرب من دموعها إلى عينيها فاردتها صريعة تتاوه من سكرات موت أحمق, وآلم يصرخ بأنين تقوم الدنيا, ولا يقعدها أحد.

ذلك الألم الذي اخترق الأذان كدوي صاعقة سماوية تتأوه من خجلها كل كلمات الأرض الصماء التي حاولت من خلال أنينها الأجوف انبثاق دمعة صغيرة قد تطفئ غليل الأيام القاحلة, وتشفي قليلاً جراحاً قد مل القدر من تأخر التئامها منتظرة الخروج من عزلة الصمت إلى علنية القهر, والعذاب, والألم الأخرس.

أنين ذلك العجوز الذي يتوسل آمة لإرضاعه قطرة ماء قد تنهيه من الوجود, وقد تعيد له الحياة لكن أبت طورانية العقل, وقذارة الأفكار أن تحن تلك الآمة على ذلك العجوز الهرم, وأبقته يحترق عطشاً, ويتألم أنيناً يستذكر أطفاله, وزوجه, وأحفاده الذين كانوا يحومون من حواليه يلهيهم عن آلام القدر, ومصائب الأرض, ويضحك ساخراً من القضاء الذي حل بهم جراء خلفية دينية متخلفة.

إلى تلك المرأة التي أبت أن تداس طفلتها تحت وقع حوافر خيل الجشع الإنساني, والغطرسة الفوقية, وتكالب وحوش البرية على أطفال لا يعلمون بعد إلى أي قبلة يتوجهون, وليسوا بشيء سوى أنهم أطفال حاولوا اللعب كغيرهم من أطفال البرية التي اعتادت الجري بأقدام حافية رغم انغراس آلاف الأشواك في تلك الأقدام الصغيرة, ولم تكونان تعلمان بأنها هي, وأمها ستكونان ضحية موت يصرخ من ألم الحوافر وأقدام الخيل الهائج.

إلى ذلك الذي تذكر معي يوماً ما كيف اقتادته العسكرية السلطانية إلى مكان قتله, وحاولت كل الجندرمة قتله خنقاً في ماء نهر صغير, ولكن حكمة الحياة, وقلبه الشجاع أبى أن يفارق الحياة إلا بعد سنين من هذه الحادثة التي رسمت في مخيلته معنىً آخر للحياة فكان يرى في كل يوم حلماً جديداً, وحياة جديدة قد انتزع أيامه منها عنوة, وهدم كل حواجز الموت المصطنعة, وخرج للحياة رغم أنف الطغاة, والقتلة المأجورين.

أقتل أرمنياً, أو عذبه تدخل الجنة, وبيت لك هناك لا تستطيع حمله كل ملائكة الأرض, والسماء ناهيك عن أربعين حورية, ومنزلة رفيعة مع القديسين, والصالحين فأي دين يبيح لك قتل بريء؟ وأي جنة يداسها قاتلوا الأبرياء, ومصاصي دماء الأطفال, والشيوخ, والنساء؟ وهل الجنة حكر فقط للقتلى, والمجرمين أم هي مكان لكل الأخيار, والنار, وفقط النار لكل من تسول له نفسه المساس بحرية, أو حياة إنسان آخر له الحق في الحياة, والعيش, والكلام, والألم بلغته, وقوميته, ودينه فأي جنون اجتاح هؤلاء البشر حتى انهالوا, وتكالبوا على أناس لم يكونوا سوى أناس غيرهم مختلفين معهم بالدين, أو القومية, أو أي انتماء آخر.

هذا الطريق الوعر المليء بالأجساد المقطعة, والرؤوس المحزوزة على أيدي جلاوزة الظلام تعيد إلى أذهاننا مجازر ارتكبت بحق إخواننا في الإنسانية و بذريعة أربعين حورية والجنة الخالد المخلد فيها فأية جنة هي إذا كان ثمن تذكرة دخولها قتل إنسانٍ بريء لا حول له ولا قوة؟ وذنبه الوحيد أنه إنسان أخر فقط يختلف معك وبكل تأكيد سيتذكر ذلك الأرمني آلماً جديداً في ذكرى هذه المجازر, وهذه الآلام التي لا يقف أنينها ولا تهدأ آهاتها ولا تندمل جراحها التي مل القدر منها محاولاً وأدها ونسيانها إلى الأبد. لكن! تبقى هذه المجازر ذكرى لآلم متجدد لا ينسى.



#مسعود_عكو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الكاتب والصحفي مسعود عكو
- أيُّ جلاءٍ نريد؟
- إنهم يقتلوننا... اللهم فاشهد!!!
- نوروزونا كل يوم
- حلبجة الشهيدة عروسة الحجل الحزين
- آذار نامه
- أطوار... وأشياء أخرى
- التبعية البعثية في مسودة قانون الأحزاب السورية
- ثقافة الأغبياء في الإساءة للأنبياء
- في البحث عن وطن
- نادي الجهاد:أزمة رياضية أم قضية سياسية؟
- ربيعنا الذي صار خريفاً
- الشعب سيحاسب مجلس الشعب
- انشقاق خدام: صفقة أم انتقام؟
- الإرهابية القاتلة في ثقافة الأشلاء المتناثرة
- القلم الشهيد بل شهيد القلم
- فاقد الشيء لا يعطيه
- الديمقراطية والحرية للكرد الفيلية
- الشاهد المقنع: زوبعة سورية أم عاصفة لبنانية؟
- من شهر العسل إلى شهر البصل


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مسعود عكو - مجازر الأرمن ذكرى ألم متجدد