|
الإنسانية وحدها لا تكفى .. حادث نيوزيلندا خير دليل
محمد سيد
(Mohamed Sayed)
الحوار المتمدن-العدد: 6180 - 2019 / 3 / 22 - 18:31
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
من الطبيعى لأى إنسان عندما يشاهد أحداث يسقط معها ضحايا أبرياء لا ذنب ولا دخل لهم فى أى صراعات سواء سياسية أو دينية وغيرها أن يتعاطف معهم وتُستثار عنده نوازع الخير و الإنسانية خاصة عندما لا تحول بين هذا الشخص وبين القيم الإنسانية المتعارف عليها أى معوقات ولا تصادفها أى عوارض عقائدية أو مذهبية أو أيدولوجية قد تحوله (دون أن يشعر) إلى كائن حى منزوع الرحمة والإنسانية.
فى بعض الأحيان قد يختلط مع هذا الشعور بعض التصرفات والقرارات التى تهدف فى المقام الأول إلى إستغلال هذا المشهد لتحقيق مكاسب أخرى قد تكون سياسية أو إجتماعية من كل الأطراف حتى من بعض الجماعات التى تنتمى وتنتسب إلى الضحايا نفسهم فكريا وعقائديا بشكل أو بأخر .. فيكون أمامنا هذا المشهد الذى حدث فى نيوزيلندا الأسبوع الماضى.
سقط فى حادث نيوزيلندا المؤسف 50 شخص أثناء إستعدادهم لأداء شعائر صلاة الجمعه على يد شخص لا يمكن وصفه إلا بالإرهابى والمجرم، فى حادث لا يمكن أن يقبله أى إنسان عاقل حتى لو كان مختلف أشد الخلاف مع الإسلام والتيار الإسلامى فكرا وعملا، أفكارا وأشخاصا.
من البديهي أن تتحرك الألة الإعلامية للتيار الإسلامى عالميا فى إستغلال الحادث لنشر فكرة إن الإسلام هو دين السلام والمحبة وكيف أن هذا المجرم القاتل "غير المسلم" يقتل أبرياء "مسلمين" "مسالمين" رحب به أحدهم بالقاتل عند دخوله إلى المسجد وقال له "أهلا أخى" فما كان من هذا المجرم إلا أن يرد التحية له بوابل من الرصاص وأنتشر هاشتاج Welcome Brother ليتصدر التريند عالميا على موقع التواصل الإجتماعى تويتر.
كل هذا و إن إختلفت معه شكليا و ضمنيا من ألفه إلى ياءه فى هذه المحاولة "المفضوحة" فى وصف الإسلام بإنه دين سلام ومحبة قد يكون تصرف مفهوم "وليس مقبول" من أصحاب هذا التيار، لكن بالفعل الذى لا يعتبر مفهوما ولا مقبولا هو تصرفات غير المسلمين مع هذا الحادث التى وصلت حد المبالغة والسذاجة فيها إلى أشبه بحلقات برنامج مقالب أو فى أفضل الأحوال بالفيلم الكوميدى الذى يستخدم فيه المخرج ما يسمى بالفرس الكوميدى فى تقديم مشهد غير واقعى وغير متوقع بالمره ولكن بهدف إنتزاع ضحكات الجمهور ليس أكثر.
كان أول هذه المشاهد هو إفتتاح البرلمان النيوزيلندى جلساته بأيات من القرآن "يا أيها الذين أمنوا إستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين.."، ربما لا يعلم أعضاء البرلمان فى نيوزيلندا إن نفس هذا الكتاب يأمر المسلمين بقتل غير المسلمين أينما وجدوهم "فأقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" .. التوبة 5 وهى أية السيف التى نسخت 124 أية سلم عند جمهور العلماء أما عند بعضهم فهى تطبق حسب قوة المسلمين فإذا كانت للمسلمين القوة والغلبة إستخدموها وهذا عند تفسير بن كثير وابن تيمية على سبيل المثال .. أى أن فى أفضل التفسيرات إذا قويت شوكة المسلمين وكانت لهم الغلبة عليهم قتل كل المشركين أو أن يدفعوا الجزية وهم صاغرون.
المشهد الثانى هو إرتداء رئيسة الوزراء نيوزيلندا "جاسيندا أرديرن" للحجاب و حضورها خطبة الجمعه الأولى بعد الحادث، فهل تعلم السيدة "جاسيندا" أن الجهاد فى الإسلام هو فرض عين وليس فرض كفاية لاسيما جهاد الطلب وليس جهاد الدفع ؟؟ .. هل تعلم ما هو مصيرها إذا إنتصر المسلمون وكانت هى إحدى سبايا الحرب ؟؟ هل تعلم هذه السيدة ماذا فعله أحفاد محمد فى نساء غير المسلمين بعد كل غزوة ؟؟ هل تعلم ان كل النساء فى بلاد غير المسلمين هم غنائم وسبايا وهذا نص حديث لأبو إسحاق الحوينى عن الجهاد وهو من كبار العلماء بل هو علامة الامة عند المسلمين .. هل تعلم إنه عند تطبيق صحيح الإسلام لا يسمح لهم ببناء كنائس جديدة وهذا ما فعله عمر بن الخطاب مع المسيحيين عندما دخل القدس بما يسمى بالعهدة العمرية كما جاءت عند ابن القيم الجوزية.؟
المشهد الثالث هو تضامن عصابات الشوارع المنظمة Waitkato Mongrel Mob مع المسلمين فى نيوزيلندا لحماية المساجد وهى من قبائل الماروى السكان الأصليون لنيوزيلندا، فهل يعلم هؤلاء الأشخاص الذى يملأ الوشم أجسادهم ما هو مصيرهم عند تطبيق صحيح الإسلام ؟ هل لا يعلمون بما فعله المسلمون مع أصل السكان فى شبه الجزيرة العربية من اليهود والنصارى عندما طردوهم من أرضهم و لا يسمح لغير المسلمين بدخول مدن معينة فى السعودية ومن ضمنها مكة إلى اليوم ؟ هل يعلموا انهم حتى اذا دفعوا الجزية كيف ستكون حياتهم فى ظل حكم الإسلام ؟ حتى أبسط الأشياء لن يسمح لهم بهذا الوشم وعليهم التلخص منه لانه لا يوافق تعاليم الدين الحنيف ؟
المشهد الرابع هو تعاطف المطرب العلمى "ريكى مارتن" مع المسلمين كافة عندما إستنكر كيف ان وسائل الاعلام الغربية تصف القاتل منفذ حادث نيوزيلندا على انه قاتل فقط وليس إرهابى لكونه غير مسلم .. هل يعلم ريكى مارتن وهو مثلى الجنسية ما هو مصيره فى ظل تطبيق صحيح الإسلام ؟! هل يعلم كيف يتعامل الإسلام والمسلمون مع المثليين جنسيا ؟ هل لا يعلم كيف ينظر المسلمون له هو شخصيا ومن مثله وما يستحق عندهم من معامله ؟ اذا كان لا يعلم تاريخيا فعليه أن يعلم ما يحدث مع المثليين جنسيا فى بلاد المسلمين اليوم.
هذا بخلاف دعوات رفع الآذان ولبس الحجاب يوم الجمعه وغيرها من الظواهر التى تخبرك بحقيقة ما يحدث فى نيوزيلندا هذه الأيام، فانقسم المشهد الآن إلى ثلاث فرق.
الأول يحاول تحقيق مكاسب سياسية وتصدير مشهد للعالم ان بلاده وحكومته تعاملت مع الموقف بكل حضارة ورقى وإحترام لحقوق الإنسان حتى لا تترك فرصة للمعارضة الداخلية إستغلال الحادث ضد النظام السياسي فى البلاد وكذلك وعلى نفس نهج المزايدة يقوم البرلمان النيوزيلندى ممثل السلطة التشريعية بإستغلال الموقف حتى لا يترك للسلطة التنفيذية الفرصة لتحقيق مكسب دون رد، الفريق الثانى هم الأفراد العاديون الذين لا يملكون المعرفة والدراية الكاملة عن حقيقة و صحيح الإسلام وأحكامه فيتصرفون بعاطفتهم وفطرتهم الإنسانية تجاه موقف إنسانى بحت .. أما الفريق الثالث فهو الذى يستغل الموقف بكل خبث ودهاء مستفيدا من المزايدات السياسية للنظام والمعارضة وكذلك مستغلا غياب المعرفة والوعى عند الأفراد العاديون.
بنفس هذه الطريقة ينتشر الإسلام مستغلا نفس القيم الإنسانية التى ينادى بها المجتمع الدولى مثل حقوق الانسان وحرية العقيدة وعدم التمييز وغيرها من القيم التى تناقضها تعاليم الإسلام وأحكامه وتفسير أياته عند كبار العلماء والمفسرين فلا نستعجب ولا نستغرب إذا ما سمعنا وشاهدنا وطالعنا بعد عدد من السنوات ليس بالقليل بداية سيطرة الإسلام على مقاليد الحكم فى الغرب بنفس هذه الطريقة والتناول والتعامل مع كل الحوادث المختلفة، لا نندهش بعد سنوات أكثر عندما يصل الى الحكم من يتبنى صحيح الإسلام الذين يجدوه مكتوبا عندهم فى القرآن والسنة وكل ما روى عن الصحابه من جرائم لا ينكرها الا مغرض، يوم أن يحكم الإسلام الغرب سوف يظهر الوجه الحقيقى للإسلام كما ذكرت من قبل فى تفسير أية السيف عند أقل المفسرين تطرفا وأكثرهم إعتدالا فى تفسير أية السيف وهو أن يتم تطبيقها عندما يكون هناك الغلبة للإسلام والمسلمين حتى أضحى الإسلام الآن ذلك الثعبان الضخم الذى يحوم حول فريسته بكل هدوء وسكون إلى أن ينقض عليها فى يوم من الأيام مستغلا غباء وسذاجة فريسته.
الأمر لا يقل سوءا عندما ترى بعض المنتسبين إلى العلمانية حتى فى بلاد المسلمين يرون هذا المشهد على إنه إنتصار للعلمانية وأن هذه هى العلمانية التى نريد تطبيقها فى بلادنا، لا يا عزيزى .. العلمانية هى أن تقف الدولة على مسافة متساوية من جميع الأديان والعقائد والمذاهب والأجناس نعم، لكن لا بأن تستحضر هذه المظاهر التى تعبر عن دين معين أو طائفة معينة، ليست العلمانية بأن يسرد أيات من هذا الدين داخل المجلس التشريعى لهذه الدولة ولا ان تلبس رئيسة السلطة التنفيذية ملبسا يخص هذه الديانة ولا ترفع آذان يسبب الضوضاء لسكان أهل البلد، العلمانية هى أن تقوم الدولة بتأبين الضحايا دون تمييز دينى لكونهم منتمين لفئة معينة، أن تصرف لهم تعويضات بالمثل اذا كان النظام هنا مطبق كذلك بكل عدالة على جميع مواطنى هذه الدولة دون تمييز.
بنفس هذه الطريقة فى التعامل مع مثل هذه الحوادث والقضايا سوف يأتى اليوم الذى يدفع فيه الغرب بل والعالم كله فواتير مثل هذه المواقف بعدما يكبر هذا الثعبان ويلتهم أهل البيت وحينها سيدرك الغرب أن الإنسانية وحدها لا تكفى.
#محمد_سيد (هاشتاغ)
Mohamed_Sayed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر الفرعونية خير وأبقى من مصر الإسلامية
-
الإنسانية فى مواجهة الأديان
-
مرتضى منصور والقرآن لكريم
المزيد.....
-
الشرطة الإسرائيلية تحذر من انهيار مبنى في حيفا أصيب بصاروخ أ
...
-
نتنياهو لسكان غزة: عليكم الاختيار بين الحياة والموت والدمار
...
-
مصر.. مساع متواصلة لضمان انتظام الكهرباء والسيسي يستعرض خطط
...
-
وزير الخارجية المصري لولي عهد الكويت: أمن الخليج جزء لا يتجز
...
-
دمشق.. بيدرسن يؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان ومنع
...
-
المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القوات الإسرائيلية تواصل انتها
...
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 360 عسكريا أوكرانيا على أطراف
...
-
في اليوم الـ415.. صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإس
...
-
بوريل: علينا أن نضغط على إسرائيل لوقف الحرب في الشرق الأوسط
...
-
ميقاتي متضامنا مع ميلوني: آمل ألا يؤثر الاعتداء على -اليونيف
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|