أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زاهر زمان - من وحى قرار اذاعة الأذان فى نيوزيلندا !















المزيد.....


من وحى قرار اذاعة الأذان فى نيوزيلندا !


زاهر زمان

الحوار المتمدن-العدد: 6179 - 2019 / 3 / 21 - 08:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا أدرى ان كانت السلطات فى نيوزيلندا ، قد اتخذت قراراً بإذاعة الأذان الخاص بصلاة الجمعة فقط ، كنوع من التأبين لضحايا العمل الارهابى ، الذى وقع فى مسجدى مدينة كريست تشيرش ، أم أن القرار يتضمن أيضاً إذاعة الأذان للصوات الخمس يومياً ، كما تفعل الدول التى كانت ذات يوم مجرد ولايات تابعة للخلافة الاسلامية القريشية ، ثم من بعدها للخلافة العثمانية ، لكن ما أدريه وأنا متأكد منه ، هو جهل من اتخذ ذلك القرار بالتداعيات الخطيرة ، التى قد تترتب على مثل ذلك القرار ! ولا أتحدث هنا من مجرد افتراض وهمى ، وانما من متابعة وتجربة شخصية كادت تودى بى شخصياً فى شبابى ، الى السفر لأفغانستان والانخراط فى صفوف المليشيات التى كانت تقاتل ضد الاتحاد السوفيتى أيامها ، انخداعاً بالدعاية التى كان يتم ترويجها آنذاك ، بأنها حرب مقدسة للدفاع عن الاسلام والمسلمين ، ضد ماكانوا يسمونه الغزو الكافر لبلاد الاسلام !
ماعلاقة ماسردته بالأذان ؟ هناك علاقة تراكمية بين هذا وذاك ! بحكم مولدى ونشأتى فى بلد كان يلتزم بإذاعة الأذان للصلوات الخمس فى الراديو فى ستينات القرن الماضى وفى كل وسائل الاعلام المرئية والمسموعة حالياً ، وكذلك إذاعة شعائر صلاة الجمعة ، كانت الأصوات الجميلة الرخيمة للمؤذنين وقراء القرءآن مثل الشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ محمد رفعت وغيرهم ، تستحوذ على مشاعرى ووجدانى فى طفولتى وشبابى ، تماماً كما تأسر الأصوات الجميلة للمطربين والمطربات ، مشاعر ووجدان كل من يستمع اليها ! ونتيجة لترسيخ الدعاة والوعاظ فى وجداننا وعقولنا ونحن صغار ، بأن ذلك القرءآن والأذان وأحاديث الرسول محمد ، ماهى الا وحى من الاله ، الذى خلقنا وخلق كل هذا الكون ، وهو الذى يحينا ويميتنا ويرزقنا ويدخلنا الجنة التى فيها – كما لقننونا – مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، اذا مانفذنا كل مايطلبه منا هو أو رسوله محمد ، وأنه - أى الاله – سوف يدخلنا النار الموقدة ويعذبنا أشد أنواع العذاب ، اذا ما فعلنا مانهانا عنه هو أو رسوله محمد ، نتيجة لذلك كله وبتأثير جمال ورخامة أصوات القراء ، صار الأذان والقرءآن وكذلك التواشيح الدينية ، من الأشياء التى تطربنى أبلغ الطرب وأعظمه ، للدرجة التى يصبح فيها المرء مشلول الفكر ومسلوب الارادة ، ومستعد لتنفيذ أى ايحاء بأية فكرة تصدر عن رجل دين أو داعية اسلامى ، يستطيع التأثير فى سامعيه واقتيادهم لتنفيذ مايوحى به اليهم من أفعال حتى ولو كانت ضد كل حقوق الآخر الانسانية مادام ذلك الآخر غير مسلم ، ومادامت تلك الأفعال يرضى عنها الله ورسوله ، وخاصة لو كان ذلك الآخر يهودياً ، كما أقنعنا الوعاظ والدعاة ! بل لم يكن المرء أيامها يعلم أى شىء حتى عن مصطلح حقوق الانسان ، فقد كان المجال العام فى مصر مشبعاً بالترويج لتحرير فلسطين التى فيها القدس التى وتضم المسجد الأقصى ، الذى روجوا أيامها بأنه أولى القبلتين وثالث الحرمين ! لم يكن المرء يستطيع أن يدرك أيامها ، أن كل ماكان يتم شحننا به كمسلمين ، وخاصةً الأجيال الناشئة ، من مفردات الدين الاسلامى وطقوسه وشعائره ، باستخدام أقدر الكوادر البشرية على التأثير فى وجدان الكبار والصغار على حدٍ سواء ؛ لم يكن المرء أيامها يستطيع أن يدرك ، أن ذلك ماهو الا صورة من صور التأثير الاعلامى والتعليمى التعبوى ، من أجل حشد التأييد الشعبى بواسطة هذا النظام أو ذاك فى الصراع السياسى الذى كان دائراً بين الأنظمة القائمة آنذاك ، والتى كانت ذات يوم مجرد ولايات تابعة للخلافة الاسلامية القريشية ثم من بعدها للخلافة العثمانية ، ولعل أبرز تلك الصراعات السياسية هى الصراعات التى كانت بين العرب واسرائيل ، والصراعات التى كانت بين الأنظمة العربية وبعضها البعض كالصراع الذى كان بين نظام عبدالناصر ونظام آل سعود على من يتزعم العرب ! آل سعود هم بالطبع عرب أقحاح ويرون أنهم أحق بزعامة العرب والمُسْتَعْرَبِيْن من نظام عبالناصر الذى هو حاكم لدولة كانت فى يوم من الأيام مجرد ولاية تابعة للخلافة الاسلامية القريشية ! العرب الأقحاح ينظرون الى الدول الأخرى التى كانت ذات يوم مجرد ولايات تابعة للخلافة الاسلامية القريشية – بما فيها الدولة المصرية – على أنهم ( مُسْتَعْرَبِيْن ) وليسواً عرباً أصلاء ، حتى وان أعلنوا – لحاجة فى نفوسهم – أن مصر ( قلب العروبة النابض ) ، كنوع من النفاق السياسى !
بالطبع لم يكن المرء فى عمر الطفولة أو حتى فى عمر الشباب ، يستهويه ويتمكن من عقله ووجدانه ، سوى مايراه يستهوى الكبار من حوله ، فينجذب الى ماينجذبون اليه ، ويصدق كل مايرى الكبار يصدقونه ، ويحب مايرى الكبار يحبونه ، ويكره مايرى الكبار يكرهونه . ذلك على مستوى البيئة الصغيرة التى تتمحور حول الأسرة والمدرسة والحى أو القرية وبالطبع المسجد أو الكنيسة ، فمابالك اذا كان مايستهوى الكبار ويحبونه ، هو على مستوى الدولة ممثلة فى نظام الحكم وأدواته الدعائية من اذاعة وتليفزيون ووسائل اعلام وتعليم بمختلف أنواعها ! لن تفرز مثل تلك الأوضاع الشعبية والرسمية سوى شعب مؤدلج الوجدان والعقل الجمعى فى الاتجاه الذى يريده من يروجون لهذه الأيديولوجية أو تلك ، سواء أكانت أيديولوجيات دينية أو غير دينية ! ذلك على مستوى الشعب بأكمله أو الغالبية الكبرى فيه ، فما بالك بالأفراد الذين هم مثلك أو مثلى ؟!
لقد نجح نظام عبدالناصر فى أدلجة عقول الغالبية الساحقة من شعب مصر بحبه كقائد وطنى مصرى أصيل ، وزعيم ونصير للعمال والفلاحين والفقراء وكل فئات المجتع المصرى وسائر القوى الثورية فى دول العالم الثالث ، بمافيها غالبية الدول العربية والدول المُسْتَعْرَبِة ، التى يتم توصيفها زيفاً وتضليلاً على أنها دولاً عربية ! قال السيسى أن عبدالناصر كان محظوظاً بامتلاكه أدوات اعلامية بالغة التأثير على الوجدان والعقل الجمعى للمصريين وغير المصريين ! لكن عبدالناصر – وذلك اعتقادى الشخصى – لم يكن يدرك أن استخدامه نفس السلاح الذى استخدمه خصومه ضده ، وأعنى به استقطاب الشعب الذى غالبيته من المسلمين ، باستخدام الأيديولوجية الدينية الاسلامية ، وخاصة ضد جماعة الهالك حسن البنا وضد نظام آل سعود آنذاك ؛ لم يكن يعلم عبدالناصر ، أن ذلك السلاح سيصب آجلاً أو عاجلاً فى مصلحة خصومه وخصوم الشعب المصرى بأكمله ، متى ضعفت قبضته على السلطة أو متى رحل هو عن الحكم ! ورغم أن الاسلام الذى تم استخدامه فى زمن عبدالناصر ، لأدلجة الوجدان والعقل الجمعى للمصريين المسلمين ، كان مناوئاً للاسلام الذى استخدمه خصومه من جماعة الهالك حسن البنا ونظام آل سعود ، ويصب فى الاتجاه الذى يثبت نظام حكم عبدالناصر فى مواجهة خصومه فى الداخل والخارج ، الا أنه سرعان ماتلاشى من جميع وسائل الاعلام بمجرد رحيل عبدالناصر عن الحكم وعن الدنيا ، واستلام أنور السادات للحكم فى العام 1970 !
هناك بالطبع ثوابت مشتركة بين اسلام عبدالناصر واسلام خصومه ، رغم تباين الأهداف الاستراتيجية والجيوسياسية لكلِ من الاسلامين ، اسلام عبدالناصر واسلام خصومه ! الاسلام الناصرى كان يهدف فى المقام الأول الى تثبيت دعائم حكم عبدالناصر ، فى مواجهة اسلام خصومه الذين دأبوا على اتهامه بالكفر تارة وبالالحاد تارة أخرى ، على أمل تهييج وتثوير الغالبية الساحقة من ملايين المصريين المسلمين ضده ، وبالتالى يمكنهم التخلص منه ومن نظام حكمه ، الذى كان فى مرحلة ما من مراحله يشكل تهديداً جدياً على نظام حكم الأسرة السعودية ، عندما وقف الى جوار ثورة اليمن ، ضد حكم الإمام البدر الذى كان موالياً لآل سعود آنذاك !
كنا نحن فى تلك الأيام ممن يطلق عليهم نظام عبدالناصر مصطلح ( الجيل الصاعد ) ، وكان من الطبيعى أن يتشكل وجداننا وعقولنا فى نفس الاتجاهات السياسية والدينية ، التى ينتهجها النظام الناصرى داخلياً وخارجيا ومحلياً واقليمياً ودولياً . كانت لعبدالناصر أدواته الفاعلة على مستوى غرس الانتماء الوطنى لمصر أو على مستوى غرس الانتماء الدينى للأمة الاسلامية وعلى المستوى القومى لما كان يسميه النظام الناصرى بـ ( الأمة العربية ) ! لم نكن ندرك أيامها أن هناك مغالطات تاريخية ومغالطات موضوعية وواقعية لتلك المصطلحات من نوعية : الأمة العربية أو الأمة الاسلامية ، وأن تلك المغالطات ستصب فى نهاية المطاف فى مصلحة من يخططون لاستعادة الخلافة الاسلامية البائدة ولو على جثث عشرات الملايين من أبناء دول الشعوب التى كانت ذات يوم مجرد ولايات تابعة للخلافة القريشية الاسلامية ومن بعدها الخلافة العثمانية ! فليس هناك على أرض الواقع ، مايمكن أن نطلق عليه مصطلح ( الأمة العربية ) سوى تلك الدول التى يتكون غالبية سكانها من العرب الأقحاح وهى نفس الدول التى تشكل فيما بينها ( مجلس التعاون الخليجى ) ، وليس هناك واقعياً مايمكن أن نطلق عليه مصطلح ( الأمة الاسلامية ) سوى تلك الدول التى لا يكون من بين سكانها أية أقليات تدين بديانات أخرى غير الدين الاسلامى ، وذلك بالطبع لا ينطبق على دولة مثل الدولة اللبنانية أو الدولة المصرية أو غيرهما من الدول التى يتواجد بها ملايين المواطنين الذين يدينون بديانات أخرى غير الاسلام ! ومع ذلك ترسخت فى الوجدان والعقل الجمعى للأجيال التى نشأت فى ظل النظام الناصرى ، تلك المصطلحات المغلوطة التى لا تعدو كونها أوهام ليس لها على أرض الواقع مايبررها ، الا من وجهة نظر الحالمين باستعادة هيمنة وتسلط الخلافة الاسلامية القريشية أو الخلافة العثمانية البائدتين !
قلت لكم أننى على المستوى الشخصى كنت واحداً ممن عاصروا الحقبة الناصرية منذ وعيت على الدنيا من حولى ولمدة ثمانية عشر عاماً حكم مصر خلالها جمال عبدالناصر ، فكان من الطبيعى والحال كذلك أن يتأدلج وجدانى وعقلى بكل ماأدلج به النظام الناصرى وجدان من هم فى مثل سنى ، على كل المستويات السياسية والدينية والفنية والثقافية وغيرها . لكن يبقى التأثير الأقوى للأيديولوجية الدينية ، التى يحرص القائمون عليها – باقتناعهم الشخصى أو طلباً لمرضاة الحاكم – على أدلجة وجدان وعقول الشعوب بها من منطلق أنها سماوية وتسمو فوق كل الأيديولوجيات الأرضية الأخرى ، وأنها نهج ومنهج الاله الذى ارتضاه لكل البشر فى الدنيا وحتى نهاية الحياة على كوكب الأرض ! يبقى تأثير الأيديولوجية الدينية بفعل الوعاظ والدعاة أقوى من سائر التأثيرات الأخرى ؛ بل ان كل التأثيرات الأخرى تتكىء فى جدواها وتأثيرها على مدى توافقها أو تضادها مع مفردات الأيديولوجية الدينية . فالقائمون عليها ينطلقون من محور اعلائها على كل ماعداها من الأيديولوجيات الأخرى ، حتى ان أعتى أنظمة الحكم الديكتاتورى ، فى الدول التى كانت مجرد ولايات تابعة للخلافة القريشية ومن بعدها للخلافة العثمانية ، تحرص على اقناع شعوبها أنها انما تتوخى فى نظام حكمها ، مبادىء الشريعة الاسلامية !
شخصياً كنت مقتنعاً حتى نهاية الثمانينات من القرن الماضى وبداية التسعينات أن الأيديولوجية الدينية الاسلامية هى رسالة سماوية وأن القرءآن والأحاديث المحمدية هى وحى من اله يجلس على عرشه أو كرسيه هناك ، فى مايسمى السماء السابعة ! كان راسخاً فى وجدانى أن ذلك القرءآن الذى يجعلنى أجهش بالبكاء ، كلما سمعت عبدالباسط عبدالصمد أو محمد رفعت أو الطبلاوى يتغنون به بأصواتٍ تأسرك وتدفع بحسك ووجدانك الى الرهبة والخشوع اللذان يتغلغلان فى كل حرف من حروف الكلمات والعبارات التى يطرب بنطق مخارجها قراؤها ، قبل أن يتسلل تطريبهم من حناجرهم ، الى أُذُنِىْ من يستمع اليهم ! انه فن التجويد ، الذى لا يختلف عن فن تطريب المطربين والمطربات فى التفنن فى آداء الألحان التى تأسر سمع ووجدان المستمعين والمستمعات ! لم يكن يخطر ببالى أيامها أن ذلك التأثير الوجدانى الآسر للأذن والنفس ، ماهو الا بفعل تفنن أولئك القراء فى التطريب والتغنى بما يقرأونه من القرآن ، شأنهم فى ذلك شأن أم كلثوم أو عبدالحليم حافظ أو فريد الأطرش ، فى التفنن فى التطريب والتغنى من أجل الاستحواذ على وجدان ونفوس المستمعين والمستمعات ، بما يتغنون به من عبارات الحب والغرام والهيام ! لم يكن من الممكن أن يخطر ذلك ببالى فى تلك الأيام الخوالى ، وقد كان وجدانى وعاطفتى يهتزان بقوة غير عادية ، لدرجة الرجفة اللاارادية فى بعض الأحيان عندما كانت بعض اللمحات التطريبية تقع على أذناى ، عندما يشهق أو يتحشرح صوت هذا المقرىء أو ذاك فى تطريبه بهذه الآية أو تلك ، كما كان يفعل عبالباسط أو محمد رفعت أو الحصرى ، وخاصة فى وقت صلاة الفجر والدنيا بردٌ قارس ، والمرء متوضىء بماء بارد ! يختلط الأمر على المرء لاشعورياً وقتها ، فلا يستطيع التمييز ان كانت تلك الرجفة بفعل البرد ، أم أنها بفعل سماعه لما كان يعتقد أنه كلام الاله ، لكنه غالباً كان يحب أن يعزوه الى تأثره بسماع القرءآن ، ليندرج تحت مضمون الآية التى تقول : ( الذين تقشعر جلودهم لذكر الله ) ! الحقيقة أن تلك الأصوات تأسر وجدانك عندما تتغنى بالقرءآن حتى ولو لم يسبق أدلجة وجدانك وعاطفتك بالأيديولوجية الاسلامية فى أية مرحلة من مراحل العمر ؛ بل حتى لو كنت لا تفقه معنى أى حرف من الكلمات أو العبارات التى يتفننون فى تطريبها والتغنى بها ! فما بالك بتأثير مثل تلك الأصوات فى من تم أدلجة وجدانهم وعواطفهم وعقولهم على أن ذلك الكلام الذى يتفنن هؤلاء القراء فى كيفية تطريبه والتغنى به ، هو كلام الاله الذى أنزله على محمد بن عبدالله ، وأن الايمان والتصديق بذلك يكتبك من الناجحين فى حياتك فى كل نشاط تمارسه ، وأن الايمان والتصديق بذلك ، سوف يجعلك من الفائزين برضا الاله فى الحياة الأخرى ، ذلك بالطبع بحسب ماورد فى الميثولوجيات الدينية !
لقد اختلط الذاتى بالوطنى بالقومى بالاقليمى بالدولى فى كل ماتطرقت اليه فى مقالى أعلاه ، حتى ان غير المتخصصين ، ربما يجدون صعوبة بالغة فى ربط فقرات المقال ببعضها بعضاً ، غير أن هناك عامل مشترك أعظم يجمع بين كل فقرات المقال ، وقد لا يخفى على المتخصصين فى التاريخ الاسلامى والأيديولوجية الاسلامية بوجه عام ومدى ارتباط ذلك كله بما جرى فى العالم القديم ، فور اجتياح جيوش الأيديولوجية المحمدية لغالبية شعوب الكوكب فى تلك الأزمان ، وكذلك مدى ارتباط تلك الأيديولوجية بالصراعات الدموية التى تجرى على أراضى الدول التى كانت مجرد ولايات تابعة للخلافة القريشية ثم للعثمانية من بعدها ، فى زمننا هذا . هناك عامل مشترك أعظم تم استخدامه فور اخضاع شعوب الدول التى صارت مجرد ولايات فى الخلافة القريشية ثم من بعدها ولايات فى الخلافة العثمانية ، ألا وهو تفعيل استخدام كل أدوات القوى الناعمة من أجل أدلجة الوجدان والعقل الجمعى لشعوب تلك الدول . تلك القوى الناعمة المتمثلة فى التشجيع على بناء المساجد والتى بدورها تقوم بمراكز نشر وترسيخ الأيديولوجية المحمدية الدينية فى الوجدان والعقل الجمعى فى الدول ذات الأغلبيات المسلمة وأشهرها الجامع الأزهر فى مصر والذى كان ولا يزال يعمل بكل همة ونشاط فى سبيل تخريج وعاظ ودعاة ينتشرون فى كل دول العالم ، فى طول الدنيا وعرضها ! تلك القوى الناعمة التى يتم انفاق مليارات الدولارات سنوياً عليها بواسطة الأنظمة الحالمة باستعادة الخلافة القريشية أو العثمانية البائدتين !
تلك القوى الناعمة التى تبدأ بالتوصية بإذاعة الأذان للصلوات الخمس فى كل وسائل الاعلام ، حتى ولو لم يكن فى هذا القطر أو ذاك سوى بضعة مئات من المسلمين كما فى حالة نيوزيلندا التى أو عز البعض لسلطاتها بإذاعة الأذان الاسلامى كنوع من التضامن مع ضحايا الحادث الارهابى من المسلمين العاديين الأبرياء ، الذين دفعوا حياتهم ثمناً بواسطة ارهاب مضاد للارهاب الذى ترتكبه التنظيمات الاسلامية المتطرفة ، والتى لا أشك لحظة فى تبنى أردوغان التركى وأمثاله من الحالمين باستعادة الخلافة البائدة ، لأنشطتها الاجرامية الارهابية فى الدول التى كانت ولايات تابعة للخلافة القريشية أو العثمانية من بعدها ، وكذلك تبنيه هو وأمثاله للأنشطة الناعمة وأيضاً طمعاً فى خلخلة الحضارة الحالية للانسانية ، ومن ثم اشعال الحروب الأهلية فى الدول العلمانية فى شتى أنحاء المعمورة وخاصة فى أوربا وشرق آسيا والشمال الافريقى والشرق الأوسط وغيرها من بقاع الأرض التى تتواجد فيها جاليات اسلامية يمكن توظيفها لتحقيق مكاسب سياسية على حساب السكان الأصليين فى تلك الدول !
وفى ختام مقالى هذا أود أن أعرب أننى بصفة شخصية لست ضد الترويج لأية ايديولوجية دينية أو غير دينية ، ولست ضد اعتناق المرء أية أيديولوجية يهواها على المستوى الشخصى طالما أن ذلك لن يتم استغلاله فى الاطاحة بحقوق الانسان أو استغلاله فى تهديد الأمن والسلم الدوليين أو الأمن والسلم المجتمعى ، أما تلك الأيديولوجيات التى أثبتت التجارب التاريخية للبشرية ، أنها كانت وبالاً على حقوق الانسان وهددت السلم المجتمعى فى أية مجتمعات ، أو هددت الأمن والسلم الدوليين ، فعلى كل دول العالم الحر والمتحضر ، الوقوف يداً واحدة وصفاً واحدة ضد كل محاولات الأنظمة التى تحلم باستعادة الخلافة البائدة ! مستقبل الحضارة الانسانية الحالية على المحك ، خاصة وأن من يحلمون باستعادة الخلافة البائدة فى تلك الأنظمة الديكتاتورية القمعية ، استطاعوا اختراق العديد من المستويات العليا الحاكمة حتى فى الولايات المتحدة ذاتها ، ولن يكفوا عن اختراق كل الأنظمة الحاكمة ولو فى الصين أو اليابان أو السويد ، أو فى أية دولة لا تتخذ من الدين هوية قومية لها كما تفعل الأنظمة الحالمة والواهمة باستعادة الخلافة البائدة . ذلك الحلم أو الوهم الذى تشبعت به تلك الأنظمة الحاكمة الحالمة ، فراحت تسخر كل ثرواتها ، التى جنتها من عوائد البترول فى العقود القليلة الماضية ، من أجل تحقيق ذلك الوهم ، حتى ولو على جثث وأطلال كل شعوب الكوكب الأرضى !
مع قبلاتى وتحياتى



#زاهر_زمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب والارهاب وحلم استعادة الخلافة البائدة ! 4
- العرب والارهاب وحلم استعادة الخلافة البائدة ! 3
- العرب والارهاب وحلم استعادة الخلافة البائدة ! 2
- العرب والارهاب وحلم استعادة الخلافة البائدة ! 1
- خواطرى حول الاسلام وغيره 7
- المغالطة الكونية فى آيات السماء
- خواطرى حول الاسلام وغيره 6
- خواطرى حول الاسلام وغيره 5
- خواطرى حول الاسلام وغيره 4
- خطورة مايحدث فى ( المنيا ) على مصر وشعبها !
- خواطرى حول الاسلام وغيره 3
- خواطرى حول الاسلام وغيره 2
- خواطرى حول الاسلام وغيره
- حول اعادة بناء الشخصية المصرية
- ماذا لو أصبح اسم مصر الرسمى جمهورية مصر الديمقراطية !
- رداً على ماكتبه بشاراه أحمد عرمان فى مقاله [مناظرة حول -الأد ...
- حقائق صادمة يجب أن يعيها المسلمون
- ماهية العقل والاله الابراهيمى !
- من وحى أحد تعقيبات الرئيس السيسى
- لا مصلحة لى مع أبناء اسرائيل ياسيد عبدالحكيم !


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زاهر زمان - من وحى قرار اذاعة الأذان فى نيوزيلندا !