|
القدس عاصمة عربية عبر التاريخ -الخرافات تتحطم على صخرة العلم
سعيد مضيه
الحوار المتمدن-العدد: 6177 - 2019 / 3 / 19 - 19:21
المحور:
القضية الفلسطينية
الفدس عبر التاريخ عربية عاصمة السياسية والثقافة خرافات تحطمت على صخرة العلم القسم الثاني والأخير من محاضرة ألقيت في جامعة الخليل في يوم الثقافة الفلسطينية والموافق عيد ميلاد الشاعر الراحل محمود درويش
ختتمت المحامية الإسرائيلية ليندا براير بحثا عنوانه " الحق المطلق للمقاومة الفلسطينية بالقول، "إن تدمير فلسطين وطرد أغلبية سكانها وحملات الإبادة المدبرة والمتواصلة ضد من تبقوا تحت الاحتلال الإسرائيلي، ليس من شأنها إلا أن تبرز لامشروعية الوجود اليهودي واستمرارية عدوانه ضد الشعب الفلسطيني". من عفونة التاريخ برزت نحلة دينية زعمت عودتها الى المسيحية الأصولية تفسر التاريخ مشيئة ربانية تخدم إحياء إسرائيل السكان والدولة والهيكل في ما سمي "أرض الميعاد"، مقدمة لعودة المسيح. كان اول تماس للنحلة بفلسطين كتاب وضعه الرحالة هنري مانداو "من حلب الى القدس"، عرض القدس وفلسطين بلا سكان وأظهر القدس بمظهر كئيب وكنائس"مقرفة". ومنذ ذلك التاريخ وفلسطين تعرض بلا سكان حيت " جمد" تاريخ البلاد منذ ان رحل عنها اليهود "قسرا". وفي القرن الحادي والعشرين سوف يجد التزوير الجرأة كي يجزم بأن العرب لم يطأوا ارض فلسطين إلا عقب مجيئ اليهود اليها. ينقض تخيل مانداو أبحاث اظهرت ازدهارا ثقافيا شهدته مدينة القدس في القرن الخامس الهجري( الحادي عشر الميلادي)، ازدهارا في حركة العلم، انطوى على المناظرات والحوارات النشطة. وكتب القاضي أبو بكر محمد بن الوليد بن خلف بن عربي(468-543 هجرية) وهو سابق للصوفي محي الدين بن عربي عن نشاط ثقافي خلال فترة إقامته بمدينة القدس (486ـ 489 هجرية 1093ـ 1096م)، حيث تتلمذ على يدي الطرطوشي، الذي لعب دورا بارزا في الحياة العلمية بمدينة القدس. كان يجتمع إلى تلاميذه في موضع (الغوير) بين باب الأسباط ومحراب زكريا في ساحة الأقصى. وكان العلماء يتناظرون هناك. وقال ابن عربي أنه قرر الإقامة بالقدس أكثر مما كان مقررا ؛ فترك أباه يتوجه للحج ، بينما ينهل المعرفة من الشيخ أبي بكر الفهري الطرطوسي. كان جو السكينة في المدينة محفزا كبيرا لطلبة العلم على الدراسة والإقبال على طلب العلم. انبهر ابن عربي من الجو العلمي الذي غلف أجواء المدينة . قال في ذلك " دخلنا الأرض المقدسة ، وبلغنا المسجد الأقصى ، فلاح لي بدر المعرفة ، واستزدت به أزيد من ثلاثة أعوام" . انفرد ابن عربي في الإشارة إلى المدرسة الحنفية والتي أطلق عليها مدرسة أبي عقبة، مشيرا إلى المناظرات من ملل مختلفة التي جرت فيها . كما أشار إلى وجود ثمانية وعشرين حلقة علم بالمدينة في ذلك الحين. وبذلك وثق ابن عربي لمناخات علمية غمرت المدينة قبل ان يحتلها الفرنجة ويعملوا فيها القتل والتخريب والتدمير عام 1099، بعد أعوام ثلاثة على مغادرته القدس حدث الاحتلال الفرنجي للمدينة . وبعد تحرير القدس أوقد الأيوبيون من جديد شعلة الثقافة بمدينة القدس. شهدت المدينة الانتعاش في الحركة العلمية والثقافية، في العهد الأيوبي، بتلك المؤسسات التعليمية والثقافية التي أمر السلطان صلاح الدين بإنشائها في مدينة القدس... فقد أنشأ صلاح الدين المدرسة الصلاحية بعد تحرير بيت المقدس في سنة 583 هجرية. وكانت هذه المدرسة ذات مكانة علمية كبيرة، واعتبرت أشهر مدرسة في بيت المقدس، فقد كان العلماء الذين تولّوا مشيختها والتدريس فيها من كبار العلماء في القدس، ولم يقتصر دورهم على التدريس فيها، بل كان لهم إسهام في حركة التأليف وفي الحركة الأدبية . واستمرت المدرسة تؤدي دورها في الحركة الفكرية في العصرين الأيوبي والمملوكي، وما بعدهما. كان علم الطب قد حظي بتقدم نسبي في العصر الأيوبي، وأنشئت مدارس خاصة له، وكان مادة تدرّس نظرياً وعملياً، وقدم إلى القدس عدد من الأطباء من دمشق وبغداد، وعملوا بالبيمارستان. وأثناء الحقبة المملوكية ، حيث أتبعت بلاد الشام لمصر ، اشتملت المدن الفلسطينية على مستشفى واحد على الأقل ، وكانت هذه المستشفيات " توفر الخدمات الصحية والعلاجية المجانية للناس جميعاً، للغني والفقير. عاشت فلسطين عصرها الذهبي في مجالات الثقافة الإسلامية والتعليم أيام الحكم المملوكي. فقد وجد فيها عدد كبير من مؤسسات التعليم المتخصصة والعامة وعاش فيها عدد كبير من كبار العلماء، لكن معظمهم أقام في مدينة القدس. ... تمركزت الحركة الثقافية حول العلوم الإسلامية واللغة والأدب والسيرة والتاريخ والتراجم، وعلم الكلام والمنطق، والحساب والجبر وعلوم الهيئة والميقات وتقول المدونات عن المدينة "نظرأ لمكانتها العلمية الرفيعة، وفد إلى القدس عدد كبير من العلماء من المغرب والمشرق، وذلك للاستماع إلى التفسير والحديث والفقه في المسجد الأقصى. وقد تولّى بعضهم بعض الوظائف المهمة، مثل القضاء، وخلفوا عدداً كبيراً من المؤلفات والرسائل والمصنفات في مختلف ميادين العلوم الدينية واللغوية والعقلية وكانت تنقسم إلى العلوم الشرعية، والعلوم اللسانية، وعلم التاريخ، والعلوم العقلية، من حساب وجبر وميقات ومنطق، وعلم الكلام، والتصوّف." ويبدو أن تحسنا كبيرا طرأ على الحياة العلمية بين اليهود يعود " إلى هجرة أعداد من اليهود من اسبانيا إلى المشرق بوجه عام وبيت المقدس بوجه خاص، وتدفق الكثير من الأموال من المغرب ومن البلدان الأوروبية . في هذا العصر نشط الرابي موسى بن نحمان، الذي أحيا طائفة اليهود المعلمين في القدس، وبنى مركزاً للتعاليم اليهودية، وكنيساً يحمل اسمه.. و"لعبت المكتبات في القدس دوراً هاماً في الحياة التعليمية، حيث " لا تكاد تخلو مدرسة من مدارس القدس من خزانة للكتب "، وكان الاهتمام بالمكتبات في ذلك العصر يرجع " إلى كثرة انتشار أسواق الكتب وتجارتها. كما وجدت كثير من المكتبات الخاصة، ومنها " دار الكتب الفخرية، التي امتلكها القاضي فخر الدين أبو عبد الله ابن فضل الله، وبلغ عدد مجلداتها نحو عشرة آلاف ". كذلك حوت الكنائس والأديرة مكتبات ضخمة، من أبرزها " مكتبة الرهبان الفرنسيسكان ومكتبة القبر المقدس التي أنشأها الروم الأرثوذكس". في القرن التاسع عشر احتدم الصراع بين دول اوروبا الغربية للحصول على المستعمرات في بلدان الشرق العربي. بروح التنافس بزغ بين السياسيين البريطانيين من تلفت الى اللاهوت الأصولي، وتأسس في بريطانيا عام 1838 تحت رعاية ملكة بريطانيا "صندوق اكتشاف فلسطين"، كي تكون له القوة والسلطة المعنوية. وجاء في وثيقة أهداف الصندوق إنه "جمعية تستهدف الدراسة الدقيقة والمنهجية لآثار فلسطين وطبوغرافيتها وجيولوجيتها وجغرافيتها العينية وطبائع وعادات الأرض المقدسة بغرض تصوير الكتاب المقدس، أي (تحقيقه على الواقع). وبدون انتظار معطيات الاستكشاف شرعوا إلباس شوارع القدس والهضاب أسماء منزوعة من خرافات التلمود. كذلك وبنفس التوجه رسمت في نفس العام 1838 لفلسطين خارطة حملت مواقعها أسماء توراتية ، ومنها موقع حرم الأقصى حمل الاسم " جبل الهيكل". رسم الخارطة رسام يتبع المسيحية الأصولية، يدعى كاتروود. عبْر هذا التزييف تغلغلت الخرافات التوراتية في الوعي الاجتماعي والسياسي في الغرب المسيحي. بات مفهوم "جبل الهيكل" أحد نوابض الماكينة الثقافية في قارتي اوروبا وأميركا يلهم النظرة السياسية تجاه المنطقة. في منتصف القرن التاسع عشر اندمج هدف التوسع الكولنيالي ب "استعادة القدس" الى حظيرة المسيحية بدأ التنقيب في مدينة القدس تحت الأقصى عام 1867. شرعت الأبحاث الأثرية تنقب عما أسمته " مدينة الملك العظيم" و"الهيكل"، بقصد فرض الحلم والصورة التوراتيين. المهم في نظر المكتشفين المزعومين ليس الحقيقة، وليس الشعور الديني ، بل نوايا الخطط الاستعمارية ل "استعادة القدس"؛ أنجزت كل هذه الإجراءات ولم تتشكل بعد حركة صهيونية ؛ لم تزل فكرة تراود أذهان دعاة التوسع الكولنيالي للامبريالية التي بلورها التطور الاقتصادي في أواخر القرن التاسع عشر مشروعا سياسيا أوروبيا يهدف نفاقا عنصريا إلى "تحضير الأعراق الملونة. الهمت الأطماع الاستعمارية، كما تظهر وثائق التاريخ، المبادرات لإنشاء المستعمرات في فلسطين قبل قيام الحركة الصهيونية بزمن طويل. وذكر المؤرخ الفلسطيني ، إميل توما، أن أولى المستعمرات أقامها في عام 1852قنصل أمريكا في القدس مستعمرة، اعتبرها "البداية حيث تقيم الأمة اليهودية وتزدهر". برزت " طلائع المستوطنين إلى البلاد منذ عام1868 وهم يتبعون نحلة طائفية مسيحية سمت نفسها تمبلرز، أي بناة الهيكل(في ألمانيا)... وكالعادة لم يغير طابعها الديني من دورها الكولنيالي". ونقل عن هوراس ماير كالين(1882-1974)أول اكاديمي يهودي بالولايات المتحدة، في كتابه " الصهيونية والسياسة الدولية" تأكيده أن " فكرة بعث إسرائيل انتشرت على صعيد السياسة العملية والمستوى الديني في بريطانيا وفرنسا بين غير اليهود بشكل أوسع من انتشارها بين اليهود"" . ونقل عن كتاب هونفورث المستشرق البريطاني وضعه عام 1852 ، " ملاحظات حول وضع اليهود في فلسطين " قوله ،" لم تكن إقامة الدولة اليهودية عملاً إنسانيا وعادلاً، بل ضرورة سياسية في الذهن البريطاني لحماية الطريق عبر آسيا الصغرى إلى الهند... قبل انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول قامت هيئات يهودية بالاستيلاء على أراضي في فلسطين... وإقامة مؤسسات اجتماعية واقتصادية عليها....وكان قد اشترى قنصل ألمانيا في يافا أرض مستعمرة بيتح تكفا(ملبس)... ويورد الباحث الدكتور اميل توما، أيضا اهتمام ألمانيا بموضوع الاستيطان "في أحياء في القدس وحيفا مثلاً عرفت بالكولنيالية الألمانية"." طبيعي أن تجد النزعة الاستعمارية في لاهوت المسيحية الأصولية سندها الديني لإبراز مشروعية الحروب من اجل الاستيلاء على أوطان الآخرين. وتبنى العديد من أقطاب الحركة الاستعمارية، امثال لورد شافتسبري وتشرشل وبلفور والقادة العسكريون، أفكار الأصولية المسيحية وأبدوا الحماس الفائق لفكرة الوطن القومي اليهودي بفلسطين. انه الحماس للمشروع الامبريالي ما اوحى لبلفور ان يسجل في رسالة وجهها لرئيس الوزارة عام 1919 "أننا تعمدنا، وبحق، إغفال حق تقرير المصير . ولو استشير السكان الحاليون (يقصد في فلسطين) فإن قرارهم سيكون بلا شك ضد اليهود... إن الدول العظمى الأربع ملتزمة تجاه الصهيونية؛ والصهيونية ، سواء كانت على خطأ او صواب، طيبة أم شريرة ، تتجذر في تقاليد عتيقة وفي حاجات الحاضر وآمال المستقبل وتنطوي على أهمية أعمق بكثير من رغبات وتحيزات سبعمائة ألف شخص يقطنون تلك الأرض العتيقة. هذا التصريح يكذب مزاعم "أرض بلا شعب ".. اعتبرت بقية الكنائس البروتستنتية والكاثوليكية والأرثوذكسية لاهوت الأصوليين هرطقة؛ ورغم ذلك انتعش في مرحلة تشكل الاحتكارات الامبريالية، حيث توحدت جهود الأصولية المسيحية والأصولية اليهودية في خدمة المغامرات الاستعمارية لبلدان المشرق العربي. وما إن عقد المؤتمر الصهيوني الأول (1897) حتى كان على أرض فلسطين 22 مستعمرة تستحوذ على مائتي ألف دونم. حينئذ "وصل عدد المستوطنين في فلسطين أربعين ألفا مقابل نصف مليون عربي مواطن. ولكن هؤلاء المستوطنين الكولنياليين بفضل تنظيم وطاقات مؤيديهم المالية، ومساندة رجال الإدارة العثمانية المفسدين استطاعوا أن يرسوا أقدامهم في البلاد فيسلكوا سلوكا استعلائيا وحشيا عنصريا حتى في ذلك الوقت المبكر من المشروع الصهيوني... ولعل أفضل نموذج وصفي ما أورده منظّر الصهيونية الروحية أحد هعام قي مقالته ’ الحقيقة من أرض إسرائيل‘ الصادر في عام 1891جاء في المقال "كانوا ـ الكولنياليون ـ عبيدا في أقطار منافيهم؛ وفجأة وجدوا أنفسهم في وسط برية غير محدودة الحرية توجد في قطر مثل تركيا فقط. هذا التعبير ولّد فيهم ميلاً نحو الطغيان الذي ينمو حين يصبح العبد ملكا. إنهم يعاملون العرب بعداء وقسوة على أراضيهم بدون حق، ويضربونهم بدون مبرر، ويتباهون بذلك. وكالعادة لم يغير طابعها الديني من دورها الكولنيالي" وصلت فلسطين عام 1919 بعثة استكشاف أثرية تتبع المدرسة الأميركية للآثار يرأسها وليم فولبرايت ، وكان مسيحيا أصوليا كذلك! كان متعصبا للرواية الصهيونية التي اخترعها المستشرقون الأوروبيون، طلائع الاستعمار الأوروبي. لم يمارس عمله طبقا لأصول التنقيب الأثري؛ إنما أخذ الحكايات التوراتية مسلمات وراح يسقطها على الجغرافيا الفلسطينية. "والأحداث التي جرت منذ بداية القرن العشرين تركت آثارا لا تمحى في عقول الباحثين التوراتيين وفي مخيلتهم ( وهذا هو الأهم ) ، وفي الثقافة الشعبية في اوروبا وأميركا . كانت بمثابة تعبئة إيديولوجية، حيث كانوا في خيالهم صورة عن الماضي المتعلق بمملكة داوود وكأنها العصر الذهبي للتاريخ الإسرائيلي" [ وايتلام : 179]. استلهم اولبرايت العهد القديم لليهود، بالإصحاح العشرين من سفر التثنية، تقول الشريعة اليهودية لأبنائها المقاتلين: «حين تقرب من مدينة لكى تحاربها استدعها إلى الصلح. فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويُستعبد لك. وإن لم تسالمك بل عملت معك حرباً فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما فى المدينة وكل غنيمتها فتغنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التى أعطاك الرب إلهك..". ضمّن هذا الهراء كتابا ألفه أولبرايت اواخر الثلاثينات. نقل وايتلام عن الكتاب ما نصه "إقامة إسرائيل هدية من الرب وليس تجريد الناس من أرضهم ، بل أعطاها لهم الإله . إسرائيل كانت الواسطة الإلهية في تدمير حضارة فاسقة ،إذ أنه ضمن النظام الأخلاقي للحضارات السماوية يجب تدمير مثل هذا الفجور الفظيع. ومن ناحية أخرى فإن هناك عناية إلهية من وراء اختيار إسرائيل للقيام بهذه المهمة وبإعطائها تلك الأرض". [وايتلام : 139]. وبعد حزيران دعا أولبرايت لضم الأراضي المحتلة والح في طلبه لدرجة ان الجنرال الإسرائيلي يادلين طلب منه الهدوء. اولبرايت، هذا الذي ، كما يقول البروفيسور وايتلام متندرًا ، تلقن على يديه مئات الآثاريين وملايين القراء منطق الصراع الدموي على المنطقة، عكست مفاهيمه التراثية تلك المفاهيم المعاصرة للتطورات الجارية في فلسطين في ظل الانتداب: "إن ذروة التقدم البشري ومنجزات الأمم المتحضرة كانت قمة العقيدة اليهودية والإسرائيلية ذاتها ؛ ومن خلال أبحاث أولبرايت كان المجتمع الغربي يعود إلى جذوره. ليس ذلك مصادفة عشوائية؛ لأن التاريخ يقع في مضمار الوحي الإلهي. التاريخ برمته ملك لعلم اللاهوت، وليس التاريخ الإسرائيلي فقط.... أن تاريخ إسرائيل المخترع في حقل الدراسات التوراتية كان وما زال صياغة لغوية وأيديولوجية لما كان ينبغي أن تكونه الممالك اليهودية ، وليس ما كانت عليه في الواقع"" [وايتلام : 126. بدأ التحرر من تأثير الحكايات التوراتية بالتنقيبات التي قامت بها كاثلين كينون، في أريحا خلال الفترة 1952ـ 1958 ثم 1960ـ 1961، وتوصلت من معاينة النتائج إلى خلاصة جريئة، لقيت التحدي، إذ كانت مبتعثة من جمعية الآثاريين البريطانيين، وأخيرا أبعدوها وحرموها من إتمام مهمتها . غير أن مخرجات تنقيباتها طعنت في مصداقية الفرضيات القائمة على المعطيات التوراتية، وبعثت الشكوك في قيمتها العلمية. والعلم لا يفقد باحثيه المكرسين للحقيقة . وجدت أن سور أريحا يعود إلى العصر البرونزي القديم ، وهو سابق لحملة يوشع في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، حين لم يكن يحيط بأريحا أي أسوار. اندفع الآثاريون في الربع الأخير من القرن الماضي ينقبون وتتالت مكتشفاتهم المتمردة على الحكايات التوراتية، إلى أن توصل توماس طومسون الى النتيجة القطعية، " إن مجموع التاريخ الغربي لإسرائيل والإسرائيليين يستند الى قصص من العهد القديم تقوم على الخيال ". قال عنه جوناثان تاب، خبير الآثار بالمتحف البريطاني، "طومسون دقيق جدا في أبحاثه العلمية العظيمة وشجاع في التعبير عما كان كثير منا يفكر فيه حدسا منذ زمن طويل، وكانوا قد فضلوا كتمانه". ولمزيد الأسى فإن هذه الحقائق النفيسة، نتائج البحوث العانية، والتي انطوى إشهارها على شجاعة نادرة، تنبذ وتترك على الرفوف من قبل الفلسطينيين ، ساسة ومثقفين، في زمن تعظم الحاجة إليها لثلم آليات الاقتلاع العنصري، ورد سهامهم الى نحورهم.
#سعيد_مضيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القدس عاصمة عربية سياسية وثقافية
-
مظلة اللاسامية لم تعد تؤمن الحماية لإسرائيل
-
محترفو التحريض على الكراهية العنصرية - الحلقة الأخيرة
-
محترفو التحريض على الكراهية العنصري-2
-
من يحرض على الكراهية العنصرية. -1
-
التخلف العربي أعراضه ومصادره
-
حزيران انعطافة نحو صفقة القرن- الحلقة الأخيرة
-
هل تعي الفصائل الفلسطينية ما يدبر على المكشوف؟_4
-
هل تعي الفصائل الفلسطينية ما يدبر على المكشوف؟-3
-
هل تعي الفصائل الفلسطينية ما يدبر على المكشوف؟-2
-
هل تعي الفصائل الفلسطينية ماذا يدبر على المكشوف؟-1
-
جرس إنذار
-
لن تامن إسرائيل من جانب الفلسطينيين ولن تهادنهم
-
ألقهر يحطم الروح والترياق في الفن
-
بخطايانا لا بقوة إسرائيل
-
اغتيال صحفي .. الملابسات والدلالات
-
نعيق الإرهاب مقدمة لحروب تنجز اهدافا مضمرة
-
الليبرالية الجديدة نظام وهياكل وإيديولوجيا
-
الأقصى صدع رأس السيد سامي الديب
-
بوب وودوارد :الشرق الأوسط في مكائد المخابرات المركزية
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|