داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 6177 - 2019 / 3 / 19 - 14:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يدعي البخاري أن النبي قال: «مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً».(كتاب الفتن، الحديث رقم 7053)
وهذا الحديث الذي ينسبه البخاري للنبي، هو تشريع واضح لمساندة الحاكم الظالم الذي يتسلط على رقاب الشعب (أي شعب من الشعوب) ويحكم بدكتاتورية مفرطة، ويدخل شعبه في معمعة وحروب طاحنة كما فعل الكثير من السلاطين والرؤساء مثل هتلر وموسوليني واتاكورك وصدام وغيرهم ممن ذكرهم التاريخ.
هذا النص يحذرنا من الخروج على الحاكم، وأن كان الحاكم بهذه الصفحة من الظلم والجبروت والطغيان. ما يعني اليوم أن الشعوب العربية التي خرجت على حكامها بما يسمى (الربيع العربي) واستبدلت حكامها بثورات عارمة حتى اسقطتهم، بنظر البخاري، هم (جهال) لا يرعوون، واذا ماتوا فهم على تيه وضلال وسيدخلون جهنم!، لأنهم خرجوا على الحاكم ولم يبقوا تحت رايته، (لأن الحاكم برأي البخاري مقدّس) وكأن الحاكم نبي مبعوث ارسله الله لهم وامرهم باتباعه!.
ما هذا الكلام المتعجرف، الذي يلغي العقل، ويلغي الارادة الحرة، ويدعو الشعوب الى الخنوع وأن تعيش في ذل وعبودية، وأن تصبح عبيدا للحكام الجائرين؟. وإن قد الله كرم الانسان وزوده بجوهرة العقل والذي به يميز الخبيث من الطيب، الخطأ من الصواب، كما في العديد من النصوص الاسلامية الصحيحة؛ ولذلك فأن المجنون مرفوع عنه القلم، فلا مطلوب منه تكليف.
وليس هذا فحسب، بل يريد منها النبي (بحسب البخاري) أن نصبر ونتحمل من اذى الحاكم ما نتحمل، فلا نسّمعه ما لا يرضيه، حتى لو اهان كرامتنا واعتدى علينا هو وزبانيته، فالصبر اولى لنا من ذلك!. المهم رضاه، ورضاه هو رضا الله!.
فهل يُعقل أن مثل هذا النص يصدر من نبي مرسل بعثه الله رحمة للعالمين، يخرجهم من الظلمات الى النور؟. أنا لا اعتقد أن مثل هذا الكلام خرج من فم النبي، بل هو من تخاريف البخاري نفسه، وخزعبلة من خزعبلاته، أراد به التقرب الى السلطان الحاكم، وطلب وده، كما حدث لكثير من فقهاء السلطة على مدار التاريخ.
فالنص يعطي الضوء الاخضر للحاكم أن يمارس الارهاب بحق شعبه، وأن يستعبد الناس عبودية مقننة. وهذا ما لا يرتضيه عاقل له قلب نابض، فضلا عن مجنون فاقد الصواب.
#داود_السلمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟