سعيد عدنان
كاتب
(Saeed Adnan)
الحوار المتمدن-العدد: 6176 - 2019 / 3 / 18 - 01:22
المحور:
الادب والفن
من أوثق ما يتصل بالإنسان ، ويهيئ له سبل الرقي ، ويباعد بينه وبين التوحش ، ويجعله على طريق صنع (( ماهيته )) : الثقافة !
وإذا كانت الثقافة من حيث المصطلح حديثة الميلاد فإنها من حيث المعنى والمغزى قديمة قدم وعي الإنسان بما يفترق به عن حيوان الغابة المتوحش .
وقد بقي هذا المعنى حاضرا في أشكال شتى باختلاف الأعصر حتى ولد المصطلح لكي يدل على كل ما يتصل بمعاني التهذيب والرقي والسمو ...
نشأ المصطلح في الإنكليزية قائما على معنى الزراعة , ومايتصل بها من تهيئة الأرض بالحراثة والإصلاح حتى تتقبل البذار وتكون صالحة للإثمار.
ومنه جاء مايدل على المثقف المهذب ؛ فكأن المثقف المهذب يشبه الأرض التي أُصلحت وتُعهدت بالرعاية !
, إذ تنتقل الدلالة مما هو مادي محسوس إلى ما هو معنوي معقول معتمدة ملمح المشابهة بين الإنسان والأرض من حيث إن كليهما لا بد له من حسن التعهد بالرعاية والعناية .
ونشأ المصطلح في العربية قائما على ماهو شبيه بذلك من حيث حسن التهيئة والإصلاح والتهذيب .
فقد قيل : ثَقِفَ الشيءَ ثَقْفا وثِقافا :حَذقَهُ .
ورجلٌ ثَقْفٌ وثَقِفٌ : حاذق فَهِمْ والثَقِف الثابت المعرفة بما يُحتاجُ إليه .
والثِقاف خَشَبة تُسوّى بها الرماح .
وكلا المعنيين في كلتا اللغتين إنما يقوم في أصلِهِ على حسن التهيئة والارتقاء بما هو طبيعي على مدارج التكامل .
وكل ما يتجه بالإنسان نحو تهذيب خُلُقهِ , وحسن إدارة عواطفه حتى تكون خيّرةً نافعةً له ولغيره بعيدة عن العدوان , إنما هو من الثقافة !
وكل ما يرتقي بالإنسان درجةً أخرى في سُلم الحياة فيجعله يُدرك الجمال ويصغي إليه , ويتطلبه ليجعل حياته اوسع مدى وأغنى جنبات , إنما هو من الثقافة !
وقد ارتقى البشر عبر أعصرهم بالفن والفكر إذ رسموا, ورقصوا, وصاغوا الكلمات الجميلة , وتأملوا .
أي انهم صنعوا الثقافة التي عادت فصنعتهم ومضت بهم شوطاً في مدارج الإنسانية ! فكم بنا من حاجة إلى مزيد من ثمرات الثقافة حتى يذهب كدر النفوس...
#سعيد_عدنان (هاشتاغ)
Saeed_Adnan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟