أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مسعود عكو - الحروب همجية الحكماء أم ضريبة الشعوب















المزيد.....

الحروب همجية الحكماء أم ضريبة الشعوب


مسعود عكو

الحوار المتمدن-العدد: 437 - 2003 / 3 / 27 - 04:02
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


 

وكأنني في قاعة للسينما بمدينة هوليود وأتابع بشغف هذا الفلم السينمائي الذي صار طويلاً أكثر من أي فلم عادي مدته ثلاث ساعات ,أكثر أو أقل ليس هذا هو المهم  بل النهاية التي تأخرت أكثر من اللازم وكما عودتنا السينما الأمريكية بأن البطل يأتي وقد أنهكه التعب ولكن يقوم وبضربة قاضية فتلقي الضحية حتفها على يد  هذا البطل الذي لا يموت أبداً ولا تنتهي مخازن مسدساته ولا يتألم من كثرة الضربات التي قد انهالت عليه مع سياق الفلم.
أعتذر سلفاً من الشعب العراقي كله لأنني شبهت المأساة بالملهاة ووازنت بين اللهو واللعب وبين الجد  والحقيقة المرة بطعم العلقم يتجرعه العراق المسكين منذ أيام حمورابي مروراً بأبي الحجاج الثقفي ورؤسسه التي أينعت ولم يستطع أن يقطفها ومنتهياً بهولاكو العرب والإسلام نعم إن هولاكو لم يفعل ما فعله صدام حسين لم أسمع ولم أرى ولم أقرأ عن أي إنسان سواءً كان قائد أو حاكماً أو رئيساً فعل ما فعله هذا الرجل المهووس بالدم والقتل والخراب فلم يكتفي صدام حسين بتعنته فقد أدخل المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها في مستنقع كريه لن يفلت أحد منه إلا ويصيبه مكروهاً من جراء فعلته ما كان سيحصل لو وافق صدام حسين على الطلب الأمريكي البريطاني وغادر العراق وأنتقل إلى منفاً اختياري وجنب العراق والمنطقة هذه الكارثة الإنسانية البشعة ؟ ألا يوجد في العراق ذات الـ20مليون إنسان من يستطيع خلافة صدام ؟ ألا يوجد من هو أكفئ منه ؟ أم مكتوب علينا نحن المسلمين وسكان المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط أن يكون حكامنا إلى أبد الآبدين ولا تنهي مدة حكمهم إلا بنهاية ساعاتهم من الحياة وكأنه عندما خلقهم الله لم يخلق من يشبههم ويكونون في قوتهم وحكمتهم .
نحن ندرك مدى صعوبة هذا القرار ومدة عظمة أمر كهذا بأن يأتي أحد من خارج دارك ويأمرك بأن تترك كل شيء وترحل ولكن!؟ درهم وقاية خير من قنطار علاج ماذا كان سيحصل لصدام لو خرج وترك زمام الأمور والحكم في بغداد ؟ أكان سيقتل كالملايين من أبناء العراق؟ أكان سيعذب مثله مثل الملايين في السجون العربية؟ أكان سيموت جوعاً أم عطشاً أم برداً كأهالي كوردستان العراق ؟ على العكس تماماً لو فعل صدام وخرج لصار أكبر في نظر العالم ومثال القائد الحاكم ويصير فارساً نبيلاً تنسى بهذه البادرة كل جرائمه وانتهاكاته و تعذيبه وقتله وكافة النواقص والصفحات السوداء في كتاب حياته ولكنه أثبت وكسابق عهده بأنه مجرم بحق العراق وحق الإسلام الذي هو براء منه ومجرم بحق العرب كلهم فأظهر للملأ بأنه يريد الحرب والقتال والدمار لكي يكمل الحلقة الأخيرة من سلسلة حروبه التي يخرج دائماً منها خاسراً منهكاً مكبلاً العراق القوي خسائر لا تقدر بثمن من شهداء ودمار وتخريب البنى التحتية وينعت حروبه بأسماء مثيرة للضحك والسخرية وقد سمى هذه الحرب التي لم تضع أوزارها بعد بمعركة الحواسم وكأنه هذه هي المعركة الأخيرة من حياته وحياة العراق الذي أراه وكأنه صار دويلات فنقول المرحوم العراق أو العراق السابق كما يقال اليوم على جمهوريات الإتحاد السوفيتي وجمهوريات يوغسلافيا السابقة و تشيكوسلوفاكيا ويظن صدام وأعوانه من الذين ينبحون من حواليه ولا يأتي منهم إلا النفاق والكلام  مختبئين في معاقل تحت الأرض بعشرات الأمتار وأقبية محصنة تقيهم وأبنائهم من الموت وتاركين الملايين تحت وابل الصواريخ ونيران المدافع وهدير الطائرات التي يخاف الإنسان منها في الحالة العادية فما بالك وأنت تعلم بأنها تلقي عليك أطنان من المتفجرات والتي قد يكون حتفك من نصيب إحداها .
مرة أخرى أثبت صدام بأنه إنسان دموي يريد قتل شعبه ليظهر عظمته ومدة قوة وبشاعة أنظمته القمعية فبإدخاله الجيش النظامي إلى شوارع المدن المكتظة بالسكان الأبرياء جاعلاً منهم دروعاً بشرية حيث يستقبل الأطفال هذه الطائرات بأحلامهم الطفولية وكأن الطائرة ستلقي لهم دمية أو قطعة حلوى وتلتقي بهم أمهات الملايين من الشهداء والثكالى والأيامى بعبرات التي لم تجف منذ أربعين سنة بالزغاريد والأهازيج و يهرع الرجال وكما يظن صدام إلى أن يرحبوا بضيف عزيز جاء من مكان بعيد ولكن ؟ إنها الحرب تحرق الأخضر واليابس لا تفرق بين قوي وضعيف وشاب وعجوز بين طفل ورجل وبين مسلح وأعزل .
مع دوي القنابل وأزيز الرصاص تذكرت الكثير من الحوادث التي مرت في التاريخ الذي قرأته والتجارب التي حلت بالبشرية من جراء جبروت حكامها وطغيان أسيادها وتذكرت أيضاً تنازلات الكثير من الحكماء من أجل مصلحة بلادهم قبلوا بذلك الخزي على أنفسهم ولم يحولوا كما فعل صدام بلادهم إلى ساحات الوغى تتبارز فيها البندقية مع الصواريخ الذكية وتتصارع فيها المضادات الأرضية مع طائرات الـB52  التي تستطيع حمل ثلاثين طن من المتفجرات في طلعة واحدة أيظن صدام أن الحرب كما في أيام زمان بالسيف والترس أم بالرمح والقوس والنشاب ؟ ممكن! .
ظل الزعيم الإفريقي نيلسون منديلا 26 سنة قابعاً في سجون الظلم والإرهاب بعيداً عن أهله ووطنه ذاق الأمرين من أجل قضيته العادلة وكنهاية معهودة خرج من زنزانته وعاد إلى إفريقيا مكللاً بالزهور مرحباً به وكيف لا وهو أعظم إنسان بالنسبة للأفريقيين وبالنسبة لكل شعوب الخليقة فصار رئيس حزبه وأنتخب رئيساً لجمهورية جنوب إفريقيا وكما أظن دام حكمه حوالي الثلاث سنوات ولكن كما صرح هو قال:اعتذر لأنني لا أستطيع أن أكمل بسبب حالتي الصحية ورغم معارضة الحزب والشعب ولكنه أصر على طلبه فصار أكبر وأعظم من ذي قبل فلو كان نيلسون مانديلا عربياً أو كوردياً لما تنازل عن الحكم حتى ولو طلب الشعب منه ولن يترك الكرسي المخملي وظل يلتصق به وكأنه مدهون بأقوى أنواع الصمغ والعالم العربي والكوردي مليء بأمثلة كهذه ولا أستطيع ذكر أي اسماً لأسباب لا تجهلونها بالتأكيد.
أما إمبراطور اليابان وبعد قذف أمريكا مدينتي هيروشيما وناكازاكي بالقنابل الذرية خر الإمبراطور العظيم ساجداً لأمريكا وموقعاً على الهزيمة واتفاقية استسلام رغم معارضة الحكومة الشعب ولكنه قال : لا أستطيع تحمل هذه الكوارث التي تحل بشعبي .
هنا سؤال أتوجه به إلى صدام حسين وكل الأنظمة القمعية التي هي بالأصل نسخ فوتوكوبية من بعضها : كيف تستطيعون أن تحكموا بلاد لا تريد شعوبه أن تكونوا فيها موظفون عاديون وليسوا حكاماً ؟ كيف تستطيع غداً أن تقود هذا الشعب الذي بالكاد يخلو بيت فيه من شهيد أو سجين أو إنسان مشوه أدواتك القمعية هي السبب في ذلك ؟ طبعاً هذا إذا كتب لك البقاء في الحكم وبرأي هذه نهايتك التي أنت موعود بها فأنت راحل وتريد أن تأخذ أكبر عدد ممكن من الضحايا البريئين والذين لا حول لهم ولا قوة .
ولكن الأنكى من ذلك إن الحكومات العربية تصر على بقاء صدام في الحكم وعبر كافة وسائلها السياسية والإعلامية ( طبعاً التي لا محل لها من الإعراب في القرارات العالمية ) وبدلاً من أن يقوم العرب هم بتغيير نظام صدام بالاتفاق مع المعارضة العراقية ناهين بذلك حجة أمريكا بالتدخل وتحرير العراق كما تدعي أمريكا من رجس الشيطان الأعظم .
إن كل من يدافع عن نظام صدام فهو يدافع عن القتل والتدمير والظلم والعذاب للشعب العراقي ولا تهمه مصلحة البشر بل يريد بذلك أن يسجل لنفسه موقفاً تاريخياً بأنه رفض ضرب نظام صدام محتجين بأعذار هي أقبح من الذنوب وكل من يدافع عن العراق عليه أن يدعو إلى إسقاط نظام صدام على الأقل ليضعوا نهاية لهذا المسلسل الدموي الذي يعرض على أجهزة الإعلام المرئية والتي تنقل الحدث مباشرة والتي أشبهها بحلبة مصارعة الثيران فنرى التفجير والقتل والدم في كل بقعة من الأماكن التي تتعرض للقصف الأمريكي البريطاني  ويضعوا نهاية القمع الصدامي على رأس العراق .
إن أسباب الحروب التي قامت والتي تقوم حالياً متفاوتة ومختلفة ولكن نتائج كلها واحدة ولا يدفع ضريبتها إلا شعوبها و جيوشها أما الحكام فنادراً ما يرون ساحة القتال وخاصة في أيامنا هذه وفي عصر الإلكترونيات فيتابع القائد مع أعوانه الحرب على أجهزة الإعلام وكأنه ليس طرفاً فيها بل متفرجاً فقط وبعد انتهاء المعركة ينصب نفسه البطل والقائد ومحرر البلاد وحامي الحمى محطماً بكلامه ألاف الرؤوس المقطوعة وأنهار الدم التي تجري في مثل هذه المعارك .
من هنا أدعوا الشعوب العربية والإسلامية وكافة شعوب العالم وحكامه أن يدعوا صدام حسين بالتنحي والابتعاد عن العراق ولا تدعوا أمريكا فنحن وبصراحة لا نستطيع مجابهة هذا المارد القوي ونكون واقعيين أكثر مبتعدين عن الأناشيد والقصائد والخطب الجميلة الرنانة والتي يدعوا بها خاصة خطباء المساجد بأن نقف في وجه الطاغية الأمريكية وكأننا نحن من أصحاب الرسول (صلى الله عليه وسلم) وكأننا من الصالحين الذين لا يرفض الله عز وجل لهم دعاءً وكأننا لا نعرف بعضنا وما نحن نبينه وما نحن نسرّه في أنفسنا .
قبل أن ندعوا بأدعية مثل هذه أو نخطب بخطب ليس فيها إلا جمالية اللغة العربية الفصيحة ويحشك فيها الخطيب ما هب ودب له من السجع والطباق و
والجناس وجميع أنواع فنون الإلقاء يجب أن نرجع إلى أنفسنا هل نحن مسلمون هل نحن مؤمنون ؟ هل ؟ هل ؟هل ؟ هل . أسئلة كثيرة لا تنتهي.
تكفي هذه المتاجرات بأرواح الملايين من أبناء العراق , تكفي هذه المهاترات الجوفاء من قبيل خطب صدام وأعوانه ونوابه وخاصة وزير إعلامه وكأه واحد من أبناء الشوارع والأزقة فيبدأ كلامه بشتيمة وينهيه بأخرى وكأن كل ثقافته وعلمه هي شتائم بشتائم ولندعوا سوية كل أبناء العراق بأن يقوموا القيامة على رأس أولئك الجلادين المختبئين تحت الأرض الهاربين من المعركة ولا يأتي منهم إلا الكلام الفارغ الذي يزيد الطين بلة.
أين هو حامي الحمى وبطل الأبطال ؟ فليخرج على مرئً من أعين الناس ويذهب ويقاتل في الفاو والناصرية وأم قصر ويتحرك نجله الذي يحث فدائي صدام على القتال وينهزم هو من المجابهة أين هم الأقوياء ؟ فليدخلوا في خنادق القتال كتفاً إلى كتف وجنباً إلى جنب مع المقاتلين المساكين الذين يلقون حتفهم من أجل لا شيء إن كل أفعالهم هي كلمات يطلقها لسان قذر ولا أحد يدفع ضريبتها إلا أنتم يا أهل العراق , فقوموا وأقلعوا أعين هؤلاء الأوغاد وضعوا نهاية لهذه المأساة التاريخية فأنتم أصحاب أعظم حضارات الشرق وأقواها وأوابدها لازالت أمام أعينكم حاضرة فتيقظوا واجتثوا جذور الخراب والدمار والضرر من أرض الحضارات وأرض الأنبياء والصالحين ولا تدفعوا ثمن همجية حكامكم مرة أخرى وأعلموا بأنها فرصة لا تعوض.
  

 



#مسعود_عكو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الضربة الأمريكية المحتملة ضد العراق - أراء وحسابات
- المشاركة الكردية في الانتخابات النيابية السورية : مسرحية كوم ...


المزيد.....




- قرار الجنائية الدولية.. كيف يمكن لواشنطن مساعدة إسرائيل
- زيلينسكي يقرّر سحب الأوسمة الوطنية من داعمي روسيا ويكشف تفاص ...
- إسبانيا: السيارات المكدسة في شوارع فالنسيا تهدد التعافي بعد ...
- تقارير: طالبان تسحب سفيرها وقنصلها العام من ألمانيا
- لبنانيون يفضلون العودة من سوريا رغم المخاطر - ما السبب؟
- الدوري الألماني: ثلاثية كين تهدي بايرن الفوز على أوغسبورغ
- لحظة سقوط صاروخ إسرائيلي على مبنى سكني وتدميره في الضاحية ال ...
- سلسلة غارات جديدة على الضاحية الجنوبية في بيروت (فيديو)
- مصدر مقرب من نبيه بري لـRT: هوكشتاين نقل أجواء إيجابية حول م ...
- فريق ترامب الانتقالي: تعليق القضية المرفوعة ضد الرئيس المنتخ ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مسعود عكو - الحروب همجية الحكماء أم ضريبة الشعوب