أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد شحيمط - الاقتراب من العلوم الانسانية















المزيد.....

الاقتراب من العلوم الانسانية


احمد شحيمط
كاتب في مجالات عدة كالفلسفة والاداب وعلم الاجتماع

(Ahmed Chhimat)


الحوار المتمدن-العدد: 6175 - 2019 / 3 / 17 - 21:55
المحور: الادب والفن
    


ظهرت ملامح العلوم الإنسانية في القرن التاسع عشر بأوروبا تحت دافع دراسة الآخر بمرآة الثقافة الغربية وهيمنة النزعة الموضوعية السائدة في العلوم الطبيعية. وتحت دافع مخلفات الثورة الفرنسية والصناعية في الغرب . وبناء علم إنساني يعيد النظر في الظاهرة الإنسانية وتحويل مسار الفكر من الذات للموضوع . ووفق مرامي العلم الطبيعي في الابتعاد عن التحيز وهيمنة الذاتية. فقد تمكنت العلوم الطبيعية من إرساء نموذجها في الدراسة والبحث وإرغام الباحث في الفصل بين الذات العارفة وموضوع المعرفة .في سياق العلمية قامت العلوم الإنسانية من دوافع ايديولوجية في نقل المعرفة والتجارب نحو الآخر خصوصا في الدراسات الاثنولوجية للتعرف على معالم المجتمعات الأخرى في آسيا وإفريقيا وتمكين الغرب من الخرائط الفكرية والذهنية .في ثقافة الآخر ينعكس الغرب بالأنوار والعقلانية وما في الفلسفية الليبرالية من أنماط معقولة في التسيير والتدبير .في قيام علم الاجتماع والحاجة في فهم الظواهر الاجتماعية الجديدة نتيجة مخلفات الثورات ورغبة العلماء في حركية المجتمعات في بعدها الدينامي والستاتيكي وتحليل علاقة الفرد بالمجتمع من سيادة القيم الفردانية والقيم الجماعية .
من الرواد الأوائل هناك المؤسسين ومنهم اوغست كونت (1798-1857) في تسمية العلم بالسوسيولوجيا ودراسة الظواهر بالملاحظة والوصف والتحليل والمقارنة . آليات علمية في استخلاص النتائج وتحليل مراحل تطور الفكر البشري . فالعلم مرتب ضمن حقول علمية . وضمن قوة العلم في الربط بين الأسباب النتائج في حتمية الظواهر . فالعقل البشري ومسار التطور التاريخي عرف تدرجا من مرحلة التفكير الخيالي والأسطوري إلى المرحلة الميتافيزيقية وأخيرا التفكير العقلي والعلمي الذي يستند على التجارب وسلطة العقل وتحليل الظواهر بمحددات اجتماعية . أما في تعريف للظاهر الاجتماعية وخصائصها ومنطق العلم في قواعده ودراسات ظواهر في قلب المجتمع فكانت واضحة المعالم مع الفرنسي إميل دوركايم الذي وضع خصائص للظاهرة الاجتماعية . وكيفية دراستها كشئ خارج سياق الذات ومعزولة قصد إنتاج حقائق مفيدة في فهم أسباب التطور بطرق موضوعية تسلك منطق الحياد والابتعاد عن الإحكام المسبقة والعفوية . تلك الأحكام لا تؤدي للفهم العلمي والموضوعي . والمجتمع في سلطته يقدم نفسه بلغة الإكراه والقهر والإلزام .ولذلك قدم دوركايم دراسات قيمة عن الانتحار وتقسيم العمل الاجتماعي بين المجتمع العضوي والآلي الميكانيكي .وإسهامات في علم الاجتماع الديني . ولذلك يعتبر دوركايم مؤسس علم الاجتماع.أما سوسيولوجيا ماكس فيبر فهي غنية بدراسة الفعل الاجتماعي وأنماط الفعل والسلوك وطرق في التصنيف للمواقف ووضعية الفاعل وما يتعلق بالنموذج المثالي في دراسة السلطة والدولة والأفعال العقلانية وقوة القيم البروتستانتية في تطور الرأسمالية والحياة السياسية والاقتصادية في المجتمع .وفي الربط المتين بين الاقتصاد والمجتمع والقيم العقلانية التي تعتبر وليدة الإصلاح الديني . معالم كبرى من سوسيولوجيا الفهم والفعل التي لازالت مستمرة أكثر في أنماط علم الاجتماع المعاصر خصوصا في الولايات المتحدة في النظرية الوظيفية وفي التفاعلية الرمزية . وبخصوص علم النفس فالأمر كذلك يدعو إلى دراسة الفرد كجزء خارج سياق الجماعة في العودة للبعد النفسي وما يحمله الفرد في أعماقه من ترسبات وسلوك ومظاهر قابلة للفهم والتشخيص. ومظاهر خفية تشير لوجود العقل الباطن أو يسمى باللاشعور .محددات السلوك الظاهر وتتبع الفرد في سلوكه ومظاهره القابلة للرصد والملاحظة من قبل المدرسة السلوكية . في قياس السلوك وعلاقة المثير بالاستجابة وردود الأفعال. صعوبة قياس الحياة النفسية في حمولة الإنسان المحدد بالشعور بالنفاد للعمق بالمنهج الاستبطاني .وفي مدرسة التحليل النفسي تحليل تجليات اللاشعور في دراسة للأحلام وفلتات اللسان وزلات القلم والنسيان. والعدة للمكبوت النفسي وماضي الطفولة الخاصة بالراشد. خبرة المحلل الطبيب النمساوي فرويد من التجارب العيادية والخبرة الطبية في ميدان علم النفي الإكلينيكي. في القول بفرضية اللاشعور التي أصبحت علمية ومادية من شواهد الدراسات الميدانية. في معالجة المريض يهتدي المحلل فرويد لاستعمال آليات وتجريب وسائل كالتنويم المغناطيسي وجلسات الإنصات في إطار التداعي الحر والبحث عن نقطة في بناء فكرة صارمة للعلاج والدعوة للتناسب بين مكونات الإنسان (الهو – الأنا – الأنا الأعلى ). وقياس درجة التكيف والتلاؤم مع العالم الخارجي في قوة الأنا عند مقامة الدوافع والرغبات المتسربة إليه من عالم القيم والمثل ومن الغريزة والشهوة . قوة الأنا مميزة في التوازن النفسي والجنسي عند الإنسان لذلك يعتبر فرويد أن الميولات الغريزية اللاشعورية أقوى من الميولات العقلية . وفي تشخيص للشخصية الإنسانية هناك غريزتين : غريزة الموت والتدمير وغريزة الحياة أي التقابل بين الايروس Eros والتوناطوس Thanatos . ميولات الإنسان نحو التدمير قوية . في سياق القوة تبقى الحرب العالمية الأولى نموذجا للتدمير للحضارة والعواطف النبيلة .
وإذا كان الأمر في مدرسة التحليل النفسي فالمدارس الأخرى كالشعورية والمدرسة الجشطالتية وكل النظريات المعاصرة في ميلها للجمع بين الجانب النفسي والعصبي والبيولوجي تجعل من علم النفس اقرب أكثر للعلوم الطبيعية. وأخيرا في علم الانثروبولوجيا هناك دراسات مكثفة للشعوب الأخرى. محاولات للتغلغل في المجتمع البدائي والمجتمعات المدنية المعاصرة .وتنوع المدارس يفيد أن العلم قدم دراسات ميدانية عن الثقافة في طموح بناء نظرية خاصة بالثقافات الإنسانية. طموح نحو الموضوعية والحياد وعملية الفصل بين الذات والموضوع . ومن قناعة التعرف عل الآخر كثقافة. وليس العلم بريئا ومحايدا بل سقطت بعض الأقلام الانثروبولوجية في نزعة مركزية استئصالية تدعو لإزاحة المجتمعات البداية من الوجود واعتبارها من بقايا التاريخ . وعتها بأوصاف كالمتوحش والمتخلف . كائنات بدون منطق. بقايا التاريخ ...
فالمجتمعات البدائية البسيطة في انغماس أهلها في الطبيعة ورفض الثقافة الغربية .يسري هذا الأمر في الانثروبولوجيا التطورية .وفي دوافع الانثروبولوجيا الوظيفية الميالة للدراسة في قلب المجتمعات الأخرى في مد المستعمر بمكامن القوة والضعف عن الثقافات الأخرى .وما يسمى بالانثروبولوجيا الكولونيالية . كانت الرغبة في السيطرة على الآخر مدخلها الفهم والمعرفة وتزويد المستعمر بالمستندات عن العقليات وذهنيات الآخر. أما في أبحاث الانثروبولوجيا البنيوية الخاصة بالعالم كلود ليفي ستراوس فهناك إعادة الاعتبار للمجتمعات من خلال نقد النزعة المركزية الغربية ونقد العرق والتمركز على التاريخ والحضارة في اعتبار الإنسانية واحدة . وجدارة العيش في تناغم مع الثقافة المكونة من بنيات وانساق مركبة ومتفاعلة العناصر والمكونات دون العودة في تحليل المجتمعات للتاريخ ونفي الفكرة القائلة أن المجتمعات البدائية بدون تاريخ . لاشئ خارج البنية . والسكون والتطور وتفاعل عناصر البنية مفاهيم للفهم دون الأخذ بالتاريخ ومفاهيم كالتخلف والتطور باعتبارها مفاهيم ايديولوجية وليست علمية . فالعالم ستراوس يفند نتائج الأبحاث السابقة أو على الأقل يناقشها ويرفض بعضها وينغمس في قلب المجتمعات البدائية ويحاول تقديم الرؤى من خلال عملية الفصل بين الذات والموضوع . فكان بحق عالم منصف للشعوب والثقافات في تنوعها وتعددها . في استلهامه للسانيات الحديثة اقترب من المجتمعات البدائية في طموح نحو فهم بنية العقل البشري ودلالة الأساطير وقيمة الرموز والتبادل للقيم المادية واللامادية .
ظلت العلوم الإنسانية تنشد المعرفة من تحويل الثقافة المتمركزة على الذات إلى الآخر والقيام بدراسات للظواهر الإنسانية المعقدة لكنها ساهمت في تصويب النقد من قبيل الفلسفة وفروع أخرى في العلم ذاته في تشيئء الإنسان والقول بتفرد الإنسان كذات موضوع وصعوبة إسقاط المنهج التجريبي .أو القول بتعبير الفيلسوف ميشيل فوكو أن العلوم الإنسانية ليست علمية بل هي وليدة ظرفية تاريخية . لا بد أن تترك المجال لمعرفة أخرى تعيد النظر في الإنسان .



#احمد_شحيمط (هاشتاغ)       Ahmed_Chhimat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانا والاخر في الرواية العربية
- الانوثة والذكورة في عالم السرديات العربية
- اسئلة الراهن وتحديات المستقبل


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد شحيمط - الاقتراب من العلوم الانسانية