سقطَتْ قطةٌ بيضاء
في كهفٍ منسيِّ
لم يَعُدْ للبكاءِ وقتاً ولا نكهةً
ها قَدْ آنَ الرحيل
رحيلُ الشهيقِ العميقِ
رحيلُ الزفيرِ
لم يَعُدْ للفرحِ
مساحةً نستظلُُّ فيها
حتّى الدنيا ضاقَتْ ذرعاً
من هطولِ زخّاتِ الجفاءِ!
أخاطبُ هذا العالم
هلْ تقحَّطَ الكونُ
وخلَتْ مِنْ بَين جوانِحِهِ
حكمة الأيّام
حكمة الإنسان؟
إنسانُ يا أيُّها الإنسان
أيُّها المراوغ على ذاتِكَ
أيُّها القابع في دياجيرِ الظلامِ
لماذا لا تستمدُّ
من خدودِ الأطفالِ منهجاً
من نكهةِ الورودِ رؤىً
من رحيلِ البشرِ مرفأً؟
وجعٌ مزنّرُ بالشوكِ
يهيمنُ على خدودِ الليلِ
على مرافئِ الروحِ
آهٍ .. ياروح
" غريبةٌ أنتِ ياروح
في دنيا مِنْ حَجَر! " ..
برقٌ من نوعٍ مريب
يهطلُ فوقَ مرافئِ المساءِ
مَنْ كسرَ أعناقَ دالياتي الخضراء؟
سفرٌ في أعماق المسافات
ليالي مهجورة
خالية من الدفء
حولي صقيعٌ مترامي الأطراف ..
جفلَ عجوزٌ طحنَتْهُ الأيام
عندما سمعَ هديرَ السماءِ
ماتَتِ الكائناتُ الصغيرة
والكبيرة في طريقِهَا إلى الهلاكِ
آهٍ ..
نعيشُ اليومَ مقمَّطينَ بحضارةٍ
مِنْ لَوْنِ البراكينِ
ارتبكَتْ قِطَّّةٌ جائعة
عندما إندلقَ عليهَا شظايا
من أعماقِ الليل
كيفَ تتحمَّلُ السماءُ
ضبابَ الشظايا؟
تقعّرَتْ رُوْح الأشجارِ
لكنها ما تزالُ
شامخة كالجبالِ
ماتَتْ طفلةٌ مِنَ الحزنِ
في زهرةِ العمرِ!
.... ..... .... ..... يُتبَع
لا يجوز ترجمة هذا النصّ إلى لغاتٍ أخرى إلا باتفاقٍ خطّي مع الكاتب.
ستوكهولم: كانون الثاني 2003
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]